في اليوم العالمي للبهاق.. لا تدعيه ينتصر عليك
عندما بدأ جسم المغني العالمي الراحل مايكل جايسون Michael Jackson، بالتحول للون الأبيض؛ ظن كثيرون أنه خضع لعمليات تبييض لكافة أنحاء جسمه. وربما يكون مغني الروك الأشهر في العالم، عمد لبعض العلاجات لجعل وجهه وجسمه يتحولان للون الأبيض، بعدما بدأت بقعٌ بيضاء بالظهور عليه بسبب إصابته بمرض البهاق.
لكن العالم لم يسمع بهذا المرض بشكل كبير، أو يتعرف عليه بصورة أوضح؛ إلا بعد أن قامت عارضة الأزياء الشهيرة ويني هارلو Winnie Harlow، بغزو منصات عرض الأزياء بجسد ووجه يملأهما البقع البيضاء الناتجة عن هذا المرض.
وفيما أخفى العديد من المشاهير إصابتهم بالبهاق، مثل الممثل الهندي أميتاب باتشانAmitabBatchan؛ إلا أن مشاهير آخرين ومؤثرين بارزين، مثل كارين وازن Karen Wazen من لبنان وسلامة محمد Salama Mohamed من الإمارات والمغني المصري رامي جمال Rami Jamal، عمدوا للإعلان عن إصابتهم بهذا المرض. بل وقاموا بحملات توعية ونشر المزيد من المعلومات حوله، لتشجيع العديد ممن وقعوا فريسة هذا المرض لعدم الخوف والحديث عنه براحة.
وفي اليوم العالمي للبهاق الذي يصادف 25 يونيو من كل عام، والذي عُقد أول مرة في العام 2011 بهدف إبراز هذا المرض (المنسي) إلى أعين الجمهور، وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه المصابين بالبهاق؛ نتعرف وإياك عزيزتي القارئة على أسباب وأعراض البهاق، وطرق علاجه والتعايش معه، من خلال معلومات وافتنا بها الدكتورة دينا اسماعيل، أخصائية الأمراض الجلدية من "مجموعة برايم الصحية".
بدايةً، ما هو مرض البهاق؟..
هو اضطرابٌ يتميز بظهور بقع بيضاء على الجلد وتغيَر لون الأنسجة الجلدية، في مناطق معينة من الجسم؛ ويُعدَ البهاق من أمراض المناعة الذاتية،ويحدث بسبب تدمير المناعة للخلايا التي تصنع الصبغة واللون بالجلد، والتي تُسمى بالخلايا الصبغية. وقد يؤثر البهاق أيضًا على الأغشية المخاطية مثل الفم، والأنف، والعين.
هل البهاق مرضٌ وراثي؟
يتساءل الكثيرون عن هذه المسألة. وتجيبنا الدكتورة اسماعيل عليها بالآتي: "قد ينتقل مرض البهاق في العائلة عن طريق الوراثة، وذلك لأن الجينات تلعب دورًا مهمًا في الإصابة به. ووُجد أن حوالي 30٪ من المصابين بالبهاق، لديهم قريب واحد على الأقل مصاب به أيضًا. ورغم ذلك، ليس بالضرورة أن ينتقل المرض من الآباء إلى الأبناء مباشرةً.
هل مرض البهاق مُعدي؟
يُعد البهاق من الأمراض غير المُعدية ، ولا ينتقل من شخص إلى آخر بأي وسيلة كانت. كما أنه مرضٌ غير مؤلم، وليس له عواقب صحية كبيرة؛ ومع ذلك يمكن أن تكون له عواقب على نفسية المصاب.
هل البهاق نوعٌ واحد أم عدة أنواع؟
هناك عدة أنواع من البهاق، ويعتمد كل نوع على المنطقة التي تظهر بها البقع البيضاء، ومدى انتشارها. وقد تشمل أنواع البهاق أحد ما يلي:
- البهاق المنتشر: وهو النوع الأكثر شيوعًا، ويحدث عندما تظهر البقع البيضاء في جميع أنحاء الجسم تقريبًا.
- البهاق الجزئي: ويحدث عندما يكون البهاق محصورًا في منطقة واحدة من الجسم، مثل الوجه، أو اليد.
- البهاق البؤري: ويُعد من البهاق الخفيف، حيث يحدث عندما يظهر اللون الأبيض كبقعة واحدة، ولا تنتشر.
- البهاق ثلاثي التصبغ: ويحدث عندما تكون هناك منطقة ذات لون كثيف، تليها منطقة ذات لون أفتح، تليها بشرة ذات لون عادي.
