حلويات رمضان زينة الشهر الفضيل.. لكن متى يجب علينا تناولها

لا شك في أن شهر رمضان هو شهر الرحمة والمغفرة والترابط الأسري، ولا تخلو أمسياته ولياليه من جمعات الأهل والأصدقاء سواء على موائد الإفطار أو في الجلسات الإجتماعية بعد الإفطار لتبادل الأحاديث والاستمتاع بأشهى وألذ الحلويات الرمضانية.

ولا شك أيضًا أن حلويات رمضان هي أكثر ما يُميَز هذا الشهر، وأكثر ما يتطلع إليه الكثير من الصائمين، نظرًا لتنوعها وحلاوة مذاقها. لكن هذه الحلويات، في حال أكثرنا من تناولها، لا تعود "حلوة" على الصحة ؛ بل تتحول لكابوس مرضي مخيف يحمل معه تبعات خطيرة على أجسامنا وصحتنا النفسية والفكرية.

بين من يتناول الحلويات الرمضانية مباشرةً بعد وجبة الإفطار، وبين من يؤخرها لعدة ساعات بعد الإفطار، ومن لا يتناولها إلا بالنذر القليل خلال الشهر الفضيل؛ يحتار الناس حول التوقيت المناسب لتناول حلويات رمضان والكميات المعقولة التي لا تضر بالصحة. وهو سنحاول الإجابة عليه في موضوعنا اليوم.

تأثيراتٌ سلبية لتناول الحلويات في رمضان

يلجأ الصائمون بعد الإفطار، للإكثار من تناول الحلويات المشبعة بالسكر لتعويض طاقة الجسم وانخفاض السكر الذي يفقده جراء الصيام لساعات طويلة دون طعام أو شراب. لكن هذه الكمية الكبيرة من الحلويات التي يقبل عليها الصائمون خلال شهر رمضان، تُفسد أهم ركيزة للصيام الصحي، ألا وهي اعتماد نظام غذائي صحي قليل السكريات والدهون وغني بالألياف والخضروات ومعتدل بكمية الفواكه؛ بحسب ما صرَحت هديل بوسعيد، أخصائية تغذية لموقع "سكاي نيوز عربية" مشيرةً إلى أن تناول الحلويات مباشرةَ بعد وجبة الإفطار، قد يتسبب بمشاكل صحية عدة مثل عسر الهضم والإمساك والانتفاخ والغازات. كما أن الحلويات الكثيرة قد تؤدي لارتفاع حاد في مستوى السكر بالدم والإصابة بالصداع والخمول وضبابية الرؤية.

وتضيف بوسعيد وهي ناشرةٌ لصفحة  "Shift Your Diet"، أنه عند يلجأ الصائم لتناول الحلويات بعد وجبة الإفطار مباشرةً، فإن ذلك يؤدي لتراكم محتواها من السكريات والسعرات الحرارية في الجسم على شكل دهون؛ وهو ما قد يتسبب بزيادة ملحوظة في الوزن والإصابة بالسُمنة المفرطة لاحقًا. كما أن كثرة الحلويات في رمضان تُشكَل عبئًا على الكبد، وتزيد من خطر الإصابة بالتهاب الأمعاء.

حلوياتٌ شهية لكنها مضرةٌ بالصحة

هذا ما أفادت به بوسعيد في حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية"، مشيرةً إلى أن الحلويات التي يتم قليها وتلك التي تحتوي على السكر والقطر أو الشربات بكمية كبيرة وكذلك الدهون، هي أكثر ضررًا بالصحة. محذرةً الصائمين من مغبة الإكثار من تناول كلاج رمضان والقطايف المقلية والبقلاوة ومشبك رمضان وغيرها من الحلويات الرمضانية التي تحتوي على الكريما المحروقة وكريمة الشوكولاته. ولا تنسى بوسعيد التحذير كذلك من حلويات الكنافة الأشهر في رمضان، والتارت والتي تحتاج لكمية كبيرة من السكر والزبدة في التحضير.

