
رحلة أم قائدة.. من قيادة الشركات إلى ريادة عالم الأمومة
رحلة إنصاف إسماعيل هي شهادة حية على قوة إعادة الابتكار والشغف. بعد حصولها على درجة الماجستير في التسويق، شقت طريقها بنجاح في إدارة العمليات، متجولة في عالم الشركات الدولية سريع الخطى من عام 2011 إلى عام 2014. ومع ذلك، اتخذت الحياة منعطفًا جميلًا مع وصول توأميها في عام 2014، مما دفعها إلى تغيير جذري في أولوياتها.
احتضنت إنصاف دور الأمومة المتفرغة، وانغمست في عالم رعاية الأطفال وعلم نفس الطفل، مكرسة نفسها لتنمية أطفالها. أثبت هذا الغوص العميق في التعلم الذي يركز على الطفل أنه لا يقدر بثمن، حيث شكل نهجها في التربية وأشعل رؤية ريادية جديدة.
في عام 2016، وجهت إنصاف خبرتها المكتسبة وفطنتها التجارية إلى إطلاقمنصة أعادت تعريف "فعاليات الأمهات". أصبحت "فعاليات IIB" مركزًا شهريًا يربط الأمهات بمهن الإعلام والأطباء الرائدين والمصممين المبتكرين. عززت هذه التجمعات علاقات قيمة ووفرت مساحة للتعلم والمشاركة والتمكين.
قصة إنصاف إسماعيل هي قصة تحوّل،تثبت أن الشغف والتفاني والارتباط الحقيقي بالمجتمع يُمكن أن يؤدي إلى نجاح استثنائي... وبمناسبة عيد الأم 2025 استمتعي بحوارنا الممتع معها...

هل واجهتِ تحديًا في "إعادة تعريف النجاح" عند الانتقال من معايير الربح والمؤشرات المالية إلى معايير التأثير الاجتماعي والعاطفي؟
نعم، كان هذا التحول بمثابة رحلة استكشاف عميقة، حيث تطلّب مني إعادة تقييم شاملة لمفهوم النجاح. في عالم الشركات، كان النجاح يُقاس بالأرقام والمؤشرات المالية، بينما في عالم الأمومة، أصبح النجاح مرتبطًا بالتأثير الإيجابي على حياة الآخرين، وخاصة الأمهات. لم يعد النجاح بالنسبة لي مجرد تحقيق الأرباح، بل أصبح مرتبطًا بخلق مجتمع داعم للأمهات، مجتمع يحتفي بقوتهن وقدراتهن. لقد تعلمتُ أن النجاح الحقيقي يكمن في القدرة على إحداث فرق في حياة الأمهات، في مساعدتهن على تجاوز التحديات والشعور بالدعم والتقدير. هذا التحول لم يكن سهلاً، فقد تطلب مني التخلي عن بعض المعتقدات والقيم التي كنت أؤمن بها، وتبني منظور جديد للنجاح.
ما الذي لم تُخبرك به قيادة الشركات عن قيادة عالم الأمومة؟
تركز قيادة الشركاتعلى التخطيط الاستراتيجي والتحليل والتحكم، بينما قيادة عالم الأمومة تتطلب المرونة والقدرة على التكيف مع المتغيرات المستمرة. لقد تعلمتُ أن الأمومة هي رحلة لا يمكن التنبؤ بها، وأن أفضل الخطط قد تتغير في لحظة. تعلمتُ أن أكون أكثر صبرًا وتفهمًا، وأن أتعامل مع التحديات بروح إيجابية ومرونة. بالإضافة إلى ذلك، لم تُخبرني قيادة الشركات عن قوة الحب والعاطفة التي تدفع الأمهات إلى بذل أقصى جهودهن من أجل أطفالهن. لقد تعلمتُ أن الحب هو أقوى دافع في العالم، وأن الأمومة هي تجسيد لهذا الحب. كما أن قيادة الشركات لا تُعد الفرد لتقبّل فكرة فقدان السيطرة، وهو أمر ملازم للأمومة.
كيف استخدمتِ مهاراتك في صناعة قراركِ لبناء مشروعٍ يُعنى بالتفاصيل الإنسانية الصغيرة للأمهات؟

