فساتين الزفاف بين الأمس اليوم: من الأقمشة إلى التصاميم ماذا تغيّر في الموضة؟
كيف تغيّرت فساتين الزفاف بين الأمس واليوم؟ سؤال يثير فضولنا لدى مشاهدة صور أيقونات الموضة في حاضرنا ونقارنها بتصاميم الحقبات الماضية. من نجمات الثمانينات كالأيقونات أودري هيبورن وسيندي كراوفورد والليدي ديانا، إلى فساتين زفاف عصرية شاهدناها على قوام عرائس اليوم، تفاصيل تلفتنا وتستحق التوقف عندها. فما هي أبرز الإختلافات التي شهدتها موضة فساتين الزفاف بين الأمس واليوم؟ هل تغيّرت الأقمشة أم الألوان أو التصاميم؟ وأين يكمن السرّ؟
تابعي القراءة حتى السطر الأخير واكتشفي مع "هي" أبرز اختلافات التصاميم بين الماضي والحاضر.
اختلاف فساتين الزفاف اليوم: بين صانع موضة أسطوري ومصمم عصري
كما أي قطعة ملابس أخرى، تتكيّف فساتين الزفاف مع الأحداث والتطوّر الحاصل والتغيّرات المحيطة؛ حيث يكثف مصممو الأزياء جهودهم حول العالم لابتكار تصاميم تجاري الحاضر الذي يعيشون فيه، ويحرصون على مواكبة الأمور الحاصلة، كي يعكسونها من خلال ما نسميّه "اتجاهات الموضة"؛ وفساتين الأعراس ليست استثناءً! فكلّ ما حاورنا مصمماً، وسألناه عن آخر مجموعاته، أفادنا بالمقاربة نفسها: "فساتين زفاف كلاسيكية باتجاه عصري" أو "إطلالات زفاف خالدة في مظهر عروس مودرن"... هذه العروس التي يقصدونها هي حتماً عروس الجيل الحادي والعشرين الاستثنائية، التي تجسّد في يومها الميمون اللحظات الآنية والفعاليات العالمية، والتقنية، والخلود، وما يتوفر بين تلك العناصر مجتمعة.
وفيما يفضل الكثير من عمالقة الموضة، في مقاربتهم الواقعية، النمط الكلاسيكي بطابع عصري لمظهر عروس خالد_ وهنا نخص بالذكر إيلي صعب وزهير مراد ورامي العلي وسعيد قبيسي؛ هناك من يقفز نحو المستقبل الغامض والذي يمكن اعتماد إطلالته في الخيال فقط، أمثال مصميين عالميين فرشوا منصات أسابيع الموضة بتصاميم شفافة وجريئة فاقت موضة العصر بغرابتها وابتعادها عن ثيم الزفاف الحقيقي؛ قد نعني هنا عروض جيامبتيستا فالي الأولى في إطلالات الزفاف والتي ظهرت خلال أسابيع الموضة العرائسية لإطلالات زفاف 2025، وتحديداً في برشلونة، أو عروض Agnieszka Swiatly أو عروس مدام بوركو التي ظهرت بمنظر ملاك من السماء بأجنحة كبيرة.
المفارقة أنّ هذه التصاميم، على اختلاف أنماطها، تنتمي للحقبة نفسها، بل للعام نفسه أي العام الحالي؛ وهذا ما يشي أنّ الموضة لا تتقيّد بحقبة زمنية واحدة أو اتجاهاً يتيماً، بل تميل كما تميل دفّة المصمم، وبحسب غرابته وواقعيته وإبداعه. ولسنا هنا بوارد لعب دور شرطة الموضة، فهناك الكثير من العرائس اللواتي يفضلن نمطاً على آخر، مما يستدعي احترام الرغبات والأذواق على اختلافها.
عودة في الذاكرة إلى فساتين زفاف السبعينات والثمانينات حتى حقبة الألفية الثانية
سيطرت التصاميم البوهيمية على فساتين الزفاف خلال فترة السبعينيات من القرن العشرين، واعتمدت النجمات وعارضات الأزياء طلّة القطعتين في حفلات الزفاف، في حين كانت إطلالات الأميرات الأيقونات في الأعراس تتمحور حول الفساتين الطويلة والرشيقة ذات الأكمام المنتفخة والطرحات الاستثنائية.
ثم جاءت فترة الثمانينات وأصبحت فساتين الزفاف تتمحور حول التصاميم الضخمة ذات الألوان البيضاء والكريمية. كانت الأميرة ديانا رائدة في عالم الموضة آنذاك، وكان فستان زفافها الحريري العاجي بأكتاف منتفخة حديث الساعة ولا يزال، برقبة على شكل حرف V من الدانتيل، وقطار بطول 26 قدمًا، إلى حدٍ يمكننا القول إنّه الثوب الأكثر شهرة بين الفساتين الملكية.