الحلويات الرمضانية مشكلةٌ صحية للأسباب التالية

تقول أخصائية التغذية والتثقيف الصحي عالية الدبس في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الحلويات بشكل عام والرمضانية بشكل خاص، تحتوي على نسبة كبيرة من الطحين والسكر والدهون والحشوات من المكسرات والقشطة والكريمة وغيرها؛ ما يجعلها غنية جدًا بالسعرات الحرارية التي تقف وراء زيادة الوزن وتراكم في الدهون في الجسم في حال عدم حرقها بواسطة الرياضة أو النشاط البدني المستمر. وتعطي مثلًا على مخاطر هذه الحلويات، فقطعة واحدة من كلاج رمضان تحتوي على 400 سعر حراري. فما هي نسبة السعرات الحرارية التي يحصل عليها الصائم في حال تناول قطعتين أو أكثر من هذه الحلوى؟

قومي بالحساب بنفسك وستدركين مخاطر الإكثار من هذه الحلويات..

ما الوقت المناسب لتناول الحلويات في رمضان

حان الآن وقت الإجابة عن السؤال المهم الذي يتمحور حوله موضوعنا اليوم، ألا وهو التوقيت المناسب لتناول الحلويات الرمضانية .

في هذا الصدد، شددت الدبس على ضرورة عدم تناول الصائمين لحلويات رمضان في بداية وجبة الإفطار، لأن الجوع بسبب الصيام طوال النهار قد يجعلنا نفرط في تناولها. كما أكدت على عدم تناول الحلويات مباشرةً بعد وجبة الإفطار، لتجنب الإصابة بعسر الهضم والنفخة.

وأكدت أن أفضل وقت لتناول الحلويات هو بعد ساعتين أو ثلاث من موعد الإفطار، متبوعًا بالحركة والنشاط البدني عوضًا عن الخمول والجلوس طوال الوقت.

هل يجب الإستغناء عن الحلويات للحفاظ على صحة الجسم

تجيب الدبس على هذا السؤال قائلةً أن الحلويات الرمضانية ليست ممنوعة بالكامل لمن يريد التمتع بجسم صحي؛ إذ يمكن تناولها باعتدال بعد إجراء تعديلات عليها لا تؤثر على مذاقها الحلو فمثلاً يمكن تناول الحلويات الجاهزة من المتاجر، وتحضيرها في المنزل للتحكم بالمقادير ونوعية المحتوى وتقليل عدد السعرات الحرارية.

ولتحقيق ذلك، يمكن شوي القطايف مثلًا عوضًا عن قليها، ما يثخقَف من نسبة السعرات الحرارية في الحبة الواحدة من 360 إلى 250 سعر حراري حسب نوع الحشوة. كما يمكنك تقليل نسبة إضافة القطر للحلويات، أو استخدام القطر الدايت أو استبداله عند الامكان بالدبس أو العسل، إضافة الى استبدال الحشوات التي تحتوي على أجبان كاملة الدسم، بأجبان قليلة الدسم، وعدم إضافة السكر للحشوة واستبداله بالتمر أو العسل. وأشارت الدبس إلى أن هذه الخطوات، كفيلةٌ بالحفاظ على صحتنا واستمرارنا بالاستمتاع بالحلويات الرمضانية التي تُعدَ جزءًا مهمًا من تقاليدنا العربية خلال الشهر الفضيل.

مخاطر الإكثار من تناول الحلويات في رمضان

إن كنت من عشاق تناول الحلويات بكثرة في رمضان، ننصحك بالتخفيف من هذه العادة قدر الإمكان؛ لأن الإفراط في تناول الحلويات بأنواعها المختلفة ، يمكن أن يكون له تأثيرات سلبية ومخاطر على صحتك.

