في اليوم العالمي للصرع.. الرعاية الطبية ضرورية لتفعيل عيش حياة طبيعية
كثيرةٌ هي الأمراض التي يعاني منها الإنسان سواء في عمر مبكر أو مع التقدم بالسن، بعضها يمكن معالجته والشفاء منه، والبعض الآخر يمكن التعايش معه كونه مرضٌ مزمن يحمل الكثير من المضاعفات على المدى الطويل.
وكما أن هناك أمراضًا من السهل الإفصاح عن الإصابة بها، هناك أمراضٌ أخرى "مخجلة" لأنها قد تُسبَب الوصم الإجتماعي كما هي الحال مع مرض الصرع.
ومعلوم أن الصرع هو اضطرابٌ في الجهاز العصبي المركزي، يتسبب في نشاط غير طبيعي للدماغ، ما يؤدي إلى نوبات صرع أو فترات من السلوكيات والأحاسيس غير العادية، وأحيانًا فقدان الوعي. ويمكن أن يُصاب أي شخص بالصرع، من الذكور والإناث من جميع الأعراق والخلفيات والأعمار.
وبحسب ما جاء على موقع "مايو كلينك"، يمكن أن تختلف أعراض نوبات الصرع اختلافًا كبيرًا. فيُحملِق بعض المصابين بالصرع ببساطة في الفراغ أثناء النوبة لبضع ثوانٍ، بينما تتشنج ذراعا أو قدما الآخرين مرارًا. ولا يمكن تشخيص المرض بالصرع بسبب نوبة واحدة، إذيتطلب التشخيص عمومًا حدوث نوبتين دون مُحفز معروف على الأقل، على أن يفصل بينهما 24 ساعة.
يمكن أن يتحكم العلاج بالأدوية وأحيانًا الجراحة في نوبات الصرع عند أغلب المصابين. ويحتاج بعض الناس إلى العلاج مدى الحياة للسيطرة على نوبات الصرع، في حين تختفي هذه النوبات في النهاية مع آخرين. وقد يُشفَى بعض الأطفال المصابين بالصرع مع تقدم العمر.
يأتي 13 فبراير من كل يوم للإحتفال باليوم العالمي للصرع، وهذا العام يركَز اليوم العالمي على مكافحة الوصم الاجتماعي عن طريق تبديد الخرافات المرتبطة بهذه الحالة العصبية الشائعة. وأكد خبير طبي بارز من مستشفى كليفلاند كلينك،أن الأفراد المصابين بداء الصرع يمكنهم أن ينعموا بحياة كاملة وطبيعية على عكس الخرافات المنتشرة والمحيطة بالمرض، مشدّداً على أهمية السعي للحصول على الرعايةالطبيةالصحيحة في الوقت المناسب.
نوبات الصرع.. دورية ولاإرادية
بمناسبة اليوم العالمي للصرع، أوضح الدكتور عماد نجم، مدير مركز الصرع في معهد طب الأعصاب بمستشفى كليفلاند كلينك أن أعراضالإصابة بالصرع،تظهر في شكل نوبات دورية وغير إرادية. وعندمايتم تشخيص الحالة والسيطرة عليها في الوقت المناسب من خلال الأدوية أو الجراحة، يمكن لمرضى الصرع أن ينعموابحياة كاملة وصحية.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني حوالي 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم من داء الصرع، ما يجعله أحد أكثر الأمراض العصبية شيوعًا على مستوى العالم. وتتماشى رسالة الدكتور نجم مع الهدف الرئيسي لليوم العالمي للصرع لهذا العام، والذي يتمثل في تبديد الأساطير ومكافحة الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالحالة العصبية الشائعة.
وقال الدكتور نجم في هذا الصدد: "من المهم القضاء على المخاوف والمفاهيم المغلوطة حولمرض الصرع، والتي يمكن أن تتسبب للأفراد المصابين بالحالة بوصمة اجتماعية وتمييز في المدرسة أوالعمل أوالبيئات الاجتماعية الأخرى، فضلاً عنمنع الأفراد أو تأخرهم عن طلب الرعاية الصحيحة التي يحتاجون إليها".
