لمحاربة ارتفاع ضغط الدم ومنع الإصابة به.. حاربي السُمنة المفرطة
نعم، ما سمعته صحيح.. فالسُمنة المفرطة وزيادة الوزن غير المعقولة عن الحد الطبيعي، يمكن أن تكون لها تداعياتٌ سلبية كبيرة على صحتك وصحة من تحبين.
وهو كلامٌ طبي ومستند على دراسات وأبحاث، يقوم بها الخبراء والأطباء بشكل دؤوب؛ لتأكيد المؤكد، ألا وهو أن السُمنة خطرٌ ينبغي مجابهته بكافة السبل، لتجنب تداعياته الخطيرة على الصحة.
وبعدما خلص تقريرٌ خاص، صادر عن مجموعة منظمة الصحة العالمية (WHO) نُشرت تفاصيله في مجلة New England Journal of Medicine، إلى أن الدهون الزائدة في الجسم تزيد من خطر الإصابة بالعديد من أنواع السرطان؛ودراسةٌ جديدة أيضًا، قام بها باحثون من منظمة الصحة العالمية؛ ربطت بين السُمنة والإصابة بخمسة أنواع من السرطان لم يُعتقد في السابق أن لها علاقة بزيادة الوزن، هي سرطانات اللوكيميا، الغدد الليمفاوية اللاهودجكينية، سرطانات الرأس، سرطان الرقبة وسرطان المثانة.
ها هي أبحاث Mayo Clinic تفيد بأن من يعانون من السُمنة المفرطة وأحد المتغيرات الجينية، هم أكثر عرضةً للإصابة بارتفاع ضغط الدم. فماذا نعرف عن نتائج هذه الأبحاث؟
السُمنة المفرطة وعلاقتها بارتفاع ضغط الدم
السمنة مرضٌ متعدد العوامل، ينتج عن اختلال توازن الطاقة في الجسم؛ وبحسب استشاري الجراحة العامة وعلاج السمنة والنحافة الدكتور أحمد السبكي من القاهرة، فالسُمنة في حد ذاتها مرضٌ معقد تزيد فيه كمية دهون الجسم زيادةً مفرطة، كما أنها ليست مجرد مصدر قلق بشأن المظهر الجمالي فحسب، بل هي مشكلة مرضية تزيد من عوامل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، خاصةً القلب، داء السكري، ارتفاع ضغط الدم وأنواع معينة من السرطان.
تُعتبر السُمنة وما يرتبط بها من مشاكل في القلب والأوعية الدموية، مصدر قلق كبير في جميع أنحاء العالم.ومع السمنة، يزداد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والتي تشمل السكتة الدماغية وفشل القلب الاحتقاني واحتشاء عضلة القلب.
وقد وجدت دراسة أجرتهاMayo Clinic أن الأشخاص الذين يعانون من السُمنة ولديهم متغير جيني معين، مُعرَضون بشكل متزايد لخطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
تفاصيل الدراسة
أوضحت ليزيث سيفينتس، دكتوراه في الطبوباحثة في علم الجهاز الهضمي في Mayo Clinic أنه "يتم التحكم في وزن الجسم من خلال مجموعة معقدة ومتعددة من التفاعلات بين العوامل الوراثية والعوامل البيئية. وتتراوح احتمالية الإصابة بالسُمنة الوراثية بين 40% إلى 70%، ولكن فقط 10% من حالات السُمنة المفرطة المبكرة تحدث بسبب جيني."
تلك المتغيرات هي نتيجةٌ لحدوث طفرات متنحية في الجينات المسؤولة عن مسار الليبتين والميلانوكورتين، وهو المسار المسؤول عن تنظيم تناول الطعام ووزن الجسم. وتُعد هذه التغيرات الجينية الأكثر انتشارًا، حيث لوحظ وجودها في 6% من الأطفال و2.5% من البالغين الذي يعانون من السُمنة المفرطة المبكرة.
وفي برنامج الطب الدقيق للسُمنة التابع لـ Mayo Clinic، أرادت الدكتورة سيفينتس وزملاؤها دراسة الاختلافات بين عوامل الخطر للمرض القلبي الوعائي وبين الأمراض التي تصيب من يعانون من السُمنة المفرطة؛ سواء كان لديهم المتغير الجيني أو لم يكن. وأوضحت في هذا الشأن: "بفهم تأثير هذه المتغيرات على صحة القلب والأوعية الدموية، يمكننا مساعدة الأطباء لعلاج عوامل الخطر القابلة للتعديل لدى مرضى السُمنة المفرطة."