لقد استخدمتُ مهاراتي في التحليل والتخطيط الاستراتيجي لتحديد احتياجات الأمهات وتصميم خدمات تلبي هذه الاحتياجات. لقد أجريتُ دراسات وأبحاثًا لفهم التحديات التي تواجه الأمهات، واستخدمتُ هذه المعلومات لتطوير حلول مبتكرة وفعالة. بالإضافة إلى ذلك، استخدمتُ مهاراتي في التواصل والإقناع لبناء فريق عمل ملتزم ومتحمس، ولإقامة شراكات مع مؤسسات ومنظمات تدعم الأمهات. لقد تعلمتُ أن النجاح في بناء مشروع إنساني يتطلب مزيجًا من المهارات التحليلية والإنسانية. كما أنني وظفتُ خبرتي في إدارة المشاريع لتنظيم العمل وتحديد الأولويات، مع الحفاظ على المرونة اللازمة للتعامل مع المتغيرات.
ما أكثر ثغرة غير مُلاحظة في عالم الأمومة اليوم، قررتِ أن تُركّزي عليها؟
أعتقد أن أكثر ثغرة غير مُلاحظة في عالم الأمومة اليوم هي نقص الدعم العاطفي والنفسي للأمهات. غالبًا ما تركز المجتمعات على الجوانب المادية للأمومة، مثل توفير الرعاية الصحية والغذاء، ولكنها تُهمل الجوانب العاطفية والنفسية. الأمهات بحاجة إلى الشعور بالدعم والتقدير، وبحاجة إلى من يستمع إليهن ويتفهم مشاعرهن. لقد قررتُ أن أركز على توفير هذا الدعم العاطفي والنفسي للأمهات، من خلال إنشاء مجتمع داعم يوفر لهن مساحة للتعبير عن أنفسهن ومشاركة تجاربهن. هذا النقص في الدعم العاطفي غالبًا ما يؤدي إلى شعور الأمهات بالعزلة والإرهاق، مما يؤثر سلبًا على صحتهن النفسية والجسدية.
كيف تُعيدين تعريف "القيادة الأنثوية" من خلال عدسة الأمومة، خاصةً في مجتمع قد يفصل بين "المرأة القائدة" و"الأم"؟
أعتقد أن القيادة الأنثوية تتجسد في القدرة على الجمع بين القوة والحنان، بين العقل والقلب. الأمومة هي تجسيد لهذه القدرة، فالأم هي قائدة في منزلها، وهي قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة وفي الوقت نفسه تقديم الحب والرعاية لأطفالها. أعتقد أن القيادة الأنثوية تتميز بالتعاطف والتواصل الفعال والقدرة على بناء العلاقات الإيجابية. هذه الصفات ضرورية للنجاح في أي مجال، سواءً كان في عالم الشركات أو في عالم الأمومة. يجب على المجتمع أن يتوقف عن الفصل بين "المرأة القائدة" و"الأم"، وأن يعترف بأن الأمومة هي قوة وليست ضعفًا.
ما أغرب فكرة طرحتيها في مشروعكِ الجديد، ورفضها الآخرون في البداية، لكنها نجحت؟

أغرب فكرة طرحتها كانت إنشاء مجموعة دعم للأمهات عبر الإنترنت. في البداية، اعتقد الكثيرون أن الأمهات ليس لديهن الوقت أو الرغبة في المشاركة في مجموعات دعم عبر الإنترنت. ولكن مع مرور الوقت، أثبتت هذه الفكرة نجاحها الكبير. أصبحت مجموعة الدعم عبر الإنترنت مكانًا آمنًا للأمهات للتعبير عن أنفسهن ومشاركة تجاربهن والحصول على الدعم من الأمهات الأخريات. لقد تعلمتُ أن الأفكار الجريئة والمبتكرة قد تواجه مقاومة في البداية، ولكنها قد تحقق نجاحًا كبيرًا إذا كانت تلبي احتياجات حقيقية.
كيف تُعرِّفين "التمكين الحقيقي" للأمهات في عصر تتضارب فيه النصائح وضغوط "الكمال الأمومي"؟
التمكين الحقيقي للأمهات يكمن في منحهن الثقة في قدراتهن، وفي مساعدتهن على اتخاذ القرارات التي تناسبهن وتناسب أسرهن. يجب أن نتوقف عن تقديم النصائح المتضاربة للأمهات، وأن نساعدهن على تطوير قدراتهن ومهاراتهن. يجب أن نساعد الأمهات على التخلص من ضغوط "الكمال الأمومي"، وأن نذكرهن بأن الأمومة هي رحلة مليئة بالتحديات والتعلم. يجب أن نساعد الأمهات على الشعور بالرضا عن أنفسهن وعن أدوارهن كأمهات. التمكين الحقيقي يعني أيضًا توفير الموارد والدعم اللازمين للأمهات لتحقيق أهدافهن، سواءً كانت مهنية أو شخصية.
كيف تُوازنين بين الحدس الأمومي الذي قد يكون شخصيًا والمنهجية الاحترافية عند تصميم خدماتكِ؟
أعتقد أن الحدس الأمومي والمنهجية الاحترافية يكملان بعضهما البعض. الحدس الأمومي يساعدني على فهم احتياجات الأمهات على مستوى شخصي، بينما المنهجية الاحترافية تساعدني على تصميم خدمات فعالة ومبتكرة. أحرص دائمًا على الاستماع إلى حدسي الأمومي، ولكني أيضًا أحرص على استخدام البيانات والأبحاث لاتخاذ قرارات مستنيرة. أعتقد أن أفضل القرارات هي تلك التي تجمع بين الحدس والعقل.
ما التكنولوجيا أو الأداة غير التقليدية التي تعتقدين أنها ستُحدث ثورة في دعم الأمهات خلال العقد القادم؟

أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيكون له دور كبير في دعم الأمهات خلال العقد القادم. يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير تطبيقات ومواقع ويب توفر للأمهات معلومات ونصائح مخصصة، ويمكن استخدامه لتطوير روبوتات الدردشة التي تقدم الدعم العاطفي للأمهات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الواقع الافتراضي والواقع المعزز لإنشاء تجارب تعليمية وتفاعلية للأمهات والأطفال.
ما أغلى درس تعلمتهِ من أطفالكِ، غيّر مساركِ المهني بالكامل؟
أغلى درس تعلمته من أطفالي هو أهمية الحب والعاطفة في الحياة. لقد تعلمتُ أن الحب هو أقوى دافع في العالم، وأن الأمومة هي تجسيد لهذا الحب. هذا الدرس غير مساري المهني بالكامل، وجعلني أركز على بناء مشروع إنساني يهدف إلى دعم الأمهات ومساعدتهن على الشعور بالحب والتقدير. لقد تعلمتُ أيضًا من أطفالي أهمية الصبر والمرونة، وهي صفات ضرورية للنجاح في أي مجال.
هل تشعرين أن الهوية الشخصية "كأم" أصبحت جزءًا من علامتك التجارية؟ وكيف تتعاملين مع تداخل الحدود بينهما؟
بالتأكيد، هويتي كأم هي جزء لا يتجزأ من علامتي التجارية. أؤمن بأن الأصالة والشفافية هما مفتاح النجاح في بناء علامة تجارية قوية. أحرص دائمًا على مشاركة تجاربي كأم مع جمهوري، وأؤمن بأن هذا يساعدني على بناء علاقة ثقة معهم. ولكن في الوقت نفسه، أحرص على الحفاظ على خصوصيتي وحماية أطفالي من الأضواء.
أتعامل مع تداخل الحدود بين هويتي كأم وعلامتي التجارية من خلال وضع حدود واضحة. أحرص على عدم مشاركة أي معلومات شخصية حساسة عن أطفالي، وأتأكد من أن المحتوى الذي أشاركه يتوافق مع قيم علامتي التجارية. كما أنني أحرص على تخصيص وقت كافٍ لأطفالي وعائلتي، وأتجنب العمل في أوقات الراحة.أؤمن بأن مشاركة تجاربي كأم تساعدني على التواصل مع جمهوري على مستوى شخصي، وتجعل علامتي التجارية أكثر إنسانية. ولكن يجب أن أحرص على عدم السماح لهويتي كأم بأن تطغى على علامتي التجارية، وأن أحافظ على التوازن بينهما.
إذا كتبتِ كتابًا عن رحلتك، ما العنوان الذي سيُلخص التناقض الجميل بين قيادة الشركات وقيادة الأمومة؟

أعتقد أن العنوان الأنسب سيكون "من قاعات الاجتماعات إلى ساحات اللعب: رحلة أم قائدة". هذا العنوان يلخص التناقض الجميل بين عالم الشركات وعالم الأمومة، ويسلط الضوء على رحلة التحول التي مررت بها.