تقوية المناعة وتجديد خلايا الجسم.. هكذا نستفيد من الصيام في رمضان

مع اقتراب شهر الصيام في رمضان على الإنتهاء بعد عدة أيام، لا يمكننا ألا أن نشكر الله ونحمده على منحنا الفرصة من جديد هذا العام للقيام بهذه الفريضة وإتمامها كما أمرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم.

نعم، هي فرصةٌ ذهبية لا تتكرر إلا مرة واحدة كل سنة؛ ونستفيد منها بشكل كبير فيما يخص الصحة الجسدية والنفسية. فالصيام ليس فقط واجبٌ ديني يُقربَنا من الله، ونسعى من خلال لمحو الذنوب وتعلَم الصبر والجلَد والقدرة على التحمل؛ بل هو وسيلةٌ ربانية تساعدنا في الحفاظ على صحتنا وتقوية أجسامنا وتجنيبنا العديد من الأمراض. حتى أن الصيام قد يسهم في علاج أو تقليل شدة بعض الأمراض الخطيرة.

والسؤال هنا هو التالي: كيف نستفيد من الصيام فيما يخص الصحة؟ وهو ما سوف نجيب عليه بناءً لمعلومات أوردها أحد المواقع الإلكترونية نقلًا عن مختصين في الصحة. وهنا لا بدَ من التذكير مجددًا، بأن استشارة الطبيب ضروريةٌ قبل البدء بالصيام، خاصةً لمن يعانون من بعض الأمراض، لتبيان مدى سلامة وأمان الصيام على هؤلاء المرضى وكيفية استفادتهم من مزايا الصيام.

ما هي فوائد الصيام الصحية

بدايةً مع الدكتورة إيمان مصطفى، أستاذة بقسم التغذية وعلوم الأطعمة في المركز القومي للبحوث في القاهرة، التي نقل عنها موقع "اليوم السابع" حديثها عن أهمية الصيام وفوائده الصحية على الصحة بشكل عام، وعلى مناعة الجسم بصورة خاصةً .

كيف يؤثر الصيام على الجهاز المناعي

وقالت الدكتورة إيمان أن الصيام يسهم في تقليل ضغط الدم المرتفع، وتحسين مستوى الكوليسترول والسكر في الدم. كما يُعدَ الصيام عاملًا وقائيًا وعلاجيًا مساعدًا في أمراض السرطان من خلال تقوية جهاز المناعة.

وفي نشرة طبية مختصة، أكدت أستاذة التغذية أن الجهاز المناعي في جسم الإنسان يقوم بالعديد من العمليات الحيوية لحمايته من الأمراض والسموم والخلايا السرطانية .

الصيام يعزز المناعة ويبعث الحياة في الجسم

وجهاز المناعة هو منظومةٌ متكاملة من كريات الدم البيضاء، البروتينات مثل السيتوكين، الأجسام المضادة، والأنسجة مثل الجلد وقرنية العين والغشاء المخاطي المُبطَن للجهاز التنفسي والهضمي والتناسلي والطحال والغدد الليمفاوية واللوزتين والزائدة الدودية والنخاع العظمي والغدة الزعترية.

ويعمل هذا الجهاز المهم وفق نظامين مناعيين:

1. مناعة فطرية أو طبيعية نتوارثها من الآباء.
2. مناعة مُكتسبة تحدث جراء الإصابة بمرض أو بعد أخذ أحد اللقاحات المختلفة.

ووفقًا للدكتورة إيمان، يسهم الصيام بدور كبير في تقوية كلا النوعين من المناعة. وهو ما أوضحته دراسةٌ أمريكية، مشيرة إلى أن الصيام لساعات طويلة يُحفَز نشاط جهاز المناعة من خلال التخلص من الخلايا الميتة أو التالفة التي لا يحتاجها الجسم؛ كما يساعد على إنتاج خلايا جديدة تُعزَز من دور وفعالية المناعة. وكانت دراسات وأبحاث عدة أجريت خلال الأعوام الماضية، منها صيام رمضان والصيام المتقطع، خلصت إلى أن الصيام الذي يستمر لمدة 16 ساعة فأكثر، يؤثر إيجابًا على الخلايا المناعية. إذ تغادر هذه الخلايا مجرى الدم أثناء الصيام، وتلجأ إلى نخاع العظم المعروف بغناه بالمواد الغذائية لتبدأ بالتكاثر وتعزيز طاقتها ونشاطها وقدرتها على حماية الجسم وتقليل فرص الإصابة بالأمراض مثل كورونا.