ولفت الدكتور نجم إلى أن العديد من المفاهيم الخاطئة الشائعة حول مرض الصرع مرتبطةٌ بما تبدو عليه النوبات والإجراءات التي ينبغي اتخاذها عندما يعاني شخص من نوبة صرع. وفي حين أن الناس قد يتوقعون من شخص مُصاب بالصرع أن يعاني من تشنجات وخروج رغوة من الفم وغير ذلك، فإن غالبية النوبات قد تكون خفية. على سبيل المثال، قد تظهر أعراض النوبة في شكل تحديق مطول ورَمش سريع للعين أو ممارسة سلوك غير عادي معحركات متكررة مثل فرك اليدين أو المضغ أو البلع؛ أو شعور قوي بمعايشة اللحظة الحالية في الماضي أو ما يُعرف بظاهرة "ديجافو"، أو تصلّب العضلات أو استرخائها المفرط؛ وفي حالات نادرة ارتعاش في الذراعين أو الساقين أو الرأس، والسقوط وفقدان الوعي.
وأشار الدكتور نجم إلى أنه في حال كان الشخص المصاب بالصرع غير المنضبط يعاني من نوبة تشنج، فمن المرجح أن تتوقف النوبة من تلقاء نفسها بعد دقيقة أو دقيقتين. منوهًا إلى أن الاعتقاد بأن الشخص المصاب بالنوبة سوف يبتلع لسانه، ما هو إلا مجرد خرافة أخرى حول مرض الصرع، محذراً من محاولة وضع الأصابع في فم الشخص أو فتحه بالقوة.
وأضاف الدكتور نجم: "تعامل برفق عند محاولتك إبعاد الشخص عن الخطر حتى تتجنب إضافة ضغط إضافي على الجسم. وفي الحالات النادرة التي تستمر فيها التشنجات لمدة تزيد عن دقيقتين أو يعاني الشخص من صعوبة في التنفس أو تغير لونه، يجب طلب المساعدة الطبية على الفور".
طرق تشخيص وعلاج الصرع
نوّه الدكتور نجم إلى حقيقة أن النوبات غالبًا ما تكون خفية، مايعني عدم التمكّن من تشخيص الإصابة بالصرع. ويتمثل التحدي في أن الناس قد يتجاهلون النوبات، لا سيما عندما تكون الأعراض خفية، أو حتى أنه قد يتم تشخيص المرضى بشكل خاطئ.
وتابع الدكتور نجم: "لحسن الحظ، يمكن أن يكون تشخيص الصرع سريعًا وسهلًا إلى حد ما. ويمكن إجراء التشخيص من خلال اختبار مخطط كهربية الدماغ (EEG) الذي يُسجل النشاط الكهربائي للدماغ، كما يمكن تقييم السبب المحتمل للمرض من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)".
وأوضح الدكتور نجم أن هناك العديد من العلاجات المتاحة للصرع، وفي كثير من الحالات، كلما كان التشخيص والعلاج أبكر، كانتالفعالية أفضل. و"هنا أيضًا لدينا بعضالمفاهيم الخاطئة والضارة، حيث يتجنب بعض الأشخاص المصابين بالصرع تناول الأدوية لأنهم يعتقدون أنها يمكن أن تُقلَل من فرص إنجاب الأطفال. وفي حين أن هناك عدداً قليلاً من الدراسات التي تشير إلى أنه قد يكون هناك تأثير طفيف، إلا أنها ليست حاسمة، ولا ينبغي اعتبار أن الأفراد الذين يتناولون الأدوية سيصابون بالعقم."
"وبالمثل، قد ترفع بعض الأدوية من خطر الإصابة بالتشوهات الخلقية إلى حوالي 2 إلى 6٪. ومع ذلك، سيعمل الأطباء مع هؤلاء المرضى لتوفير المكملات الوقائية اللازمة في مثل هذه الحالات، مثل حمض الفوليك، ولتقليل أو تبسيط الأدوية التي يتم تناولها لإيجاد أفضل طريقة لحماية الأم والجنين".
واختتم الدكتور نجم قائلاً: "من المهم للغاية ألّا تؤدي المفاهيم الخاطئة الشائعة إلى دفع المريض للتخلي عن البحث عن العلاج المناسب أو الالتزام به. ونحتاج أيضاً إلى تشخيص الصرع وعلاجه بشكل صحيح وسريع، لأننا إذا لم نتحكم في النوبات، فسوف يؤدي ذلك إلى تدهور صحة المريض، بما في ذلك تلف الخلايا العصبية المصابة في الدماغ. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للأشخاص الذين يعانون من النوبات ولا يتلقون العلاج المناسب، أن يتعرضوا للسقوط أو الحوادث أو الغرق أو الإصابة بحروق عرضية أو حتى الموت المفاجئ غير المتوقع والمبكر".