التأمل الواعي: طريقة صحية لإدارة الألم بكفاءة
الفقدان والألم.. حالتان صعبتان تؤثران بشكل كبير على الصحة النفسية. فالفقد ألمٌ نفسي يُوجع كما المرض ذاته، وإن كانت طبيعته تختلف عن طبيعة الألم الجسدي، الذي لا يمكن الاستخفاف به في الكثير من الحالات.
في بحثنا عن التعريف الطبي والعلمي للألم، وجدتُ التالي كما ورد على موقع "فولتارين" لمنتجات تخفيف الآلام الجسدية:
يُعرَف الألم بأنه شعورٌ غير سار، يحدَ من قدرة الشخص على اتباع روتينه اليومي. وغالبًا ما يلعب الألم دور جهاز الإنذار الباكر،لوجود خلل ما في الجسم. وقد صاغت الجمعية الدولية لدراسة الألم التعريف الأكثر شيوعًا للألم كالآتي: "الألم هو تجربةٌ شعورية وحسَية غير سارة، تصاحب أذيةً نسيجية محتملة أو فعلية، أو توصف بالأوصاف المُعبَرة عن هذه الأذية."
يتراوح الألم في شدته بين حس الإنزعاج الخفيف الموضعي والألم الشديد للغاية. وقد يكون الألم حادًا قصير الأمد، أو قد يتحول إلى مشكلة مُزمنة طويلة الأجل. كما قد يلعب الألم الحاد دورًا في حماية الإنسان، فهو يُعلَمنا تجنَب الأذى الجسدي أو المواقف التي قد تُسبَب هذا الأذى؛ كذلك فإنه يحمي العضو المتأذي خلال فترة التعافي.
ويُعدَ الألم الجسدي ظاهرةً شائعة، وهو قد يؤثر على الروتين اليومي في بعض الأحيان؛ وقد يتحول إلى ألم مزمن في حال عدم معالجته، أو معالجتهبطريقة خاطئة؛ وفي هذه الحالة، ينبغي مراجعة الطبيب والتعرف على ما يُطلق عليه تسمية "إدارة الألم".
ما هي إدارة الألم؟
مهارةٌ يحتاج الإنسان لتعلمها للتأقلم مع حالة الألم التي يعيشها. وتُعتبر القدرة على إدارة الألم، من المهارات الصعبة التي يتعين على المرضى تعلمها للتأقلم مع حالتهم الصحية. لذلك ينصح الأطباء في العادة باكتساب هذه المهارة عبر تقنيات محددة تُمكّنهم من تعزيز قدراتهم على إدارة ألمهم وتخفيف معاناتهم قدر الإمكان. ويُعدَ التأمل الواعي أحد هذه المهارات التي يوصي الأطباء بتعلَمها، لاسيما بين المرضى الذين يعانون من آلام مستمرة.
لمعرفة المزيد حول إدارة الألم وتحديدًا، بالإرتكاز إلى التأمل الواعي؛ تحدثنا إلى نسمة لقمان، أخصائية علم النفس السريري في "هيلث بوينت" في أبوظبي، والتي قدمت لقارئات "هي"8 نصائح لممارسة التأمل الواعي بكفاءة عالية.
نصائح لممارسة التأمل الواعي لإدارة الألم
التأمل هو أداةٌ لتنمية حالات مفيدة للذهن؛ نقوم بذلك عبر تكرار توليد حالات ذهنية بعينها حتى تُصبح عادةً لدينا. وعلى المستوى الجسدي، ثبُت أن التأمل بالفعل يقوم ببناء مسارات عصبية جديدة بالمخ.
هنالك العديد من الحالات الذهنية النافعة التي يمكننا تنميتها من خلال التأمل، منها أن نكون أكثر استرخاءً، وأقل توترًا؛ أن نكون أكثر تركيزًا، وأقل شرودًا؛ أن نكون أكثر هدوءًا، ومتحررين من القلق المستمر؛ أن يكون لدينا فهمٌ أفضل لأنفسنا ولحياتنا، وللآخرين أيضًا؛ وأن يكون لدينا مشاعر إيجابية أكثر، مثل الحب والشفقة.
