دق ناقوس الخطر بسبب "السكري"".. والمطلوب: وقف السُمنة  عنوان SEO: السمنة والسكري دق ناقوس الخطر لارتفاع الاصابات

دق ناقوس الخطر بسبب "السكري"".. والمطلوب: وقف السُمنة

جمانة الصباغ

الرفاهية في الحياة، لا تعني فقط ارتداء الملابس الفاخرة وقيادة السيارات الفارهة، أو السكن في قصور وبيوت رائعة، ولا حتى السفر واقتناء أغلى الأشياء. بل هي رفاهية العيش بصحة وسلامة، والتمتع بجسم سليم خالي من الأمراض خصوصًا مع التقدم بالسن.

لكن يبدو أن الكثيرين، لا يعيرون هذه الناحية أهميةً قصوى؛ والدليل، تزايد أعداد المصابين بالسكري حول العالم فيما يُنذر بكارثة صحية حقيقية، خاصةً خلال السنوات الثلاثين المقبلة. وأبرز سبب وراء هذه الزيادة، يرده الباحثون إلى السُمنة التي باتت وباءًا اجتاح كل الفئات، كبارًا وصغارًا، وبات خطرًا لا بد من تداركه وإلا فالعواقب وخيمة.

هذا ما توصلت إليه دراسةٌ جديدة، قام بها باحثون في الولايات المتحدة؛ وتحدثت عن ارتباط معظم حالات السكري بالنوع الثاني، المتوقعة خلال العقود الثلاث القادمة، بعامل واحد هو السمُنة .

السمنة احد ابرز الاسباب وراء الاصابة بالسكري من النوع الثاني
السمنة احد ابرز الاسباب وراء الاصابة بالسكري من النوع الثاني

تزايد أعداد المصابين بالسكري.. والسبب: السُمنة

الدراسة التي أجراها باحثون من معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن، وموَلتها مؤسسة بيل وميليندا غيتس؛ حذرت من ارتفاع معدلات الإصابة بمرض السكري حول العالم خلال الثلاثين سنة المقبلة، في حال لم يتم اتخاذ إجراءات وقائية مناسبة للحد من هذه الزيادة.

وتُعد الدراسة التي نُشرت في مجلة "لانسيت" الطبية، جزءًا من سلسلة دراسات أوسع عن السكري؛ تهدف لتبيان الأسباب الكامنة وراء زيادة أعداد المصابين بالسكري، والذين يبلغ عددهم حاليًا 529. فيما يُتوقع أن يتضاعف هذا الرقم ليصل إلى 1.3 مليار إصابة بحلول العام 2050.

وذكر الباحثون أن معظم الحالات المصابة بالسكري، ستكون من النوع الثاني؛ وهو النوع المرتبط بالسُمنة ، والذي يمكن الوقاية منه إلى حد كبير في حال سرعة اتخاذ الإجراءات المناسبة.

أرقامٌ مخيفة للزيادة المتوقعة

ما يخيف في هذه الدراسة أيضًا، ليس فقط العدد المتوقع للإصابات مستقبلًا بالسكري؛ وإنما نمط الزيادة الذي يختلف اختلافًا جذريًا بين دولة وأخرى، بحسب ما نقل موقع "سكاي نيوز عربية".

ففي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مثلًا؛ يتوقع أن تصل معدلات انتشار مرض السكري إلى 16.8%، وفي أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي 11.3% بحلول العام 2050، مقارنة بنحو 9.8% على مستوى العالم. وتصل نسبة الإنتشار حاليًا إلى 6.1%، لكن جميع الدول ستكون عرضةً لزيادة معدلات الإصابة، يؤكد الباحثون في خلاصة دراستهم.

وفي تعليقه على هذه النتائج، قال ليان أونغ، الباحث الرئيسي للدراسة: "معدل انتشار المرض السريع، لا يبعث على القلق فقط؛ وإنما يُمثَل تحديات لكل نظام صحي في العالم". مضيفًا أن السكري له ارتباطٌ وثيق بالعديد من الأمراض الأخرى، مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية.

من بين أبرز أسباب زيادة أعداد المصابين بالسكري في السنوات القادمة، ارتفاع معدل السُمنة والتحولات الديموغرافية؛ ويُعدَ معدل الإنتشار أعلى بين كبار السن. فيما لا تأخذ البيانات الواردة من 204 دول في الإعتبار، تأثير جائحة كوفيد-19 كون هذه البيانات غير متوفرة بعد.

