دراسة تؤكد: هذه الطريقة يُمكنها التنبؤ بتدهور الإدراك لديك...إليك التفاصيل
يتغير الدماغ بتقدم العمر، كحال باقي أعضاء الجسم. وتُلاحظ العديد من النساء زيادة وتيرة النسيان لديهن كلما تقدمن في العمر، فقد يستغرق تفكيرهن في كلمة ما أو تذكرُّ إسم أحد الأشخاص وقتًا أطول.
ولكن إذا زادت مخاوفهن المُتعلقة بالوظائف العقلية عن الحد المتوقع، فقد يُشير ذلك إلى إصابتهن بالاختلال المعرفي المعتدل"MCI".
والاختلال المعرفي المعتدل هو المرحلة الفاصلة بين الانحدار المتوقع في الذاكرة والتفكير مع تقدم العمر، والانحدار الأكثر خطورة الذي يُسببه الخرف. ومن أعراض الاختلال المعرفي المعتدل، ظهور مشكلات في الذاكرة أو اللغة أو إصدار الأحكام.
وقد يزيد الاختلال المعرفي المعتدل من خطر إصابتهن بالخرف الناجم عن داء الزهايمر أو اضطرابات الدماغ الأخرى. لكن بعض المصابات بالاختلال المعرفي المعتدل لا تتفاقم حالتهن أبدًا، وبعضهن الآخر يشهدنَ تحسنًا في النهاية.
ضعف الإدراك المُعتدل
إن ضعف الإدراك المعتدل MCI هو حالةٌ طبية تتميز بتغيرات طفيفة في القدرة المعرفية. ونظرًا لأن النساء اللواتي يُعانين من هذه الحالة لديهن مخاطر متزايدة للتقدم إلى مرض الزهايمر، فإن التحديد المُبكر للاختلال المعرفي المعتدل يُمكن أن يوجه التدخلات الطبية التي يُمكن أن تمنع تفاقم الحالة.
ووفقًا لما نشره موقع "العربية.نت"، فقد كشفت دراسة حديثة عن طريقة جديدة يُمكنها التنبؤ بمخاطر تدهور الإدراك لدى الشخص بناءً على مدى قدرته على تحقيق التوازن
قد لا يبدو التوازن الجسدي وكأنه مرتبط بالوظيفة الإدراكية. لكن مؤخرًا نجح باحثون من اليابان في تطوير طريقة جديدة للتنبؤ بالمشاكل المعرفية وفقًا للتوازن الجسدي، بحسب ما نشره موقع Neuroscience News نقلًا عن دورية BMC Geriatrics.
لذا دعينا نتطرق إلى تفاصيل الدراسة الحديثة وفقًا لما جاء على موقع "العربية" وأيده استشاري ومدرس جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري في كلية طب الأزهر، الدكتور محمد المليجي من القاهرة.
مقياس جديد للتوازن الجسدي
كشف باحثون من جامعة تسوكوبا عن مقياس جديد للتوازن الجسدي يُمكن أن يساعد في تحديد الأفراد المعرضين لخطر الإصابة بمرض الزهايمر AD. وتحدث مشاكل التوازن الجسدي عند الأفراد المصابين بمرض الزهايمر، والذين يعانون من ارتفاع وتيرة السقوط، وترجع إلى تغيرات في الوظيفة الدهليزية، المسؤولة عن التوازن والإحساس بالاتجاه المكاني.
وهنا أيد د. محمد ما توصل إليه الباحثون؛ إذ يُمكن أن يكون فحص الأفراد بحثًا عن الاختلال المعرفي المعتدل MCI قبل ظهور الأعراض؛ وذلك عن طريق اكتشاف ما إذا كان لديهم مشاكل في التوازن البدني.
الجدير بالذكر، أنه في الوقت الحالي، تتوفر خيارات قليلة لفحص التوازن الفعال، وهي المشكلة التي يهدف الباحثون في جامعة تسوكوبا إلى مُعالجتها.
