عزّزي عزّزي صحّتك الجسدية والروحانية خلال شهر رمضان المبارك
مع بداية شهر رمضان المبارك، نتوجه بالتهاني والتبريكات لجميع قارئات موقع ومجلة "هي"، متمنين لكنَ ولعائلاتكنَ صيامًا مقبولًا بإذن الله.
ورمضان هو الشهر المبارك الذي يصوم خلاله المسلمون من بزوغ الفجر حتى غروب الشمس. صحيح أنّ الصوم خلال رمضان يُعتبَر ممارسةً دينيةً فائقة الأهمية، إلا أنّه يترك تأثيرًا كبيرًا على صحة الإنسان وعافيته، خاصةً لمن يعانون من بعض المشاكل الصحية والأمراض، وكذلك لمن لا يتبَعون الطرق الصحيحة للصيام خصوصًا فيما يتعلق بطرق الأكل والنوم الكافي والراحة وغيرها.
وبما أن الجفاف هو أكثر تداعيات الصيام على الإنسان، يحتاج الصائمون لتعزيز ترطيب الجسم من خلال تناول الأطعمة الصحية والإكثار من الماء بين وجبتي الإفطار والسحور، وتجنب كافة المأكولات والمشروبات التي قد تزيد من الجفاف وتداعياته مثل العطش والصداع وغيرها.
لذا اخترنا الحديث اليوم عن النصائح الواجب اتباعها أثناء الصيام في رمضان، يقدمها لنا كلًا من خبراء الصحة في مركز RAKxa المتخصص في مجال العافية في تايلاند، ومحمد الرشيدي، دكتوراه في الطب الباطني المجتمعي من "مايو كلينك"، روتشستر، ولاية مينيسوتا الأمريكية.
ما هي أهمّ فوائد الصوم للجسم؟
بحسب خبراء RAKxa، يحمل الصيام خلال شهر رمضان المبارك عددًا من الفوائد للجسم والذهن على حد سواء، نذكر منها:
- تحسين حساسية الأنسولين: الأمر الذي قد يساعد بدوره على التقليل من خطر الإصابة بمرض السكّري من النوع الثاني.
- خسارة الوزن: قد يساعد الصيام أيضًا على خسارة الوزن والتحكم به، بما أنّه يُقلّل من إجمالي السعرات الحرارية المُستهلَكة.
- ترميم الخلايا: خلال الصيام، يدخل الجسم في عملية تُسمّى "الإلتهام الذاتي"؛ وهي عملية ترميم طبيعية للخلايا تساعد على تخليص الجسم من الخلايا المتضررة وإنتاج خلايا جديدة صحّية.
- التخفيف من الالتهاب: قد يساعد الصيام أيضًا على تخفيف التهابات الجسم التي ترتبط بعدد من الأمراض المزمنة.
- تحسين وظائف الدماغ: أثبت صيام رمضان فعاليته في تحسين الوظائف الإدراكية والذاكرة، والتقليل من خطر الإصابة بالأمراض العصبية التنكسية مثل مرض ألزهايمر.
- إطالة العمر: للصيام فعاليةٌ كبيرة في إطالة العمر، لاسيما عندما يترافق مع نظام غذائي وأسلوب حياة صحّي.
مأكولات يجب تجنّبها وقت الإفطار
إذن، يُشدَد خبراء RAKxa على ضرورة تناول الأطعمة الصحية لضمان الاستفادة من فوائد الصيام في رمضان. وبالتالي، ينبغي على الصائمين وقت الإفطار وفي وجبة السحور، تجنب الأطعمة التي تنقض هذه الفائدة من الصيام، والتركيز على الأطعمة المُغذَية التي تمد الجسم بالطاقة.
إليك بعض المأكولات التي يجب تجنّبها خلال فترة الصيام:
- الأطعمة الغنية بالسكّر والمصنّعة: والتي قد تُسبّب ارتفاعًا سريعًا في مستويات السكّر في الدم، الأمر الذي يؤدي إلى حالات هبوط في مستويات الطاقة لاحقًا.
- الأطعمة المقلية والدهنية: لتسبَبها بمشاكل عسر الهضم والانتفاخ.
- الأطعمة الحارّة والغنية بالتوابل: التي قد تُسبّب حرقةً في المعدة وشعورًا بعدم الراحة أثناء الهضم.
- مشروبات الكافيين: وتُسبَب الجفاف واضطراب أنماط النوم.
