أسباب تقف وراء عدم القدرة على الاستيقاظ براحة كل صباح
جميلةٌ هي المشاهد التلفزيونية التي تصور لنا الأبطال الذين يستيقظون من نومهم مفعمين بالنشاط وتعابير السعادة والسرور تغمر وجوههم؛ في حين أن الكثير منا في الواقع يستيقظ صباحًا بصعوبة بالغة ومزاج متعكر، بل وأحيانًا بآلام وأوجاع متفرقة في الجسم.
وما بين تخيلات الشاشة الصغيرة وبين الواقع، لا بد من الإقرار بأن النهوض كل يوم من السرير ليس أمرًا سهلًا أو ممتعًا للجميع. إذ أننا نعاني صغارًا وكبارًا من النهوض باكرًا لتجهيز أنفسنا والذهاب للعمل أو للدراسة. ويصاحب هذه الأوقات، بعضًا من حالات الألم وعدم الراحة بالرغم من النوم لساعات طويلة. كما أن المرضى وأصحاب الأمراض المزمنة، قد يقضون ليال طويلة يجافي فيها النوم أعينهم، فيكون الإستيقاظ في الصباح مشقةً كبيرة على الجسد والروح.
كذلك فإن بعض الممارسات والأفعال التي يقوم بها الإنسان، قد تجعل من الإستيقاظ صباحًا أمرًا سلبيًا، بل وقد تضر بالصحة بشكل مباشر أو غير مباشر. فما هي هذه الأسباب التي تجعل من عملية الإستيقاظ في الصباح، مسألةً غير مستحبة؟ هذا ما نتعرف عليه في موضوعنا اليوم.
غفوة المنبه عند الإستيقاظ صباحًا وضررها على الصحة
بدايةً من المنبه الذي يحتاج إليه معظمنا للمساعدة على الإستيقاظ صباحً، والذي يقوم بعضنا بتفعيل خاصية الغفوة فيه كل يوم تقريبًا ولعدة مرات، بغرض تأجيل موعد الإستيقاظ لدقائق معدودة.
لكن هذه المسألة مضرة جدًا بالصحة كما نقل موقع "العربية. نت" عن مجلة "فوكاس" الإيطالية، التي نشرت تقريرًا طبيًا إيطاليًا يحذر من مغبة عدم تأجيل الإستيقاظ عدة مرات في الصباح.
وأضاف التقرير الذي عمل عليه باحثون من جامعة نوتردام في ولاية إنديانا الأمريكية، إلى أن تأجيل موعد الاستيقاظ عن طريق الغفوة ليس أمرًا صحيًا على الإطلاق لصحة الإنسان، وما يُعرف ب "غفوة المنبه" لا تجعل الاستيقاظ أصعب فحسب، بل قد تكون سببًا لصدمة أكبر للجسم.
وقد توصل الباحثون إلى هذه النتائج الصادمة، بعد مقابلات مع 450 بالغًا يعملون في وظائف بدوام كامل، للتحقق من مدة نومهم ومعدل ضربات القلب بمساعدة الأجهزة القابلة للارتداء. وأظهرت البيانات التي جمعتها الدراسة، أن جميع الأفراد الذين استخدموا غفوة المنبه عانوا من اضطرابات النوم بدرجة أكبر من أقرانهم الذين استيقظوا بشكل طبيعي مع أول مرة يرن فيها المنبه.
كما وجد الباحثون أن الأشخاص القادرين على النهوض في نفس الموعد بشكل طبيعي دون استخدام أي نوع من أجهزة التنبيه، ناموا لفترة أطول واستهلكوا كمية أقل من الكافيين في ساعات النهار.
ومعلومٌ أن الغفوة قد تتسبب بشعور دائم بالتعب بحسب التحليلات، لأن تأجيل الاستيقاظ عدة مرات يقطع الدورات الطبيعية للنوم، فيما يُعرف بحالة "قصور النوم"؛ أي الشعور بالخدر الذي نشعر به في الصباح بعد الاستيقاظ، والذي يمكن أن يستمر طوال اليوم، ما ينعكس سلبًت على القدرات الإدراكية والعقلية ويصيبنا بحالة من الإرهاق المزمن.
