تمارين البيلاتس المنزلية للناجيات من سرطان الثدي: طريقٌ للشفاء والقوة
تدرك العديد من ناجيات سرطان الثدي، أن العودة للحياة الطبيعية ما قبل الإصابة بالمرض واكتشاف الورم السرطاني الذي سيُغيَر حياتهنَ للأبد؛ ليست بالسهلة، وقد تتطلب الكثير من الجهد والوقت والإخفاقات في أوقات عدة. لكن في النهاية، تتغلب معظم السيدات اللاتي أصبنَ بهذا المرض الخبيث، عليه؛ وينجحنَ في استعادة زمام الأمور من جديد.
وللوصول إلى هذه المرحلة، لا بد من خوض العديد من التجارب وإتقان مهارات جديدة أو العودة لأخرى سابقة، والقيام بكثير من الأمور التي تعود بالمنفعة على الصحة ككل؛ سواء الجسدية أن النفسية أو الفكرية.
من هذه الأمور، استعادة القوة البدنية التي تضعف أو تتزعزع، جراء العلاجات المختلفة التي تخضع لها مريضات سرطان الثدي؛ مثل العلاج الكيماوي، العلاج الإشعاعي والعلاج الهرموني. هذه العلاجات لها تداعياتٌ كبيرة على الصحة بالعموم، وهي تؤثر سلبًا على قوة الجسم والعقل والحالة النفسية والمزاجية للمصابة؛ ما يُضطرها للجوء إلى الخبراء والمختصين في مجالات كافة، لاستعادة نشاطها وقوتها بعد التعافي من المرض.
كثيرًا ما تُركَز النساء على الحالة البدنية والعلاج للمرض، لكن قليلًا منهنَ لا يُعرنَ القوة البدنية الاهتمام المطلوب. لكن هذه الفكرة تغيرت في السنوات الماضية الأخيرة، وباتت ناجيات سرطان الثدي أكثر تركيزًا على استعادة قوتهنَ الجسدية، التي تنعكس بشكل إيجابي وكبير على الصحة ككل؛ وذلك من خلال القيام بالتمارين الرياضية المختلفة، التي تساعد في تقوية أجسامهنَ بعد الخضوع لعلاجات سرطان الثدي، التي تُنهك الجسم بشكل عام.
تتعمق مقالة اليوم، في موضوع حاسم يؤثر على العديد من ناجيات سرطان الثدي؛ وتُقدم رؤى قيَمة حول التمارين والتقنيات التي يمكن أن تفيدهنَ بشكل كبير في طريقهنَ إلى التعافي والرفاهية العامة. وتقدم شازية قريشي، مدربة فليتشر بيلاتيس المعتمدة الوحيدة في الإمارات العربية المتحدة؛ وياسمين كراتشيوالا،المؤسس المشارك لـ PAD: Pilates & Dance، بعض أهم التمارين التي ينبغي على ناجيات سرطان الثدي القيام بها، لاستعادة القوة والنشاط بعد التعافي.
تمارين منزلية للناجيات من سرطان الثدي
إن أي شكل من أشكال السرطان يتحدى كل ما نعرفه، بدءًا من صحتنا العقلية وحتى صحتنا الجسدية والعاطفية. إذ أننا وفجأة، نجد أنفسنا في مواجهة الموت وجهًا لوجه؛ ثم نُضطر إلى اتخاذ بعض الإجراءات، مثل العلاج الكيميائي، مما يؤدي إلى انخفاض نوعية الحياة كما نعرفها بشكل كبير.
وبالمثل، يمكن أن يكون سرطان الثدي رحلةً صعبة، يمكن أن تتحدى إحساس المرأة بـ "الأنوثة"؛ خاصةً إذا ما كانت بحاجة إلى الخضوع لعملية جراحية لاستئصال الورم، واستئصال الثدي جزئيًا أو كليًا. لكن بالنسبة للناجيات، فإن الطريق إلى التعافي غالبًا ما يتميز بإحساس جديد بالهوية والقوة. وإحدى الطرق التي يمكن أن تساعدكِ في هذه الرحلة، هي رياضة البيلاتس، والتي يمكن أن تجعلكِ تشعرين بالتحكم في جسمكِ مرة أخرى.
البيلاتس هو نظام تمارين شامل، يُركَز على تحسين المرونة والقوة ووضعية الجسم والصحة العامة. وفي هذه المقالة، سنستكشف مع قريشي وكراتشيوالا، بعض تمارين البيلاتس المُوصى بها والمُصممة خصيصًا لدعم الناجيات من سرطان الثدي في تعافيهنَ.