كيف يعرف الناس أنهم مصابون بالبهاق؟
تعرض أخصائية الأمراض الجلدية من مجموعة برايم الصحية، لبعض الأعراض التي قد تُنبأ بالإصابة بالبهاق، وهي التالية:
- ظهور بقع بيضاء على الجلد: وهي من أهم أعراض البهاق والعلامة الأكثر وضوحًا، والتي عادة ما يهدف علاج البهاق إلى التخلص منها. وتنتشر هذه البقع بشكل شائع في المناطق التي تتعرض لأشعة الشمس مثل اليدين، أو القدمين، أو الذراعين، أو الوجه، أو الشفتين؛ كما يمكن أن تصيب البقع البيضاء مناطق مشتركة أخرى مثل الإبطين، والفخذين، وحول الفم، والعينين، وسرة البطن، والأعضاء التناسلية، ومنطقة المستقيم.
- ظهور الشيب المبكر: قد يتحول لون شعر الأشخاص المصابين بالبهاق إلى اللون الرمادي في أغلب الأحيان؛ حيث يظهر الشيب المبكر.
- فقدان اللون داخل الفم: وهو من أعراض البهاق الشائعة لدى أصحاب البشرة الداكنة.
كيف يتم تشخيص البهاق؟
يبحث الكثير عن كيفية تشخيص الإصابة بالبهاق وتكثر التساؤلات من نوع: كيف أتأكدُ من البهاق، خاصةً قبل التطرق لاستخدام أي علاج له. وعادةً ما يقوم الأطباء بتشخيص البهاق من خلال معرفة الأمور التالية:
- التاريخ العائلي للمريض، وهل هناك أحد أفراد العائلة مصاب به، أو بأحد أنواع أمراض المناعة الذاتية.
- التاريخ الطبي للمريض.
- الفحص البدني للمريض.
كما يتم أيضًا إجراء بعض الاختبارات لتشخيص البهاق، مثلأخذ عينة من الجلد المصاب وفحصها ، إضافة لتحاليل الدم وفحص العين.
هل يمكن علاج البهاق نهائيًا؟
لا شك في أن العديد من مرضى البهاق، أو المحيطين بهم؛ يطرحون هذا السؤال الذي يساعد في تخطي المعوقات النفسية التي يمر بها هؤلاء بسبب إصابتهم بالمرض.
لكن الدكتورة اسماعيل لا تعطي آمالًا كبيرة على علاج نهائي للبهاق، وتقول: "للأسف، لا يوجد علاجٌ نهائي للبهاق؛ إنما تهدف طرق العلاج المتاحة لتوحيد لون البشرة إلى حد ما، إما عن طريق تقليل ظهور اللون المتغير، أو في بعض الأحيان العمل على إزالة اللون من المناطق المتبقية (إزالة التصبغ)؛ لتصبح كل البشرة باللون الفاتح، وذلك في الحالات الشديدة لمرض البهاق."
إذن، ما هي طرق العلاج تلك؟
- كريم لعلاج البهاق: يوجد العديد من أنواع الكريمات لعلاج البهاق التي تُطبَق على المنطقة المُصابة؛ مثل كريم لعلاج البهاق الذي يحتوي على الكورتيزون، وهو يساعد على استعادة لون الجلد إلى الوضع الطبيعي. كما يوجد أنواع أخرى من الكريمات الموضعية التي تحد من نمو البقع.
- أدوية فموية لعلاج البهاق: قد تُستخدم أيضًا بعض أنواع أدوية علاج البهاق التي يتم تناولها عن طريق الفم، والتي قد تكون فعالةً؛ مثل بعض أنواع المضادات الحيوية، أو الأدوية الستيرويدية، وتجدر الإشارة إلى أنها تُصرف بوصفة طبية.
- السورالين وأشعة الشمس لعلاج البهاق: يمكن تناول حبوب السورالين أو تطبيق الكريمات التي تحتوي على مادة السورالين على الجلد. ويُنصح المريض بعد ذلك بالتعرض لأشعة الشمس، من أجل تنشيط وتفعيل الدواء؛ مما يساعد على استعادة الجلد للونه الطبيعي.
- الليزر لعلاج البهاق: يمكن أيضًا علاج البهاق باستخدام الليزر، وذلك في حال وجود مناطق صغيرة من البقع. وعادةً ما يحتاج العلاج بالليزر لمرض البهاق، فترةً زمنية تقل عن 4 أشهر.
- الجراحة لعلاج البهاق: قد يلجأ الأطباء إلى الجراحة، في حالفشل العلاجات الدوائية، أو العلاج بالضوء في علاج البهاق. وتوجد أنواع عديدة من جراحات علاج البهاق، مثلتطعيم الجلد، زرع خلايا صبغية، أو التصبغ الدقيق؛ والذي يُعد من أفضل الخيارات للشفاه.
في الختام، نقول لكل شخص مصابٌ بالبهاق: الجمال لا تحدده بضع بقع بيضاء تظهر على الوجه أو الجسم؛ بل هو حالةٌ فريدة تنبع من الداخل وتنعكس على الخارج. فلا تدعي البهاق يُشعرك بأي نقص، بل تباهي بنفسك وشكلك الخارجي كما هو. واعلمي أن الكثيرين يلقون الدعم الطبي والنفسي من الخبراء والأهل والأصدقاء، لذا لا تتواني عن طلب المساعدة متى ما شعرت بأنك مصابةٌ بهذا المرض.