
الكاتبة والمهندسة الإماراتية "صالحة عبيد" لـ"هي".. التمكين فتح أمام المرأة أبوابًا غير تقليدية ساعدتها في التعمق أكثر في ذاتها
في أجواء فنية مميزة، نظم بيت النابودة بقلب الشارقة الإماراة الباسمة، ندوة ثقافية تحت عنوان "المرأة والأدب"، وذلك بمناسبة يوم المرأة الإماراتية الذي يُحتفى به في 8 مارس من كل عام. وقد شهدنا جلسة حوارية غنية بالمعرفة مع الكاتبة الإماراتية والمهندسة المبدعة صالحة عبيد، صاحبة الأسلوب الراقي في الكتابة، حيث تحدثت عن تطور الكتابة الأدبية للمرأة الإماراتية، وتجربة الكتابة القصصية الخاصة بها. وفي هذه المناسبة، كان لنا هذا اللقاء المميز معها.
من هي صالحة عبيد؟
صالحة عبيد هي كاتبة إماراتية من مواليد الشارقة عام 1988، تخرجت من جامعة الشارقة وحصلت على درجة البكالوريوس في الهندسة الإلكترونية. ورغم انشغالها في مجال الهندسة الإلكترونية، فإنها استطاعت أن تبرز كإحدى أبرز الأسماء الأدبية في الإمارات، حيث أصدرت العديد من المجموعات القصصية والروايات، أبرزها "زهايمر" (2010) التي ترجمت إلى اللغة الألمانية، و"خصلة بيضاء بشكل ضمني" (2016).
فازت بالعديد من الجوائز الأدبية، منها المركز الثالث في جائزة التبادل الإماراتي الإيطالي في القصة القصيرة (2013)، وجائزة العويس للإبداع عن كتابها "خصلة بيضاء بشكل ضمني" (2016)، كما حصلت على جائزة الإمارات للشباب في مجال الثقافة والكتابة الأدبية (2017). وهي أيضًا عضو مؤسس لمجموعة "نون الشباب" في ندوة الثقافة والعلوم، وعضو في هيئة تحرير مجلة "بيت سرد" التابعة لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات. كما تكتب عمودًا ثابتًا في جريدة "رؤية" الإماراتية تحت عنوان "شقائق حلم".

كيف بدأ عندك حب الكتابة؟
بدأت رحلتي مع الكتابة وأنا في المرحلة الابتدائية حيث كان خطي سيئًا، ولذلك كان يقع على عاتقي مهمة أساسية يومية لتحسين الخط، ألا وهي كتابة 3 نصوص من الجريدة ثلاث مرات يوميًا. كنت اختار النصوص والقصص القصيرة الموجودة بآخر صفحات الجريدة حيث كانت متنوعة ومن كل مكان في العالم. من هنا بدأ شغفي بالكتابة والقصص القصيرة حيث بدأت في زيارة المكتبة لاختيار القصص القصيرة لقرائتها إلى أن تشجعت وبدأت بخلق شخصيات عديدة من خلال كتابة القصص.
ماذا عن دراستك للهندسة الإلكترونية؟
الهندسة بالنسبة لي هي أمر مرتبط بتكريس وجودي كامرأة في مجال غير تقليدي، وأود أن أركز على هذه الجزئية بمناسبة يوم المرأة العالمي، إذ كان لابد من دراسة تخصص أثبت به ذاتي، وأضاعف دوري في المجتمع ككاتبة وكمهندسة أيضًا.
هل تأثرت كتاباتك بالكاتبات الأخريات في تاريخ المرأة والأدب؟
الكاتبات الإماراتيات في الجيل الاول والثاني كتبن بأسماء مستعارة، ولكن مع دعم وتشجيع القيادة الرشيدة لدور المرأة في المجتمع، والعمل على تمكينها أكثر، بدأن بكتابة أسمائهن، فبمجرد أنهن موجودات ومنطلقات في الفضاء، ومحققات نجاحات في الفضاء العام، فأنا أتأثر بهن. كما أن لهن الفضل في تمهيد الطريق لي ولغيري الطريق.
وبشكل خاص فأنا أحمل امتنانًا كبيرًا للكاتبة "مريم جمعة" رحمها الله تعالى، وهي كاتبة إماراتية، وقد قابلتها صدفة في مركز تجاري، وأوصتني بالاستمرار في الكتابة بعد ما أشادت بقصتي "زهايمر".
