إطالة العمر ليست مستحيلة.. ومفاتيحها 4 أشياء بمتناول الجميع
الحفاظ على الشباب والصحة.. حلمٌ يراودنا جميعًا، أليس كذلك؟
يحلم الكثيرون بالمحافظة على شبابهم وعدم ولوج عالم الشيخوخة المخيف مطلقًا؛ كما أن الصحة الدائمة والخشية من الأمراض التي تُنهك الجسم والعقل، هي آخر ما يتمناه الإنسان لنفسه ولغيره.
ويدرك الناس أيضًا أن جودة صحتهم يمكن أن تؤثر على إطالة عمرهم وتحسين حياتهم، لكن كثيرين منهم ما زالوا يواجهون صعوبةً في اتخاذ إجراءات بسيطة يمكن أن تساعدهم على العيش لعمر طويل .
لذا يشاركنا الدكتور ستيفن كوبيكي، طبيب مختص في الوقاية من أمراض القلب من "مايو كلينك"، رؤيته ونصائحه حول طرق الحفاظ على الصحة وتحسين جودة الحياة من خلال عادات وتغييرات بسيطة في نمط الحياة اليومية، وذلك ضمن الإحاطة الإعلامية التي شارك فيها يوم 8 مارس الحالي.
فلنتعرف سويًا على هذه العادات والأشياء التي يُطلق عليها الدكتور كوبيكي تعبير "بسيطة" لكنها جوهرية في تحسين حياتنا نحو الأفضل، ومنحنا روشتة العمر الطويل.
4 عادات يومية تساعد على إطالة العمر
يقول الدكتور كوبيكي الذي نجا من مرض السرطان مرتين: "دائماً ستكون هناك عوامل ومخاطر صحية خارجة عن سيطرتنا مثل العوامل الوراثية أو الجنس أو العمر أو مثلًا، جائحةٌ عالمية. لكن يمكننا التحكم في عوامل أخرى، مثل ما نتناوله وندخله إلى أبداننا، وما نقوم به من تمارين وأنشطة، وجودة النوم الذي نحصل عليه. يجب أن تكون الوقاية الركن الأساسي في الطب لأنها تُعزَز جاهزيتنا لكل ما هو غير متوقع."
وتحدث خلال الإحاطة الإعلامية "أن ما يحافظ على صحتنا ويجعلنا بصحة جيدة ومدهشًا بالنسبة لي، هو أن 10٪ فقط منه كان حصولنا على الرعاية الصحية. ربما 20٪ من جيناتنا وبيئتنا ، لكن غالبية صحتنا تعتمد على سلوكياتنا اليومية." وأضاف: "ما يجعلنا أصحاء هو عاداتنا، ودماغنا يحب العادات. ما يمكننا فعله بعاداتنا اليومية، إذا كانت صحية، هو تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري والسرطان والزهايمر، لأنها كلها عوامل الخطر نفسها التي تؤدي إلى هذه الأمراض المختلفة للغاية."
وتطرق الدكتور كوبيكي إلى 4 أشياء تُعدَ ركائز في إطالة العمر وتحسين جودة الحياة:
- التغذية.
- النشاط البدني.
- جودة النوم.
- إدارة الإجهاد.
4 ركائز أساسية لإطالة العمر
يقول الطبيب المختص في أمراض القلب: "من خلال هذه الأشياء الأربعة، نحاول أن نفعل الكثير. في بعض الأحيان نحاول أن نتخذ قرارات مهمة عشية رأس السنة الجديدة، خطةً لتحسين حياتنا بشكل جذري. ومع حلول 19 يناير من العام الجديد، نجد أن معظمنا خالف هذه القرارات."
"لذا بدلاً من ذلك، وجدتُ أنه أفضل وبصفتنا بشرًا، فإننا نعمل بشكل أفضل مع التغيير البسيط. لذلك، للتغذية فرق بسيط واحد فقط. يمكن أن تساعدنا دقيقةٌ واحدة فقط من النشاط ، وساعةٌ واحدة إضافية من النوم ودقيقةٌ واحدة فقط من إدارة الإجهاد، بشكل كبير."
ويضيف الدكتور كوبيكي: "إذا قمت باستبدال حصة واحدة في اليوم من اللحوم الحمراء المُصنَعة ، مثل السجق أو البرغر مع بعض البروتينات النباتية مثل الفاصوليا السوداء أو البقوليات مثل الحمص، يمكنك تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 30٪ تقريبًا على مدى عامين."
ما يعني أنه حتى التغييرات الصغيرة، في حال كانت صحية، يمكن أن تؤدي إلى نتائج كبيرة.
ويضيف: "المشكلة الأخرى في تغذيتنا هي أننا نأكل العديد من الأطعمة المُعالجة للغاية، وهي أطعمة عالية المعالجة. تحتوي على مواد كيميائية مُضافة، ونكهات، ودهون، وسكر؛ وهذا كله قد يؤدي إلى الخرف أو مرض الزهايمر. حتى زيادة 10% طفيفة من هذه الأطعمة في غذائنا، يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالخرف أو الزهايمر بنسبة 25٪ على مدى حياتنا، وتقليلها بنسبة 10٪ سيُقلل من خطر الإصابة بالخرف. وهذه الأطعمة هي أشياء مثل حبوب الإفطار التي يتم معالجتها بشكل كبير مع إضافة السكر والتي للأسف يأكلها العديد من أطفالنا. وتُظهر الأدل أن استهلاك هذه الأنواع من الأطعمة، يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب وأمراض القلب والخرف الآن."