فحص السكري يساعد في تحديد المصابين وسرعة اتخاذ الاجراءات الوقائية
فحص السكري يساعد في تحديد المصابين وسرعة اتخاذ الاجراءات الوقائية

ما هي الحلول المطروحة

لا شك في أن ناقوس الخطر الذي دقته هذه الدراسة الحديثة، لم نسمع صداه يتردد من تحذيرات سابقة جاءتنا من دراسات مماثلة في السنوات الماضية. وجميعها دعت لوضع استراتيجيات أكثر فاعلية؛ لمكافحة الإصابات والتوعية بعدم المساواة، إذ يعيش غالبية مرضى السكري في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وهم غير قادرين على الحصول على العلاج المناسب.

السُمنة وعلاقتها بالسكر من النوع الثاني

كما بات معلومًا، فإن السُمنة هي أحد أهم الأسباب وراء زيادة أعداد المصابين بالسكري من النوع الثاني في العالم ، حاليًا وخلال السنوات القادمة. وهو أمرٌ مقلق للغاية، كون السكري من النوع الثاني من الأمراض المُزمنة غير القابلة للشفاء، ويؤثر في طريقة استقلاب سكر الجلوكوز والذي يمثل المصدر الأساسي للطاقة في الجسم.

يتمثل هذا المرض بارتفاع مستوى سكر الجلوكوز في الدم، نتيجة مقاومة الخلايا لعمل الإنسولين، أو نتيجة عدم توفر كميات كافية من الإنسولين في الدم. وهرمون الأنسولين له دورٌ مهم في تنظيم عملية دخول سكر الجلوكوز للخلايا، وبالتالي الحفاظ على مستوى السكر ضمن المعدلات الطبيعية في الدم. ويُعرف مرض السكري من النوع الثاني عادةً بالسكري غير المعتمد على الإنسولين، أو السكري الذي يصيب البالغين.

وكان الدكتور بشار السحار، اختصاصي أمراض الغدد الصماء والسكري، تحدث إلينا سابقًا عن عوامل الخطر الرئيسية التي يمكن أن تسهم في إصابة الأفراد بالسكري من النوع؛ في مقدمها السُمنة. إضافة لعوامل أخرى، مثل التاريخ العائلي ونمط الحياة الكسول.

وشدَد الدكتور السحار على وجوب فحص جميع البالغين الذين يعانون من زيادة وزن الجسم، لتبيان الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني من عدمها. ويسهم هذا الفحص في التشخيص المُبكر لمرض السكري وعلاجه بالطرق المناسبة؛ وبالتالي فإنه فرصةٌ ذهبية لتشجيع الأشخاص الذين يعانون من السمنة على تغيير أسلوب حياتهم وعاداتهم الغذائية، كما سيكون له تأثيرٌ قوي على عكس مرض السكري لدى المرضى الذين يعانون منه.

ضبط العوامل التي تقف وراء السكري من النوع الثاني

إذن، يحمي هذا الفحص الذي نصح به اختصاصي الغدد الصماء والسكري، البالغين فوق سن 18 والذين يعانون من زيادة الوزن أو السُمنة (مع نسبة وزن إلى ارتفاع أعلى من 25 كجم / م 2)، في الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني.

كما أنه من الضروي، ضبط العوامل الأخرى التي قد تقف وراء هذا المرض المُزمن؛ ومنها:

  • وجود قريب من الدرجة الأولى مصاب بداء السكري.
  • وجود تاريخ من أمراض القلب في العائلة.
  • إرتفاع ضغط الدم.
  • إرتفاع نسبة الكوليسترول.
  • السيدات اللاتي لديهن تاريخ من متلازمة تكيس المبايض.
دق ناقوس الخطر بسبب ارتفاع الاصابات بالسكري في السنوات القادمة-رئيسية واولى
دق ناقوس الخطر بسبب ارتفاع الاصابات بالسكري في السنوات القادمة

كذلك يجب فحص أي سيدة لديها تاريخ سابق من الإصابة بسكري الحمل.

في الختام، يحتاج كل فرد عاقل منا؛ للتوقف قليلًا والتفكير مليًا فيما ستؤول إليه صحته وصحة أحباءه في المستقبل القريب، فيما لو تتوافر السُبل اللازمة للحد من ارتفاع معدلات الإصابة بمرض السكري بسبب السُمنة. والتفكير جديًا بإجراء فحص مرض السكري، لتحديد الأشخاص المُعرَضين لخطر الإصابة بمرض السكري، أو المصابين بالسكري بالفعل ويمكن علاجهم في بداية المرض. ويُشجع هذا الإجراء، الناس على تعديل عاداتهم الغذائية وزيادة نشاطهم البدني وبالتالي تجنب المضاعفات المستقبلية غير الضرورية المتعلقة بمرض السكري من النوع الثاني.