التهاب المفاصل الروماتويدي.. تقنية ثورية للتخفيف من هذا المرض المناعي
يعاني الكثيرون من آلام في المفاصل قد تتفاوت بين الخفيفة والشديدة، خاصة النساء اللاتي يشهدنَ تراجعاً في صحة العظام والمفاصل بعد الحمل والولادة وانقطاع الطمث جراء التغيرات الهرمونية التي ترافقهن منذ مرحلة البلوغ وحتى سن الأمل.
وتحدث آلام المفاصل نتيجة التهاب المفاصل وهو أحد أمراض المناعة الذاتية التي باتت شائعة بين العديد من الناس. وأمراض المناعة الذاتية تؤدي لتعطل عمل جهاز المناعة ومهاجمته لخلايا الجسم السليمة في اعتقاد خاطئ أنها تالفة، ما يتسبب بمضاعفات صحية عديدة منها التهاب المفاصل بأنواعه المختلفة.
عادةً ما يتم علاج أمراض المناعة الذاتية ومنها التهاب المفاصل، بالأدوية ومنها مضادات الإلتهاب غير السترويدية والأدوية المضادة للروماتويد، لكنها لا تخلو من بعض الآثار الجانبية السيئة على الصحة. لذا يسعى الباحثون لابتكار طرق جديدة لعلاج التهاب المفاصل أو تأخير حدوثه ومنها الجزيئات النانوية التي تستهدف الخلايا المناعية التي تُسبب المشاكل والتي نستعرض وإياك لتفاصيلها في موضوعنا اليوم.
تقنية ثورية لتأخير التهاب المفاصل ومنعه
هي التقنية التي كشف عنها علماء معهد إسكريبس للأبحاث الأمريكي، ومن خلاله قاموا بتطوير جزيئات نانوية تستهدف الخلايا المناعية المُسببة للمشاكل بشكل انتقائي، بهدف تأخير مرض التهاب المفاصل وصولاً لمنعه في المستقبل.
وأفاد موقع "العربية.نت" نقلاً عن موقع "نيو أطلس" ودورية ACS Nano، أن التقنية الجديدة يمكنها تحفيز التثبيط المناعي الذي يُقلَل من أعراض أمراض المناعة الذاتية ومنها مرض التهاب المفاصل. والمعروف أن جهاز المناعة في الجسم هو أول وأقوى خط دفاعي ضد المرض، لكن نشاطه قد يزيد في بعض الأحيان ما يؤدي لمهاجمة الخلايا والأنسجة السليمة أيضاً، وهو ما يتسبب في ظهور جملة من أمراض المناعة الذاتية التي تُعالج عادةً بأدوية تثبط الجهاز المناعي، لكنها تحمل بعض الضرر من ناحية أخرى لجهة زيادة خطر الإصابة بالأمراض المُعدية.
لهذا سعى الباحثون في معهد إسكريبس للعمل على تقنية جديدة تقوم بإغلاق الخلايا المناعية المُسبَبة لمشاكل المناعة الذاتية، وترك بقية الخلايا تؤدي وظائفها المهمة في محاربة التهديدات الصحية الحقيقية.
وعمل الباحثون في دراستهم بشكل محدد على التهاب المفاصل الروماتويدي، أحد أمراض المناعة الذاتية، والذي يعمل بروتين واحد في الجسم معروف بإسم "المستضد الذاتي" على تحفيزه. وخلال الدراسة، قام الباحثون بتصميم جُسيمات نانوية تحتوي على هذا المستضد وجزيء ربط CD22 والراباميسين، وهو دواء يُحفز إنتاج الخلايا التائية التنظيمية T regالتي تقوم بتثبط الخلايا المناعية الأخرى التي يمكن أن تكون ضارة. وتقوم هذه المكونات مجتمعة،بمواجهة رد الفعل المناعي الذاتي المُسبب للمرض دون الحاجة لإغلاق الجهاز المناعة بشكل تام.
قام الباحثون باختبار العلاج بالجُسيمات النانوية على فئران مختبر مُصممة هندسياً لتكون عرضة لالتهاب المفاصل عن طريق مهاجمة مستضد ذاتي يسمى GPI، وجاءت النتائج الأولية مشجعة لجهة عدم ظهور أي علامات لالتهاب المفاصل على ثلث الفئران المُعالجة بنهاية التجربة بعد 300 يوم، وهوالجزء الأكبر من عمر فئران المختبر. فيما أظهرت الفحوصات الدقيقة أن العلاج كان يعمل على نحو كبير كما يأمل الباحثون، بحيث انخفض إنتاج الأجسام المضادة لـ GPI، وكذلك أعداد الخلايا التائية التنظيمية T regبشكل كبير.
التقنية الجديدة توفَر مناعة أكثر فاعلية
وفي تعليقه على نتائج الدراسة، قال جيمس بولسون، كبير باحثي الدراسة: "ساعدتنا التقنية الجديدة على علاج ثلث هذه الحيوانات في مراحل مبكرة من الدراسة، وأعتقد أن ثمة إمكانية لدمج الجُسيمات النانوية مع علاجات أخرى لتغير المناعة وجعلها أكثر فاعلية". مضيفاً أن الخطوة التالية "ستكون إظهار التقنية الإنتقائية المبتكرة ضد أمراض المناعة الذاتية الأخرى التي يُسببها رد الفعل المناعي غير المرغوب فيه لمستضد ذاتي".
تجدر الإشارة إلى أن مرض التهاب المفاصل الروماتويدي يصيب الغشاء الزليلي الذي يُغلَف المفصل، فيحدث التورم الذي يتسبب أيضاً بآلام شديدة في المفصل قد تنتهي إلى تشوه شكله. وبعض المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي قد يجدون صعوبة في القيام حتى بأبسط الأعمال مثل فتح قنينة ماء أو المشي، ما يجعلهم شبه عاجزين عن الحركة والقيام بالمهام اليومية دون مساعدة من الآخرين.
تتعرض النساء لمرض التهاب المفاصل الروماتويدي أكثر من الرجال وذلك بمعدل ضعفين إلى 3 أضعاف، وهو مرضٌ قد يظهر بين سن 40 و60 لكنه قد يصيب الأطفال الصغار وكبار السن أيضاً، بحسب ما أفاد موقع "ويب طب".
للأسف، ليس هناك علاجٌ يشفي بشكل تام من التهاب المفاصل الروماتويدي، لكن المصابين بالمرض يمكنهم التعايش معه والإستمتاع بحياة طويلة ونشيطة في حال الإلتزام بالعلاج المناسب الذي يضعه الطبيب المختص والذي يشمل حماية المفاصل وتعزيز صحتها من خلال نمط حياتي وغذائي معين.