صحة قلبكِ بين يديكِ... اعتني به ولا تهملي الأعراض
يحتفي العالم يوم 29 سبتمبر من كل عام، بيوم القلب العالمي؛ لتعزيز الوعي بأهمية صحة القلب والأوعية الدموية وإلقاء الضوء على ضرورة الوقاية والتشخيص المبكر.
العديد من أمراض القلب التي تصيب الإنسان، لها علاقة بالعامل الجيني والموروثات؛ لكن هذا لا ينفي أيضًا خطر التعرض لأمراض القلب الخطيرة والمميتة في حالات كثيرة، جراء اتباع نمط حياتي غير صحي سواء على مستوى الغذاء أو الحركة أو النوم وغيرها.
تعد أمراض القلب السبب الرئيس والأول للوفيات حول العالم، بنسبة بلغت 31% من عدد الوفيات عالميًّا.ويمكن الوقاية من معظم أمراض القلب والأوعية الدموية، من خلال التحكم في عوامل الخطر السلوكية مثل التدخين، النظام الغذائي غير الصحي، السمنة، والخمول البدني.
شعار العام الحالي هو "صحة القلب والأوعية الدموية للجميع"؛ لذا استمعي لقلبكِ وحافظي على صحته وسلامته من العلل والمشاكل التي يمكن أن تُلَم به. اليوم، لا يتم تذكير الناس فقط بأن أمراض القلب والأوعية الدموية (CVD) هي السبب الرئيسي للوفاة في العالم؛ حيث تُودي بحياة 18.6 مليون شخص كل عام، وإنما يتم حثهم أيضًا على اتباع عادات صحية للحصول على قلب سليم وعيش حياة صحية.
بهذه المناسبة، يقدَم لنا الدكتور رامي حرب؛ استشاري أمراض القلب في مستشفى هيلث بوينت، إحدى شركات M42، معلومات قيّمة عن المسببات الرئيسية لأمراض القلب والأوعية الدموية، ودور النظام الغذائي في الإصابة بهذه الأمراض، والفئات العمرية الأكثر عرضة للخطر. كمايسلط الضوء على الإجراءات الوقائية للحفاظ على صحة القلب.
إضافة إلى الدكتور حسين علي مصطفى استشاري أمراض القلب التداخلية بالمستشفى السعودي الألماني دبي؛ الذي يقدم لقارئات "هي" بعض العادات الصحية لقلب سليم وقوي والدكتور حسام بلح، استشاري أمراض القلب في المستشفى السعودي الألماني دبي؛ الذي يطلعنا على متلازمة وولف باركنسون التي تؤثر سلبًا على نُظم القلب، ما يُهدَد حياة الإنسان.
أمراض القلب... مسبباتها والفئات الأكثر عرضة
أكد الدكتور حرب من "هيلث بوينت" على أن أنماط الحياة تلعب دورًا حيويًا في تعزيز صحة القلب، وقال: "تُعتبر عاداتٌ مثل التدخين، وأنماط الغذاء السيئة، والسمنة، وقلة النشاط البدني، وشرب الكحول، من أبرز العوامل التي تؤدي لتدهور صحة القلب والأوعية الدموية".
ونظراً لدور التاريخ العائلي والعوامل الوراثية، أضاف الدكتور حرب: "إذا كان لديكِ أقارب من الدرجة الأولى أصيبوا بمرض الشريان التاجي في مراحل مبكرة من حياتهم قبل بلوغهم سن 60 عامًا، فقد ترتفع مخاطر إصابتكِ بذات المرض بشكل كبير."
عندما تتحول نُظم القلب إلى مخاطر تهدد الحياة
بحسب الدكتور بلح، فإن متلازمة وولف باركنسون هي حالةٌ قلبية خُلقية؛ تتميز بوجود مسار كهربائي إضافي في القلب، يُعرف بالمسار الوصلي الإضافي. هذا المسار قد يُسبَب تسارعًا في نقل الإشارات الكهربائية من الأذين (أعلى غُرف القلب) إلى البطين (أسفل غُرف القلب)، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى زيادة سرعة نبضات القلب.
ويضيف: "أحيانًا،يمكن لبعض الحالات التي قد يتغير فيها نمط ضربات القلب لدى الأشخاص السليمين، أن يتداخل نُظم القلب الطبيعي مع نبضات غير عادية تصل سرعتها إلى 220-250 نبضة في الدقيقة؛ وهذه الحالة قد تتطور إلى الرجفان البطيني الذي يُهدَد الحياة، خصوصًا إذا لم يتم التدخل الفوري."
الميزة البارزة لمتلازمة وولف باركنسون وفقًأ لاستشاري أمراض القلب في السعودي الألماني، هي وجود مسار كهربائي غير طبيعي بين الأذين والبطين؛ ما يؤدي إلى إمكانية حدوث نُظم قلبي سريع يُعرف بـ "تسارع القلب فوق البطيني". وهذا النُظم قد يكون خطيرًا في بعض الأحيان.
