ارتفاع الكوليسترول في الدم.. هل كله سيء
ما أن يسمع المرء منا كلمة "كوليسترول"؛ حتى يتبارد إلى ذهنه فورًا أمراض القلب الخطيرة والمميتة، والتي يقف ارتفاع الكوليسترول سببًا في الإصابة بها.
لكن كما لكل شيء وجهين، كذلك الأمر بالنسبة للكوليسترول الذي يحمل صفة "النافع" أيضًا كما صفة "الضار". فالجسم ينتج الكوليسترول الجيد HDL، وتحديدًا الكبد؛ وبكميات كافية، للقيام بوظائف حيوية ومهمة مثل إنتاج الهرمونات وفيتامين د وتحسين عملية الهضم. كما يمكننا الحصول على الكوليسترول النافع أو الجيد، من العديد من الأطعمة مثل منتجات الألبان والدواجن واللحوم.
لكن حذاري من الإكثار من كميات هذه الأطعمة، كون بعضها غني بالدهون كما هي الحال مع اللحوم؛ والتي يؤدي الإكثار منها إلى ارتفاع نسبة الكوليسترول بالدم، وانسداد الشرايين والأوعية الدموية، ما يؤدي في نهاية المطاف للإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.
قبل الإجابة على سؤال الموضوع أعلاه: ارتفاع الكوليسترول.. هل كله سيئ؛ لا بد من التعرف وعن كثب، على الاختلافات الكبيرة بين الكوليسترول النافع والضار. ثم نخوض معًا في أعراض الكوليسترول المرتفع وطرق علاجه.
الكوليسترول النافع والكوليسترول الضار
بحسب ما جاء على موقع "مايو كلينك" وأكدته الدكتورة ليزلي تشو، اختصاصية أمراض القلب في مستشفى "مايو كلينك"؛ فإن الكوليسترول هو بمثابة مادة شمعية تتواجد في الدم، ويحتاجها الجسم لبناء خلاياه الصحية. لكن ارتفاع الكوليسترول عن مستوياته الطبيعية في الدم، يمكن أن تكون له تداعيات سلبية على الصحة، خصوصًا لجهة رفع خطر الإصابة بالنوبة القلبية، أحد أخطر أنواع أمراض القلب والتي قد تؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة.
إذن، للوقاية من هذه الأمراض ومخاطرها؛ ينبغي لنا الحفاظ على صحة القلب من خلال منع ارتفاع الكوليسترول الضار، وضمان الحصول على نسبة الكوليسترول النافع، وذلك عن طريق فهم الفروقات النسبية بين هذين النوعين.
وتشير الدكتورة تشو إلى أن البروتين الدهني منخفض الكثافة، المعروف بإسم "الكوليسترول الضار"،هو أحد الأسباب وراء تراكم الترسبات الدهنية في الشرايين؛ والذي قد يؤدي إلى تضيَق وتصلَب الأوعية الدموية، ما يحول دون تدفق الدم والأكسجين بشكل جيد إلى القلب لضمان عمله بانتظام.
أما البروتين الدهني العالي الكثافة، أو "الكوليسترول الجيد أو النافع"؛ فإن مهمته الأساسية، التخلص من الكوليسترول الضار من الجسم،عبر نقله إلى الكبد حيث يتخلص الجسم منه عن طريق التبول والتبرز. وبالتالي يسهم الكولسترول النافع في مساعدة الجسم على التخلص من كميات الكوليسترول الإضافية والتي تزيد عن حاجته كي لا ينتهي به الأمر في التراكم داخل الشرايين.
بمعنى آخر وأكثر دقةً ووضوح، توضح تشو ضرورة تحسين مستويات الكوليسترول النافع وخفض مستويات الكوليسترول الضار؛ كي يستطيع النوع الأول منع ترسب النوع الثاني في الشرايين وحدوث مضاعفات خطيرة على القلب. ما يعني اتخاذ الطرق المناسبة، لخفض الكوليسترول الضار ومنع ارتفاعه. إنما بدايةً.. دعينا نستعرض سويًا أعراض وأسباب الكوليسترول المرتفع بشكل أوضح.
أعراض الكوليسترول المرتفع وأسبابه
للأسف، لا توجد أعراض واضحة لارتفاع نسبة الكوليسترول الضار في الدم؛ بحسب ما جاء على موقع "مايو كلينك". وحده، فحص الدم قادرٌ على اكتشاف هذا الإرتفاع، ووفقًا للمعهد القومي للقلب والرئة والدم (NHLBI)؛ ينبغي إجراء أول فحص للكوليسترول بين سن 9 أعوام و11 عامًا، ثم تكراره كل خمس سنوات بعد ذلك.