كانت فترة الثمانينات تدور حول الأجواء البوهيمية كما السبعينات، حيث تميّزت بخطوط عنق مربعة وأكمام تشبه جناح الخفاش وخصر إمبراطوري. على الرغم من أن النساء كن قد ابتعدن عن التصاميم التقليدية ذات التنانير الدائرية، إلا أن الليدي دي أعادت هذه الموضة بفستانها الضخم المصنوع من قماش التفتا عندما تزوجت في عام 1981. وفيما استقطبت أنظار 750 مليون شخص حول العالم، امتلكت الليدي مظهر الثمانينيات بالكامل على قاعدة "الأكثر هو الأكبر" مع أقواس كبيرة الحجم و تطريزات الدانتيل والأكمام المنتفخة.
عروس الثمانينات، العارضة العالمية سيندي كروفورد، ظهرت كذلك بإطلالة ضخمة وأقمشة منتفخة من الخصر مع أكسسوارات بارزة إلى حدٍ تفوقت على فستان الزفاف نفسه؛ فحتى الطرحة بدت منتفخة للغاية مجسّدة قالب الثمانينات بامتياز.
خليط من كافة التصاميم طغى على حقبة التسعينات، حيث ارتدت العرائس كافة أنواع فساتين الزفاف، ما يهم كان اعتماد اللون الأبيض والباقي تفاصيل. اتبعت بعض العرائس أسلوباً عصرياً من خلال ارتداء الفساتين الضيقة، بينما حافظت أخريات على الأسلوب الكلاسيكي من خلال صدريات مكشوفة الأكتاف، وخطوط عنق على شكل قلب، وتنانير منفوشة؛ وفيما كانت تصاميم الشعر معقدة، كانت الفساتين بسيطة آخذة في التوجه نحو النعومة.
عندما حلّ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبحت الفساتين تظهر دون حمالات، التصميم الذي فرض نفسه على ساحة الموضة كصيحة جديدة. بالمقابل، استمر ذلك المزاج التقليدي الآتي من الثمانينات، كالتنانير الواسعة والقطارات الطويلة. ولكن كما حدث في التسعينيات، اتجهت بعض العرائس إلى أنماط أكثر غرابة، مثل الفساتين الضيقة أو الفساتين القصيرة. بعد سنوات عديدة من التقلّب، أصبحت فساتين الزفاف الغربية مثالية بشكل أساسي.
في عام 1990، كانت فيرا وانغ قد حققت نجاحاً كبيراً بافتتاح أول بوتيك لها في مجال فساتين الزفاف وصنعت فساتين زفاف بدون حمالات تعانق الجسم. وقامت وانغ، المصممة الأشهر في ما يتعلّق بتصاميم الزفاف، بإقران هذه الفساتين مع أكسسوارات فضية وظهر أملس.
على الرغم من أن فساتين الزفاف كانت تظهر على مدارج عروض الأزياء منذ الخمسينيات، إلا أنّها بدأت بالفعل بالظهور الفعلي والحافل في حقبة التسعينيات، مع ظهور أسماء كبيرة مثل كالفين كلاين وفيرساتشي وأوسكار دي لا رنتا، حيث عرضوا جميعاً فساتين المناسبات الخاصة بهم.
أبرز الفروقات بين فستان زفاف الحاضر وفستان الزفاف الماضي
نحن أمام نمطين مختلفين ومتناقضين من فساتين الزفاف: فساتين الزفاف الحديثة وفساتين الزفاف التقليدية. فيما تتحرّر الأولى من أي قيود مجتمعية، تلتزم الثانية بوابل من العادات والتقاليد. فيما يلي بعض الاختلافات الرئيسية بين فساتين الزفاف الحديثة والتقليدية:
إطلالات زفاف بصور ظلّية مختلفة
عادةً ما تتضمن فساتين الزفاف التقليدية ثوباً منفوشاً أو صورة ظلية على شكل حرف A. هذه الصور الظلية هي عنوان الأناقة والخلود، ويمكن أن تكون جذابة على مجموعة متنوّعة من أنواع قوام العروس. بالمقابل، تحتوي فساتين الزفاف الحديثة على مجموعة متنوّعة من الصور الظلية المعاصرة، بما في ذلك حورية البحر، والبوق، والغمد، والميني. تعتبر هذه الصور الظلية أكثر جاذبية اليوم وأكثر انسجاماً مع العصر.
نوع الأقمشة في فساتين الزفاف بين الأمس واليوم لبيئة مستدامة!
