استشارية الطب النفسي الطبيبة لبنى عزام تقدم لـ"هي" أفضل أساليب راحة النفس
راحة النفّس...هل هى شعور يُرافقك بهدوء وسلام للوصول إلى ما تطمحّين إليه، أم هي مُجرد كلمة يُطلقها لسانك ويتمناها قلبك ليبقى على قيد الحياة؟ لا شك أن جميعنا يبحث عن كل طريق يؤدي بنا إلى الشعور بالراحة النفسية في جميع أمور حياتنا؛ فما ألذّ الراحة بعد التعب الشديد؛ ولكن للآسف مُعظمنا يتعّب في البحث عن الراحة، ويشّقى في البحث عن السعادة، ويلهّس وراء الفلوس، ويولّد ويموت وينسى أن يعيش!
ما أعرفه هو أن الفعل الأخلاقي السوي والإيجابي، هو الذي أشعر بعده براحة النفّس. ولكن ماذا تعني لكِ؟ أشعر وكأن سؤالي جعل أفكارك المُتشعبة تتوارد واحدة تلو الآخرى؛ هوني على نفسك، فأنا لستُ معكِ اليوم لدخول في تفاصيل مُتناقضة بداخلك ربما ستجلب إليكِ الطاقة السلبية في لحظة ومن دون قصد.
لكن بما أنني مُحررة ضمن فريق مجلة " هي " تسعى إلى تقوية عزيمّتك، وتعزيز ثقتك بنفسك، وحثك على استقبال أقدارك بنفس هادئة؛ تغلُب عليها معاييرالراحة النفسية، لذا سأستغل السطور القادمة لتسليط الضوء على أفضل أساليب الراحة النفسية والتي يُمكنك من خلالها أن تُعيدي النظر في جميع أمور حياتك من منظور إيجابي وفعّال، وذلك بناء على توصيات استشارية الطب النفسي الدكتورة لبنى عزام من القاهرة.
راحة النفس مُهمة لإعادة هيكّلة ذاتّك
لا فرحة لمن لا همّ له، ولا لذّة لمن لا صبّر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له؛ ولا شيء أجمل وأفضل من ابتسامة تُكافح اليأس لاستقامة النفس قدر المُستطاع؛ هكذا بدأت دكتور لبنى حديثها، لتؤكد أن الراحة النفسية مرتبطة بمعايير نسبية مسؤول عن كيفية استغلالها الشخص ذاته.
وفي هذا السياق، أوضحت دكتورة لبنى، أن أبرز علامات الراحة النفسية لديكِ هو شعورك بالسعادة الداخلية، والتوافق والتسامح تجاه ذاتك، وإعطائها حق قدرها، والقدرة على استغلال خبراتك الإيجابية اليومية لإعادة هيكلة ذاتك بصفة دورية وبشكل ملموس، لتحفيزها على الاستمرار والتقدم.
راحة النفّس منّبع الطُمأنينة ومصدّر إلهامِك
أضافت دكتور لبنى: أن شعورك بالسكينة الداخلية والطُمأنينة التي قد تشعرُين بها، سيفتح لكِ آفاقًا جديدة لاكتساب الخبرات والمعارف المُختلفة، بالإضافة إلى زيادة مستوى وعيك واستقرارك تبعاً لهذه الخبرات والمعارف. فالراحة النفسية في المُجمل العام تُعبّرعن النفس المُطمئنة المُتكاملة بسلوكها الفطري، لتظهر في الاستجابات السليمة والسويّة للفرد مع ذاته ومُجتمعه، بالإضافة إلى التفاعل المُهم مع المؤثرات المادية، والمعنوية، وانسجامها مع المشاعر والأحاسيس بطريقة سلِسة ومُتناغمة.
راحة النفس ستُرافقك بهذه الأساليب
لاشك أن راحة النفّس مطّلب مُهم لتعايُشك السلّمي مع نفّسك ومُجتمعك، وكل المُحيطين بكِ، لذا تُقدم لكِ دكتور لبنى، أفضل الأساليب للحصول على راحتك واستقرارك النفسي في جميع أمور حياتك، وذلك على النحو التالي:
توقفي عن التفكير في الماضي
لا تسمحي لذكرياتك المؤلمة أن تشغل تفكيرك، وأن تُؤثر على حياتك؛ عيشي حاضّرك، واستغلي الفُرص التي أمامك حتى تبني مُستقبلًا زاهرًا؛ لذا كوني على دراية كاملة بأن وعيِك بالمُشكلة يُعتبر أول خطوة لنسيانها، وتغيير تفكيرك بأمور واقعية وأكثر إيجابية، أو إشغال نفسك بأي أمر كان، أو أن حديثك مع أي شخص قريب مِنك، وذلك عندما تُراودكِ الذكريات المؤلمة أو الأفكار السلبية هي حلول مثالية لا تغفليها أبدًا.
