تمنح الأمل.. تقنيات علاج العقم الحديثة نستعرضها مع د. داليا خليفة
زينة البيوت الأطفال، وقد ورد في القرآن الكريم: "المال والبنون زينة الحياة الدنيا"؛ ما يُدلَل بشكل كبير وقاطع على الفرحة التي يبعثها ولادة طفل جديد في كنف عائلة مُحبَة.
لكن ليس الجميع محظوظين بنفس القدر، والبعض قد يعاني من سنوات طويلة من العقم وعدم القدرة على الإنجاب؛ حتى الوصول إلى فقدان القدرة تمامًا على إنجاب أطفال يكبرون أمامهم ويفرحون بنجاحاتهم وزواجاتهم وغيرها من الأمور التقليدية التي تمرَ بها معظم العائلات في أي مكان على وجه البسيطة.
العقم.. مشكلةٌ لم يجد لها الناس تفسيرًا أو علاجًا في السابق؛ لكنها اليوم، تُحلَ بفضل الله وجهود الأطباء، من خلال العديد من العلاجات التقليدية والحديثة التي يمكن للذكاء الاصطناعي التدخل فيها بنجاح، كما هو حاله في مجالات حياتية وتقنية أخرى.
هل أنا عاقر؟ هل يمكنني الإنجاب، أم سأعاني من مشاكل في الحمل؟ هل بإمكاني معرفة كل هذه الأمور قبل الزواج والإرتباط، وما هي التقنيات العلاجية التي تساعد في حل مشكلة العقم، في حال شُخصَت لديَ؟
أسئلةٌ تدور في عقل ومخيلة الكثير من السيدات، وحتى الرجال؛ ممن يرغبون في تأسيس عائلة وإنجاب أطفال أصحاء يفرحون بهم ويزدادون فخرًا بإنجازاتهم في هذه الحياة. وهي أسئلةٌ اخترنا التحدث حولها مع الدكتورة داليا خليفة، متخصصة في الطب التناسلي والعقم وتعمل في مركز First IVFلأطفال الأنابيب في مدينة دبي الطبية.
وقد وافتنا بالأجوبة التالية مشكورةً..
باختصار، ما هو العقم وما أسبابه؟
يتم تعريف العقم على أنه عدم القدرة على الحمل بعد سنة واحدة من ممارسة الجنس دون وقاية. وقد يكون سبب العقم مجموعةٌ من العوامل المتعلقة بالجهاز التناسلي للذكر أو للأنثى؛ ومع ذلك، فإنه في بعض الأحيان يكون العقم غير مُبرَر ودون سبب واضح.
في الجهاز التناسلي الأنثوي قد يكون سبب العقم هو:
- انسداد قناتي فالوب (أو البوق الرحمي، وهي أنبوبٌ يصل بين المبيض والرحم).
- اضطرابات المبيضين: انقطاع الإباضة كما هو الحال في متلازمة المبيض متعدد الكيسات (PCOS) أو انخفاض احتياطي المبيض.
- اضطرابات الرحم: مثل الأورام الليفية، أو الحاجز الرحمي.
- بطانة الرحم المهاجرة، أو الإنتباذ الرحمي.
أما عند الرجال، فيمكن أن يكون سبب العقم مرده إلى عوامل مختلفة؛ ويتم تقييمه عادةً عن طريق تحليل السائل المنوي. وباختصار، قد يعود سبب العقم في الجهاز التناسلي الذكري إلى:
- عددٌ غير طبيعي للحيوانات المنوية، وشكلها (غير الطبيعي)، وحركتها.
- قد تكون الأسباب الأخرى مرتبطةً بانسداد الجهاز التناسلي أو العجز الجنسي.
ما هي تقنيات علاج العقم الحديثة، وما مدى فعاليتها مقارنةً بالتقنيات القديمة؟
لقد أدت تقنيات علاج العقم الحديثة إلى زيادة نسبة نجاح نقل الأجنة من 35% إلى 65%. ويُعدَ استخدام حقن الحيوانات المنوية داخل السيتوبلازم (ICSI) أحد المعالم المهمة في نجاح التلقيح الصناعي، حيث يتم حقن الحيوانات المنوية مباشرةً في البويضة؛ مما يزيد من معدل الإخصاب.
وبالإضافة إلى الحقن المجهري، يتم إجراء الاختبار الجيني قبل الزرع لاختلال الصيغة الصبغية (PGT-A) ؛ وهو عبارةٌ عن دراسة وراثية يتم إجراؤها على الأجنة للكشف عن تشوهات الكروموسومات قبل نقلها إلى الرحم. ويتم خلالها أخذ خزعة من خلية واحدة أو أكثر من كل جنين وإرسالها للاختبار.