وبحسب ما أفاد موقع صحيفة "النهار" اللبنانية، فإن الإكثار من تناول الحلويات السكرية في رمضان قد يتسبب بالمخاطر الآتية:

• زيادة الوزن

تزخر الحلويات الرمضانية بالسكر الذي يزيد من خطر الإصابة بالسمنة؛ كما يزيد استهلاك الفركتوز من الجوع والرغبة في تناول الطعام أكثر من الجلوكوز، وهو النوع الرئيسي من السكر الموجود في الأطعمة النشوية. أيضًا، قد يتسبب الاستهلاك المفرط للفركتوز في مقاومة هرمون الليبتين، وهو هرمون تنظيم الشبع ومحاربة الجوع.

• رفع خطر الإصابة بأمراض القلب

كثيرًا ما ترتبط الأنظمة الغذائية الغنية بالسكر، بزيادة خطر الإصابة بأمراض عدة مثل أمراض القلب، التي تُعدَ السبب الأول للوفاة حول العالم. وتشير الدراسات إلى أن الإكثار من الحلويات الرمضانية المشبعة بالسكر، قد يتسبب بالإصابة بالسمنة والالتهابات وارتفاع مستويات الدهون الثلاثية والسكر في الدم وضغط الدم. وقد تم الربط بين تناول السكر بكثرة والإصابة بتصلب الشرايين، وهو مرضٌ يتميز بوجود رواسب دهنية وانسداد الشرايين.

• ظهور حب الشباب

يربط الخبراء بين زيادة تناول الأطعمة والمشروبات السكري والغنية بالكربوهيدرات المكررة وبين الإصابة بحب الشباب؛ كون هذه الأطعمة المرتفعة بالمؤشر الجلاسيمي، ترفع نسبة السكر في الدم وتزيد من مستويات الأنسولين، ما يؤدي إلى زيادة إفراز الأندروجين وإنتاج الالتهابات، وكلها تلعب دوراً في تطور حب الشباب.

• زيادة خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني

تقف السمنة كأحد الأسباب المباشرة وراء الإصابة بمرض السكري. ويتسبب الإستهلاك المرتفع للسكر بمقاومة الأنسولين، وهو هرمون ينتجه البنكرياس ويعمل على تنظيم مستويات السكر بالدم.

• رفع خطر الإصابة بأمراض السرطان

تناول السكر بكميات كبيرة، كما هو الحال مع حلويات رمضان، يمكن أن يزيد من خطرالإصابة ببعض أنواع السرطان.

• خطر الإصابة بالاكتئاب

يُعدَ السكر أحد أسباب الإصابة بالاكتئاب؛ وبحسب الباحثين، فإن تقلبات السكر في الدم وعدم انتظام الناقل العصبي والالتهاب، قد تكون كلها أسبابٌ لتأثير السكر الضار على الصحة العقلية.

• تسريع شيخوخة الجلد

ربما لم تعلمي حتى الآن، أن السكر هو أحد مُسبَبات شيخوخة الجلد المبكرة؛ كون النظام الغذائي السيء الذي يحوي كميات كبيرة من السكر قد يؤدي إلى زيادة التجاعيد في الجسم وتسريع عملية شيخوخة الجلد، ما يعني تقدم بشرتك في العمر قبل الآوان بسبب إتلاف السكر للكولاجين والإيلاستين؛ وهما بروتينات تساعد على تمدد الجلد والحفاظ على مظهره الشاب.

ختام القول، أن مذاق الحلويات الرمضانية قد يغرينا لتناول كميات كبيرة منه دون حسيب أو رقيب. لكن صحتنا مهمةٌ لنا، وهي أكثر ما يتضرر من آثار الإكثار من تناول هذه الحلويات؛ لذا ننصحك عزيزتي بتقليل هذه العادة في رمضان واللجوء للخيارات الصحية التي تضمن لك التمتع بالمذاق الحلو خلال أيام الشهر الفضيل.