لتطوير ذاتك... تخلصي من الثرثرة وكثرة الكلام بهذه الطرق الفعالة
الثَّرثرة من آفات اللِّسان التي تقع فيها كثير من النساء، وقلّ من تسلم منها، ومع ذلك فهي من أخطر آفات اللسان على صـاحبتِها. إن أساليبَ وعوامل التنشئة والتربية الأسريّة والاجتماعيّة لها الأثر الكبير في اكتسابنا لعادات الثرثرة وكثرة الكلام بتقليدنا لمن حولنا.
عندما يتقدّم بنا العمر تظلُّ هذه العادة مُلازمةً لنا في الكبر، فتصبح بذلك صفةً من صفاتنا الشخصيّة المنبوذة، كما يظهر أن النساء كثيرات الكلام هن أكثر إفشاءً للأسرار الأسريّة والزوجية.
ما يترتب على ذلك، الكثير من المُشكلات الزوجية والمشكلات الاجتماعية؛ وقد ينتج عنها وقوع الطّلاق بين الزوجين أو حتّى قطع الأرحام، وعدم التواصل مع الآخرين سواءً في العمل أو أي مكان آخر.
لذا دعينا نتطرق إلى كيفية التخلص من الثرثرة وكثرة الكلام ؛ فربما بعد حديثنا معكِ ستُدركين مدى تأثيره على تطوير ذاتك بشكل غير مُباشر. وتأكدي أن إحساسك بإيجابية ضبط اللسان هو أن تُعطي فرصة لنفسك للشعور بالعائدات الإيجابية، والناتجة عن ضبط لسانك، وأهمية استخدامك للصّمت حتى تتخلصي من عادّة الثرثرة.
فمثلًا، يجب عليكِ أن تُركّزي انتباهك على التّغذية الراجعة الصادرة عن الآخرين بعد الانتهاء من نشاط معين أكثر من التركيز على التحدث حول تفاصيل هذا النشاط، وعمومًا إن توجيه انتباهك إلى زوايا وأماكن مُعينة ومهمّة لكِ، يُسهل عليك عملية السيطرة على حديثك وكلامك الذي يطول في العادة أكثر من اللازم.
من هذا المُطلق، إليكِ طرق فعالة للتخلص من الثرثرة وكثرة الكلام من أجل تعزيز ثقتك بنفسك وتطوير ذاتك في جميع أمور حياتك، من خلال استشارية العلاج السلوكي والطب النفسي الدكتورة نيفرت هاشم من القاهرة.
كيف تعرفين أنّكِ شخص ثرثار حقًا؟
أوضحت د. نيفرت، أنه يُمكنك ملاحظة بعض العلامات والتصرفات التي تدل على كونكِ شخصًا ثرثارًا، أبرزها:
- إلقاء أصدقائك نكّت ومزاحهم حول حديثك كثيرًا.
- امتلاكك علاقات صداقة غير مُتزنة.
- شعورك بعدم الراحة في حالات الصمت.
- شعورك بالندم بعد انتهاء محادثاتك.
- شعور الآخرين بالملل عندما تبدأين الحديث معهم.
- شعورك بعدم الارتياح لطرح الأسئلة على الآخرين.
- اشتكاء الآخرين مرارًا من هيمنتك على المحادثة وعدم إتاحة فرصة كافية لهم للتحدث والتعبير عن آرائهم.
- ميل الآخرين لمقاطعتك عند الحديث.
- اضطرار ك لمُتابعة الحديث في وقتٍ لاحق، لأنّ كثرة كلامك تمنعك من تغطية كل جوانب الحوار ضمن الوقت المحدد.
- التحدث كثيرًا، وغالبًا أكثر من أي شخص آخر في معظم المواقف.
- مواجهتك صعوبة في التحدث بشكلٍ أقل، حتى أثناء العمل، أو في الأوقات التي تتطلب هدوءً.
- كثرة استخدامك لعبارات عدّة، منها "إنها قصة طويلة"
كيف يُمكنك التخلص من الثرثرة وكثرة الكلام؟
أشارت د. نيفرت، إلى أهم الطرق الفعالة التي تُمكنك من التخلّص من الثرثرة وكثرة الكلام، وذلك على النحو التالي:
تعلّمي كيف تتحكمين في انفعالاتك
يُعد التحكم في الانفعالات أهم ما يجب فعله للتخلص من الثرثرة، إذ إنّ الانفعالات من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى الثرثرة، وكل ما يتطلبه الأمر هو تحديدك الدافع قبل التصرف بشكلٍ انفعالي بناءً عليه، وللتحكم في الدوافع والانفعالات، يجب تدرب نفسك على رؤية الأشياء بوعي قبل التحدث.
بعض الثواني للتفكير قبل التسرّع وابدأي بالحديث
من المهم التحلّي بالصبر حيث لن تنجح محاولات تخلصك هذه العادة من أول مرة، إلا أنّه مع الاستمرار ستتطورعادة التفكير قبل التحدث، وبالتالي توّقف الثرثرة، بالإضافة إلى القدرة على اختيار أوقات التحدّث وأوقات الامتناع عن الحديث.
عدم مقاطعة الآخرين أثناء حديثهم
يميل الأشخاص الثرثارون لمقاطعة الآخرين أثناء حديثهم، وإنهاء جملهم نيابةً عنهم بدلًا من السماح لهم بإكمال النقطة التي كانوا يحاولون توضيحها، لذا من المهم تدريب نفسكِ على عدم مُقاطعة الآخرين، وانتظار انتهاء الشخص الآخر من حديثه، وحلول برهة وجيزة من الصمت قبل الشروع بالتحدّث. من الجدير بالذكر أيضًا أنّه يجب الاستماع لحديث الآخرين بتركيز حتى انتهاء الأمر المُراد قوله، إذ إنّ تجاهل حديث الطرف الآخر يعكس أنانيتك!