لذا إن كنت تريدين المحافظة على صحتك وعدم تعريض جسمك لأية صدمات، ينصحك الخبراء بوجوب الالتزام بالنهوض فوراً من أول رنة للمنبه.
أسباب تقف وراء عدم القدرة على الاستيقاظ براحة كل صباح
ليست غفوة المنبه وحدها هي التي تضر بصحتنا فور الإستيقاظ صباحًا بعد ليلة طويلة من النوم، إذ أن هناك أخطاء أخرى، مقصودة وغيره مقصودة، يمكن أن تؤثر سلبًا على الصحة وينبغي التنبه لها.
منها 7 أسباب تحدث عنها موقع Caring.com ونقل تفاصيلها موقع "روسيا اليوم" على الشكل التالي:
- الحموضة المعوية: مشكلة يعاني منها الكثيرون، يمكن أن تتسبب بصعوبات في النوم وظهور رائحة فم كريهة في الصباح. وقد أظهرت دراسات النوم الحديثة أن 25% من الناس الذي يعانون من مشكلة الجزر المعدي GERD، هم أكثر عرضة للإصابة بمشاكل النوم والشعور بالتعب عند الإستيقاظ في الصباح.
ويمكن حل هذه المشكلة وتفاديها بتجنب الأكل قبل ساعتين من النوم، تفادي الأطعمة التي تسبب الحموضة في وجبات المساء مثل الصلصلات الثقيلة والشوكولا واللحوم والأطعمة الغنية بالتوابل والحمضيات والطماطم، مضغ العلكة قبل النوم لزيادة إنتاج اللعاب، عدم تناول بعض الأدوية مثل مسكنات الألم، النوم على الجانب الأيسر من الجسم، وعدم النوم على الظهر أو رفع الرأس والأكتاف لخفض مستوى الحامض في المريء.
- التبول المتكرر أثناء الليل: يحتاج بعضنا للنهوض عدة مرات خلال الليل للتبول، وذلك بسبب شرب الماء بكثرة أو بسبب التقدم بالسن وعدم قدرة الجسم على حمل السوائل لوقت طويل جراء تراجع الهرمونات المضادة لدر البول.
تُعرف هذه الحالة بإسم Nocturia، ويعاني منها المشكلة حوالي 65% من البالغين الذين يحرمون من النوم نتيجة للتبول المتكرر أثناء الليل. ويمكن علاج هذه المشكلة بتجنب شرب السوائل قبل 3 ساعات على الأقل من موعد النوم، بما في ذلك الأطعمة الغنية بالماء مثل الفاكهة أو الشوربة، تقليل استهلاك المنبهات التي تزيد من إدرار البول، الذهاب إلى الحمام قبل النوم مع أخذ الوقت الكافي للتخلص من كل البول الموجود بالجسم، استشارة الطبيب عند الشعور بألم أو انتفاخ في المثانة وعدم القدرة على إفراغها بشكل جيد، عمل الفحوصات اللازمة لقياس مستوى السكر بالدم، وتجنب بعض الأدوية المدرة للبول مثل أدوية القلب.
- طحن الأسنان اللاإرادي: وهو نشاطٌ عصبي عضلي لاشعوري، قد يحدث دون وعي، ويُخمن الخبراء بأن 5% من الناس الذين يطحنون أسنانهم لا يدركون ذلك حتى يخبرهم شخص به، أو يكتشف طبيب الأسنان الآثار على الأسنان.
والحل لعلاج هذه المشكلة يكون باستشارة الطبيب المختص والذي يمكن أن يصف أداة واقية لحماية الفك والأسنان أثناء النوم، تجنب مضغ العلكة كثيرًا أثناء اليوم، واللجوء لبعض العلاجات الخاصة بإرخاء عضلات الفك مثل حقن البوتكس.
