العلاج الطبيعي.. أحد الطرق الفعالة لإدارة مرض باركنسون
يتفاجأ البعض عندما نتحدث عن أمراض خاصة بالنساء أو الرجال حصرًا، أو أمراضًا لها علاقة وثيقة بالتقدم بالسن. والحقيقة أن معظم "أمراض الشيخوخة" كما يُطلق عليها، قد يكون لها أسبابٌ وراثية كذلك الأمر، لكنها لا تظهر إلا مع التقدم بالعمر.
من هذه الأمراض، الباركنسون وهو مرضٌ عصبي تظهر أعراضه على الوجه واليدين وحيث تتواجد الأعصاب في الجسم. ويُعدَ باركنسون من الأمراض المرتبطة بشكل كبير بكبار السن؛ وفي حال إصابة الشباب بهذا المرض، فإن العامل الوراثي قد يكون قويًا في هذه الحالة.
يحتفي العالم في أبريل من كل عام، بشهر التوعية بمرض باركنسون، والذي يبدو أنه يشهد زيادات في أعداد المصابين به في المملكة العربية السعودية؛ نتيجة التحول الديموغرافي في المملكة والزيادة المرتقبة في أعداد الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن 60.
للأسف، لا يمكن الشفاء من مرض باركنسون، كما هو الحال مع العديد من أمراض الجهاز العصبي؛ لكن بعض الأدوية التي يصفها الطبيب المختص حسب الحالة الصحية للمريض يمكنها تخفيف الأعراض إلى حد كبير. وفي بعض الأحيان، قد يقترح الطبيب إجراء جراحة معينة، لتنظيم عمل مواضع محددة من الدماغ وتحسين الأعراض.
كذلك يساعد العلاج الطبيعي في إدارة هذا المرض بصورة كبيرة؛ وهو ما يطلعنا عليه الدكتور أحمد الدخيل، أخصائي العلاج الطبيعي في مجموعة مستشفيات المانع في المملكة العربية السعودية.
إدارة مرض باركنسون بواسطة العلاج الطبيعي
بحسب الدكتور الدخيل، يأتي دور أخصائي العلاج الطبيعي كجانب أساسي في التعامل مع مرض باركنسون، لأهميته في الحفاظ على قدرة المريض على الحركة والتنقل ومنع المضاعفات المستقبلية. وهذا الأمر لا يقتصر على المريض وحده، ولكنّه يشمل أيضًا عائلته ومقدّمي الرعاية من حوله. وأوضح الدكتور أحمد الدخيل، استشاري العلاج الطبيعي قائلًا: "نسعى إلى مساعدة الأفراد الذين يعانون من مرض باركنسون في الحفاظ على الاستقلالية والاعتماد على أنفسهم، وتحسين قدرتهم على الحركة والتنقل، وتعزيز جودة حياتهم من خلال التمارين والتقنيات المتخصصة."
وهذا العام، يُركَز شهر التوعية بمرض باركنسون على معدل الإصابة بالمرض؛ حيث يتم تشخيص فرد واحد بالمرض كل ست دقائق، وذلك تحت وسم #Take6forPD. وعلى الرغم من أن المرض يؤثر على كافة جوانب حياة المريض، إلا أنه من المبشّر وجود عدة طرق فعالة لإدارة مرض باركنسون من خلال العلاج الطبيعي؛ بما في ذلك التمرين، وإعادة التأهيل والتدريب على المشي، وتمارين التمدد وتحسين المرونة، والتدريب الوظيفي، والرعاية المتكاملة.
تمارين تساعد على إدارة مرض باركنسون
لتحديد التمارين الواجب اتباعها لإدارة مرض باركنسون، أفادنا الدكتور الدخيل بأن التمارين الهوائية تحديدًا مثل الأيروبيكس وتمارين المقاومة وتمارين التوازن، هي الأفضل للتقليل من أعراض هذا الباركنسون كالتيبس والرعشة ومشاكل التوازن.
مضيفًا أن إعادة التأهيل والتدريب على المشي، يتم عبر تقنية علاج طبيعي متخصصة تعمل على تحسين قدرة الفرد على المشي باستخدام تقنيات متعددة، من بينها التدريب على جهاز المشي والإشارات والتفاعل البصري. فيما تساعد تمارين التمدد على تحسين المرونة وزيادة نطاق الحركة، أما التدريب الوظيفي فهو كفيلٌ بتعزيز أداء الأنشطة اليومية مثل ارتداء الملابس والاستحمام والطبخ بتقنيات مثل التدريب المخصص للمهمات، والمعدات التكيفية، والتعديلات في البيئة المحيطة بالمريض.
وقد يوصي أخصائي العلاج الطبيعي بالحصول على مساعدة أعضاء إضافيين في الفريق لمعالجة المشاكل الحركية وغير الحركية التي قد تنشأ عن مرض باركنسون. ويحتاج الأفراد المصابون بمرض باركنسون إلى التعاون مع طبيب أعصاب وأخصائي علاج طبيعي، لوضع خطة علاج خاصة بالمريض تراعي احتياجاته وأهدافه.