غالبًا ما تُصنّع فساتين الزفاف التقليدية من الأقمشة الفاخرة مثل الحرير والساتان والدانتيل والتفتا. هذه الأقمشة لطالما كانت عنواناً للأناقة والخلود، كونها تضفي لمسات نادرة وساحرة على فستان الزفاف. بالمقابل، يتم تصنيع فساتين الزفاف الحديثة من مجموعة متنوعة من الأقمشة، بما في ذلك القطن والكتان وحتى الجلد. هذه الأقمشة غير كلاسيكية لكنها تأخذ طابع الإثارة، ويمكن أن تكون خيارًا جيدًا للعروس العصرية التي ترغب في ارتداء فستان زفاف فريد من نوعه.
إلى ذلك، يعمد مصمّمو اليوم إلى اعتماد المواد المُعاد تكريرها في صناعة فساتين الزفاف. قد يستخدمون مواد البلاستيك وغيرها، تماشياً مع الاتجاه السائد نحو الموضة المستدامة؛ في ظلّ تحرّك عالمي للتوصل نحو تطبيق خطة صفر كاربون وتنفيذ هذه الخطة في كافة المرافق الحياتية، ومنها الموضة.
مع الميل نحو موضة مستدامة، نرى تطريزات غريبة اليوم، لم نألفها في الفساتين القديمة. وفيما كانت التطريزات العتيقة تندرج في إطار حبيبات اللؤلؤ والكريستال وتخريمات الدانتيل، أصبحنا نراها اليوم بقالب مختلف جداً وتتضمن مواداً لا نتوقعها في عالم الموضة.
فساتين الزفاف بين الأمس واليوم... تفاصيل الخياطة تقول كلمتها
غالبًا ما تحتوي فساتين الزفاف التقليدية على الكثير من التفاصيل، مثل الشك والتطريز والدانتيل، والتي تضيف نغمات فخمة إلى فستان الزفاف. من ناحية أخرى، يمكن لفساتين الزفاف الحديثة أن تتمتع بمظهر أكثر بساطة، بتفاصيل ناعمة وحديثة، مثل الأزرار والسحابات والقصاصات. وقد تظهر تصاميم سادة، لا تتضمن أيّة تطريزات، كما رأينا في مجموعات ستيفان رولان الأخيرة، على سبيل المثال.
ألوان فساتين الزفاف بين الأمس واليوم
يطغى اللون الأبيض بشكل دائم على فساتين الزفاف التقليدية، وهو بمثابة اللون التقليدي الذي يرمز إلى نقاء العروس وبرائتها. فساتين الزفاف الحديثة، من ناحية أخرى، لا تلتزم باللون الأبيض، بل قد تكون سوداء وحمراء أو غيرها، لكن لا شكّ أنّ الألوان اللافتة لفساتين الزفاف الحديثة تشمل العاج، والشمبانيا، وأحمر الخدود، والخزامى.
فساتين زفاف اليوم: تصاميم وألوان على مدّ النظر
تفرض تصاميم الحقبات الماضية حضورها على فساتين الزفاف اليوم، حيث تدور أحدث صيحات الموضة حالياً حول الجمع بين الصور الظلّية القديمة واللمسات العصرية. كما تتوفر فساتين الزفاف اليوم بمجموعة لا حصر لها من الموديلات والتصاميم، فيما ينصب التركيز على ابتكار فساتين خالدة ومواكبة للموضة في نفس الوقتت، أي إيماءات إلى الماضي بإحساس جديد ومعاصر.
مع تطوّر المجتمعات وتنوّعها، تتطوّر كذلك فساتين الزفاف لتعكس التغيرات والتحديثات. على سبيل المثال، مع تزايد عدد الأشخاص من العالم الذين يتقبلون زواج المثليين، والشراكات المدنية، والحركات النسوية، لم تعد هناك طريقة قياسية لارتداء ملابس الزفاف.
هذا، وينصب التركيز الآن على ارتداء ما يجعل العروس تشعر بالتميّز، سواء كان ذلك فستان زفاف مع طرحة أو بدونها، فستاناً ضيقاً أو واسعاً، قصيراً أم طويلاً.... ما يهم للعروس هو تعبيرها الخاص عن شخصيتها وطبيعتها، وهذا ما يحث عليه خبراء وصنّاع الموضة. فقد ظهرت مدوّنات الزفاف والمؤثرات عبر الإنترنت لمساعدة العرائس غير التقليديات في العثور على ملابسهن المثالية، من خلال دمج العادات العالمية في قرية كونية رغم اختلاف التقاليد والعادات.
في النهاية، أفضل طريقة للاختيار بين فستان الزفاف الحديث والتقليدي هي أن تأخذي بعين الاعتبار أسلوبك الشخصي وتفضيلاتك. إذا كنت تريدين فستانًا أنيقًا وخالدًا، فقد يكون فستان الزفاف التقليدي خيارًا جيدًا لك. أمّا إذا كنت تريدين فستانًا أكثر حداثة وعصرية، فقد يكون فستان الزفاف المودرن خيارًا أفضل.