علاج السمنة لكل فرد على حدة هل ينجح

علاج السُمنة لكل فرد على حدة.. هل ينجح

جمانة الصباغ

تُعد الرّشاقة، أو ما يُعرف باللياقة البدنية؛ بأنها قُدرة الجسم على القيام بأي نشاط بدني، من خلال امتلاكه لعدد من العوامل والقدرات والخصائص، والتي لها علاقة بلياقة الجسم.ويطمح الكثير من الأشخاص للوصول إلى مستوى جيد من الرشاقة والحفاظ عليها. على المقلب الآخر، تأتي السُمنة أو الوزن الزائد كمشكلة لم يسلم منها إلا النذر القليل من الناس؛ وهي مشكلة العصر الحديث للأسف، طالت حتى الصغار والمراهقين، وباتت تُشكَل خطرًا على حياة الجميع.

تختلف وسائل إنقاص الوزن للتخلص من السُمنة؛ منها ما يعتمد على حمية حسب فصيلة الدم، ومنها ما يرتكز على أصناف محددة من الطعام دون غيرها. المئات والمئات من الحميات وأنواع الرجيم التي عرفناها من عمر مبكر، وما زال بعضنا يُقدم عليها بين الحين والآخر في سعي مستميت لتحقيق حلم الرشاقة والتخلص من البدانة إلى الأبد.

لكن ما قد ينجح مع البعض، قد يفشل مع البعض الآخر؛ حقيقةٌ لا بدَ من تقبَلها. فبعض أنواع الحميات أثبت فاعلية لدى بعض الناس، فيما سجل آخرون فشلًا ذريعًا عند اتباع ذات الحمية. ما دفع بالباحثين لتجربة طرق أخرى قد تساعد في إنجاح مبدأ الحمية، وذلك من خلال علاج السُمنة بصورة فردية، وتخصيص التدخلات الجراحية والطبية حسب احتياجات كل شخص.

فهل تنجح هذه الطريقة؟ وما الذي يستند عليه الباحثون في إقدامهم على هذه الخطوة؟ هذا ما سوف نتعرف عليه اليوم، من خلال دراسة تجريبية قام بها باحثون من "مايو كلينك"، إليكِ تفاصيلها...

الدكتور أندرياس أكوستا باحث في السمنة من مايو كلينك
الدكتور أندرياس أكوستا باحث في السمنة من مايو كلينك

علاج السُمنة بطريقة فردية

الدراسة التجريبية التي شملت 165 شخصًا، سعى من خلالها باحثو "مايو كلينك" لدراسة فاعلية طريقتين مختلفتين لفقدان الوزن:

  1. تدخُّل قياسي في نمط الحياة.
  2. علاج فردي.

يضمن التدخل القياسي في نمط الحياة، اتبَاع نظام غذائي منخفض السعرات وممارسة الرياضة والعلاج السلوكي. في حين ارتكز النهج الفردي على الأنماط الظاهرية، وشمل تدخلات مختلفة اعتمادًا على السبب الكامن السائد للسُمنة لدى الشخص. ويأخذ النظام الغذائي القائم على الأنماط الظاهرية في الاعتبار، الخصائص الوراثية والمظهرية للشخص؛ لوضع خطة تناول طعام مُخصصة تهدف إلى تحسين الصحة والعافية.

قارن الباحثون ما إذا كانت التدخلات في النظام الغذائي ونمط الحياة المُصممة خصيصًا للأنماط الظاهرية للسُمنة، ستعمل بشكل أفضل من التدخلات القياسية في نمط الحياة فيما يتعلق بفقدان الوزن وعوامل خطر مشكلات القلب والأوعية الدموية والمتغيرات الجسدية التي تساهم في السُمنة. وتصف صحة القلب والأوعية الدموية، العلاقة بين القلب والأوعية الدموية وطاقة الجسم والعمليات الكيميائية؛ وتشمل مجموعةً واسعة من الاضطرابات وعوامل الخطر التي تُساهم في مرض القلبومتلازمة التمثيل الغذائي.

إلى ماذا أفضت نتائج البحث؟

لدى البالغين المصابين بالسُمنة، أدت التدخلات في نمط الحياة المُصممة خصيصًا حسب النمط الظاهري؛ إلى فقدان الوزن أكثر من التدخلات القياسية في نمط الحياة لنظام غذائي منخفض السعرات الحرارية وممارسة الرياضة والعلاج السلوكي.

