
لنجاح أكثر أصالة وصلابة.. اعتمدي على هذه المهارات والأدوات لصناعة معاييركِ الخاصة
تصوّري أنكِ تبني منزلكِ بيديكِ، تختارين كل تفصيلة بحرص "لون الجدران الذي يُهدئ روحكِ، والنوافذ التي تتناغم مع ضوء شمسكِ المفضل، والحديقة التي تعكس ذوقكِ الفريد. لكن ماذا لو اكتشفت فجأة أنكِ تتبعّي مخططًاهندسيًا لم تختريه؟ أن الأبواب مرسومة لشخص آخر، والغرف صُممت لتحكي قصة لا تشبهكِ؟
هذا بالضبط ما يحدث حين نعيش النجاح بمعايير مُستعارة من المجتمع، العائلة، أو حتى ضوضاء العالم الافتراضي. نجتهد في تسلق سلالم لا تؤدي إلى سقفنا، ونلهث خلف أرقام وألقاب تلمع كالذهب، لكنها تتحول إلى رمال متحركة تحت أقدامنا.
النجاحُ الحقيقي ليس "وصفة جاهزة" تُقدم على طبقٍ ذهبي؛ بل هو رحلة استكشافية داخلية، حيث تصنعّين بوصلةأهدافكِ من خامات أحلامكِ، وتختبرين معاييركِ في مختبر قيمكِ. قد تكون بوصلتكِ مغناطيسها "الإبداع" بدلًا من "المنصب"، أو "التأثير" بدلًا من "الثراء"، أو ربما "الهدوء الداخلي" بدلًا من "الضجيج الخارجي".
هنا، في هذا العالم، ستتحولين من مُتفرجٍة على نجاحات الآخرين إلى فنانة ترسم ملامح إنجازاتها بيديها. ستتعلمين كيف تسحبين القناع عن المعايير المُزيفة التي توارثتيها من دون وعي، وتصوغين "مكعبات نجاحكِ" من ذهبِ أصالتكِ، لا من قوالب المجتمع، وتصنعين مقياسًا للفوزِ ينبض برضاكِ أنتِ، لا بتهليلِ العالم من حولكِ.
من هذا المنطلق، سنُطلعكِ عبر موقع "هي" على خطوات عملية لمساعدتكِ ومهارات يجب عليكِ أن تكتسبيها لصناعة معاييرك الخاصة بنجاحكِ؛ بناءً على توصيات أخصائية تعديل السلوك وتطوير الذات الدكتورة عليا محمد من القاهرة.
خطوات عملية لمساعدتكِ على صناعة معايير نجاحكِ الخاصة بكِ

وبحسب دكتورة عليا، تتطلب صناعة معايير نجاح أي امرأة أو فتاة الخاصة بها بدلًا من اتباع تلك المفروضة عليها من المجتمع وعيًا ذاتيًا وشجاعة لتعريف ما يُهمها حقًا. إليكِ خطوات عملية لمساعدتك في ذلك:
اكتشفي قيمكِ الأساسية
اسألي نفسكِ "ما الذي أعتبره مهمًا في حياتي؟" مثل "الإبداع، الحرية، العائلة، المساهمة المجتمعية، النمو الشخصي". اكتبي قائمة بالقيم التي تشعرين أنها تعكس هويتكِ، ورتبيها حسب الأولوية. على سبيل المثال "إذا كان التعلم المستمر قيمة أساسية لكِ، فقد يكون النجاح هو إتقان مهارة جديدة كل عام بدلًا من الحصول على ترقية وظيفية.
حددّي أهدافًا شخصية مُلهمة
صياغة أهداف تنبع من رغباتكِ الداخلية، وليس من توقعات الآخرين. يُمكنكِ أن استخدمي أسئلة مثل: "ماذا سأفعل لو لم يكن أحد يراقبني أو يُقيّمني؟، ما الذي يجعلني أشعر بالفخر حقًا؟. على سبيل المثال: "هدفكِ قد يكون السفر لتجربة ثقافات جديدة بدلًا من شراء منزل فاخر".
أعيدي تعريف "النجاح" بمفردكِ
استبدلي المقاييس الخارجية مثل "الدخل، المنصب، الممتلكات" بمقاييس داخلية "الرضا الذاتي" واسالي نفسكِ "هل أشعر بالسلام مع خياراتي؟، هل أحقق توازنًا بين جوانب حياتي المختلفة؟، هل أساهم في تحسين حياة الآخرين أو البيئة؟.
توقّفي عن المقارنة الاجتماعية
يعتمد المجتمع على المقارنة مثل "صديقتي تزوجت قبلني"، وهنا ذكّري نفسكِ أن كل شخص يسير في رحلته الفريدة. كما يمكّنكِ أن تُقللي من تعرضكِ لوسائل التواصل الاجتماعي إذا كانت تُشعركِ بعدم الكفاية.
تقبلّي التغيير وكّوني مرنة