الأعراض التي قد تظهر لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة WPW تشمل:
- خفقان القلب أو الشعور بنبض قوي.
- الدوار أو الإغماء.
- التعب.
- ضيق في التنفس، خصوصًا أثناء نوبات الخفقان؛ ويُعدَ مخطط كهربية القلب، أداةً أساسية تشخيصية لتحديد وجود المتلازمة.
مضيفًا أن مستوى الخطر بين مرضى متلازمة وولف باركنسون قد يختلف، ولهذا السبب يتم تقييم مجموعة من المعايير لتحديد الخطر المحتمل.
بالنسبة للعوامل التي تلعب دورًا في الإصابة بهذه المتلازمة، يحددها الدكتور بلح بالتالي:
- الجنس.
- الإكتشاف المبكر للمتلازمة قبل سن العشرين.
- وجود أمراض قلبية خُلقية أو تاريخ عائلي للمتلازمة.
- أعراض عدم انتظام ضربات القلب (خاصةً الإغماء).
تشخيص وعلاج متلازمة وولف باركنسون
عند اكتشاف هذه المتلازمة، يُوصى بإجراء تخطيط كهربية القلب السطحي لجميع أفراد الأسرة من الدرجة الأولى؛ كما يتم إجراء اختبارات الفيزيولوجيا الكهربية في حالات معينة. ويجب على المرضى الذين يعانون من المتلازمة الخضوع لاختبار الإجهاد أثناء التمرين، وتخطيط القلب 12 سلكًا، والمراقبة المتنقلة.
يمكن إجراء القسطرة القلبية حسب كل حالة، يضيف الدكتور بلح؛ خصوصًا للمرضى الذين يعانون من أعراض أو الذين يُظهرون علامات خطورة مرتفعة بناءً على التقييم الطبي لمخاطر المتلازمة.
علاقة النظام الغذائي بصحة القلب
بالعودة إلى مُسببات أمراض القلب، يشير الدكتور حرب من "هيلث بوينت" إلى ارتباط النظام الغذائي الوثيق بصحة القلب والأوعية الدموية؛ محذرًا من أن الإفراط في تناول السعرات الحرارية، قد يُسبَب السمنة التي تُحفَز داء السكري، ومتلازمة الأيض، وارتفاع ضغط الدم. كما تتسبب السمنة في انخفاض القدرة على ممارسة النشاط البدني، إلى جانب مضاعفات أخرى على الصحة العامة.
تؤثر الأطعمة المُعالجة والغنية بالدهون المشبعة بشدة، على مستويات الدهون في الجسم؛ ومن الممكن أن تُسرّع من تدهور صحة الشرايين، ما يُسبَب أمراضًا مثل الذبحة الصدرية وأمراض الأوعية الدموية الطرفية.
يُعتبر العمر عاملًا حاسمًا في أمراض القلب والأوعية الدموية، ويوضح الدكتور حرب في هذا الصدد: "ترتفع مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مع التقدم بالسن، حيث تتراكم الأسباب الأساسية بمرور الزمن". مشدَدًا على أن تبني أنماط حياة صحية مبكرًا خلال الحياة، هو أمرٌ أساسي قبل أن تبدأ الأوعية والشرايين بالتعرض للتلف.
يتناول الدكتور حرب أيضًا، مخاوف الأزمات القلبية بين الأفراد الأصغر سنًا؛ حيث يشير لوجود عدة عوامل خطر، بما في ذلك التاريخ العائلي والسُمنة والسكري في مرحلة مبكرة أو متلازمة الأيض واختيارات أنماط الحياة السيئة مثل التدخين. فهذه العوامل يمكن أن تؤدي للإصابة بالنوبات القلبية حتى بين الأفراد الصغار في السن، في حين يتعرض الأصحاء منهم لمخاطر تطور أمراض القلب.
توصيات النظام الغذائي الصحي للقلب
لذلك يوصي الدكتور حرب، بوجوبالتركيز على الأطعمة الكاملة مثل الفواكه والخضروات والبقوليات والأسماك الزيتية لزيادة مستويات مضادات الأكسدة وتحسين صحة القلب والأوعية الدموية والجهاز الهضمي.
ويقدم استشاري أمراض القلب من "هيلث بوينت" نصائح قيّمة للحفاظ على صحة القلب؛ مُشدَدًا على أهمية التعود على نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية معتدلة الشدة لأربع مرات على الأقل في الأسبوع، لمدة 30 إلى 45 دقيقة في كل مرة. كما يوصي بمراعاة تمارين أيسوي القياس (الإيزومترية) وتمارين المقاومة للمساعدة في خفض ضغط الدم؛ناصحًا بضرورة الحصول على المشورة من مدرب رياضي أو طبيب متخصص فيما يخص هذا الموضوع، خصوصًا بالنسبة لأولئك المبتدئين في ممارسة مثل هذه الرياضات.
