خاص لـ"هي": رحلة د. إخلاص عبدالعزيز سندي للريادة الأكاديمية في التعليم العالي السعودي
في رحلة ملهمة بدأت بين أحضان أسرة آمنت بقوة العلم والعمل الجاد، نشأت الدكتورة إخلاص عبدالعزيز سندي. واليوم وبعد سنوات من العطاء الأكاديمي والبحث العلمي في مجال الجينات الوراثية العصبية، تقف د.إخلاص كرمز للقوة والتميز في التعليم العالي السعودي. تبحر "هي" في رحلة إخلاص المميزة ونستكشف معها مراحل رحلتها، وأثر دعم والدها في تشكيل شخصيتها القيادية، وكيف توازن بين شغفها العلمي ودورها الريادي في تطوير بيئة أكاديمية محفزة.
عرفينا بنفسك.
إخلاص عبدالعزيز سندي أستاذ مشارك في جامعة الملك عبدالعزيز ووكيلة كلية البترجي لشؤون الطلاب وابنة رجل الأعمال السعودي عبدالعزيز سندي. أعمل في مجال التعليم العالي منذ سنوات، حيث أكرس جهودي لخدمة الطلاب والطالبات، وتطوير بيئة أكاديمية محفزة تمكنهم من تحقيق إمكاناتهم، بفضل دعمي المستمر للطالبات، أسهمت في تعزيز دور المرأة السعودية في الساحات الأكاديمية والمهنية، نشأت في عائلة تؤمن بأهمية العلم والعمل الجاد، وكان لوالدي الأثر الكبير في تشكيل شخصيتي وإلهامي لتحقيق التميز.
ما الذي أثار اهتمامك بتخصص في الجينات الوراثية العصبية في البداية، وكيف تطورت أبحاثك في هذا المجال على مر السنين؟
مع التطورات السريعة في مجال الطب الحيوي وعلم الأعصاب، أصبحت الجينات الوراثية العصبية محورًا رئيسيًا لفهم الأمراض المعقدة مثل الاضطرابات العصبية والنفسية. أدركت أن هذا التخصص يوفر فرصًا هائلة للمساهمة في ابتكار حلول جديدة تعتمد على الفهم الدقيق للجينات وتأثيراتها على وظائف الجهاز العصبي.
بالإضافة إلى ذلك، أدهشني كيف أن دراسة الجينات ليست مقتصرة على مجال واحد، بل تتداخل مع مجموعة واسعة من التخصصات الأخرى، مثل الطب، والصيدلة، والتغذية، وعلم النفس، وحتى علم الاجتماع. هذا التداخل المتنوع يتيح فرصاً للابتكار والتعاون بين التخصصات المختلفة، مما يعزز من قدرتنا على تطوير علاجات متكاملة وشاملة، على مر السنين، ركزت أبحاثي على توظيف هذا التكامل بين التخصصات لفهم أعمق لكيفية تأثير الجينات على الصحة العقلية والجسدية، وكيفية تسخير هذا الفهم لتلبية احتياجات المجتمع الطبية والصحية بطرق مبتكرة.
نظمتِ وشاركتِ في أكثر من 300 حملة تطوعية. هل يمكنك مشاركة بعض التجارب الأكثر تأثيرًا التي مررتِ بها خلال هذه الحملات؟
نعم، كان لي شرف تنظيم والمشاركة في العديد من الحملات التطوعية التي تركت أثرًا كبيرًا في حياتي وحياة المشاركين. من بين هذه الحملات، هناك تجارب عديدة مؤثرة كانت لها بصمة خاصة.
إحدى التجارب التي لا يمكن أن أنساها كانت تنظيم حملة لزيارة الأطفال المصابين بالسرطان. الهدف من هذه الحملة كان تقديم الدعم العاطفي لهؤلاء الأطفال ولعائلاتهم، وتشجيعهم في رحلتهم العلاجية، كان لهذه الزيارات أثر عميق، ليس فقط على الأطفال الذين كانوا بحاجة إلى الدعم النفسي، بل أيضًا على المتطوعين الذين شاركوا في الحملة. رأيت قوة الأمل والإيجابية التي يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا في حياة الأطفال وعائلاتهم، وكيف أن لحظة بسيطة من الفرح يمكن أن تكون دافعًا كبيرًا للاستمرار في مقاومة المرض.
