فوبيا الطعام.. خوفٌ من الأكل قد يؤدي لمشاكل صحية خطيرة
من المعقول والمقبول أن يخاف المرء من أشياء كثيرة في حياته، مثل الخوف من الظلام أو المرتفعات أو الخوف من الحيوانات أو حتى الأماكن المغلقة. لكن أن يخاف الإنسان من تناول الطعام، فهو خوفٌ غريبٌ وغير مألوف صراحة، لكنه للأسف موجود ويعاني منه شريحة كبيرة من الناس حول العالم خاصة الأطفال الصغار.
وفوبيا الطعام أو الرهاب، هذا العنوان الذي بدأنا به موضوعنا اليوم، مشكلة نفسية غير منطقية لا تتوقف عند الحالة النفسية فقط وإنما تتخطاها للوصول إلى التأثير السلبي الشديد على صحة من يعاني منها.
وبحسب الدكتورة أحلام كايد، أخصائية علم النفس السريري في مدينة الشيخ شخبوط الطبية بالشراكة مع مايو كلينك، فالرهاب هو خوفٌ عميق غير منطقي أو عقلاني من شيء أو موقف معين؛ فإذا أصيب شخص ما بالخوف من الطعام أو رهاب (سيبوفوبيا) كما يُطلق عليه غالبًا، فإنه يربط ما بين طعام أو مجموعة معينة من الأطعمة وعدم الإرتياح أو الشعور بالمرض، فيتداخل هذا الخوف مع حالة جسده الصحية ويؤثر على أدائه اليومي.
مضيفة أن المصاب بهذا المرض، يعمد إلى تجنب تناول تلك الأطعمة، وهنا تكمن المشكلة في حال كانت تلك الأطعمة تحتوي على نسبة عالية من العناصر الغذائية التي تمدَ الجسم بالطاقة وتساعده في الإستمرار بالحركة أو العمل، حينها يمكن أن يتعرض المريض للإصابة بأمراض صحية مصاحبة أخرى.
العلاقة بين فوبيا الطعام وفقدان الشهية
كثيراً ما يخلط الناس بين رهاب الطعام وفقدان الشهية، لكن الفرق واضحٌ بينهما بشكل كبير. فالشخص الذي يعاني من فقدان الشهية، يخشى من تناول الطعام لتجنب زيادة الوزن؛ في حين أن المصاب بفوبيا الطعام يخشى من الطعام نفسه.
حتى أن بعض الأشخاص الذين يعانون من أنواع معينة من اضطرابات الأكلـ، قد يصابون أيضاً بحالة تسمى رهاب الإختناق، وفيها يخشى المرء من ابتلاع الطعام بسبب الخوف الشديد من التعرض للإختناق أثناء تناول الأكل، بحسب ما أفاد موقع "العربية.نت" نقلاً عن العديد من الدراسات.
ما هي أسباب فوبيا الطعام
ما زال السبب الدقيق والواضح لفوبيا الطعام غير معروف حتى الآن، مثله مثل باقي أنواع الرهاب الأخرى. لكن دراسات ونظريات عدة تشير إلى إمكانية تطور الرهاب عندما يتم الجمع بين أشياء أو مواقف معينة مع حلقة من تجربة عاطفية أو صدمات معينة؛ منها على سبيل المثال، إجبارالشخص المصابعلى تناول أطعمة معينة يكرهها، ما يثير لديه الخوف من الطعام الموجود فيها. كما يمكن أن يعاني الشخص من رهاب الطعامفي حال تعرض لتقلصات عضلية مؤلمة بعد الأكل أو البلع.
وتقول الدكتورة كايد أنه عادةً ما يرتبط رهاب السيبوفوبيا ببعض اضطرابات الهضم، نتيجة التقيد بتناول صنف واحد معين من الطعام ما يُدخل الجسم عندها في مشاكل الهضم، ويبدأ المريض بالمعاناة من الغثيان وربما القيء مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.وكلما ازداد التقيد بنوع واحد من الطعام، يفقد الجسم قدرته على هضم أطعمة معينة، وإذا تُركت الحالة دون علاج ستتسبب بضعف كبير للجسم، إضافة إلى احتمال الإصابة بحالة من الوسواس وسوء التغذية والوصمة الإجتماعية وربما أكثر من ذلك.
أنواع وأعراض فوبيا الطعام
تشمل أنواع السيبوفوبيا الخوف من التالي:
- جميع أنواع الأطعمة والمشروبات تقريبًا.
- الأطعمة القابلة للتلف، مثل المايونيز،الفاكهة والحليب حيث يعتقد مرضى الرهاب أنها فاسدة بالفعل.