كما أن التأمل الواعي يُسهم في تحسين حالتنا الجسدية ومساعدتنا على إدارة الألم الذي نعانيه، جراء مرض ما أو حادثة معينة أو بعض الخضوع لعملية جراحية. وفي هذا الصدد، تنصح لقمان باتباع النصائح الآتية لإدارة أفضل للألم:
-
اختيار المكان المناسب
يجب اختيار مكان هادئ لممارسة التأمل الواعي، بحيث لا نتعرض لأي مقاطعة أو إلهاء؛ويمكن استخدام عناصر مُهدَئة في البيئة المحيطة، مثل الزهور أو اللوحات وغيرها. فهدوء المكان وقدرته على بعث الراحة والهدوء في نفس الشخص، يُعتبر أمرًا في غاية الأهمية للقيام بالتأمل بشكل فعّال.
-
التركيز على الراحة
للنجاح بالوصول إلى حالة من الصفاء التام وضبط التوتر والمشاعر، يتعين تحقيق أقصى درجات الاسترخاء والراحة. ويجب أيضًا التركيز على درجة حرارة الغرفة والحرص على اعتدالها، نظراً لتأثير الحر والبرد في القدرة على تحقيق الراحة المطلوبة.
-
التدرج في الوقت
يجب البدء بالتأمل لمدة 5 إلى 10 دقائق فقط، ثم زيادة المدة بالتدريج. ولا يتعين اختيار بدء التأمل لساعة، إذ قد يبدو هذا الأمر منهكًا في البداية، وإنما اللجوء لفترات قصيرة لضمان الالتزام بها مع زيادتها تدريجيًا.
-
تغيير الوضعيات
لا توجد طريقةٌ مُحدَدة لممارسة التأمل، إذ يختلف ذلك بين شخص وآخر؛ إلا أن الهدف من التأمل واحدٌ، ألا وهو تحقيق الراحة القصوى. لذلك يمكن تجربة عدة أوضاع للوصول إلى أكثر الوضعيات راحةً بالنسبة للشخص الذي يعاني من الألم.
-
الوصول للصفاء الذهني
بعد الابتعاد عن جميع مُشتَتات الانتباه، والتعرف على الوضعية المناسبة؛ ينبغي أن يكون التركيز مُنصبًا على الوصول إلى أقصى درجة ممكنة من الصفاء الذهني، إذ يساعد ذلك في التخفيف من الشعور بالألم ويُعزز القدرة على إدارته بشكلٍ عالي الكفاءة.
-
التنفس بعمق
إن تقنية التنفس أثناء ممارسة التأمل، من الأشياء الهامة التي تُسرَع من عملية الوصول للصفاء الذهني والراحة، وتُعزَز القدرة على زيادة وقت التأمل وإدارة الألم بشكل أفضل.
-
مراقبة التنفس
إن تشتت الانتباه أثناء ممارسة التأمل، هو أمرٌ وارد الحدوث ولا مفر منه؛ وقد يُسبَب تسارع التنفس وتغيَر وتيرته. لذلك يجب ضبط انتظام عملية التنفس عند ملاحظة أي تغير، لتعزيز القدرة على الاستمرار بوضعية الراحة والاسترخاء.
-
التركيز على الأحاسيس
يمكن ممارسة التأمل الواعي بوجود كافة الأحاسيس عند حدوث الألم، لذلك يتعين الإنصات للجسم، واختيار جزءٍ بعينه للتركيز عليه سواءً كان داخليًا أم خارجيًا. فالقيام بذلك يُسهم في تشتيت الشعور بالألم والتخفيف من حدته.
خلاصة القول، فإن التأمل الواعي يُعدَ طريقةً رائعة لزيادة التركيز وخفض مستويات التوتر وتحفيز القدرة الإبداعية. وقد يستغرق تعلَم هذه المهارة بعضًا من الوقت والتدريب، لكن يمكن لأي شخص تعلَم طريقة فعل ذلك، والوصول إلى قدرة كبيرة على إدارة الألم والتخلص من التوتر.
لذا ننصحكِ عزيزتي، في حال كنتِ أو أحدًا من أحبتك وأصدقائكِ، تعانون من أي نوع من الآلام؛ التحدث مع الطبيب النفسي أو أخصائي الصحة النفسية، لمعرفة المزيد عن التأمل الواعي وفائدته في التخفيف من مشقة الألم الجسدي بموازة العلاج الطبي الذي يصفه الطبيب المعالج.