ومن الكاتبات اللاتي أحمل لهن الكثير من التقدير على المستوى العمل الفني والإبداعي الكاتبة، "سلمى مطر سيف"، فهي تكتب بطريقة فارقة ومختلفة وجميلة، وأيضًا "مريم الساعي" وهي كاتبة جميلة ورقيقة ورائعة، وذلك على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى غير ذلك من الكاتبات في الخليج العربي، مثل "أميمة الخميس" فأنا مفتونة جدًا برواية بحريات.

هل واجهت أي تحديات في مجال الكتابة؟
على صعيد وجودي ككاتبة إماراتية لم تكن لدي أي تحديات سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع، لأن حضور المرأة الإماراتية القوي في الأدب مهد لدخولي مجال الكتابة، أتوقع أن التحدي الحقيقي لي ككاتبة هو ما الذي أريد أن أقوله وكيف أقوله، وكيف سيكون رد فعل المجتمع. هل هذا مسموح أم غير مسموح؟، والهدف هو تفاعل المجتمع معنا ومع ما نتناوله ككاتبات معاصرات لكل ما يحدث في المجتمع.
ما هي نصيحتك للكاتبات الإماراتيات حديثات العهد في عالم الأدب والكتابة؟
نصيحتي لهن بأن يخرجن من الحيز الضيق إلى الحيز الأوسع بالسفر وحرية التنقل من مكان إلى آخر والتفاعل في شخصيات الواقع، والتجول بين الناس ففي الخروج إلى الأماكن المفتوحة، ومراقبة أفعال الناس كثير من الإلهام لخلق شخصيات متنوعة. أنصحهن بضرورة الاهتمام بتطوير الذات وإثراء النفس بالعلم والقراءة، لأن تأثيرها تراكمي يغير الشخصية للأفضل. وأقول لهن أنهن لن يستطعن الكتابة الجيدة بدون القراءة ولن تستمر كتاباتهن بدونها.
ما الذي اكتشفته في ذاتك من خلال عملك ككاتبة وكمهندسة؟
اكتشفت من خلال عملي ككاتبة أني أميل أكثر إلى التكثيف وليس الاسترسال، بمعنى أني أريد التوضيح بعبارات أقصر وأكثر إيضاحًا. وأني صبورة وقادرة على التحدي والإيجار. أكتشفت من خلال عملي كمهندسة أن شخص أميل دائمًا إلى رؤية حياتي منظمة وغير خارجة عن السيطرة.
إلى مدى ساهم التمكين في علو وارتقاء المرأة الإماراتية؟
أتذكر أني ومنذ بداية تفتح الوعي بالنسبة لي كصالحة عبيد على المستوى الشخصي، دائمًا أرى دولة الإمارات العربية المتحدة متمثلة بالمؤسس صاحب السمو المغفور له باذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان داعمة للمرأة الإمارات الحاضرة في كل المجالات، كطبيبة، وكمعلمة، وكمهندسة، وغير ذلك. لذا أتوقع أن هذا الجيل الذي نشأ في ظل القيادة الرشيدة الحكيمة ساهم في منح المرأة الإماراتية الفرصة لطرق أماكن غير مألوفة والذهاب إلى حيز لم تذهب إليه غيرها من النساء في منطقة الخليج العربي. التمكين هو دراسة للحالة الموجودة بالفعل في المجتمع الإماراتي، حيث أن المرأة الإماراتية نصف المجتمع ليس فقط إيجازًا ولكن حقيقة وبالمعنى الحرفي، لأن نسبة الإناث أكبر من نسبة الذكور. كما أن دعم الدولة للمرأة الإماراتية يعد دافعًا كبيرًا لرؤية نفسها في أماكن غير تقليدية، والدخول فيها بلا خوف أو تردد، الأمر الذي يساعدها على النجاح والتميز.
ماذا تقولين للمرأة في يوم المرأة العالمي؟
أقول لها افتخري بكونك امرأة، وناضلي من أجل الحصول على ما تستحقينه من تقدير، واحتفي بنفسك وأحبي ذاتك، وطوري من نفسك، وانتهزي كل هذا الدعم المقدم لكِ للارتقاء بنفسك أكثر وأكثر، وتذكري أنكِ كامرأة عاملة أو كربة منزلة وأم راعية ومسؤولة تستحقين الأفضل دائمًا.