كما يوصي المعهد المذكور أعلاه، بضرورة إجراء فحوصات الكوليسترول كل عام أو عامين للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و65 عامًا، وللنساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 55 و65 عامًا. على أن يخضع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا لفحوصات الكوليسترول سنويًا.
ارتفاع مستويات الكوليسترول غير الصحية، قد تكون له مضاعفات خطيرة أولها وأهمها، أمراض القلب المميتة. ويقوم البروتين الدهني منخفض الكثافة، أو الكوليسترول "الضار"، بنقل جسيمات الكوليسترول إلى جميع أجزاء الجسم. ويتراكم كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة في جدران الشرايين، فتصبح متصلبة وضيقة.
كما أن نمط الحياة الغذائي والبدني، المتمثل في اتباع نظام غذائي غير صحي والسُمنة وقلة الحركة والتدخين؛ يلعب دورًا بارزًا في ارتفاع الكوليسترول الضار بالدم وتسبَبه بمشاكل في القلب. بعض الحالات المرضية قد ينتج عنها مستويات كوليسترول غير صحية، ومنها داء الكلى المزمن، داء السكري، قصور الدرقية والذئبة؛ كما قد تتفاقم مستويات الكوليسترول نتيجة تناول بعض أنواع الأدوية لعلاج مشكلات صحية أخرى، مثل حب الشباب والسرطان وارتفع ضغط الدم وغيرها.
طرق علاج الكوليسترول المرتفع
في تخليص لكل ما تقدم، يتضح لنا عزيزتي القارئة أن ضبط مستويات الكوليسترول في الجسم، وتحديدًا خفض مستويات الكوليسترول الضار بالدم؛ هي أفضل الوسائل الوقائية لحماية القلب من الأمراض.
ويمكن خفض الكوليسترول الضار وتحسين مستويات الكوليسترول النافع بالدم، من خلال اتباع بعض النصائح التي تقدمها لك الدكتورة تشو وغيرها من المختصين في "مايو كلينك"، وهي التالية:
-
اتباع نظام غذائي صحي
المقصود به، النظام المعتمد بشكل أساسي على الأطعمة الغنية بالألياف الغذائية والبروتينات. ويتضمن الحبوب الكاملة واللحوم الخالية من الدهون المشبعة، ومصادر الدهون الجيدة مثل الاسماك الدهنية، بالإضافة الى الخضار والفواكه.
-
ممارسة الرياضة
يُشدَد المختصون ومنهم تشو، على أهمية ممارسة الرياضة لمدة لا تقل عن 30 دقيقة في اليوم، وتتراوح بين متوسطة إلى مرتفعة الكثافة، 5 مرات على الأقل أسبوعيًا. وذكل لأن الرياضة تسهم في تسريع عملية التمثيل الغذائي أو الأيض، ما يعني زيادةحرق الدهون والسعرات الحرارية التي نحصل عليها من الطعام، ومنع تراكمها في الجسم وتحديدًا في شرايين القلب.
-
استشارة الطبيب
من الضروري دومًا، إجراء الفحص الطبي تحت إشراف طبيبي مختص؛ للتأكد من صحة أعضاء وخلايا الجسم. ويُعدَ هذا الإجراء ضروريًا بشكل خاص، لمن لديهم تاريخٌ عائلي لارتفاع الكوليسترول الضار وأمراض القلب، وكذلك المرضى الذين يعانون من أمراض السكري والكلى؛ إضافة بالطبع، للأفراد الذين يعانون من زيادة الوزن المفرطة ويتبَعون نظامًا حياتيًا غير صحي.
في الختام، فإن ارتفاع الكوليسترول ليس كله سيئ كما اتضح لنا؛ فالكوليسترول النافع يحول دون تراكم الكوليسترول الضار في الشرايين، ويرسله إلى الكبد ليتخلص منه بدوره. لذا حافظي على صحة قلبك وجسمك من تداعيات الكوليسترول الضار، من خلال الالتزام بنمط حياة صحي والتركيز على الأطعمة التي تسهم في رفع مستويات الكوليسترول النافع مثل التوت البري، السلمون، المكسرات، بذور الكتان والشوكولاته الداكنة، إنما بكميات محددة.