- منتجات الألبان بما فيها الحليب، والأجبان والزبدة: قد تُسبّب اختلالاً في توازن بكتيريا الأمعاء، الأمر الذي قد يؤثّر سلباً على الجهازَين الهضمي والمناعي.
في المقابل، يُستحسن كسر الصيام بأطعمة غنية بالمُغذيات وسهلة الهضم، مثل الأطعمة الغنية بالبروتين الخالي من الدهون والفواكه والخضار والبقوليات والحبوب الكاملة. ومن المهمّ أيضاً الحفاظ على رطوبة الجسم عبر شرب كمية وافرة من المياه والسوائل الغنية بالإلكترولايت.
أطعمة يُنصح بتناولها خلال فترة الصيام
تجدر الإشارة إلى أنّ الصيام يجب أن يتمّ تحت إشراف خبير في مجال الصحة، أو أخصائي تغذية أو طبيب، لاسيما عندما يعاني الشخص من أمراض مزمنة.
والأطعمة التي ينصحك خبراء الصحة في RAKxa بتناولها خلال شهر رمضان هي الآتية:
- الفواكه والخضار: لغناها بالفيتامينات والمعادن والألياف والتي تساعد على الشعور بالشبع.
- الحبوب الكاملة: مصدرٌ جيد للكربوهيدرات المركّبة، وتمدّ الجسم بالطاقة طوال اليوم.
- البروتينات الخالية من الدهون: تُعزَز الشعور بالشبع وتمنع ضمور العضلات خلال فترات الصيام الطويلة.
- الدهون الصحية: وتساعد هذه الدهون، بما فيها تلك الموجودة في المُكسّرات والبذور والأفوكادو، على الشعور بالشبع وتمدّ الجسم بالمغذيات الأساسية.
كيفية تفادي الشعور بالضعف والتعب خلال الصيام
من المهمّ جداً تجنّب الجفاف أثناء الصيام للحفاظ على صحة جيدة. إليك بعض النصائح للحفاظ على رطوبة الجسم:
- الحرص على شرب كمية وافرة من المياه بعد كسر الصيام وقبل الدخول في مرحلة الصيام التالية. وتُعتبر المياه أساسيةً للحفاظ على رطوبة الجسم وطاقته.
- اتباع نظام صحي متوازن، يحتوي على الكربوهيدرات المركّبة والبروتينات والدهون الصحّية.
- تجنّب الأطعمة الغنية بالسكّر: والتي قد تؤدّي إلى هبوط في مستويات الطاقة، الأمر الذي يجعل الجسم يشعر بضعف وتعب أكبر.
- ممارسة التمارين الرياضية: خلال شهر رمضان المبارك، قد تساعد التمارين منخفضة الحدّة في الحفاظ على مستويات الطاقة وتحسين الصحة العامة.
- استشارة خبير في مجال الصحّة والعافية: يجب على الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية أو الذين لديهم أي مخاوف بشأن الصيام، التحدّثَ إلى خبير في مجال الرعاية الصحية قبل بدء الصوم. فقد يساعدهم على إيجاد طرق آمنة للصوم مع التقليل من خطر الشعور بالضعف أو التوعّك.
مقدار النشاط البدني الذي يمكننا القيام به أثناء الصيام
بما أنّ الصيام في رمضان قد يكون صعبًا جسديًا، تُعتبر التمارين منخفضة إلى معتدلة الحدّة مهمةً للحفاظ على نشاط الجسم وصحّته. منها:
- اليوغا: لتعزيز الاسترخاء والمرونة والقوّة والحد من التوتّر، الأمر قد يؤثّر بشكل إيجابي على الصحّة العامة.
- البيلاتس: وهي رياضةٌ منخفضة الحدّة، تُركّز على تقوية العضلات الأساسية وتعزيز الثبات والمرونة. كما قد تساعد أيضاً في تحسين القدرة على التحمّل والحدّ من التوتر.
- تاي شي: يُعتبر هذا الفنّ القتالي اللطيف ومنخفض الحدّة، طريقةً مثاليةً لتحسين التوازن والرشاقة والعافية بشكل عام.
- التمارين المائية: مثل السباحة التي تُعتبر لطيفةً على مفاصل الجسم.
- تمارين التمدّد: تساعد ممارستها بصورة منتظمة على تحسين المرونة والحدّ من التصلّب.