لتحقيق ذلك، قام الباحثون بعمل دراسة مُستعرضة على المشاركين في البنك الحيوي التابع لـ Mayo Clinic ممن يعانون من سمنة مفرطة. وتمَ تعريف السُمنة المفرطة على أنها زيادةمؤشر كتلة الجسم عن 40، أو الحاجة إلى إجراء جراحة علاج السُمنة بعد ثبوت وجود متغير جيني في مسار الليبتين والميلانوكورتين للمريض. يتكون البنك الحيوي التابع لـ Mayo Clinic من مجموعة من العينات الطبية والتي تشمل عينات الدم ومشتقاته، والمعلومات الطبية التي تبرع بها مرضى Mayo Clinic لاستخدامها في الأبحاث الطبية المستمرة.
بنتيجة الدراسة، تم تحديد 168 حامل للمتغير الجيني MC4R. ووجد الباحثون في مايو كلينك أن الحاملين لهذا المتغير، كانوا أكثر عرضةً للإصابة بارتفاع ضغط الدم؛ كما كان لديهم عددٌ أكبر من عوامل الخطر لأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنةً بغير الحاملين للمتغير الجيني وعددهم 2039.
وأوضح الدكتور أندريس أكوستا، دكتوراه في الطب، والباحث الرئيسي في معمل الطب الدقيق للسُمنة: "لم يؤثر العمر أو الجنس أو مؤشر كتلة الجسم -وكلها عوامل خطر لأمراض القلب والأوعية الدموية- على النتائج؛ وتوصلنا في النهاية إلى أن الحاملين للمتغير الجيني أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم."
مع ذلك، وتبعًا للنتائج؛ فالحاملين للمتغير الجيني MC4R ليسوا أكثر عرضةً للإصابة بالمرض القلبي الوعائي أو للوفاة، تبعًا للنتائج التي عُرضت في إحدى أبحاث مجلة "مايو كلينيك بروسيدنجز - Mayo Clinic Proceedings". واستكمل الدكتور أكوستا، كبير الباحثين، قائلًا: "توقعنا وجود زيادةً أكبر في ارتفاع ضغط الدم، لأن زيادة الوزن تُنبأ بالإصابة بارتفاع ضغط الدم."
من جهتها، أعربت الدكتورة سيفينتس عن تفاجؤ الباحثين من عدم وجود علاقة ثابتة مع المرض القلبي الوعائي. وقالت: " نظرًا لمدى تعقيد مُسببات المرض القلبي الوعائي، فببساطة قد يكون هناك قدرٌ ضخم من البيانات التي لم يتم قياسها في تحليلاتنا."
ما هي أهمية البحث؟
تكمن أهمية هذا البحث بالنسبة للأطباء، في إدراك أن مرضى السُمنة الذين أظهر تنميطهم الوراثي وجود متغيرات متباينة الزيجوت في مسار اللبتين والميلانوكورتين؛ قد لا يكونون محميَين من ارتفاع ضغط الدم كما كان يُعتقد سابقًا. وأوضحتالدكتورة سيفينتس في هذا الصدد: "يحتاج هؤلاء المرضى إلى مزيد من الاهتمام بعوامل الخطر القابلة للتعديل لارتفاع ضغط الدم، بما فيها أنواع العلاج الفردية للسُمنة."
قد يصاب الأفراد الحاملين للمتغير الجيني بالسُمنة منذ الطفولة، لكن لم يتم توثيق الفترة الزمنية في الورقة التي قدمها الباحثون في Mayo Clinic. وبالتالي، "نحتاج إلى أبحاث أخرى لتحديد مخاطر الإصابة طويلة المدى للسمنة وللمرض القلبي الوعائي في الحاملين للمتغير الجيني" أضافت سيفينتس، مشيرةً إلى أن من بين قيود هذا البحث؛ أن 90% من المشاركين في بنك الحيوي لـ Mayo Clinic من البيض، لذا "لا يمكننا تعميم نتائج هذا البحث على الأعراق الأخرى."
خلاصة القول، أن التعرض لخطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، أحد العوامل الأساسية لأمراض القلب؛ يعود في المقام الأول للمتغيرات الجينية والسُمنة المفرطة التي تحتاج لمعالجة دقيقة منذ عمر صغير. لذا لا تتواني عزيزتي عن طلب المساعدة الطبية، في حال كان لديك مشكلة سمنة مفرطة أو لدى أحد من أحبائك خاصةً الصغار منهم. لتجنب مضاعفات هذه المشكلة على المدى الطويل.