كما قمت بتنظيم ملتقى للأطفال ذوي الإعاقة، حيث سعينا من خلاله إلى توفير بيئة شاملة تجمع بين التوعية والترفيه والتدريب. كان هذا الملتقى فرصة لدمج الأطفال في المجتمع، وتوفير منصة لأسرهم لتبادل الخبرات والدعم. تلك التجربة أكدت لي أن التغيير يبدأ من التفاهم والمشاركة المجتمعية، وأن لدينا الكثير لنقدمه في سبيل بناء مجتمع يحتضن الجميع دون استثناء.
تلك التجارب، وغيرها الكثير، أكدت لي أن العمل التطوعي هو أداة قوية للتغيير المجتمعي الإيجابي، وأنه يمكن أن يُحدث فرقًا حقيقيًا عندما نعمل جميعًا من أجل هدف مشترك.
اعتبارك متخصصة في مجالك وأيضًا قائدة أكاديمية، كيف تنجحين في تحقيق التوازن بين متطلبات الحياة المهنية والمسؤوليات الشخصية؟
أجد أن السر في تحقيق التوازن بين متطلبات الحياة المهنية والمسؤوليات الشخصية يكمن في العمل بحب وشغف، عندما يكون لديك شغف حقيقي بما تفعله، يتحول العمل من مجرد مهام إلى جزء من رسالتك في الحياة، هذا الشغف يجعل من السهل عليك أن تبذل كل ما لديك دون أن تشعر بالإرهاق، لأنك تستمتع بكل خطوة في رحلتك المهنية والشخصية.
بالنسبة لي، الشغف بما أعمله يسهم في خلق توازن طبيعي وتلقائي، حيث أجد نفسي مستمتعة بالتحديات والفرص التي أواجهها يوميًا، سواء في مجال البحث أو التطوير الأكاديمي أو حتى في المشاركة في الأنشطة التطوعية والمجتمعية. أعتقد أن التوازن ليس مجرد تقسيم للوقت بين العمل والحياة الشخصية، بل هو إيجاد الانسجام بينهما بحيث يشعر الإنسان بالرضا والإلهام في كل جانب من جوانب حياته.
عندما يكون العمل نابعًا من القلب ومتماشيًا مع قيمك ورؤيتك الشخصية، يصبح كل يوم مليئًا بالإنجازات واللحظات التي تستحق التقدير، مما يجعل التوازن جزءاً طبيعياً من حياتك اليومية.
كان والدك، عبدالعزيز سندي، له تأثير كبير في حياتك. كيف ساهم دعمه في تشكيل رحلتك، وما الدروس التي تعلمتها منه والتي حملتها في حياتك المهنية والشخصية؟
والدي، عبدالعزيز سندي رحمة الله عليه كان له دور كبير وأساسي في تشكيل مسار حياتي المهنية والشخصية. دعمه المستمر وثقته بقدراتي كانا من أهم العوامل التي ساهمت في بناء شخصيتي كقائدة وأكاديمية. من خلال تجربتي معه، تعلمت أن الإيمان بالذات والمثابرة هما مفتاح النجاح.
من الدروس الأكثر أهمية التي تعلمتها من والدي هي قيمة العمل الجاد والالتزام. كان والدي يؤمن بأن التفاني والاجتهاد هما الطريق لتحقيق الأهداف، وكان يُظهر ذلك في كل جانب من جوانب حياته. هذا الإيمان غرس في نفسي ضرورة عدم التوقف عند أي عائق ومواصلة العمل بشغف لتحقيق أحلامي وطموحاتي.
كما علمني والدي أهمية التعلم المستمر وعدم التوقف عن تطوير الذات. كان دائمًا يشجعني على استكشاف عوالم جديدة، سواء من خلال التعليم الأكاديمي أو من خلال تجارب الحياة. هذا النهج جعلني أتبنى التفكير الشمولي وأنظر إلى التحديات كفرص للنمو والتطور.
أما على الصعيد الشخصي، فقد علمني والدي قيمة العطاء والتواضع. لقد كان مثالًا حيًا للعطاء دون انتظار مقابل، وكيف يمكن لأصغر الأعمال أن تترك أثرًا كبيرًا. هذا النهج ألهمني للمشاركة في الحملات التطوعية والمبادرات المجتمعية، والعمل من أجل بناء مجتمع أفضل.