الوقاية أساسها التدخل المُبكر
يقول الباحث الرئيسي للدراسة البروفيسور ناويا ياهاجي، إن "التدخلات المُبكرة ضرورية للوقاية من مرض الزهايمر. نظرًا لأن التغييرات في الوظيفة الدهليزية مرتبطة بكل من الاختلال المعرفي المعتدل ومرض الزهايمر، فإن الدراسة هدفت إلى تطوير طريقة جديدة لتقييم هذه التغييرات بكفاءة."
طريقة جديدة للتقييم
ومن ثم شرع الباحثون في ابتكار طريقة جديدة لتقييم قدرة التوازن والوظيفة الدهليزية باستخدام لوحة توازن Nintendo Wii ذات المطاط الرغوي. وكان المقياس يسمى مؤشر التبعية المرئية لاستقرار الوضع VPS.
وقد نجح المشاركون المتطوعون الأصحاء، الذين تتراوح أعمارهم بين 56-75، والذين لا يعانون من وجود ضعف إدراكي واضح، في إكمال اختبارات مؤشر VPS وكذلك مقاييس الوظيفة المعرفية.
نتائج غير متوقعة
يُوضح البروفيسور ياهاجي أن "النتائج كانت مُفاجئة، إذ تم اكتشاف أن الدرجات على VPS كانت مرتبطة بشكل كبير بالضعف الإدراكي، الذي تم تقييمه باستخدام مؤشر تقييم مونتريال المعرفي، وهو أداة شائعة الاستخدام لفحص القدرة المعرفية."
بالإضافة إلى ذلك، كان للمقياس حساسيةٌ وخصوصية عالية نسبيًا؛ ما يشير إلى أنه كان ناجحًا في التقاط أدلة مهمة بسهولة للإشارة إلى ما إذا كان الفرد معرضًا لخطر الإصابة بمرض الزهايمر.
طرق جديدة للعلاج
يقول البروفيسور ياهاجي إن الطريقة الجديدة يُمكن أن تكون وسيلة غير مُكلفة؛ ويمكن الوصول إليها للكشف عن ضعف الإدراك بصفة عامة. وبالتالي يُمكن أن يؤدي الاكتشاف المُبكر، والدقيق للاعتلال المعرفي المعتدل إلى التوصل لخيارات جديدة للعلاج، والتي يُمكن أن تُحسن النتائج بشكل كبير للأفراد الذين يعانون من حالات التنكس العصبي.
دلائل علمية حول الاختلال المعرفي المعتدل
بعدما تطرقنا إلى تفاصيل الدراسة الحديثة التي نُشرت عبر موقع العربية، فقد أكد د. محمد أنه لا يوجد سببٌ واحد للإصابة بالاختلال المعرفي المعتدل، على الرغم من أنه قد يكون بسبب داء الزهايمر المُبكر، وما من نتيجة واحدة لهذا الاضطراب.
وقد تظل أعراض الاختلال المعرفي المعتدل مستقرة لسنوات، وربما تتطور فتؤدي لداء الزهايمر أو نوع آخر من الخَرَف، وربما تتحسن الحالة بمرور الوقت في بعض الحالات.
غالبًا ما يتضمن الاختلال المعرفي المعتدل نفس أنواع التغيرات الدماغية التي تُلاحَظ في مرض الزهايمر أو أشكال الخرف الأخرى؛ وفي الاختلال المعرفي المعتدل، تحدث هذه التغيّرات بدرجة أقل. ولوحِظت بعض هذه التغييرات في دراسات تشريح الجثة للمصابين بالاختلال المعرفي المعتدل. وتتضمن تلك التغيُرات ما يلي:
- ظهور تكتلات من بروتين بيتا أميلويد تسمى لويحات وحُبَيكات بروتينات تاو التي تظهر في داء الزهايمر.