اطرحي الأسئلة البسيطة والقصيرة حين لا تفهمي ما يقصّده الآخرون
يُساعد طرح الأسئلة على الآخرين عند عدم فهم المقصّد من حديثهم على إيجاد الطريقة المُناسبة للرد، حيث سيحاول الأشخاص إعادة صياغة حديثهم أو التعقيب عليه، ما يوفر لكِ وقتًا كافيًا للتفكير بردٍ مُناسب وعدم الانفعال.
تقبّلي اختلاف الآخرين في الرأي واستمعي إليهم
يجب عليكِ تقبّل اختلاف الآخرين والاستماع لحديثهم بصرف النظر عما إذا كانوا يشاركونكِ ذات الآراء أم لا؛ لأن عدم تقبل اختلاف الطرف الآخر يدفعكِ إلى بدء الثرثرة؛ لا سيّما وسط الخلافات، لذا يجب أن تتقبّلي اختلاف الآخرين أثناء الحديث، و أن تظهري احترامك لهم.
فكّري قليلًا قبل أن تتكلمي
يجب عليكِ التأكد من التفكير مليًا فيما هو على وشك قوله، حتى تتمكنِ من التحكم في انفعالاتك، بالإضافة إلى التفكير في محتوى الكلمات والعواقب المحتملة التي قد تترتب عليها، لذا حاولي التزام الصمت الكامل في بعض الأحيان.
التحكم بمدة الكلام باستخدامك قاعدة إشارة المرور
يُمكنك أن تتّبعي قاعدة تسمى "قاعدة إشارة المرور"، والتي قد تُساعدك على التحدّث بشكل أقلّ؛ حيث يتمّ التحدث في البداية لمدّة 30 ثانية إشارة للون الأخضر، وبعد 30 ثانية تنتظرين قليلًا في حال رغب المُستمع إضافة شيء ما، مشيراً في ذلك إلى اللون الأصفر، وبعد ذلك يجب عليكِ التوقف عن الكلام حتى وإن لم ينتهِ كلامك أو تطلّب الموضوع أكثر من ذلك؛ وفي هذا إشارة إلى اللون الأحمر، وإن أراد المستمع معرفة المزيد فيُمكنك طرح الأسئلة والاستفسارت، وعليه ففي حال توقّعك أنّ كلامك سيدوم لأكثر من دقيقة، فيجب أن تُذكّري نفسك بضرورة أن يكون كلامك مُختصرًا.
اتبعي عادات جديدة
اتباعك عادات جديدة قد يُساعدك على التخلص من الثرثرة وكثرة الكلام؛ والشعور بالهدوء عوضاً عنها، كالتأمل وتهدئة النفس، أو السماح للآخرين بالتحدث، أو ممارسة الرياضة، أو الجلوس مع النفس للتفكير في المشاعر وتقبّلها، ومن ثمّ التعبير عنها.
تجنبي التحدّث عن نفسك
تُعتبر بعض النساء أنّ التحدث عن النفس ممتعًا، إلا أن ذلك لا ينطبق دائمًا على الآخرين، لذا يجب عليك ألا تربطي كل المواقف بنفسك وبحياتك؛ فالمحادثة تُعتبر طريقًا ذا اتجاهين بين الأشخاص، وعليكِ أن تتعلمي إفساح المجال للطرف الآخر بالتحدّث، وأن تُبدي اهتمامك لما سيقولونه ويفعلونه.
تَقبّلي لحظات الصمّت
يُساعد الصمت على تنقية عقلك وأفكارك، بحيث تُعطي لنفسك الراحة؛ ويعدّ طريقة لتعلّم الصبر، وهو علامة للانتقال إلى موضوع آخر يهمّ الجميع، وطريقة لمعالجة الأفكار والمشاعر؛ فالتحدث المستمر قد يمنعكِ من الاستماع لما تشعرين به حقًا في تلك اللحظة.
اكتبي أفكارك
تُعتبر الكتابة شكلًامن أشكال التعبير عن النفس، وقد ترفع من معنوياتك، لأنّ الكلمات المكتوبة تدوم أكثر من الكلمات المنطوقة، وتساعدك على التخلص من كل الأفكار الموجودة في عقلك دون تدخل أي شخص آخر، علاوة على ذلك فإنك ستُصبحين مجبورة على الاستماع لنفسك عندما تدونين أفكارك، وبهذا يكون قد كشفتِ حقيقة أفكارك ومشاعرك لنفسك، وبالتالي تتعرفين على نفسك أكثر.
حكمة اجعليها مفتاح حديثك دومًا
لابد أن تتدركي أن السكوت هو أعظم من الكلام؛ فالحكمة الشّهيرة تقول "إذا كان الكلام من فضّة فالسّكوت من ذهب"؛ وهذه حقيقة، بلا شكّ لا يدركها إلا من استشعر لذّلة السّكوت في نفسه وقلبه، فالسّكوت يُعلمكِ الصّبر ويُزودكِ بالحكمة؛ بينما لا تُتيح الثرثرة وكثرة الكلام إلا إهدار طاقتك وفقداتك التفكير الإيجابي السليم.
وأخيًرا، عليكِ أن تؤمني بأن الثرثرة وكثرة الكلام قد تؤدي بكِ في النهاية إلى كثير من الأخطاء؛ وتأكدي أن الذي يتكلم كثيرًا يكون عرضةً أكثر للوقوع في آفات اللسان من غيبة، ونميمة، وكذب وغير ذلك؛ وفي الحديث الشريف، ندب من النّبي عليه الصّلاة والسّلام إلى ترك فضّول الكلام حيث قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقلّ خيرًا أو ليصّمت".