صحة المرأة المصابة بمرض السكر أثناء الحمل .. ضوابط ومحاذير
يعد مرض السكر من الأمراض الشائعة التي تصيب النساء، وله تأثيرات سلبية عديدة على صحة المرأة بما في ذلك الصحة الإنجابية لها، وخصوصاً مع ارتفاع معدلات مرض السكري من النوع 2 سنوياً، والتسبب في زيادة إحتمالات العقم.
وتكمن خطورة مرض السكر على خصوبة المرأة من حيث التأثير المباشر على زرع الجنين في الرحم، والتعجيل بحدوث الإجهاض، وبالتالي التأثير على صحة المرأة بوجه عام، لأنه لا يحول دون حدوث الحمل، ولكنه يهدد سلامة الجنين، ويزيد من احتمالات حدوث الإجهاض، وأضرار أخرى عديدة مثل الولادة المبكرة، وزيادة إحتمالات إصابة الجنين بالتشوهات الخلقية، ولذلك وللحفاظ على صحة المرأة المصابة بالسكر أثناء الحمل.
صحة المرأة المصابة بالسكري أثناء الحمل
بحسب الدكتورة هبة الغيار استشارية الغدد الصماءّ والسكري في مركز إمبريال كوليدج لندن، تتعرض السيدات المصابات بداء السكري لعدة مضاعفات أثناء الحمل بعضها مرتبط بـالحمل ذاته، وبعضها ناتج عن مرض السكري. وتحدث هذه المضاعفات بشكل أكثر شيوعًا عند إهمال مراقبة مستويات سكر الدم وعدم السيطرة عليه، نظرًا لأهمية المحافظة على مستوياته الطبيعية قبل الحمل وخلالِه.
التخطيط الجيد يعزز نجاح الحمل ويدعم صحة الحامل
بحسب دكتورة هبة يجب على المصابات بمرض السكري بنوعيه الأول والثاني التخطيط للحمل والإنجاب والاستعداد لذلك صحياً قبل فترة مناسبة من الحمل، تبدأ من ثلاثة شهور وتصل إلى ستة أشهر، كما يجب عليها على المرأة تجنب محاولات الحمل، واستخدام أساليب منع الحمل الموصى بها إلى أن تستكمل فترة الاستعداد المحددة.
وتختلف إجراءات الاستعداد للحمل بين سيدة وأخرى، إذ يمكن أن تتناول بعض السيدات الفيتامينات أو حمض الفوليك.
وإذا كانت المرأة مصابة بداء السكري، فعليها تناول جرعة أكبر من الجرعة المعتادة التي نعطيها للأمهات غير المصابات بالسكري، كما ويجب الانتباه أيضاً لأهمية اتباع نظام غذائي صحي ومتكامل من أجل ضمان حصول الجنين على التغذية اللازمة. وينصح بشكل أساسي أن تواظب المرأة الحامل على ممارسة الرياضة ومحاولة إنقاص الوزن لأن ذلك يعزز قدرتها على إدارة مرض السكري بنجاح ومن ثم زيادة فرص الحمل مع الإصابة به، والحفاظ على صحة المرأة أثناء الحمل وتحسين حالة الحمل بأكملها.
الحمل مع السكري
يبدأ تطور الجنين خلال المرحلة الأولى من الحمل، أي خلال الشهر الأول والثاني، ويحدث ذلك في كثير من الأحيان قبل أن تدرك الأم حدوث الحمل، إذ تكتشف أغلب النساء حملهن في الأسبوع الرابع، ومن المتوقع أن تواجه المرأة الحامل المصابة بالسكري من النوع الأول أو الثاني بعض المضاعفات خلال حملها، إلى جانب مخاطر الولادة وخاصة الولادة القيصرية، في حال عجزها عن السيطرة على مستويات السكر خلال الحمل خصوصًا في المرحلة الأولى منه. ويمكن أن يؤثر ذلك في نمو الجنين أو تحدث تشوهات قد تصيب الدماغ أو العمود الفقري، وقد تتفاقم المضاعفات الناجمة عن ارتفاع سكر الدم خلال الحمل فتتسبب بولادات الخدج أو فقدان الحمل.
وإذا أردنا التحدث بشكل خاص عن سكري الحمل، نجد أن نسبة السيدات المصابات بسكري الحمل هي في تزايد، والسيدات في عمر الأربعين وما فوق هن الفئة الأكثر عرضة لذلك لا سيما السيدات المصابات بالسمنة، أو اللاتي أنجبن طفلاً بوزن 4.5 كيلوغرام أو أكثر، بالإضافة إلى السيدات اللاتي أُصبن بسكر الحمل خلال حمل سابق أو ممن لديهن تاريخاً عائلياً في الإصابة بمرض السكري.
يمكن التعرض لسكري الحمل في أي مرحلة من مراحل الحمل، ويتسبب ذلك بارتفاع نسبة سكر الدم أثناء الحمل لأن الجسم لا يستطيع إنتاج ما يكفي من الأنسولين للمساعدة على السيطرة عليه. ولسوء الحظ يمكن أن يتسبب ذلك في مشاكل للجنين أثناء الحمل والولادة، ولكن الجانب المشرق في الأمر أن سكر الحمل ينتهي مع انتهاء الحمل ولا تضطر المرأة إلى تناول جرعات الأنسولين بعد ذلك.
عوامل مساعدة
توصي دكتورة هبة بضرورة مراجعة الطبيب المختص بمرض السكري بالإضافة إلى المتابعة الدورية مع الطبيب المشرف على الحمل من أجل التأكد من استقرار الحالة صحيًا، ولا سيما عند السيدات اللاتي يتناولن أدوية علاج السكري أو الأدوية المرتبطة بعلاجات أخرى قد تكون غير مناسبة لفترة الحمل، لذلك فإن التواصل مع الأطباء ضروري حتى يتمكن الطبيب من تغيير بعض الأدوية، وإن كانت الأم تتناول جرعات من الأنسولين فإننا ننصح بأن تخضع لولادة مبكرة يحدَّد موعدها وفقًا لكل حالة.
وهنا أود أن أذكر أيضاً، أن مراجعة الطبيب بانتظام أمر ضروري حتى لمريضات السكري اللاتي يتمتعن بصحة جيدة ومستويات مستقرة من سكر الدم، ويجب عدم إهمال زيارات الطبيب نظرًا للأهمية البالغة لمراقبة الحالة ودورها في الكشف المبكر عن أية تغيرات تطرأ على صحة الأم أو الجنين.
تعتبر الرياضة من أهم العوامل المساعدة على التمتع بحمل صحي وذلك بممارسة التمارين البسيطة والمعتدلة مدة 30 دقيقة يوميًاً وعلى مدار 5 أيام في الأسبوع يتضمن ذلك المشي السريع أو السباحة أو حتى اللعب مع الأطفال.
ويجب أن تعيَ جميع النساء الحوامل أهمية الرضاعة الطبيعية بالنسبة لها وللطفل وخاصة في عامه الأول، وذلك يشمل الأمهات المصابات بمرض السكري المزمن بنوعيه، حتى الأمهات اللاتي يتناولن جرعات الأنسولين.
وإذا اتبعت المرأة أثناء الحمل هذه التوصيات واستطاعت المحافظة على استقرار مستويات سكر الدم، نطمئنها بعدم احتمالية وجود أي صعوبات أو مخاطر عند الولادة بالنسبة لها أو للجنين.