ويسهم الصيام في تحفيز الجسم لإفراز العديد من البروتينات المساعدة في تنظيم عمليات التمثيل الغذائي، إصلاح الحمض النووي، تقوية المناعة وزيادة القدرات المعرفية. كما يؤثر الصيام على مايكروبيومات الأمعاء، من خلال "حبس" العناصر الغذائية عندما يكون الطعام محدودًا ما يحول دون منع الجراثيم من اكتساب الطاقة التي تحتاجها لإصابتنا بالمرض. كذلك فإن الصيام مفيدٌ في إفراز مادة الإندروفين وهي من هرمونات السعادة، وتعمل على تعديل إنتاج الأجسام المضادة من الخلايا المناعية، ما يؤدي إلى تهدئة الجهاز المناعي. ولا ننسى دور الصيام في زيادة قدرة كريات الدم البيضاء على مقاومة الميكروبات المسببة للأمراض والقضاء عليها، ما يُقلَل من فرص العدوى في الجسم.

المزيد من فوائد الصيام على جهاز المناعة

أثبتت الدراسات أيضًا أن للصيام دورٌ إيجابي كبير في بعض أمراض المناعة الذاتية مثل التصلب المتعدد، السكري من النوع الأول، مرض إلتهاب المفاصل الروماتويدي، وداء الأمعاء الإلتهابي. إذ يُحسَن الصيام من أعراض هذه الأمراض عن طريق تجديد الخلايا المناعية التالفة بأخرى سليمة. لكن الصيام قد لا يكون مفيدًا لمرضى الإنفصام، كونه قد يتسبب في بعض التغيرات في الخلايا المناعية لديهم، ما يؤدي إلى تأخر حالتهم الصحية. كذلك الأمر بالنسبة للرياضيين الذين لا يؤثر الصيام سلبًا عليهم؛ لكنه قد يزيد من معدل الإرهاق في أجسامهم، إلا أنه يعود لمستواه الطبيعي بعد انتهاء شهر رمضان.

كيف نستفيد من الصيام لتقوية المناعة

لجني هذه الثمار المفيدة للصيام، تؤكد الدكتورة إيمان على وجوب اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن بعد الصيام في رمضان وخلال وجبتي الإفطار والسحور؛ للإستفادة بشكل تام من فوائد الصيام على الجهاز المناعي.

5 اطعمة لزيادة المناعة في رمضان

ونصحت أستاذة التغذية بضرورة تناول وجبات طعام تحتوي على الفيتامينات والأملاح المعدنية والبروبيوتك، إضافة لشرب كميات كافية من الماء. كما يجب التركيز على التالي:

• الحرص على تناول فيتامين "سي" الموجود في الحمضيات والفراولة والفلفل والبقدونس وغيرها، كون الجسم لا يستطيع إنتاج أو تخزين هذا الفيتامين الحيوية.
• تناول الأطعمة الغنية بأحماض أوميغا 3 الدهنية الصحية، مثل الأسماك الدهنية وبذور الكتان والمُكسرات.
• التركيز على الأطعمة الغنية بالحديد مثل اللحوم الحمراء والبروكلي.
• الإكثار من تناول الخضراوات والفاكهة.
• الإبتعاد قدر الإمكان عن الأطعمة الغنية بالسكر والدسم والأملاح والأطعمة المُصنَعة لما لها من تأثيرات سلبية على الجهاز المناعي بصفة خاصة وعلى الصحة بصفة عامة.

  

وفي الختام، شدَدت الدكتورة إيمان على ضرورة الإقلاع نهائيًا عن التدخين؛ كونه يُرهق جهاز المناعة عند دخولة إلى الرئتين؛ كما يُقلَل من عمل الأغشية المخاطية في القصبة الهوائية، ما يُسهَل مرور الجراثيم دون حماية والتسبب في التعرض للأمراض. مؤكدة أن الصيام وسيلةٌ فعالة للإقلاع عن التدخين وحماية تلك الأغشية المخاطية من التلف.

لذا ندعوك عزيزتي القارئة لاغتنام الفرصة والاستفادة القصوى من مزايا وفوائد الصيام على صحتك؛ وذلك بالالتزام بنمط حياتي وغذائي صحي يمنحك الفرصة الذهبية لتقوية مناعتك وحماية نفسك وأحبتك من العديد من الأمراض.