والمسألة الثانية التي تطرق إليها كوبيكي أثناء الإحاطة الإعلامية، هي النشاط البدني ؛ والسبب الأول الذي نقدمه في جميع أنحاء العالم لعدم كوننا أكثر نشاطًا، هو أننا لا نملك الوقت الكافي.
ويتساءل كوبيكي نيابةً عن الجميع: من لديه الوقت الكافي للذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية لمدة ساعة؟ لذا من الأفضل دمج النشاط البدني في يومك المزدحم بالفعل، يجيب كوبيكي.
"على سبيل المثال، إذا كنت تعمل في مبنى ذو طوابق عدة؛ عندما تصعد الدرج، يمكن أن تصعد ثلاثة درجات في الثانية. هذا نشاطٌ مُكثف، وأكثر مما اعتدت عليه؛ لكن تبينَ أن بضع مرات فقط من هذا التمرين، مثل الصعود بسرعة أو المشي بسرعة، كان مرتبطًا بخفض خطر الإصابة بالنوبات القلبية بنسبة 35٪ بعد القيام بها لبضعة سنوات."
المسألة الثالثة الآن هي النوم.
لا نحصل على قسط كافٍ من النوم. في الواقع، لقد كنا نفقد مقدار النوم على مدار المائة عام الماضية. قبل 100 عام، كنا نحصل على 9 ساعات من النوم؛ أما اليوم، فإننا قد ننام لثماني ساعات، أو ربما نحصل على 7 ساعات ونصف فقط من النوم.
ومع تغيير التوقيت بين الربيع والشتاء في بعض الدول، فإننا نخسر ساعة واحدة من النوم. بعضنا قد ينظر إلى هذه المسألة على أنها ليست مشكلة كبيرة، لكن بعد يومين من تغيير التوقيت، وتتبَع النوبات القلبية؛ لحظنا ارتفاعًا في معدلات النوبات القلبية بنسبة 24٪. نعتقد أن النوم أقل بساعة واحدة كل يوم ليس بمسألة كبيرة لكنه في الحقيقة أمر جاسم. ويحدث بسبب أشياء عدة مثل الهواتف المحمولة مثلًا، والتي تبقينا مستيقظين في الليل نتسمر في شاشاتها.
إدارة الإجهاد
أما العادة الرابعة التي تؤثر على جودة الحياة ومقدار العمر، فهي التوتر والإجهاد اللذين شهدا ارتفاعًا مخيفًا وبشكل لا يُصدق في جميع أنحاء العالم أثناء جائحة كوفيد. حيث سيطر الخوف بين الناس جراء الخشية من فيروس كورونا وشبح الموت الذي خيَم على معظم العالم، وصولًا إلى التشاؤم الشديد من عدم القدرة على العودة للحياة الطبيعية بعد اليوم.
هذا التشاؤم هو أكبر سبب لأمراض القلب من الناحية النفسية بحسب الدكتور كوبيكي، فهو يُضاعف من خطر الإصابة بنوبة قلبية.
في إحدى الدراسات المثيرة للإهتمام، طلب الباحثون من المشاركين ممارسة التفاؤل من خلال تدوين ثلاثة أشياء جيدة تحدث لهم كل يوم، ولماذا حدثت.
"أحب أن أقوم بهذا عندما أخلد إلى الفراش ليلًا، لأنني أفكر في جميع الأشياء التي لم أفعلها اليوم، والتي أحتاج للقيام بها في اليوم التالي"، يقول الدكتور كوبيكي في هذا المجال مضيفًا: "يساعدني هذا على الاسترخاء ويمنحني التفاؤل. وقد ثبت أن هذا التفكير يزيد من قوتك العاطفية وتفاؤلك، كما يُقلَل من أمراض القلب والنوبات القلبية بنسبة 25٪ على مدى بضع سنوات."
قد تكون أشياء بسيطة للغاية، مثل أن يحصل طفلك على درجة جيدة في اختبار الإملاء، أو رؤية صديق قديم من المدرسة في الشارع اليوم؛ أو استمتعت أنت وزوجك بغروب الشمس الجميل معًا، أو شيء من هذا القبيل. أشياء بسيطة جدا، لكنها الأشياء التي نستمتع فيها حقًا.
هذه الأشياء الأربعة التي تحدثنا عنها، هي مجرد تغيير بسيط لمدة دقيقة واحدة فقط. هل تجدين الأمر مُثمرًا الآن لتحسين صحتك؟ لكن هل فات الآوان؟
لم يفت الأوان أبدًا، يؤكد كوبيكي؛ لذلك يمكنك القيام بهذه التغييرات في أي وقت من حياتك وسيبدأ المختصون في مساعدتك. ولكن علينا إجراء تغييرات صغيرة فقط لأننا بشر، ولا يمكننا القيام بتلك التغييرات الضخمة التي يحاول الجميع القيام بها ويفشل في ذلك.
وختم الدكتور كوبيكي بطرح السؤال الأهم: لماذا نريد أن نعيش أطول وبصحة أفضل؟
"حتى نتمكن من رؤية عائلتنا وأطفالنا. هذه صورة لابني، عشتُ طويلاً بما يكفي لرؤيته يدخل كلية الطب، وهو الآن يتدرب معنا في مايو كلينك. لذلك يساعدك حقًا على أن تعيش بصحة أفضل للاستمتاع بالحياة على أكمل وجه."