الرياضة الجماعية تحسن من نفسية الأطفال وتعزز من ثقتهم بأنفسهم

تجعل الروح أكثر خفة والجسد أكثر صحة .. أخصائي نفسي يشدد على أهمية ممارسة الأطفال لرياضات جماعية

ريهام كامل

الرياضة تربي النفوس وتنمي العقول وتعزز من صحة الجسد وتحس الحالة النفسية والمزاج، الرياضة هي غذاء الجسد والنفس معاً، لذا لا يجب أن يُحرم أطفالنا من كل هذه الفوائد، ويجب أن نهتم كأمهات بتشجيع أطفالنا على ممارستها والمداومة عليها، خصوصاً ممارسة الرياضة الجماعية لما لها من فوائد جمة تجعلهم في حالة نفسية أحسن وبصحة جسدية أكثر.

وبالتزامن مع اليوم العالمي للصحة النفسية الموافق العاشر من شهر أكتوبر الجاري، أكد الدكتور ماثيو ساكو الأخصائي النفسي في مستشفى كليفلاند كلينك، نظام الرعاية الصحية العالمي على فوائد ممارسة الأطفال للرياضات الجماعية كونها تتجاوز مجرد الفوائد الصحية الجسدية، إذ توفر لهم منافع اجتماعية وعاطفية ونفسية كذلك.

ممارسة الأطفال للرياضة الجماعية تعزز من مهاراتهم الاجتماعية

وفي هذا الصدد قال الدكتور ماثيو ساكو، الأخصائي النفسي للصحة والرياضة "لا شك بأن الفوائد الجلية لممارسة الرياضة تتمثل في النشاط البدني وخاصة في وقتنا الراهن الذي يقضي فيه الأطفال أوقات طويلة في متابعة الشاشات، إضافة إلى الكثير من الفوائد الاجتماعية والعاطفية أيضاً".

أهمية ممارسة الأطفال للرياضات الجماعية

استعرض الدكتور ساكو أهم خمسة أسباب رئيسية يمكن للرياضات الجماعية أن تسهم من خلالها في إعداد الأطفال لتحقيق إنجازات كبيرة في الحياة، سواء في طفولتهم أو بعد أن يكبروا في مراحلة عمرية متقدمة في مستقبلهم.

الدكتور ماثيو ساكو الأخصائي النفسي في مستشفى كليفلاند كلينك
الدكتور ماثيو ساكو الأخصائي النفسي في مستشفى كليفلاند كلينك

تعزيز المهارات الاجتماعية

تعد الرياضة الجماعية طريقة ممتازة للتفاعل الاجتماعي بين الأطفال، وإذا كان الطفل غير قادر على تنظيم عواطفه أو التفاعل مع الآخرين، فإن الهيكلية المنظمة للرياضات الجماعية تستطيع المساعدة في تهيئة بيئة آمنة يمكنه من خلالها تعلم مهارات اجتماعية مهمة. وعليه يتوجب على الأطفال عند المشاركة في اللعب الجماعي تعلم كيفية إيجاد حلول للمشاكل التي تواجههم أثناء اللعب، والتعاون في ما بينهم، وعليهم أحياناً تعلم كيفية التحكم بمشاعر الإحباط التي قد يشعرون بها بسبب أفراد الفريق الذين لا يؤدون أدوارهم على النحو المطلوب".

وبحسب دكتور ساكو، يمكن إسقاط هذه المهارات على كل مجالات الحياة بدءاً من المدرسة مروراً بحياة الأطفال المستقبلية في مكاتب العمل وغيرها، ولذلك فإن تعلم هذه المهارات في مرحلة الطفولة يمكن أن يزودهم بتجارب وتفاعلات إيجابية في المستقبل.

تعلم مهارات حياتية مهمة

يساهم العمل الجماعي في تحقيق الأهداف المشتركة مثل: الفوز بمباراة، كونه يساعد في إكساب الأطفال مهارات مهمة تستمر معهم طوال الحياة منها كيفية قيادة الآخرين أو اتباعهم، والتفاوض مع الآخرين، فقد يكون من الصعب تدريس هذا النوع من المهارات في ظروف أخرى، وعلى الرغم من أن تعلم هذه المهارات يتم أيضاً خلال المراحل الدراسية في المدارس، إلا أن الطبيعة السريعة والنشطة للرياضة توفر بيئة ذات مساحات حرية أكبر وقيود أقل من تلك الموجودة في الغرف الصيفية.

الاستفادة من تنظيم البيئة التي توفرها الرياضة

يحتاج الأطفال إلى أوقات منظمة وأخرى غير منظمة للعب، حيث يسهم كل منها في تطورهم بطريقة مختلفة، كما أن بناء الصفات الشخصية مثل: المثابرة والمصداقية سيكون لها فوائد طويلة الأمد تخدم الأطفال في المراحل اللاحقة من حياتهم، وتعزز من نجاحهم في المستقبل. وذلك فضلاً عن البيئة عالية التنظيم التي تتيح للأطفال التنبؤ بما سيحدث لاحقاً من حيث التمارين وجدول الألعاب، الأمر الذي يوفر الفرصة لهم ممارسة الرياضة بانتظام.