الإفراط في الرياضة وعلاماتٌ مبكرة لأمراض القلب
يحذر الدكتور حرب من الإفراط في ممارسة الرياضة، لتجنَب أي مخاطر على صحة القلب؛ منوهاً إلى أهمية الفحوصات الدورية، لاسيما للأشخاص الذين لديهم تاريخٌ عائلي لأمراض القلب والأوعية الدموية. مُوصيًا بإجراءالفحوصات بدءًا بعشرينيات العمر، مع التركيز على ضغط الدم ومستويات الشحوم والسكري؛كما يؤكد على الحاجة للرعاية الطبية بشكل عاجل عند الشعور بأي أعراض مثل آلام الصدر، أو ضيق التنفس، أو صعوبة ممارسة الرياضة، وهي مؤشرات قد تدل على الإصابة بمرض قلبي.
ويضيفقائلًا: "عند الشعور بأي أعراض تدل على نوبة قلبية، بما يشمل آلام الصدر أو ضيق التنفس، مع عدم زوالها في غضون دقائق، وخصوصًا مع تفاقم الأعراض لآلام الفك، والشعور بعدم الراحة في الذراع، والتعرق والغثيان أو القيء؛ يتعين طلب المساعدة الطبية الطارئة للاستجابة للأعراض وإجراء الفحوصات وتقديم العلاج المناسب."
عادات صحية لقلب سليم
عبر تبنَي أنماط حياة صحية وإجراء الفحوصات الدورية لصحة القلب والأوعية الدموية، يمكننا تقليص مخاطر أمراض القلب بشكل كبير والتمتع بحياة أطول وأكثر صحة..
هذا ما يؤكده الدكتور حسين علي مصطفى استشاري، أمراض القلب التداخلية بالمستشفى السعودي الألماني دبي. إليكِ بعض النصائح الصحية من الدكتور مصطفى، والتي تساعدكِ في الحفاظ على صحة القلب وتقويته كي تنعمي بقلب سليم على الدوام:
- الإقلاع عن التدخين: يعتبر التدخين عاملًا رئيسيًا للإصابة بأمراض القلب.
- إجراء فحص دوري للأسنان: هناك أدلةٌ على وجود صلة بين صحة الفم وخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وترتبط عدوى الأسنان وفقدانها، فضلًا عن التهاب اللثة؛ بزيادة خطر الإصابة بعدم انتظام ضربات القلب وفشل القلب والسكتة الدماغية واحتشاء عضلة القلب. إن التأكد من أن صحة فمكِ في حالة جيدة، هو أحد الطرق لمساعدة صحة قلبكِ.
- الحركة: التمارين البدنية إحدى أفضل الطرق لتدعيم صحة قلبكِ،الذي هو عبارة عن عضلة ويحتاج إلى تمرين يومي يتطلب منه ضخ الدم بشكل أسرع وأقوى لفترات للمساعدة في الحفاظ على وظيفته. تساعدكِ التمارين أيضًا على التحكم في وزنك ومستويات التوتر لديك، بالإضافة إلى تحسين ضغط الدم والدورة الدموية. قومي بممارسة الرياضة لمدة 150 دقيقة من التمارين متوسطة الشدة أسبوعيًا.
- الحصول على قسط وافر من النوم: عندما يضطرب نومنا، سواء من خلال الاستيقاظ ليلاً أو الأرق أو من خلال العمل بنظام الورديات؛ فإن هذا يُعطَل الإيقاعات الطبيعية لجسمنا. التأثير غير المباشر لهذا الاضطراب هو على صحة القلب والأوعية الدموية والتمثيل الغذائي، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب. فليكنهدفكِ الحصول على 7-9 ساعات من النوم الجيد كل ليلة، من خلال ممارسة النظافة الجيدة للنوم: النوم في غرفة مظلمة وباردة، خفض مستويات الإضاءة،إطفاء الشاشات قبل ساعة على الأقل من وقت النوم، والتأكد من تناول الطعام قبل 3 ساعات على الأقل من موعد النوم.
- خفض مستوى التوتر: بعض التوتر مفيدٌ لنا، لكن التوتر المفرط والمزمن ليس كذلك! وليس من المستغرب أن الضغط المستمر المرتفع قد ثبت أنه يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
- إنقاص الوزن للحد المناسب للعمر والجسم: تُعدَ زيادة الوزن من العوامل التي تساهم في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.و يساهم الوزن المفرط في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
في الختام، نضم صوتنا لأصوات الأطباء المختصين؛ وننصحكِ عزيزتي بإيلاء صحة قلبكِ العناية القصوى، كي تبقى ضرباته منتظمة، وقدرته على ضخ الدم والحياة في جسمكِ عاليًا. وتذكري أن القلوب المفعمة بالحب، هي القلوب التي تنبض حياةً وصحة أيضًا.