إجراءات تُخفض خطر الإصابة بالوذمة اللمفية بعد علاج سرطان الثدي
لا شك في أن الكشف المبكر عن سرطان الثدي يسهم وأسهم، خلال السنوات المنصرمة، في زيادة نسبة التعافي والبقاء على قيد الحياة بعدما كان هذا المرض يتسبب بوفاة آلاف النساء حول العالم.
وسرطان الثدي ليس مرضاً منعدم الفرص للشفاء والنجاة منه، لكنه كغيره من أنواع السرطانات الأخرى التي تخضع لعلاجات معينة، قد يُسبب بعض المضاعفات الصحية على حياة وصحة المتعافيات منه. ومن هذه المضاعفات، الوذمة اللمفية وهي إحدى الآثار الجانبية المحتملة الرئيسة الناجمة عن علاج الإصابة بسرطان الثدي، والتي يمكن أن يكون لها تأثير سلبي كبير على جودة حياة الناجيات من المرض.
والوذمة اللمفية هي عبارة عن تورم ينتج عن تراكم السائل الليمفاوي في أنسجة الجسم ويؤثر بشكل شائع على الذراعين، ولكن يمكن أن تشمل آثاره السلبية أيضاً تورم اليدين والثديين والصدر والكتف أو جزء من الظهر وكذلك الأطراف السفلية. في الحالة الطبيعية، يدور السائل الليمفاوي وينتقل عبر الجهاز اللمفاوي، إلا أن الضرر الذي يلحق بالأوعية اللمفاوية نتيجة علاج سرطان الثدي الموضعي أو المنتشر في أنحاء أخرى من الجسم، يُعد الدافع الرئيسي وراء الإصابة بالوذمة اللمفية. ويمكن أن تتطور هذه الحالة بعد شهور أو حتى سنوات من علاج سرطان الثدي.
لهذا يحرص خبراء الصحة على زيادة الوعي حول تأثير الوذمة اللمفية، ومنهم خبير طبي من مستشفى كليفلاند كلينك قدم مجموعة من التوصيات والإرشادات حول كيفية الحد من تأثير الوذمة اللمفية.
أهمية التدخل المبكر لعلاج سرطان الثدي ومضاعفاته
ونوّه الدكتور شيراج شاه، مدير الأبحاث السريرية في قسم علاج الأورام بالإشعاع في معهد كليفلاند كلينيك توسيج للسرطان، والذي كان أحد المشاركين في الدراسة التقييمية "PREVENT"، أكبر دراسة لتقييم الوقاية من الوذمة اللمفية العشوائية، والتي نُشرت نتائجها في وقت سابق من هذا العام، إلى أهمية التدخل المبكر لعلاج مرض سرطان الثدي والأثار الجانبية الناجمة عنه، لافتاً إلى أنه كلما كان التدخل أبكر، قلت احتمالية إصابة المريضة بالوذمة اللمفية المزمنة - أو التي تستمر مدى الحياة.
وقال الدكتور شاه: "لسوء الحظ، تُعد الوذمة الليمفاوية حالة شائعة نسبياً لدى السيدات الناجيات من مرض سرطان الثدي، خاصة أولئك اللاتي عانين من المرض في مراحل متقدمة، وتطلَب برنامج علاجهن تشريح العقدة الليمفاوية والعلاج الإشعاعي و/ أو العلاج الكيميائي."
وأضاف: "يمكن أن تؤثر الوذمة اللمفية بشدة على نوعية وجودة حياة المرأة، ما يُسبب لها صعوبة في ممارسة الأنشطة اليومية على نحو اعتيادي مثل ارتداء الملابس والقيادة والعمل. كما يمكن أن تؤدي الوذمة اللمفية أيضاً إلى حدوث عدوى أو الإصابة بتورم شديد وتغيرات دائمة في الأنسجة تحت الجلد، مثل السماكة والتندب، في حال تُركت دون علاج."
وبينما اُستخدمت مقاساتشريط القياس تقليدياً لتقييم ما إذا كانت المريضةتعاني من الوذمة اللمفية، يوصي الدكتور شاه، مستنداً إلى نتائج دراسة PREVENT، باستخدام منهجية التحليل الطيفي (BIS)، والتيتتيح الكشف المبكر عن الوذمة اللمفية وبالتالي التدخل سريعاً لعلاجها، حيث يتضمن التدخل القياسي مع هذه الطريقة استخدام لباس ضاغط في المنزل.