تعزيز الثقة بالنفس

من المعروف أن كل فرد من أفراد الفريق في الرياضات الجماعية له دور محدد يؤديه، كما أن لكل منهم مسؤولية ملقاة على عاتقه، وهذه أمور ايجابية للغاية لأن الأطفال يتعلمون كيفية الاعتماد على الآخرين في المهارات، ويكونوا على علم بمواطن القوى الخاصة بهم، كما أن الرياضة الجماعية تساهم وبشكل كبير في تشجيع الأطفال على الخروج من القوقعة الخاصة بهم من خلال تشجيع الآخرين لهم ومحاولة دمجهم أكثر في أجواء الفريق.

وبحسب دكتور ساكو تعزز المشاركة في رياضة جماعية من ثقة الطفل في نفسه، وتوفر الفرصة المواتية لكي ينظر الأطفال بإيجابية إلى أنفسهم ما يزيد من قيمتهم عند أنفسهم، ومن ثم معرفتهم لقدراتهم وايمانهم بذواتهم أيضاً.

إبعاد شبح الاكتئاب

أوضح الدكتور ساكو أن التجارب السلبية في مرحلة الطفولة تظل عالقة في ذاكرة الفرد مدى الحياة، ولكن الأبحاث بيّنت أن ممارسة الرياضة لها آثار إيجابية طويلة الأمد على الصحة النفسية للأطفال الذين يعيشون ظروفاً صعبة في منازلهم مثل سوء المعاملة، أو انفصال الوالدين، أو تعاطي المخدرات المنزلية.

ممارسة الأطفال للرياضة الجماعية تعلمهم مهارات حياتية مهمة

دراسة عن الفوائد النفسية للرياضة الجماعية

وأشار دكتور ساكو إلى دراسة أجريت في عام ،2019 والتي خلُصت إلى أن المشاركة في الرياضات الجماعية يمكن أن تساعد الأطفال في إبعاد شبح الاكتئاب، إذ أوضحت البيانات المأخوذة لـ9,668 طفلاً أن من بين الأطفال الذين تعرضوا لتجارب سيئة في طفولتهم، فإن أولئك الذين مارسوا الرياضات الجماعية تمكنوا من التمتع بصحة نفسية أفضل في مرحلة الرشد، ولم يتعرضوا للاكتئاب مع تقدمهم في العمر بنفس المستويات التي تعرض لها أولئك الذين لم يشاركوا في أنشطة أو رياضات جماعية

ولذلك شدد دكتور ساكو على ممارسة الأنشطة البدنية الجماعية لما لها تأثير إيجابي على المزاج ومستويات القلق، لأن الفرد يعد جزءاً من فريق قد يؤدي إلى تحسين الصحة النفسية بصورة خاصة، إذ تساعد أنشطة الفريق الأطفال على الشعور بأن صوتهم مسموع وأن لديهم منظومة دعم قوية يمكنهم الاعتماد عليها في الأوقات الصعبة.

ماذا لو كان طفلك لا يحب ممارسة الرياضة؟

أشار الدكتور ساكو إلى أنه في حال كان الطفل لا يحب ممارسة الرياضة، فإن هناك العديد من المجموعات الأخرى التي يمكنه الانضمام إليها للحصول على فوائد نفسية مماثلة، حيث أفاد بأنه يمكن أن يكتسب الأطفال المهارات الاجتماعية والقيادية من أنشطة أخرى كذلك، مثل المشاركة في المخيمات الصيفية، أو المجموعات المهتمة بالتمثيل، أو العزف في الفرقة الموسيقية للمدرسة، إذ أن هذه الفوائد ليست محصورة فقط في الرياضة أو الأنشطة البدنية، من أجل ذلك تعتبر هيكلية الفريق أساسية إذ توفر للأطفال الفرصة للمشاركة مع أقرانهم، وصقل مهاراتهم الاجتماعية، وتعلم العمل الجماعي مع الآخرين لتحقيق هدف مشترك لهم.

وختاماً، توجه الدكتور ساكو بالنُصح إلى الأهالي لمساعدة أطفالهم على إيجاد طريقة ما تسهم في ممارستهم لأنشطة بدنية بغض النظر عن النشاط الذي يختاره الطفل، يجب أن يكون الهدف منه تحقيق المتعة وأن يجعلهم نشطين من الناحية البدنية.

والآن .. يُسعدنا أن تشاركونا الرأي ومن خلال خبرتكم في تربية أطفالكم، كيف ترون أهمية ممارسة الرياضة الجماعية لهم؟

مع تمنياتي لكم ولأطفالكم بصحة نفسية وجسدية دائمة،،،