- التأمّل: صحيح أنّ التأمّل لا يُعتبر نشاطاً بدنياً، إلا أنّه طريقةٌ ممتازة للتركيز على الذهن والحد من التوتّر والنوم بشكل أفضل خلال فترة الصيام.
إدارة صحتك خلال الصيام في رمضان
بدوره، يقدم لنا الدكتور محمد الرشيدي، دكتوراه في الطب الباطني المجتمعي من "مايو كلينك" مجموعة نصائح ومعلومات حول كيفية إدارة الصحة خلال الصيام في رمضان.
ويقول الرشيدي أن الصيام في رمضان، يرتكز على الامتناع عن الطعام والشراب من الفجر حتى غروب الشمس؛ وقد يتراوح وقت الصيام اليومي ما بين 10 ساعات في أشهر الشتاء إلى أكثر من 17 ساعة في أشهر الصيف حسب الموقع الجغرافي ووقت قدوم شهر رمضان من العام. لذا ينبغي ألا يكون لهذا الصيام اليومي تأثيرٌ سلبي على صحة معظم الأفراد. ومع ذلك، حتى إذا كنت مصابةً بمرض مزمن، كمرض الشريان التاجي أو مرض الكُلَى أو ارتفاع ضغط الدم أو السكري، يمكنك الصيام بأمان إذا أُديرت حالتك الصحية بشكل جيد وكانت غير مُعقدة.
وكما نصحنا خبراء RAKxa، يؤكد الدكتور الرشيدي على ضرورة قيام أي شخص لديه حالةٌ صحية مزمنة وينوي الصيام — لا سيما إذا كانت لديه مضاعفات أو يتناول أدوية للتحكم بها — أن يأخذ الوقت الكافي للتخطيط والاستعداد تجنبًا لمواجهة المشكلات أو تفاقم الحالة. وبما أن إلحاق الضرر بالجسم ليس من مقاصد الصيام، فمن الضروري التفكير في استشارة طبيب رعايتك الصحية قبل شهر رمضان — أو كلما خططت للصيام — لتوضيح أفضل السُبل للحفاظ على صحة جيدة أو تحديد ما إذا كان الصيام آمنًا بالنسبة لك.
ومن الأسئلة التي يجب طرحها وفقًا للدكتور الرشيدي:
- هل الصيام آمن بالنسبة لظروفي الصحية؟
- ما هي أفضل طريقة لتناول أدويتي؟
- هل يمكن تغيير جرعة الأدوية التي يتم تناولها عدة مرات في اليوم إلى مرة واحدة؟
- هل يجب أن أفحص مستويات الغلوكوز (السكر) في الدم بوتيرة أكبر، أو أغير جرعة الأنسولين أو الأدوية الأخرى؟
الأدوية وأخذ اللقاحات أثناء الصيام
الأدوية التي يتم تناولها عن طريق الفم وكذلك التغذية الوريدية، تُعتبر من مُفطرات الصيام. لذلك، إذا كان الصيام آمنًا، فإنه يجب تناول هذه الأدوية قبل الفجر أو بعد المغرب في حال اخترت الصيام، يؤكد الرشيدي؛ وإذا كان القيام بذلك آمنًا بعد استشارة طبيب رعايتك الصحية.
كذلك أقر العلماء المسلمون بأن الأنواع الأخرى من الأدوية لا تُفطر، ويمكن تناولها خلال ساعات الصيام. وتشمل هذه الأدوية اللصيقات الجلدية أو الكريمات العلاجية، وقطرات العينين والأذنين، والحقن من خلال الجلد أو العضلات (بما في ذلك الأنسولين)، والأكسجين الإضافي، وغسول الفم أو الغرغرة شرط عدم ابتلاعها. علاوةً على ذلك، يعتقد العديد من العلماء أيضًا أن بخاخات الأنف والمِنشَقات لا تُفطر.
فيما يخص اللقاحات، أجمع علماء المسلمين على أن اللقاحات لا تُفطر. وهكذا، فإنه من المقبول تمامًا تلقي أي لقاح مُوصى به، حتى أثناء الصيام في ساعات النهار.
في الختام، إذا كانت لديك حالة أو مشكلة صحية، ندعوك إلى استشارة طبيب رعايتك الصحية أو الصيدلي لضمان البقاء بصحة قدر الإمكان خلال شهر رمضان. وكل عام وأنت بخير!