التحليل الطيفي لخفض الإصابة بالوذمة اللمفية
ولفت الدكتور شاه إلى أن منهجية التحليل الطيفي هي طريقة غير جراحية لقياس كمية السوائل في جسم المريض، إضافة إلى السائل الموجود خارج الخلايا وداخلها بتيار كهربائي منخفض القوة لتحديد المرضى المُعرضين للخطر بدقة.
وأوضح الدكتور إلى إن دراسة PREVENT وجدت أيضاً أن منهجية التحليل الطيفي ساهمت بانخفاض ملحوظ ومطلق في معدلات الإصابة بالوذمة اللمفية المزمنة لدى النساء الخاضعات للدراسة، لافتاً إلى أنه تم تسجيل انخفاض مطلق بنسبة 11.3٪ في نسبة الميل لتطور الحالة إلى الوذمة اللمفية المُزمنة (باستخدام العلاج الطبيعي المُعقد لإزالة الاحتقان كبديل)، مع استخدام مراقبة منهجية التحليل الطيفي إلى جانب التدخل المبكر والملابس الضاغطة.
واختتم الدكتور شاه بالتأكيد على أهمية زيادة الوعي بين المرضى والأطباء حول الإيجابيات التي توفرها منهجية التحليل الطيفي باعتبارها طريقة منخفضة التكلفة وغير جراحية للكشف عن الوذمة اللمفاوية والمساعدة في معالجة الحالات مبكراً، ما يساهم في تحسين جودة حياة الناجيات ويؤدي إلى تحقيق أفضل النتائج الممكنة.
جراحة وقائية تحمي ناجيات سرطان الثدي من الوذمة اللمفية
لمساعدة ناجيات سرطان الثدي في التغلب على الوذمة اللمفية، أعلن مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي مؤخرًا عن إجراء جراحة الوذمة اللمفية التحويلية لمريضات سرطان الثدي في دولة الإمارات.
وقد أصبحت هذه الجراحة الوقائية متاحة لكافة مريضات سرطان الثدي في الإمارات، ومؤخراً أجريت هذه الجراحة لمريضة من مواطنات الدولة بعد انتشار سرطان الثدي لديها إلى العقد الليمفاوية. وعادة ما تُجرى هذه الجراحة إلى جانب جراحات السرطان الأولية الأخرى مثل استئصال الثدي، وهي إجراء وقائي لتفادي الإصابة بالوذمة اللمفية، كما قد تساعد في تجنب الحاجة لإجراء مزيد من العمليات الجراحية.
وفي تعليقه على الجراحة الوقائية من الوذمة اللمفية، قال الدكتور رافي جورونيان، رئيس القسم ورئيس الجراحة التجميلية في كليفلاند كلينك أبوظبي: "يساهم توفير هذه الجراحة المجهرية الوقائية للوذمة اللمفية في وضع أسس متينة لتمكين المريضات من الحصول على هذا العلاج وتحقيق نتائج أفضل لهن، لا سيما بعد عمليات استئصال الثدي حيث تكون مخاطر إصابة المريضات بالوذمة اللمفية مرتفعة أكثر."
وأضاف: "الوذمة اللمفية هي حالة مُنهكة جسديًا وعاطفيًا، كونها تُضعف من قدرة المريضة على الحركة، وقد تدفعها للعُزلة. وبالرغم من أن هذه الجراحة الصغرى المُجازة قد تخفف من الحالة، يجب على المريضات اتباع خيارات صحية في أسلوب حياتهن لتجنب حدوث أية مضاعفات، إذ تزيد السُمنة والأمراض الأخرى المُصاحبة من خطر الإصابة بالوذمة اللمفية بعد إجراء جراحة استئصال الثدي. وتعتبر القدرة على إدارة التأثيرات الفيزيولوجية والنفسية لمريضات السرطان والعلاجات المرتبطة به من العوامل المهمة في تسريع تعافي المريضة."