- الأطعمة غير المطبوخة جيداً لما تسببه من ضرر للجسم.
- الإفراط في تناول الأطعمة لأنها قد تُسبب حرقة بالمعدة أو جفاف.
- الأطعمة الجاهزة أو الأطعمة التي لم يتم تحضيرها وطهيها أمام أعينهم.
- الأطعمة التي تحتاج للمضغ جيدًا، لاعتقادهم أن الأطعمة يمكن أن تخنقهم وتؤدي بحياتهم أثناء البلع.
- قوام أنواع معينة من الطعام، الذي يشبه المواد اللاصقة أو الإسفنج.
- هوس غير طبيعي بقراءة ملصقات الطعام.
- جميع الأطعمة الحيوانية الذي يصاحبه ضغط فسيولوجي شديد.
كما أن هناك حالات أخرى من رهاب الطعام منها الإدراك المفرط لتواريخ انتهاء صلاحية الأطعمة وربطهاببعض مشاكل المعدة التي حدثت لها في وقت سابق.
وفوبيا الطعام يمكن أن تُولَد العديد من الأعراض المتفاوتة بين الخفيفة والشديدة ومنها:
- نوبات الذعر.
- التعرق والدوار والإعياء.
- ضيق التنفس وعدم انتظام ضربات القلب أو تسارعها.
- غثيان ورجفة.
- الهبات الساخنة.
فوبيا الطعام وعلاقتها بالذبحة المعوية
أجرى الفريق الطبي بمدينة الشيخ شخبوط الطبية، عملية جراحية ناجحة لمواطنة إماراتية كانت تعاني من إقفار المساريق المزمن أو ما يُعرف بالذبحة المعوية.
وتحدث الذبحة المعوية عند الضيق الشديد أو الإنسداد الكامل لشرايين الأمعاء مما يمنع تدفق الدم، مسببةً الغثيان والحمى والألم الشديد في غضون دقائق قليلة من تناول الطعام. ويتسبب رهاب الطعام بهذه الحالة جراء عزوف المريض عن تناول الطعام لخوفه من الألم الذي يليه؛حيث يحدث ذلك بمجرد أن يشم المريض رائحة الطعام، وتستعد أمعائه لتناوله، ولكن بسبب عدم توفر إمدادات الدم الكافية إلى الأمعاء، يمتنع المريض عن تناول الطعام مما يؤدي عادةً إلى فقدان الوزن، وبالأخص في حالة هذه المريضة التي أوصلها المرض إلى مرحلة خطيرة من فقدان الوزن.
وعلَق الدكتور محمد باجنيد، استشاري ورئيس قسم جراحة الأوعية الدموية في مدينة الشيخ شخبوط الطبيةعلى العملية قائلاً: "الذبحة المعوية تشابه الذبحة الصدرية، ولكنها تحدث في الأمعاء، وإذا تأخرت هذه المريضة عن دخول المستشفى في غضون أسبوع، فكانت ستعاني من أمعاء ميتة. ولسوء الحظ يعاني الكثيرون من نفس الحالة، ولكن عادةً ما يأتي تشخيصهم متأخراً، بسبب صعوبة تحديد سبب الألم في البداية، وبالتالي يتعرض المريض لمضاعفات سوء التغذية. وعندما يسعون للعلاج في مراحل متأخرة فقد يصابون بالغرغرينا (موت أنسجة الجسم بسبب نقص تدفق الدم) في القناة الهضمية بسبب عدم تقديم العلاج المناسب في وقت مبكر، وترتبط الغرغرينا في القناة الهضمية بمعدل وفيات مرتفعة تبلغ 50 %".
وقد غادرت المريضة المستشفى بعد حوالي يومين من العملية، وتتابع خطتها العلاجية مع اختصاصي التغذية للتغلّب على خوفها من الطعام وإدارة نظامها الغذائي بعد العملية. وهو ما يدفعنا للحديث عن علاجات فوبيا الطعام، والتي تحدَثنا عنها الدكتورة أحلام كايد.
فعلاجات "السبوفوبيا" برأيهاهي كغيرها من أشكال علاجات الرهاب الأخرى، التي قد تشمل علاج السلوك المعرفي، بما فيها جلسات العلاج النفسي مع طبيب نفساني إكلينيكي يعمل على معالجة التشوهات/ المخاوف المعرفية، وتوفير استراتيجيات لتخفيف الأفكار السلبية أو الخوف؛ وغالبًا ما يتم استخدام طريقة إزالة التحسس المنتظم لإدخال المُحفزات المخيفة تدريجيًا.