وجبة السحور.. لماذا هي مهمةٌ لمرضى السكري
كلما حلَ شهر رمضان المبارك بنفحاته الروحانية وموائده العامرة بألذ وأشهى الأطباق، يًقبل الناس على تناول المأكولات والحلويات والمشروبات الرمضانية بشغف ونهم؛ وتُولي ربات البيوت الكثير من الإهتمام بوجبة الإفطار وما يجب أن تتضمنه من مأكولات يحب الصائمون تناولها لكسر صيامهم الطويل.
لكن ماذا عن وجبة السحور؟ ولماذا لا تلقى الرعاية والإهتمام الكبيرين كما هي وجبة الإفطار؟ وبتعبير أصح، لماذا يهتم الكثيرون بوجبة الإفطار، فيما لا يعيرون وجبة السحور إلا النذر القليل من الإهتمام؟
ينطبق هذا التساؤل على الجميع دون استثناء، وعلى أصحاب الأمراض المزمنة مثل مرضى السكري، الذين بالتأكيد يحتاجون لتناول وجبتي إفطار وسحور متوازنتين وتتضمنان كل ما تحتاجه أجسامهم من تغذية صحيحة للحفاظ على صحتهم، وعدم تعريضهم لمضاعفات صحية قد تنجم عن سوء التغذية في رمضان.
لذا توجهنا بالسؤال إلى الدكتورة نوال ابراهيم، استشارية الغدد الصماء والسكري واضطرابات التمثيل الغذائي من مستشفى "إن أم سي رويال الشارقة"، للحديث أكثر عن أهمية وجبة السحور لمرضى السكري، وما الأطعمة التي ينبغي على هؤلاء المرضى الالتزام بها في رمضان لتجنب نقص أو ارتفاع مستويات السكر بالدم.
تأخير وجبة السحور لمرضى السكري
تؤكد الدكتورة نوال أن تأخير السحور من النصائح التي أوصانا بها رسول الله (صلى الله عليه و سلم)، ويجب الالتزام بها ليس فقط شرعيًا وإنما لدواعي صحية. إذ أن ساعات الصيام الطويلة بدون تناول الطعام، تزيد من خطر الإصابة بنقص سكر الدم؛ لذلك من المهم على مرضى السكري تناول السحور قبل صلاة الفجر عوضًا عن منتصف الليل ، وهو ما يفعله الكثيرون ممن لا يريدون الاستيقاظ من جديد لتناول هذه الوجبة الأساسية خلال الشهر الفضيل.
ما هي أنواع الطعام التي يجب أن يتناولها مرضى السكري في وجبة السحور
بحسب استشارية الغدد الصماء والسكري، فإن وجبة السحور الصحية يجب أن تتضمن الكربوهيدرات النشوية التي تُطلق الطاقة ببطء في الجسم كما هي الحال مع الكربوهيدرات المُعقدة. ومعلوم أن الكربوهيدرات المُعقدة هي كربوهيدرات تتكون في الأساس من جزيئات سكرية متسلسلة؛ عندما تدخل الجسم يتم تفكيكها وتحويلها إلى جلوكوز، ويتم استخدام الجلوكوز لأمور مختلفة هامة في الجسم، ثم يتم تخزين أي كمية فائضة من الجلوكوز على هيئة جلايكوجين في العضلات والكبد ليتم استخدامه لاحقًا.
وتحتوي هذه الكربوهيدرات على نسب عالية من الفيتامينات والمعادن والألياف، ما يجعل عملية هضمها بطيئة وبالتالي يشعر الشخص بالشبع لفترات أطول. وكلما زادت درجة تعقيد الكربوهيدرات التي تتناولها كلما كان ذلك أفضل.
تجدين الكربوهيدرات في العديد من الأطعمة، منها الخضروات والفواكه كالبروكلي والسبانخ والثوم والبصل والتوت والكيوي؛ الخضروات النشوية كالبطاطس والبازلاء والجزر الأبيض؛ الحبوب الكاملة مثل دقيق الشوفان والشعير، الكينوا، الذرة والفشار، رقائق الفطور المصنوعة من الحبوب الكاملة والمعكرونة المصنوعة من الحبوب الكاملة؛ والبقوليات كالعدس والفاصوليا وفول الصويا.
كما تُشدد الدكتورة نوال على وجوب تناول الطعام بحكمة وعدم الإفراط في الأكل، وشرب كميات كافية من الماء بين وجبتي الإفطار والسحور.
ماذا عن أنواع الطعام التي يجب أن يتناولها مرضى السكري في وجبة الإفطار
تقول الدكتورة نوال: "تذكَري أن تأكلي بشكل صحي طوال العام، وتحديدًا في رمضان. إن تناول الكثير من الأطعمة المقلية والأطعمة الغنية بالدهون والسكر، يؤدي الى زيادة الوزن ورفع مستويات السكر في الدم ويجعل السيطرة عليها أكثر صعوبة. حاولي أن تتناولي كميات معتدلة من الحصص، وتذكّري أن شهر رمضان يتعلق أيضًا بضبط النفس والذات وعدم الإنغماس في الأكل بشراهة وعدم انضباط."