كوني راضية عما تقومين به
إذا أردتِ حقًا أن تحصُلي على الراحة النفسية والسعادة، فيجب آلا تُصغي لإنتقادات أحد أياً كان، وآلا تتأثري بما يقوله الآخرين من كلام سلبي، ففي نهاية المطاف إرضاء الناس غاية لا تُدرك؛ لذا احرصي كل الحرص على القيام بكل الأعمال التي تُحبيها أنتِ والتي ترغبين بها وتُفضليِنها.
كوني راضية بنعم الله سُبحانه وتعالي
توقفي عن مُقارنة ما تمّلُكين بما يملِكّه الناس؛ وتوقفي عن التذمر، والشكوى بقلة الحظّ، فأنتِ أفضل حال من غيرِك، لذا إرضي بنعم الله واشكريه على عطاياه، وإسعي لتحسين ظروف حياتك. كذلك اعلمي أن الحقد، والحسد، والضغينة، والكره؛ كلها مشاعر سلبية تُرهق القلب والروح، ولن تُشعرك بطعم راحة النفس والهناء، طالما أن هذه المشاعر تُسيطر عليكِ، وحاولي أن تُسامحي الناس، واعفي عمن أخطأ بحقك حتى تشعُري بالسلام الداخلي.
خاطبي نفسكّ بعبارات إيجابية
لا شك أن العقل الباطن يتأثر بالكلام الذي نقوله لأنفسنا، لذا حاولي أن تُخاطبي نفسك بعبارات إيجابية؛ على سبيل المثال: أنا أستطيع، أنا سأُغير مجرى حياتي نحو الأفضل، أنا محظوظة؛ فهذه العبارات ستجعلك في حالة نفسية دومًا أفضل.
قراراتِك مرآة شخصيتّك
عبّري عمّا بداخلك، ولا تكتمي مشاعرك، ولا تسمحي للآخرين أن يقرروا عنك، أو يعبثوا بحياتك؛ وتأكدي أنه كلما استطعتِ ترويض نفسِك وقيادتها تجاه الحلول الحكيمة، والقرارات الصائبة المجردة من الانفعالات والغضب، كلما استطعتِ التغلب على المشاعر السلبية والذكريات المؤلمة، والوصول إلى ما تطمحين إليه بأقصر الطرق وبخطوات ثابتة.
ابتسامتك مُفتاح لجذب الأشخاص الإيجابيين
كوني كالمغناطيس لجذب الأشخاص الإيجابيين الذين ينشرون الفرح أينما حلو؛ لذا لا تتخلي عن ابتسامتك التي سترسم ملامحك الطبيعية بعفوية وتلقائية لها من سيُقدرها؛ والأهم تجنبي التعامل مع الأشخاص السلبيين قدر الإمكان، فهم سيزيدون من حزنِك وآلامك من دون أن تشعري بذلك.
وأخيرًا، لا تنسي الاعتذار عند الوقوع في الخطأ، والابتعاد عن العادات السلبية، ومحاولة اكتساب عادات جديدة وإيجابية تُضفي السعادة النفسية على ذاتك، والتصرّف والتفكير في حدود هذه العادة، ومحاولة التخلُق بها؛ وعدم ترقّب الأخبار السيئة، والعيش في حالة الخوف من المجهول.
والأهم رسخي إيمانك بالله وبالقضاء والقدر، من خلال أدائك جميع الفروض، والابتعاد عن جميع النواهي؛ والتقرُب إلى الله بالأعمال الصالحة، والسعي إلى كّسب رضا الله، واستشعار مراقبة الله في السر والعلن؛ فكل ذلك يزرع أساسيات راحة النفس في شخصيتك، للشعور بالهدوء والطمأنينة والسعادة، والتصديق الكامل بأن كل ما تمُرين به هو خير من عند الله.