بين الصمت وصعوبة البوح .. الحالة النفسية للنساء بعد الاجهاض وما يحتاجن إليه
الاجهاض تجربة قاسية تهز مشاعر النساء وتجعل الحزن يستقر في قلوبهن فترة ليست قصيرة، ولذلك يجب تمكين النساء للتحدث بصراحة عن تجاربهن ومساعدتهن للوصول إلى الدعم الذي يحتاجونه، فعلى الرغم من ما يميز العصر الذي نحيا فيه اليوم، وخصوصاً في ما يتعلق بحرية التعبير وحرية الرأي، والأخد بالحوارت المفتوحة إلا أن كثير من النساء لا يمكنهن حتى اليوم التعبير بحرية عن مشاعرهن حيال تجربتهن مع الاجهاض، الأمر الذي تزيد معه صعوبة التعافي من هذا الحادث الأليم.
ماذا بعد الاجهاض؟
يعد الاجهاض حدثاً مؤلماً ويشكل تحدياً عاطفياً يؤثر على العديد من الأزواج والعائلات في جميع أنحاء العالم، وهو موضوع لا يزال يجد الكثيرون صعوبة في طرحه، وفي هذه الصدد تقول الدكتورة كيت بروزيلر من مركز ثرايف للصحة النفسية، " نميل نحن النساء إلى تحميل أنفسنا الكثير من اللوم اعتقاداً منا أننا فعلنا شيئاً خاطئاً أدى إلى فقدان الجنين و نبحث عن تفسير لمأساة لا يمكن تفسيرها، وغالبا ما يرافق هذه المشاعر، العديد من الأفكار السلبية ومنها خشيتنا أن يشعر شركاؤنا بالاستياء منا، أو نشعر أن أجسادنا قد خذلتنا، وغالباً ما يتداخل هذا مع القلق حول المستقبل إذا ما حاولنا الحمل مرة أخرى".
وتقول بروزيلر أن النصيحة القديمة التي تقول إنه لا ينبغي للنساء مشاركة أخبار حملهن حتى بعد الثلث الأول. الدلالة هنا أنه نظراً لخطر الإجهاض يكون أكبر في الفترة الأولى من الحمل، فإنه لا ينبغي على النساء أن يخاطرن بإخبار أحبائهن بحادثة الإجهاض إذا حدثت. إنها وسيلة أخرى نحافظ بها على الخجل المتعلق بالإجهاض من خلال طلب من النساء عدم إزعاج أحبائهن بفقدانهن. بمعنى آخر، يُطلب منهن أن يعانون في صمت.
ووفقاً للبيانات الحديثة في المعهد الوطني للصحة"National Institute of Health"، يحدث 23 مليون حالة فقدان للحمل سنويًا وبما يعادل 44 حالة فقدان للحمل في الدقيقة والعديد منهن يعانين في صمت.
ولذلك تشعر بعض النساء بأن فقدانهن للجنين ليس صحيحاً الأمر الذي لا يجعلهن يتقبلن الواقع عندما يحدث لديهن إجهاض، ولذلك يبدأن بمقارنة أنفسهن بالنساء اللاتي فقدن طفلاً بعد الولادة، للتقليل من أهمية ما يمرون به و منع أنفسهن من الحزن.
وقد تشعر بعض النساء بعدم الراحة لمشاركة الحديث عن الإجهاض مع أصدقائهن وعائلاتهن. لكن الحزن أمر معقد وصعب التغلب عليه بدون الحديث، وهنا يمكن أن يكون الأخصائيون النفسيون ومجموعات الدعم مفيدون لهذه المرحلة. حيث يمكنهن أن يجدن محترفين متعاطفين ومتخصصين يمكنهم فهم مشاعرهن ومنحهن الأدوات اللازمة للتعامل مع حزنهن.
هل تقتصر المعاناة بعد الاجهاض على النساء فقط؟
بينما يقوم المجتمع بالعمل على دعم النساء اللاتي فقدن حملهن، وتقبل موضوع الإجهاض أكثر، يجب أن نتذكر أيضاً أن الآباء يمكن أن يختبروا شعوراً شديداً بالفقدان. غالباً ما يُمنع على الرجال مناقشة هذه المشاعر وقد يكونوا مترددين في التعبير عن حزنهم لأنهم يشعروا بأنهم يحتاجوا إلى أن يكونوا أقوياء أمام شريكاتهم. قد يشعر الآباء براحة أكثر و قدرة أفضل لمناقشة هذه العواطف مع أخصائي نفسي محترف لا يحتاجون أمامه للحفاظ على شخصياتهم كشركآء أقوياء داعمين.
وختاماً، يجب على المحيطين بالأم والأب بعد الاجهاض أن يقوموا بدعمهم وتخفيف عبء الصدمة عليهم، ومنحهم القدرة على تخطي مرارة الألم، ومساعدتهن على تقبل ما يمرون به، ودفعهم للتفاؤل من أجل تعزيز قدرتهم على التعافي من صدمة الاجهاض العنيفة.
ما تحتاج إليه النساء بعد الاجهاض
ثمة أمور عديدة تحتاج إليها النساء بعد الاجهاض أهمها:
- احتواء مشاعرهن ومواساتهم.
- حثهم على البوح بما يشعرن به.
- احترام مشاعرهن حيال ما حدث.
- الانصات إليهن بدقة.
- دعمهن حتى تمام التعافي من الصدمة.
- مساعدتهن على الانخراط في أمور أخرى تخرجهم من كآبة ما بعد الاجهاض.
والآن .. يُسعدنا أن تشاركينا الرأي .. هل سبق وأن تعرضتِ أنت أو أحد من أسرتك أو المقربين منكِ لتجربة الاجهاض، خبرينا بها، وبرأيك كيف يمكن تقديم الدعم للمرأة التي مرت بتجربة الاجهاض، وكيف يمكن تهيئتها نفسياً للتعافي ثم البدء من جديد للتخطيط للحمل؟