كذلك تنصح الدكتورة نوال كافة مرضى السكري، بضرورة استشارة اختصاصي التغذية كي يقدم لهم المزيد من النصائح حول الأكل الصحي
مشروبات يمكن لمرضى السكري تناولها في وجبتي السحور والإفطار
قد يُعرَضك الصيام لساعات طويلة لخطورة الإصابة بالجفاف، تقول الدكتورة نوال، وارتفاع مستويات السكر في الدم. لذلك تنصحك بشرب كمية كافية من السوائل الخالية من السكر، وخاصة الماء في السحور وبعد الإفطار.
مرضى السكري ومضاعفات الصيام في رمضان
لا يخفى على أحد أن الصيام في رمضان، هو مشقةٌ كبيرة على الجميع، وبشكل خاص على أصحاب الأمراض المزمنة مثل مرضى السكري. لذا تنصحك الدكتورة نوال في حال كنت تعانين من مرض السكري، بالتباحث مع طبيبك الخاص حول كيفية التعايش مع مرض السكري، كون الصيام في بعض الحالات يمكن أن يُعرَض صحتك للخطر.
ومخاطر أو مضاعفات الصيام في رمضان ترتكز على عدة عوامل منها:
- نوع مرض السكري (سواء كان من النوع الأول أو الثاني أو سكري الحمل).
- مستوى السكر في الدم والمستوى التراكمي للسكر.
- نوع الدواء الذي تتناولينه، إذ أن بعض الأدوية قد تُعرَض مرضى السكري لخطر الإصابة بنقص سكر الدم ، مثل سلفونيل يوريا والأنسولين.
- في حال كان مريض السكري يعاني من مضاعفات أخرى مثل ضعف البصر أو تلف الأعصاب أو أمراض القلب أو الكلى. هناك خطرٌ كبير من أن الصيام يمكن أن يجعل هذه الظروف الصحية أسوأ.
هل الصوم آمن في رمضان إذا كنتُ مصابةُ بمرض السكري
تجيب إم ريجينا كاسترو، (دكتور في الطب) من مايو كلينك على هذا السؤال قائلةً أن الصيام آمِن في بعض الأحيان على الرغم من إصابتك بالسكري . ولكن، تحدثي إلى طبيبك قبل أن تبدأي بالصيام، وهو سيقوم بتوضح المخاطر المحتملة الخاصة بالمضاعفات مثل ارتفاع أو انخفاض سكر الدم، والجفاف.
يمكن أن يقترح عليك طبيبك تجنَب الصيام إذا كنت عرضةً لخطر حدوث مضاعفات. وقد تكونين عرضةً لخطر شديد يتمثل في حدوث مضاعفات إذا قمت بالصيام خلال شهر رمضان، وكنت تعانين من واحد أو أكثر مما يلي:
- داء السكري من النوع الأول.
- داء السكري من النوع الثاني مع ضعف السيطرة على سكر الدم.
- سجل حديث من سكر الدم المنخفض بشدة، أو سبق إصابتك بالحماض الكيتوني السكري.
- سجل من الانخفاض الشديد في سكر الدم، أو عدم الوعي بسكر الدم المنخفض.
- حالات مثل مرض الكلى الشديد، أو مضاعفات الأوعية الدموية.
- السكري مع الحمل.
ولكن قد يكون الصيام أكثر أمانًا لك خلال شهر رمضان، على الرغم من إصابتك بالسكري، إذا كنت:
- تعانين من السكري من النوع الثاني الذي يمكن السيطرة عليه.
- قادرةٌ على السيطرة على السكري باستخدام العلاجات، أو الجلسات العلاجية المناسبة لنمط حياتك.
في حال اخترت الصيام خلال شهر رمضان، فإن طبيبك وفريق الرعاية المختص بمرض السكري سيقوم بالتوصية بالتالي:
- المراقبة الدقيقة لمستويات سكر الدم لديك.
- ضبط الجرعات العلاجية التي تتناولينها.
- مراقبة ظهور علامات انخفاض سكر الدم.
- اتباع مقترحات طبيبك بخصوص طعامك، وشرابك، وتدريباتك.
- التوقف التام عن الصيام في حال المعاناة من انخفاض أو ارتفاع سكر الدم.
في الختام، قد تكونين قادرةً على الصيام بأمان خلال شهر رمضان إذا استوعبت المخاطر، وتمكنت من السيطرة على السكري لديك، واتبعت توصيات طبيبك بعناية. والأهم أن تلتزمي بتوجيهات الدكتورة نوال فيما يخص عدم تفويت وجبة السحور وتأخيرها قدر الإمكان وتضمينها كافة العناصر الغذائية التي يحتاجها جسمك أثناء الصيام.