كيف نحوّل المطالعة إلى أسلوب حياة منذ الطفولة؟
هي – أسماء وهبة
تتحدث الاختصاصية في التربية والتعليم المبكر والحلقة الإبتدائية الأولى والكاتبة رانيا زغير عن كيفية نسج علاقة صداقة بين الطفل والكتاب في عصر المغريات البصرية الذي نعيشه.
واكدت: "القراءة وسيلة للمطالعة. جميع الأطفال يقرأون من خلال كتبهم المنهجية. بعد 12 سنة يمضيها الأولاد في المدرسة من المهم أن يكتسبوا عادة المطالعة، قبل النوم، ولدى الاستيقاظ، أو خلال ركوب الباص، أو أي وسيلة نقل أخرى. الكتاب مصدر مهم ودقيق للمعلومات. إنه يختلف عن معلومات الإنترنت من ناحية مراحل الرقابة المتعددة التي يمر عليها قبل صدوره. اكتساب عادة المطالعة تأتي نتيجة هرم يتألف من ثلاث زوايا: أولا الطفل الذي ينشأ في منزل يحتوي نصوصاً لأحد ذويهم وبالتالي سيقلد من هم قدوة له. ثانيا المكتبة التي يجب أن يزورها الطفل شهريا لشراء الكتب. وإذا لم تكن الإمكانات متوافرة فالمكتبات العامة قد تكون البديل. الزاوية الثالثة من الهرم تفترض وجود ركن خاص للكتب في غرفة الطفل يكون على مستوى نظره".
ويجب أن تبدأ علاقة الطفل مع القراءة قبل ولادته أي منذ تشكله في أحشاء والدته. وذلك من خلال تقنيات جديدة كما تقول رانيا زغير: "أجريت دراسة لقياس مدى تفاعل الجنين مع صوت الأم، التي قرأت حكايات يومية لجنينها، فسجل الباحث صوتها. وعندما ولد الطفل خضع لاختبار، بوضع مصاصة في فمه. ولدى سماعه صوت والدته تسارعت عملية المص لديه. لكنه لم يستجب لصوت امرأة أخرى. وهذا ما يثبت تفاعل الجنين مع الأصوات وهو في أحشاء أمه. كما يدل على أن الكتاب يجب أن يكون رفيق حياة حتى في حقيبة الحليب. لذلك صنعت كتب تقاوم الماء حتى ترافق أطفالنا أثناء استحمامهم".
وعن التحديات التي يفرضها عصر الصورة على الكتاب تقول زغير: "الكتاب الأجنبي يتحدى الكتاب العربي شكلا ومضمونا. نحن في مرحلة تحسين. ولكل عمر شكل الكتاب الذي يناسبه. الصغار في عمرهم الأول يلزمهم كتاب من ورق مقوى، حتى يتسنى لهم تقليب صفحاته بسهولة على أن يتميز بزوايا مستديرة. ويتضمن الألوان الأساسية وكلمات واضحة وكبيرة. ومن المهم أيضا أن يتدرج لغويا حسب العمر".
وبسبب أهمية القراءة وتأثيرها الإيجابي على الطفل، يجب تقديم حوافز تشجع الأطفال في عمر العشر سنوات وما فوق للمطالعة في فصل الصيف على القراءة. وهنا تقول زغير: "يصعب أن نطلب من طفل في العاشرة من عمره أن يمضي وقتا مع الكتاب إن لم يكن قد اعتاد على ذلك منذ سنواته الأولى. وليس مطلوبا أن نفرض عليه القراءة، لأن ما نريده هو أن نجعلها لذة بالنسبة إليه. لذلك من المهم أن نبعده عن الكتب التي تتضمن في نهايتها أسئلة عن النص، لأنها تنفي الهدف الأساسي من القراءة بتحويلها إلى متعة وتعلم. يجب أن تكون القراءة فعلا اختياريا وتطوعيا. وعلى المدارس أن تقدم لتلامذتها مع العطلة الصيفية لائحة بحوالي عشرة كتب ليختاروا منها كتابين أو ثلاثة، من دون أن تفرض إجابات عن أسئلة في نهاية كل كتاب. بمعنى آخر تلعب المدرسة دورا في تحفيز الأطفال على المطالعة، من خلال وجود مكتبة مدرسية عامة وأخرى خاصة بكل صف. ومن المهم تشجيع الطفل على استعارة كتاب في كل أسبوع من دون قمعه بحل أسئلة حول ما قرأ".