اضطرابات تناول الطعام... حالةٌ مرضية شائعة بين النساء إليك تأثيراتها
لا قاعدة واضحة فيما يخصّ مرض اضطرابات تناول الطعام، وهذا ما يجعله حالة مرضية صعبة، تتباين أعراضها من مريض لآخر.
ورغم معرفة الطب بالكثير عن مرض اضطرابات الأكل، وزيادة الوعي به في السنوات الماضية، إلا أن الأبحاث ما زالت قاصرةً فيما يخص تأثير الصيام على مرضاه. إنها منطقة حساسة يتداخل فيها الطب النفسي مع التغذية، وبالتأكيد لا يوجد وعي كافٍ بتأثيرها على الصائمين في رمضان ما يفاقم معاناة المرضى.
لا توجد توصيات حتى الآن بخصوص تأثير صيام شهر رمضان على مرضى اضطرابات الأكل، لكن الأبحاث تُجرَى حول الصيام المتقطع وتأثيره، وما نعرفه حتى الآن هو أنه يؤثر تأثيرًا سلبيًا على الُمُصابين به.
أما بخصوص تأثر المرضى بشهر رمضان، فالأمر لا يتعلق بالصيام في حد ذاته بل بكون شهر رمضان يتمحور حول الطعام بدرجة كبيرة، والأجواء الاحتفالية التي تُركز على الأكل، ما يضع ضغطًا كبيرًا على مرضى النهم العصبي وهو نوع من أنواع اضطراب الشراهة.
أما مرضى الأنوركسيا وهو النوع الثاني فقد يستغلون رمضان كفرصة للدايت والتحكم في الوزن، ما يوصلهم إلى مرحلة المجاعة starvation، الأمر الذي يؤثرعلى صحتهم وأجهزتهم الحيوية بشكل عام.
عمومًا لا يُمكننا تشخيص مرضى اضطراب الأكل من دون كشفٍ طبي مُتخصص يُحدد سبب المُشكلة بدقة تبعًا لحالة كل مريض، وخصوصًا أثناء شهر رمضان.
وبالتالي سيحتاجون إلى مُتابعة خاصة في شهر رمضان، عن طريق التنسيق بين الطبيب النفسي وطبيب التغذية معًا لوضع خطة علاج وتغذية مُشتركة؛ ليُحدد الأطباء ما إذا كان بوسع المريضة الصيام أم لا، وإذا سمحت حالتها بالصيام فهُناك تعليمات يجب أن تلتزم بها بدقة ليمر صيامها بسلام.
من هذا المنطلق، وجب علينا أن نتعرف على هذا المرض وأعراضه بالتفصيل، من خلال استشاري السمنة والنحافة الدكتور هشام الوصيف من القاهرة.
سلوكيات الأكل المُستمرة
بحسب دكتور هشام، أثبتت الدراسات المتنوعة أنه الأكثر شيوعًا بين النساء مقارنة بالرجال، خصوصًا النساء الأصغر سنًا. وهوعبارة عن حالات خطيرة ترتبط بسلوكيات الأكل المُستمرة، والتي تؤثر بشكل سلبي على الصحة، والعواطف، والقدرة على التأدية الوظيفية في جوانب مهمة من الحياة. أكثر اضطرابات الطعام شيوعًا هي: فقدان الشهية العصبي، والشَّرَه العصبي، واضطراب نَهَم الطعام.
سلوكيات تؤذي الوظائف الحيوية
وأضاف: غالبًا ما تَحدُث اضطرابات الأكل في سن المراهقة والشباب، على الرغم من أنها قد تَحدُث في الأعمار الأخرى. تشمل التركيز بشكل كبير على الوزن وشكل الجسم والطعام؛ ما يؤدي ذلك إلى سلوكيات خطيرة في تناول الطعام.
هذه السلوكيات يُمكن أن تؤثر بقوة على حصول الجسم على التغذية المُناسبة، وبالتالي إصابة الجسم بالأمراض المتنوعة، خصوصًا التي تُصيب القلب، والجهاز الهضمي، والعظام، والأسنان، والفم.
الأعراض مرتبطة بنوع الاضطراب
أوضح دكتور هشام، أن الأعراض تختلف حسب نوع اضطراب الأكل سواء "فُقدان الشهية العصبي، ومرض الشّره العصبي"، وكذلك اضطراب الإسراف في تناول الطعام الذي يُعتبر أكثر الاضطرابات شيوعًا عند تناول الغذاء. وذلك بخلاف اضطرابات تناول الغذاء الأخرى" اضطراب الاجترار، واضطراب تناول الطعام الاجتنابي".
فقدان الشهية العصبي
وبحسب دكتور هشام، يُطلق عليه عادةً "أنوركسيا" وهو اضطراب في الأكل قد يصبح مهدّدًا للحياة يميزُه انخفاض وزن الجسم بصورة غير عادية، خوف حاد من اكتساب الوزن، وفَهم مضلِّل للوزن والشكل.
المصابون بالأنوركسيا يبذلون قصارى جُهودهم للسيطرة على وزنهم وشكلهم، ما يتداخل ذلك بصورة واضحة مع صحتهم ونشاطاتهم الحياتية.
الشره المرضي العصبي
وأضاف: بوليميا نرفوزا "النهم"، أو الذي يُطلق عليه بشكل شائع اسم الشره المرضي هو اضطراب خطير في الأكل يُمكنه أن يهدّد الحياة. إذ تُعاني المُصابات به من نوبات الإفراط والإسهال، والتي تتضمّن نقصًا في السيطرة على الطعام.