تأكدي أن معايير النجاح الشخصية ليست ثابتة. قد تتغير أولوياتكِ مع مرور الوقت مثل"الانتقال من التركيز على العمل إلى التركيز على العائلة". وهنا خصصّي وقتًا كل عام لمراجعة قيمك وأهدافك وتعديلها إذا لزم الأمر.
احتفلّي بالإنجازات الصغيرة
اكتبي قائمة بالإنجازات التي تشعرين أنها مهمة لكِ، حتى لو بدت بسيطة للآخرين مثل"إنهاء كتاب، تعلّم الطبخ، التغلّب على مخاوف". كذلك تأكدي أن نجاحكِ قد يكون التعبير عن رأيكِ بصراحة في موقف صعب، وليس الفوز بمنافسة.
ابّني نظام دعم يُشجع اختياراتكِ
اختاري أشخاصًا يدعمون رؤيتكِ للنجاح "أصدقاء، مرشدين، مجموعات ذات اهتمامات مشتركة"؛ كذلك ابتعدي عن الأشخاص الذين يفرضون عليكِ معاييرهم باستمرار.
تعامّلي مع الفشل كجزء من الرحلة
ارفضي فكرة أن "النجاح خط مستقيم". الفشل قد يكون مؤشرًا على أنك تجرّبين أشياء جديدة وتتحدّين نفسكِ. وهنا اسألي نفسكِ بعد أي تجربة " ماذا تعلمت؟" بدلًا من "هل نجحت أم لا؟".
اسألي نفسكِ هذا السؤال الجوهري
إذا نظرتِ إلى حياتي من لحظة وفاتي، ما الذي أريد أن أتذكره أو أندم على عدم فعله؟. الإجابة على هذا السؤال تكشف المعايير الحقيقية التي يجب أن تعيشي وفقًا لها.
تذكري دومًا
النجاح الحقيقي هو أن تعيشي حياة تشعرين أنها خاصة بكِ، وليس نسخة مكررة من توقعات الآخرين. كلما ابتعدتِ عن معايير المجتمع، اقتربتِ من تحقيق ذاتكِ.
مهارات لا غنى عنها لصناعة معايير النجاح الخاصة بكِ