كذلك أدت القدرة على تجميد الأجنة ومن ثم إذابتها ونقلهاEggs Freezing، إلى تحسَن كبير في جدوى استخدام التلقيح الاصطناعي وتقليل خطر الإصابة بمتلازمة فرط تحفيز المبيض.
هل تختلف تقنيات علاج العقم بين المرأة والرجل، وكيف؟
يمكن علاج العقم عند الذكور بالعلاجات الطبية أو الجراحية أو المساعدة على الإنجاب، اعتمادًا على السبب الكامن وراءه. وعادةً ما تتم إدارة العلاجات الطبية والجراحية من قبل طبيب مسالك بولية متخصص في العقم. كذلك قد يقدم أخصائي الغدد الصماء التناسلية، التلقيح داخل الرحم (IUI) أو التخصيب في المختبر (IVF) للمساعدة في التغلب على العقم عند الذكور.
ما هو دور التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في علاج العقم؟
استنادًا إلى بعض الأبحاث الحالية، فإن إمكانية اعتماد الذكاء الاصطناعي في جوانب متعددة من دورة التلقيح الصناعي؛ بما في ذلك اختيار البويضات/الحيوانات المنوية والأجنة، بالإضافة إلى صياغة نظام علاج التلقيح الاصطناعي، أمرٌ ممكن حاليًا ويمكن أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في نجاح التلقيح الاصطناعي.
على سبيل المثال، من المحتمل أن يساعد الذكاء الاصطناعي عالم الأجنة في تقديم تقييم سريع ودقيق لأفضل البويضات والحيوانات المنوية؛ بالإضافة إلى التنبؤ بجودة الأجنة. كما قد يساعد الذكاء الاصطناعي الأطباء في صياغة خطة علاج خصوبة مثالية وشخصية، بناءً على خصائص المريض.
ومع ذلك، هناك تحديات كبيرة يجب التغلب عليها قبل أن يصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا من علاجات التلقيح الاصطناعي. وهناك حاجة إلى بيانات موثوقة وشفافة من العيادات قبل التمكن من تنفيذها.
ما هي الحالات التي لا تُجدي فيها أي من علاجات العقم التقليدية أو الحديثة؟
فشل المبيض المبكر (عدم وجود بويضات) وفشل الخصية (انعدام الحيوانات المنوية) هي الحالات التي لا يمكن التغلب عليها بالعلاجات الحديثة. وفي هذه الحالات، يمكن أن يكون التبرع بالحيوانات المنوية والبويضات بديلاً.
للمرأة التي أنجبت مرةً أو أكثر، هل يمكن أن تُصاب بالعقم لاحقًا؟ وما الأسباب وراء ذلك؟
العقم الثانوي شائعٌ مثل العقم الأولي؛ويتم تعريفه على أنه عدم القدرة على الحمل بعد الولادة السابقة.
يمكن أن يؤثر العقم الثانوي على أحد الشريكين أو كليهما. في بعض الأحيان، لا يوجد سبب واحدٌ للعقم الثانوي؛ ويُرجع ذلك إلى عوامل متعددة.
بعض الأسباب الأكثر شيوعًا هي:
- ضعف الحيوانات المنوية أو ضعف إنتاج البويضات.
- العمر.
- حصول مضاعفات من عملية جراحية سابقة (انسداد قناة فالوب بعد عملية قيصرية على سبيل المثال).
- الزيادة في الوزن.
- عوامل نمط الحياة مثل الكحول والتدخين.
كيف يمكن للمرأة أن تعرف إذا كانت تعاني من العقم أم لا (متزوجةً أو عازبة)؟
اختبار الخصوبة متاحٌ للجميع، ويتضمن تقييم مستويات الهرمونات الأنثوية؛ بما في ذلك فحص احتياطي المبيض (AMH) لإعطاء فكرة عن مدى كفاءة عمل المبيضين. ويتضمن التقييم أيضًا إجراء فحص بالموجات فوق الصوتية للتحقق من الإباضة وأي تشوهات في الرحم.
أما بالنسبة للنساء اللاتي حاولنَ لمدة 6 إلى 12 شهرًا دون نجاح، فإن تقييم مسلكية الأنابيب تصبح أمرًا بالغ الأهمية.
خلاصة القول، أن العقم مشكلةٌ قد يعاني منها الكثيرين؛ فإن كنتِ عزيزتي ممن يعانينَ من هذه المشكلة، فلا تخافي وتأكدي من استشارة الطبيبة المختصة التي ستساعدكِ على تحديد المشكلة والعلاج الأنسب لها. وبعون الله، سيكون لهذه المشكلة حلٌ سريع، بفضل التقنيات الحديثة والتقدم الطبي الذي نشهده في عصرنا الحالي.