1. تمارين التنفس
على الرغم من أنه شيءٌ نقوم به في كل ثانية من كل يوم، إلا أن التنفس لا يزال تمرينًا إلى حد كبير! إذ يتطلب التنفس العميق واليقظ، تنشيط العديد من العضلات التي تحتاج إلى تقوية للنساء والمريضات اللاتي يتعافينَ من العمليات الجراحية، منها العمليات المتعلقة بسرطان الثدي. وإلى جانب الجانب العضلي، يمكن أن تكون هذه التمارين مفيدةً بشكل خاص في خفض مستوى القلق ومساعدة عمليات الشفاء الطبيعية للجسم.
2. حركة الكتف والذراع
يمكن أن تؤثر جراحة سرطان الثدي على حركة الكتف والذراع. وهنا تأتيأهمية تمارين البيلاتس، التي تُمددَ وتُقوي هذه المناطق بلطف؛ لمساعدة ناجيات سرطان الثدي على استعادة نطاق الحركة وتخفيف الانزعاج. يمكن في حال دمج بعض الحركات مثلذراعي المرمى، وبسط وسحب لوح الكتف، وارتفاع وانخفاض لوح الكتف، ضمن الإجراءات الروتينية اليوميةالمساعدة في تفعيل حركة الكتف والذراع، واستعادة قوتها من جديد.
3. تبديلات الإنحناء الجانبي
العودة إلى حالة الحياة الطبيعية بعد الجراحة، أمرٌ بالغ الأهمية. ويمكن لتمارين البيلاتس مثل الانحناءات الجانبية (بدءًا بالانحناءات الجانبية البسيطة، والتقدم نحو الانحناءات الجانبية مع وضع الذراع فوق الرأس) أن تُمددَ وتُقوَي العضلات المحيطة بالجذع بأكمله.
4. تمدَد الرقبة
قد تعاني العديد من ناجيات سرطان الثدي، من التوتر والتصلب في الرقبة؛ خاصةً بعد الجراحة. وهنا، تساعد تمارين تمدد الرقبة اللطيفة وتمارين الحركة، في تخفيف هذا الانزعاج. تشمل الأمثلة على هذه التمارين: إمالة الرقبة ولفها ودورانها اللطيف لتحسين المرونة وتقليل التوتر. كما يمكن أن تشمل أيضًا، حركات الثني والتمديد للرقبة والعمود الفقري، للمساعدة في استعادة القدرة على الحركة.
هناك تمارين بيلاتيس مُصمَمة خصيصًا لمواجهة التحديات الفريدة التي تواجه الناجيات من سرطان الثدي. وتأخذ هذه التمارين في الاعتبار عوامل، مثل خطر الوذمة اللمفية والأنسجة الندبية. لذا يُعدَ العمل مع مدرب/مدربة بيلاتيس معتمد وذو خبرة في إعادة تأهيل سرطان الثدي، أمرًا ضروريًا لضمان ممارسة آمنة وفعالة.
5. التواصل بين العقل والجسم
لا تقتصر رياضة البيلاتس على القوة البدنية فحسب؛ بل يتعلق الأمر أيضًا بتعزيز الاتصال القوي بين العقل والجسم. إن ممارسة اليقظة الذهنية أثناء جلسات البيلاتس، يمكن أن تساعد الناجيات على بناء المرونة وتعزيز صحتهنَ العاطفية.
من المهم ملاحظة أنه قبل البدء في أي برنامج تمرين جديد، يجب على الناجيات من سرطان الثدي استشارة مُقدم الرعاية الصحية الخاص بهن؛ للتأكد من أنه آمن لظروفهنَ الفردية. وتذكرَي عزيزتي، أن رحلة كل ناجٍ هي رحلةٌ فريدة من نوعها؛ لذا من المهم تصميم تمارين البيلاتس وفقًا للاحتياجات والقيود الفردية. ابحثي عن مُدربة بيلاتس لا تفهم احتياجاتكِ الجسدية فحسب، بل أيضًا احتياجاتك العاطفية والعقلية، وتساعدكِ على أن تصبحي قوية في جميع الجوانب. ومن يعلم، فقد تجدين أن تجربة هذا النوع الرائع من التمارين كان أفضل شيء حدث لتعافيكِ!
في الختام، ننصحكِ عزيزتي القارئة بوجوب العناية بصحتكِ من خلال الفحص الدوري للكشف المبكر عن سرطان الثدي في مراحله الأولى. ولا تخشي من الخضوع للعلاجات الضرورية التي تضمن لكِ التعافي والشفاء السريع من المرض، واعتمدي على التمارين التي قدمتها لك المختصات في رياضة البيلاتس أعلاه، وغيرها من التمارين والعلاجات المختلفة، جسديًا ونفسيًا، لاستعادة عافيتكِ والتمتع برفاهية الحياة من جديد، مع وحول من تحبين.