وأضافت دكتورة عليا، تستلزم صناعة معايير النجاح الخاصة بكِ توافر مجموعة من المهارات الشخصية والاستراتيجيات التي قد تساعدكِ على تحديد أهدافكِ وقياس تقدمكِ بشكل فعّال. إليك أهم المهارات والخطوات لتحقيق ذلك:
مهارات التحليل الذاتي (Self-Awareness)
- التعرف على القيم الشخصية: حددّي ما هو مهم لكِ في الحياة مثل "الإنجاز المهني، التوازن بين العمل والحياة، الإبداع، العلاقات... إلخ".
- تقييم نقاط القوة والضعف: استخدمي أدوات مثل" تحليل SWOTلمعرفة نقاط القوة، الضعف، الفرص، التهديدات" وفهم قدراتكِ.
- الاستماع إلى الحدس:اعرفي متى تشعرين بالرضا أو الإحباط في مواقف معينة لتصميم معايير تناسب طبيعتكِ.
مهارة تحديد الأهداف (Goal-Setting)
- استخدمي نموذج SMART
- محدد (Specific) مثلًا "أريد تطوير مهاراتي في البرمجة" بدلاً من "أريد أن أكون أفضل".
- قابل للقياس (Measurable) حددّي مؤشرات مثل "إكمال 3 دورات في Python خلال 6 أشهر".
- قابل للتحقيق (Achievable) تأكدي من أن الأهداف واقعية مع مواردكِ الحالية.
- ذو صلة (Relevant) اربطّي الأهداف بقيمكِ ورؤيتكِ طويلة المدى.
- محدد بزمن (Time-Bound) ضعّي مواعيد نهائية لزيادة الالتزام.
مهارة التفكير النقدي (Critical Thinking)
- تحليل المعايير الخارجية: لا تتبنّي معايير النجاح المجتمعية من دون تمحيص مثل"الثروة أو المنصب". اسألي نفسكِ "هل هذا مهم لي حقاً؟".
- التفريق بين النجاح الظاهري والنجاح الحقيقي: على سبيل المثال "هل الشهادة الجامعية هي مقياسكِ للنجاح، أم التطبيق العملي للمعارف؟".
مهارة إدارة الوقت والأولويات (Time Management)
- مصفوفة الأولويات "مصفوفة آيزنهاور": رتبّي المهام حسب الأهمية والعجلة.
- التركيز على النتائج: لا تقيسي النجاح بعدد الساعات التي تعمليها، بل بما تحققيه من تقدم ملموس.
مهارة المرونة والتكيف (Adaptability)

- تعديل المعايير حسب الظروف: قد تتغير أهدافكِ مع مرور الوقت، وهذا جزء من النمو.
- التعلم من الفشل: اجعلّي "التجربة والخطأ" جزءًا من معاييركِ، وليس عائقًا.
مهارات التواصل والتفاوض
- وضوح الرؤية:تعلّمي شرح معايير نجاحكِ للآخرين مثل "فريق العمل أو العائلة" لتجنب الصراعات.
- الحدود الشخصية:حددّي ما ستتقبليه وما ترفضيه لتحقيق أهدافكِ من دون إرهاق نفسكِ.
مهارة التعلم المستمر (Continuous Learning)
- تطوير المهارات: النجاح غالبًا ما يرتبط بالقدرة على التطور. مثلًا "تعلّمي مهارات جديدة أو تحديث المعرفة في مجالكِ.
- التغذية الراجعة: اطلبي آراء الآخرين لقياس تقدمكِ وتعديل المعايير عند الحاجة.
مهارة قياس النجاح كميًا ونوعيًا
- المؤشرات الكمية: مثل "الدخل، عدد المشاريع المكتملة، المتابعين".
- المؤشرات النوعية مثل "الرضا الذاتي، جودة العلاقات، التوازن النفسي".
مهارة بناء نظام دعم (Support System)
- الشبكات المهنية والاجتماعية: أحيطّي نفسكِ بأشخاص يُلهمونكِ ويدعمون معاييركِ.
- المُرشدين (Mentors) : اطلبي مشورة من خبراء نجحوا في مجالات مشابهة.
مهارة التوازن بين الطموح والواقعية
- تجنب المثالية المفرطة: النجاح الحقيقي لا يعني الكمال، بل التقدم المستمر.
- الاحتفاء بالإنجازات الصغيرة: لا تنتظري تحقيق الهدف النهائي لتشعري بالرضا.
أدوات مهمة لصناعة معايير النجاح الخاصة بكِ

أكدت دكتورة عليا، أن النجاح ليس مسارًا واحدًا، بل هو تعريف شخصي يتغير مع تطوركِ. الأهم أن تكون معاييركِ مُلهمة لكِ وليس للآخرين؛ لذا لا تتخلي عن هذه الأدوات:
- اكتبّي رؤيتكِ الشخصية "كيف تريدين أن تكون حياتكِ بعد 5 سنوات؟
- قسّمي الأهداف الكبيرة إلى خطوات صغيرة.
- استخدمي أدوات التتبع مثل "الجورنال اليومي، تطبيقات إدارة المهام Trello Notion.
- راجعّي معاييركِ كل 3-6 أشهر وقومي بتعديلها حسب التغيرات.