"مرض إضطراب الشهية" من منظور جديد
كثيرا ما ينظر المجتمع نظرة قاسية لمن يعانون من مرض اضطراب الشهية فضحايا هذه المرض بالنسبة للكثيرين هن مجرد فتيات يرغبن في جذب الانتباه والظهور، وكذلك سطحيات كل ما يهمن هو تقليد عارضات الأزياء، وهن كذلك مهووسات بالنحافة بدرجة كبيرة أدت إلى إصابتهن بمرض اضطراب الشهية وتدهور حالتهن الصحية، وربما تكون هذه النظرة المجحفة للمجتمع هي التي أدت إلى تفاقم أزمة مرض اضطراب الشهية في المجتمع حيث يشعر الكثير من ضحايا هذا المرض بالخجل والإحراج من مرضهم ويخشون من وصف الآخرين لهم بالضعف أو السطحية وهذا يجعلهم يحجمون عن طلب المساعدة.
مرض "اضطراب الشهية " ليس مجرد هوس بالجمال خرج عن نطاق السيطرة بل هو أقرب للأمراض النفسية وعادة ما يشعر ضحايا هذه المرض بشعور عميق بعدم الثقة بالنفس والاضطراب النفسي ويحاولون التخلص من هذا الشعور بالتركيز على هدف التحسين من المظهر الخارجي، ويزيد من حدة هذا المرض منظور المجتمع حاليا للجمال ووسائل الإعلام والتي ثبتت في الأذهان فكرة أن النحافة تعني الجمال بالإضافة إلى طريقة تصميم وصناعة الملابس والتي تتميز بتصميماتها الأنيقة التي تناسب النحيفات.
وأثبتت الدراسات أيضا أن هذا المرض قد تسببه بعض التفاعلات البيوكيماوية في المخ وهو العضو المسئول عن تنظيم الشعور بالجوع والتحكم في الشهية وكلاهما يلعب دورا كبيرا في مرض اضطراب الشهية أضف إلى ذلك أن العامل الوراثي حيث كشفت عدة دراسات أن مرض اضطراب الشهية-مثله مثل الأمراض النفسية والعصبية-قد ينتقل وراثيا لأفراد الأسرة عبر الأجيال المتتابعة (بمعنى أن الشخص الذي يوجد في أسرته أفراد أصيبوا بهذا المرض من قبل أكثر عرضة للإصابة بالمرض)، جميع هذه العوامل (خلل في التفاعلات البيوكيماوية في الجسم، الضغوط المجتمعية ومنظور المجتمع المجحف للجمال والعوامل الوراثية) تزيد من فرصة الإصابة بمرض اضطراب الشهية خاصة بالنسبة للأفراد ذوي الطبيعة النفسية الهشة ممن لا يحتملون الضغوط.
مرض اضطراب الشهية هو مرض خطير يهدد حياة المصاب به، ولمساعدة ضحايا هذا المرض على المجتمع أن يغير نظرته المجحفة لضحايا هذا المرض فهم ليسوا ضعاف الإرادة، مهملون أو سطحيون هم ببساطة بمرضي مثلهم مثل مرضى الأمراض النفسية التقليدية وهم كذلك في حاجة للمساعدة ولن يطلبوها إذا استمر المجتمع في إصدار أحكاما قاسية عليهم واستمر بتجاهل الأبعاد المعقدة لهذا المرض.