- التحرك كثيرًا أثناء النوم: هل تعلمين عزيزتي أن متلازمة الساق القلقة أو اضطراب حركة الأطراف الدورية، هي مشكلةٌ يعاني منها الكثيرون أثناء النوم، ما يجعلهم يعانون من اضطرابات النوم والحركة الكثيرة أثناء الليل، وهو ما ينعكس لجهة التعب والإرهاق عند الإستيقاظ صباحًا؟
ويمكن حل هذه المشكلة أو التخفيف منها باستشارة الطبيب المختص لوصف العلاجات المناسبة، وإعلام الطبيب بأية أدوية يتم تناولها بما فيها مضادات الكآبة ومضادات الهستامين والليثيوم، والتي يمكن أن تُسبب متلازمة الساق القلقة كأثر جانبي.
- التنفس من الفم أو الشخير: تتسبب هذه المشكلة برائحة الفم الكريهة وجفاف الفم، فضلًا عن الشعور بالتعب عند الإستيقاظ صباحًا. لكن علاج هذه المشكلة ممكن، وذلك بعلاج المشاكل التي تتسبب بالشخير أولًا مثل انسداد الجيوب الأنفية، التدرب على التنفس عن طريق الأنف، استخدام الأشرطة الطبية لوقف الشخير، عدم النوم على الظهر وتجنب الكحوليات، تجنب استخدام المسكنات والحبوب المنومة، وخفض الوزن الزائد.
- توقف التنفس الإنسدادي الناتج عن انقطاع الهواء الداخل إلى الحنجرة: من الأمراض الشائعة، وهو يصيب من 1 إلى 10% من عامة الناس، والذكور بنسبة أكثر من الإناث تصل إلى 10 أضعاف، ونسبة 30 % من الأشخاص الذين لديهم ارتفاع بالتوتر الشرياني الأساسي أو قصور القلب يعانون أيضاً من هذه المشكلة. كما أن زيادة الوزن عامل رئيسي في توقف التنفس الإنسدادي.
والحل لعلاج هذه المشكلة يكون باستشارة طبيب الأنف والأذن والحنجرة لرؤية سبب انقطاع التنفس وكيفية إصلاح المشكلة، الحصول على كمية كافية من الأكسجين أثناء النوم من خلال أجهزة مختصة يصفها الطبيب، وتغيير موقع الفم عن طريق دفع الفك إلى الأمام لفتح الحنجرة، أو الجراحة التي تهدف لإزالة النسيج الفائض من الحنجرة.
- الخلل في دورة النوم واليقظة الطبيعية: تُعرف بإسم "مشكلة النوم الإيقاعي"، أو الخروج عن متزامنة الليل والنهار الطبيعية واتباع أنماط غير طبيعية في النوم، مثل التأخر عن موعد النوم والبقاء تحت الأضواء الساطعة، العمل لفترات طويلة، استخدام أجهزة الكمبيوتر والأجهزة الأخرى في السرير، واستعمال الكثير من الضوء في الغرفة أثناء النوم؛ ما يؤثر على دورة النوم واليقظة الطبيعية ويُسبَب خللًا فيها.
ولعلاج هذه المشكلة وتداعياتها على الإستيقاظ براحة في الصباح، ينصح الخبراء بوجوب الإلتزام بجدول نوم منتظم يحاكي الدورة البيولوجية الطبيعية لليل والنهار طوال الأسبوع، النوم من الساعة 10 مساء إلى 6 صباحًا، أو من 11 مساء إلى 7 صباحًا كل ليلة، والمشي قليلًا تحت أشعة الشمس في حال عدم الشعور بالنشاط في الصباح.
في الختام، يُعد النوم مسألةً هامة جدًا لصحة الإنسان، جسديًا ونفسيًا وفكريًا. وأي خلل في دورة النوم الطبيعية يمكن أن تؤثر سلبًا على الإستيقاظ براحة ونشاط في الصباح، لذا حاولي عزيزتي التخلص من كافة الأخطاء والمسائل التي تعيق هذه المسألة كي تستيقظي بكامل نشاطك وحيويتك كل يوم.