تقوم العديد من المصابات بالبوليميا أيضًا بالحدّ من أكلهن أثناء اليوم؛ ما يؤدي ذلك غالبًا إلى المزيد من الأكل المفرط والإسهال.
أثناء هذه النوبات، تأكل المُصابة كمية كبيرة من الطعام في وقت قصير، ثم تُحاوِل التخلُّص من السعرات الحرارية الزائدة بطريقة غير صحية. قد تتقيأ عن عمّد أو قد تُمارِس الرياضة بصورة مُفرطة، أو تستخدم أساليب أخرى، مثل المُسهلات " المليِنات"؛ لتتخلَّص من السعرات الحرارية، بدافع الذنب، والإحساس بالخجل، والخوف الدائم من زيادة الوزن نتيجة الأكل المُفرط.
اضطراب نهم الطعام
من ناحية أخرى، أشار دكتور هشام، إلى أن اضطراب نهم الطعام مرتبط بتناول كميات كبيرة من الطعام بانتظام أي "الشراهة"، وعدم القدرة على التحكم في تناول الطعام، والأكل بسرعة أو تناول كميةً من الطعام أكثر مما تحتاجها المُصابة، حتى في وقت عدم شعورها بالجوع، وقد تستمرّ بتناول الطعام حتى بعد مدةٍ طويلةٍ من شعورها بالشبع الزائد.
بعد الأكل بشراهة، قد ينتابها شعور بالذنب أو الاشمئزاز أو الخجل حسب سلوكها وكمية الطعام التي تناولتها. ولكنها لا تحاول التعويض عن هذا السلوك بالإفراط في ممارسة الرياضة أو استخدام المسهلات كما الحال عند المصابات بالشره المرضي أو فُقدان الشهية. ويمكن أن يقودها شعورها بالإحراج إلى تناول الطعام بمفردها لإخفاء شراهتها.
اضطراب تجنُّب"تقييد" تناول الطعام
وأضاف: يتميز هذا الاضطراب بعدم تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية اليومية؛ بسبب فُقدان الاهتمام بالأكل، حيث تتحاشى المواد الغذائية ذات الخصائص الحِسِّية المعينة مثل اللون، أو الملمس، أو الرائحة، أو الطعم، أو الشعور بالقلق إزاء عواقب تناول الطعام، مثل الخوف من الاختناق. يُمكن أن يؤدي هذا الاضطراب إلى خسارةٍ كبيرةٍ في الوزن، أوعدم اكتساب الوزن، فضلًا عن نقص التغذية الذي يُمكن أن يُسبب مشاكلَ صحية.
العلامات الحمراء التي تُشير إلى وجود اضطرابات تناول الطعام
أكد دكتور هشام، هذا الموضوع يحتاج إلى المزيد من البحث والدراسة، كما أنه مرتبط بدعم أطباء التغذية والنفسانيين من دون استثناء لمن يحتاج المُساعدة والعلاج؛ أما عن العلامات الحمراء التي تُشير إلى وجود هذا الاضطراب وتحتاج للمُتابعة مع المُختصين، فهي:
- عدم تناول وجبات الطعام أو تقديم الأعذار لعدم تناول الطعام
- اتباع نظام غذائي نباتي مُقيد بشكل مفرط.
- التركيز الزائد على تناول الطعام الصحي.
- إعداد وتحضير وجبات طعام خاصة بدلًا من تناول الطعام الذي تَتناول منه الأسرة
- الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية العادية.
- القلق الدائم أو الشكوى من البدانة والتحدث عن فقدان الوزن.
- فحص القوام بشكل متكرِّر في المرآة اعتقادًا بوجود عيوب به.
- تناول كميات كبيرة من الحلوى أو الأطعمة الغنية بالدهون بشكل متكرر.
- استخدام المكملات الغذائية، أو المُلينات، أو الأعشاب لفقدان الوزن.
- الإفراط في ممارسة الرياضة.
- تكّون طبقة جلد سميكة على مفاصل الأصابع نتيجة إحداث القيء المُتعمد
- مشاكل فقدان مينا الأسنان التي قد تَكون علامة على القيء المُتكرر.
- المُغادرة أثناء تناول الطعام لاستخدام المرحاض.
- التهام كمية أكبر من المقدار الطبيعي من الطعام في الوجبات الرئيسية أو الوجبات الخفيفة.
- التعبير عن الاكتئاب أو الاشمئزاز أو الخجل أو الشعور بالذنب بسبب عادات الأكل
- الأكل سرًا
وأخيراً، أشار دكتور هشام، إلى أن الصيام خلال ساعات النهار يُمكن أن يخفي أنماط النظام الغذائي المرتبطة باضطرابات الأكل، كما أن الشعور بالجوع أثناء الصيام قد يوّلد الرغبة في تناول كميات كبيرة من الطعام بسرعة عند الإفطار، ثم التخلّص منها لاحقًا.
بناءً على ماسبق، لا تترددي عزيزتي في استشارة طبيب التغذية وطلب الدعم النفسي أيضًا إذا كنتِ تُعانين من أحد أنواع اضطرابات تناول الطعام لإيجاد الحلول المُناسبة لكِ وفقًا لطبيعة جسمك وحالتك الصحية وليس غير ذلك.