وتضمنت النتائج بعد 12 أسبوعًا ما يلي:

العلاج الفردي أثبت فاعلية أكبر في محاربة السمنة
العلاج الفردي أثبت فاعلية أكبر في محاربة السمنة
  • عالج المرضى الذين استخدموا التدخلات في نمط الحياة المُصممة خصيصًا للنمط الظاهري، السُمنة بشكل أفضل من أولئك الذين استخدموا التدخلات القياسية في نمط الحياة.
  • حظيت مجموعة المرضى التي ينصَّب تركيزها على النمط الظاهري بفقدان وزن أكبر، ومحيط خصر أقل، وانخفاض الدهون الثلاثية، وانخفاض السعرات الحرارية اليومية وقلق أقل.
  • كان لديهم زيادة كبيرة في النسبة المئوية لكتلة الجسم الخالية من الدهون.
  • كان لديهم أيضًا انخفاض أقل في عدد السعرات الحرارية التي يحتاجها الجسم أثناء فترات الراحة.

في تعليقه على هذه النتائج، قال أندريه أكوستا، دكتور في الطب والأبحاث الطبية، وباحثٌ في السُمنة في مايو كلينك والمؤلف الأخير للدراسة: "تؤكد النتائج على أهمية تحديد السبب الكامن وراء السُمنة كمرض معقد له العديد من العوامل".

ما هو التدخل المصمم خصيصًا حسب النمط الظاهري؟

في محاولة لفهم هذا المصطلح، أفادنا الدكتور أكوستا بالتالي:

تعتمد الأنماط الظاهرية للسُمنة على سبب المرض والمكونات السلوكية وتشمل ثلاثة مجالات رئيسية:

  • تناول الطعام في حالة التوازن - الأكل استجابةٌ للحاجة المُتصورة للطاقة من الدماغ.
  • سلوك تناول الطعام للحصول على لذّة - تناول الأطعمة من أجل المتعة، وليس من أجل الجوع الجسدي أو احتياجات الطاقة.
  • استهلاكٌ غير طبيعي للطاقة - عدد السعرات الحرارية التي حُرِقَت في 24 ساعة مقارنة بشخص عادي.

4 أنماط ظاهرية عملية في هذه المجالات تشمل الامتلاء غير الطبيعي، يُقاس بالسعرات الحرارية التي يتم تناولها لتجربة الامتلاء المزعج، مدة الامتلاء غير الطبيعية، وسلوك تناول الطعام لدوافع عاطفية واستهلاك غير طبيعي للطاقة أثناء الراحة.

كذلك ذكر الباحثون أن الأشخاص الذين استخدموا التدخلات في نمط الحياة المُصممة خصيصًا حسب النمط الظاهري، أظهروا تحسنًا ملحوظًا في بعض المجالات الاستهدافيّة؛ مثل الامتلاء غير الطبيعي وتناول الطعام لدوافع عاطفية.

"تدعم نتائج هذه الدراسة الحاجة إلى تصنيف عملي قائم على النمط الظاهري [للمرضى الخاضعين لعلاج السُمنة] بدلًا من الاعتماد فقط على الرقم على المقياس أو قياسات الجسم أو [إذا كان لديهم] أمراضٌ مرتبطة بالسُمنة؛ مثل أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وبعض أنواع السرطان"، كما أشار الدكتور أكوستا.

علاج السمنة لكل فرد على حدة هل ينجح
علاج السمنة لكل فرد على حدة هل ينجح

فرصٌ لإجراء المزيد من الأبحاث

يقول الدكتور أكوستا إن هناك حاجةًلإجراء المزيد من الأبحاث، لتقييم تأثير النهج القائم على النمط الظاهري على المدى الطويل. وعلى وجه الخصوص، قد تكون هناك حاجةٌ إلى أن تبحث المزيد من الدراسات؛ في المتغيرات الفيزيائية ومتغيرات التمثيل الغذائي الأخرى لفهم الأشخاص الذين ليس لديهم نمط ظاهري محدد.

كما أشار الدكتور أكوستا إلى أنه يجب فحص تأثيرات العلاج على الطريقتين بشكل مستقل. إذ تلَقى الأشخاص الذين يعانون فيما يتعلق بتناول الطعام لدوافع عاطفية تدخلًا أكثر كثافة، من خلال 24 جلسة لتعديل السلوك؛ لمعالجة هذه السمة الأساسية التي قد يكون لها دورٌ رئيسي في اكتساب السُمنة.

وختم الدكتور أكوستا قائلًا: "ستعمل المزيد من الأبحاث على تعزيز النهج المُصمم خصيصًا المُقترح من البيانات. سنواصل العمل على علاج السُمنة الفردي المُوجه إلى سمات معينة لتحديد العلاج المناسب لكل مريض."

ختام القول، أن لكل شخص فرادته التي تنطبق ليس فقط على السمات الخارجية والشخصية؛ وإنما أيضًا على طريقة تجاوب جسمه مع الحمية المتبعة لإنقاص الوزن. وبالتالي وإلى أن تُثبت دراسات إضافية على علاج السمنة الفردي المُوجه فاعليتها المطلقة، ننصحك دومًا بمراجعة الطبيب المختص للتخلص من الوزن الزائد، حسب احتياجاتكِ الخاصة وحالتكِ الصحية.