- ظهور تكتلات مجهرية من بروتين تُعرف باسم أجسام ليوي. وترتبط هذه التكتلات بمرض باركنسون والخرف مع أجسام ليوي وبعض حالات داء الزهايمر.
- السكتات الدماغية البسيطة أو انخفاض تدفق الدم في الأوعية الدموية للدماغ.
- تُظهِر دراسات تصوير الدماغ احتمال ارتباط التغيرات التالية بالاختلال المعرفي المعتدل:
- انخفاض حجم الحُصين، وهي منطقة مهمة للذاكرة في الدماغ.
- زيادة حجم المساحات المليئة بالسوائل في الدماغ، والمعروفة باسم البطينات.
- نقص استخدام الغلوكوز في مناطق الدماغ الرئيسية. فهذا الغلوكوز هو السكر أو مصدر الطاقة الرئيسي لخلايا الدماغ.
عوامل الخطر المُسببة لمرض الاختلال المعرفي المعتدل
أكد د. محمد، أن أقوى عوامل الخطر المُسببة لمرض الاختلال المعرفي المعتدل، هوالتقدم في العمر. كذلك وجود نوع معين من الجينات يُعرف باسم APOE e4، حيث إن هذا الجين يرتبط بداء الزهايمر، لكن وجوده لا يعني بالضرورة ضعف الذاكرة وتدهور مهارات التفكير.
علاوة على ذلك، ترتبط بعض العوامل المُتعلقة بنمط الحياة والحالات المَرَضية الأخرى بزيادة خطر تغيّر مهارات التفكير، ومن بينها:
- عدم المشاركة في الأنشطة المحفزة عقليًا أو اجتماعيًا.
- انقطاع النفس الانسدادي النومي.
- ارتفاع مستوى الكوليسترول.
- عدم ممارسة الرياضة.
- تدني المستوى التعليمي.
- ارتفاع ضغط الدم.
- السكري.
- السمنة.
- الاكتئاب.
- التدخين.
الوقاية من الاختلال المعرفي المعتدل
أوضح د. محمد، أنه إلى الآن لا يُمكن الوقاية من الاختلال المعرفي المعتدل. لكن توصلت أبحاثٌ عدة إلى أن تغيير بعض العادات المُتعلقة بأسلوب الحياة، قد يُقلل من خطر الإصابة بهذا المرض، وذلك على النحو التالي:
- اتباع نظام غذائي صحي غني بالعناصر المغذية، ويحوي الكثير من الفواكه والخضراوات، والقليل من الدهون المُشبعة.
- التحكم في الحالات المرضية الأخرى، مثل: "مرض السكري، ارتفاع ضغط الدم، السُمنة والاكتئاب".
- ممارسة الرياضة بانتظام، واتباع برنامج رياضي منتظم على مدار الأسبوع.
- ارتداء سماعة طبية إذا كنتِ تعاني من فقدان السمع.
- تحفيز العقل عن طريق حل الألغاز والألعاب وتدريب الذاكرة.
- الحد من التعرض لتلوث الهواء.
- الحد من خطر التعرض لإصابة في الرأس.
- الامتناع عن التدخين.
- ممارسة عادات نوم صحية.
- التواصل مع الأصدقاء والأسرة.
وأخيرًا، تزداد مخاطر الإصابة بالخرف بين مرضى الاختلال المعرفي المعتدل، لكن ذلك غير مؤكد؛ كذلك يُصاب ما يقرب من 1% إلى 3% من كبار السن بالخَرَف كل عام. وتُشير الدراسات إلى أنه من 10% إلى 15% تقريبًا من مرضى الاختلال المعرفي المعتدل تتطور حالتهم إلى مرحلة الخَرَف سنويًا.
لذا ننصحك بمراجعة الطبيب المُختص، إذا لاحظتِ وجود مشكلات لديك تتعلق بالذاكرة أو التفكير، خصوصًا صعوبة تذكر الأحداث القريبة أو صعوبة التفكير بوضوح.