ما الذي ينبغي فعله لإدارة مرض باركنسون؟
في حال كان لديك أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء والمحيطين مصابٌ بمرض باركنسون، لا بد أن تعلمي أن إدارة هذا المرض أمرٌ ضروري وفعال منذ اللحظة الأولى لتشخيص الإصابة. ويقدم الأطباء المختصون وأخصائيو العلاج الطبيعي والحركي، الكثير من المساعدة والنصح في هذا الصدد، لمساعدة المصاب بالمرض ومن يقوم برعايته بالتخفيف من حدة المرض وتداعياته على صحته وحالته النفسية ووضعه الإجتماعي. وذلك من خلال إجراء تقييم للحالة يسهم في الحفاظ على مستوى لياقة المريض وتحسين وضعية وقوفه والحفاظ على توازن جيد مع تقدم المرض، بهدف الحفاظ على استقلالية المريض قدر الإمكان وحتى لا يشعر أنه بات عبئًا على المحيطين به.
يُعتبر مرض باركنسون من الحالات المُعقَدة التي تؤثر بشكل كبير على جودة حياة الفرد. ومع ذلك، ومن خلال الاعتماد على تقنيات العلاج الطبيعي، يمكن للأفراد إدارة أعراضهم والحفاظ على استقلاليتهم وتعزيز جودة حياتهم عمومًا. فلا تتواني عن السؤال والاستفسار عن هذا النوع من العلاجات، لمساعدة المصابين بهذا المرض في عائلتك على إدارته بشكل جيد كي لا يؤثر سلبًا على حياتهم.
ما هو مرض باركنسون
لمعرفة المزيد حول مرض باركنسون، أسبابه وأعراض وطرق علاجه، إليك بعض المعلومات القيَمة التي نشرها موقع "مايو كلينك" الطبي.
داء باركنسون هو اضطرابٌ يؤثر على الجهاز العصبي وأجزاء الجسم التي تسيطر عليها الأعصاب. وتبدأ الأعراض ببطء، لكن المريض يمكن أن يتفاقم بشكل تدريجي. وأول الأعراض ظهور رُعاش غير ملحوظ كثيرًا في يد واحدة فقط؛ وحدوث الرُعاش من الأعراض الشائعة لمرض باركنسون، لكن هذا الاضطراب قد يسبب أيضًا تيبّسًا وبطئًا في الحركة.
في المراحل المبكرة من داء باركنسون، قد يظهر على الوجه بعض التعبيرات القليلة، أو لا تظهر على الإطلاق. وقد لا تتأرجح الذراعين أثناء المشي، كما قد يصبح النطق ضعيفًا أو غير واضح. وتزداد أعراض داء باركنسون سوءًا بتفاقم الحالة مع الوقت.
أسباب الإصابة بمرض باركنسون
السبب وراء مرض باركنسون غير معروف بصورة تامة، لكن بعض العوامل قد يكون لها دورٌ في الإصابة بالمرض وتشمل:
- الجينات: اكتشف الباحثون تغيرات جينية محدّدة ربما تتسبب بحدوث مرض باركنسون، لكنها غير شائعة؛ باستثناء حالات نادرة يُصاب فيها العديد من أفراد العائلة بهذا المرض.
- العوامل البيئية: منها التعرض لمواد سامة محددة أو عوامل بيئية تزيد من خطر الإصابة بالمراحل المتأخرة من مرض باركنسون، ولكنه خطرٌ بسيط.
- لاحظ الباحثون أيضًا حدوث العديد من التغيُّرات في أدمغة المصابين بمرض باركنسون، على الرغم من عدم وضوح سبب هذه التغيُّرات. وتتضمن تلك التغيُّرات وجود جُسيمات ليوي وهي عبارة عن كتل لمواد محددة في خلايا الدماغ قد تؤشر لوجود مرض باركنسون، وجود ألفا سينوكلين الموجودة في جُسيمات ليوي أهمها وهو بروتين طبيعي وواسع الانتشار ويتواجد في جميع جُسيمات ليوي على هيئة تكتُّلات تعجز الخلايا عن تكسيرها. وهذا أحد مجالات التركيز المهمة حاليًّا بين الباحثين المتخصصين في مرض باركنسون.
كما أن بعض عوامل الخطر قد ترتبط بمرض باركنسون، مثل التقدم بالسن حيث أن معظم حالات الإصابة بمرض باركنسون يتم تسجيلها لدى الأفراد فوق سن 60، وجود قريب مصاب بمرض باركنسون ضمن العائلة الواحدة، التعرض للسموم كالمبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب. ولا ننسى أن نذكر أن مرض باركنسون أكثر شيوعًا بين الرجال مقارنة بالنساء.
في الختام، لكل امرء الحق في حياة فائقة الجودة، والصحة حقٌ مشروع لكل إنسان على وجه البسيطة. لكن الله يبتلينا ببعض الأمراض التي نحتاج لتعلم إدارتها والتخفيف من حدتها، خاصةً تلك التي لم يتوصل العلماء لعلاج نهائي لها. لذا من الضروري السعي وراء كافة الوسائل المساعدة للتقليل من حدة مرض باركنسون على المصابين به، وطلب المشورة الطبية والأخذ بنصائح المختصين في هذا المجال كي لا تتأثر جودة حياتهم بشكل كبير.