بفضل توجيهات والدي ودعمه، تعلمت أن النجاح ليس مجرد تحقيق الإنجازات، بل هو أيضًا في كيفية استخدام تلك الإنجازات لخدمة الآخرين وإحداث تغيير إيجابي. هذه الدروس شكلت جوهر رحلتي المهنية والشخصية، ولا تزال توجهني كل يوم نحو الأفضل.
كيف أثر العمل التطوعي على رؤيتك الشخصية والمهنية، وهل تعتقدين أن هذه التجارب قد ساهمت في تعزيز دورك كقائدة أكاديمية؟
العمل التطوعي كان له تأثير كبير على رؤيتي الشخصية والمهنية، وقد ساهم بشكل ملموس في تعزيز في بناء مهاراتي الحياتية و دوري كقائدة أكاديمية. من خلال تجاربي التطوعية، تعلمت الكثير من القيم والمهارات التي انعكست إيجاباً على عملي وحياتي.
أولاً، العمل التطوعي عزز من قدراتي في القيادة والتواصل. من خلال تنظيم وإدارة الحملات والمبادرات، اكتسبت مهارات في التنسيق والتخطيط، مما ساعدني على تحسين قدرتي على إدارة المشاريع والعمل ضمن فرق متعددة. تعلمت كيف أتحلى بالمرونة وأواجه التحديات بفعالية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على طريقة إدارتي للأمور العمليه والحياتية.
ثانياً، تجربة العمل التطوعي أضافت بُعدًا إنسانيًا لعملي وحياتي الشخصية فهمت من خلالها أهمية العطاء والتفاني في خدمة الآخرين، وكيف يمكن للقيم الإنسانية أن تعزز من النجاح بصفه عامه. هذا الفهم يساعدني في التعامل مع المحيط العملي والشخصي بإنسانية.
أخيراً، العمل التطوعي ألهمني لتعزيز الاستدامة والابتكار في مشاريعي المختلفة. من خلال المشاركة في مختلف المبادرات، أصبحت أكثر إدراكًا لأهمية البحث عن حلول جديدة ومبتكرة للتحديات في المجال العملي والشخصي.
بالمجمل، يمكن القول أن التجارب التطوعية لم تثر فقط رؤيتي الشخصية تجاه العالم، بل ساهمت أيضًا في تعزيز دوري القيادي من خلال تقديم نموذج يحتذى به في الخدمة والعطاء، وتعليم المهارات الأساسية التي تساهم في بناء مجتمع حيوي.
ما هي طموحاتك المستقبلية، سواء في مجال أبحاثك في الجينات الوراثية أو في جهودك في خدمة المجتمع وتطوير الطلاب؟
أهدف إلى توسيع نطاق جهودي في خدمة المجتمع، من خلال تعزيز الوعي الصحي والجيني بين الناس، وخاصة في المجتمعات الأقل حظاً. هذا يشمل تنظيم ورش عمل ومحاضرات تثقيفية تساعد على فهم أفضل لأهمية العلوم الجينية في حياتنا اليومية.
كشخص يهتم بالتطوير المهني والذاتي المستمر، ما النصيحة التي تقدمينها للشباب في المجالات الطبية والعلمية الذين يتطلعون إلى تطوير مسيرتهم المهنية؟
التعليم المستمر، في مجال سريع التطور مثل الطب والعلوم، من الضروري الاستمرار في التعلم والتحديث المستمر للمعرفة. حاول دائمًا البحث عن دورات تعليمية وورش عمل توفر أحدث المعلومات والتقنيات في تخصصك.
بناء شبكة مهنية قوية: العلاقات المهنية مهمة جدًا في المجالات الطبية والعلمية. حضور المؤتمرات، والتفاعل مع المهنيين في مجالك، وتكوين شبكة اتصالات مع الأقران والخبراء سيفتح لك أبوابًا للفرص الجديدة والتعاون الممكن، المرونة والابتكار: كن مبتكرًا ومستعدًا لتبني أساليب جديدة وتقنيات جديدة. القدرة على التكيف والابتكار تعد من الصفات الأساسية للشخص الناجح.