جوزيت عواد ناجية من سرطان الثدي تروي لنا قصتها الملهمة

جوزيت عواد ناجية من سرطان الثدي.. تحكي لنا عن تجربتها المُلهمة في التعافي من هذا المرض

جمانة الصباغ
31 أكتوبر 2023

عند البحث عن معنى "النجاة" في مُعجم اللغة العربية، نجد التفسير التالي:

النجاة هي الخلاص من المكروه..

ماذا يعني ذلك؟ يعني أن ننجح في التخلص من كل شر وسيء وخطير يُهدَد حياتنا، ويجعلنا غير قادرين على الاستمتاع بها. أن نتخلص من الأشياء السيئة التي تصادفنا خلال حياتنا، سواء من الأفراد أو الحالات الصحية أو المشاكل الاجتماعية وغيرها الكثير.

والنجاة لا تعني فقط أن ننجح في عدم الغرق فقط في البحر؛ بل عدم الغرق أيضًا في لُجة القهر والعذاب والأذى الجسدي والنفسي، الذي قد يُصيبنا جراء تعرَضنا لأزمة صحية معينة، أو لحدث جلل يعصف بحياتنا مثل وفاة أحد الأحبة.

النجاة في هذه الحالات، تعني وبتفسيري المتواضع؛ القدرة على استعادة حياتنا الطبيعية بكافة تفاصيلها الصغيرة والكبيرة، التافهة والمهمة. لأنها حياتنا، ولأنها تعني لنا الكثير.

وهو ما قد تشعر به ناجيات سرطان الثدي بشكل أو بآخر؛ هؤلاء النسوة اللاتي يصارعنَ المرض بشراسة واستبسال، للإنتصار عليه والنجاة بحياتهنَ. هذه الحياة، التي أنعم الله عليهنَ بها، وأوصاهنَ بحمايتها والاعتناء بها؛ يضعنا الخالق تعالى أحيانًا في امتحان كبير لتقدير هذه النعم، وذلك من خلال المرض. فمن انتفض على المرض وحارب بكل ما أُوتي من قوة وشجاعة، استحق هذه الحياة بجدارة؛ واستحق رضوان الله عليه.

وهذا بالفعل ما فعلتهُ جوزيت عواد، سيدةٌ لبنانية نجحت في التغلب على سرطان الثدي والتخلص منه للأبد. وبقدر ما هي ممتنةٌ لمن ساندها وساعدها من عائلة وأقارب وأصدقاء؛ فإنها ممتنةٌ لنفسها أيضًا، لأنها اختارت المواجهة وعدم الهروب.

جوزيت ناجيةٌ من سرطان الثدي، تحدثت إلينا من بيروت؛ عن تجربتها مع سرطان الثدي، والعلاج الذي خضعت له. سألناها كيف تشعرُ اليوم، وما هي النصيحة التي تسدينها لكافة قارئات "هي"، فكان لنا معها هذا اللقاء الممتع...

جوزيت عواد مع إبنتها بعد التعافي من سرطان الثدي
جوزيت عواد مع إبنتها بعد التعافي من سرطان الثدي

متى تمَ تشخيص إصابتكِ بسرطان الثدي؟ وفي أي مرحلة كانت الإصابة؟

تمّ تشخيص إصابتي بسرطان الثدي في ديسمبر 2017، وكان المرض الحمدالله في مرحلته الأولى. 

كم استغرقتِ من الوقت للشفاء، وهل ما زلتِ تتناولين أية أدوية وقائية؟

لقد اتّخذتُ قرار الخضوع لجراحة استئصال ثديّي الإثنين، وأتت نتائج فحوصات ما بعد العمليّة الجراحيّة خاليةً من أي خلايا سرطانيّة؛ الأمر الذي سمح لي بعدم الحاجة لتناول أيّ أدوية وقائيّة. غير أنّني أخضعُ لفحوصات كلّ ستة أشهر أو سنة، بناءً على طلب الطبيب المختصّ. أمّا وقت الشفاء، فقد استغرق عامًا كاملًا؛ لأنّني احتجتُ بعض الوقت لاتّخاذ قرار إجراء الجراحة التجميليّة لإعادة ترميم الثدي.  

ماذا كان نوع سرطان الثدي الذي أصابكِ؟ وما نوع العلاج الذي خضعتِ له؟

لقد أُصِبتُ بالورم الحليمي؛ وبما أنّ المرض كان في مرحلته الأولى وقد خضعتُ لجراحة استئصال الثدي، لم يتوجّب عليّ أن أخضع لأيّ علاج، شفائيّ كان أو وقائي. 

ما هي المشاكل الجسدية والنفسية التي رافقتكِ خلال رحلة العلاج؟

كنتُ من القليلات المحظوظات لاكتشاف السرطان بمرحلةٍ مبكرة؛ وبما أنّه وجب عليّ أن أخضع لجراحة استئصال ثديّي الإثنيْن، مررتُ بمراحل ترميم وشكّل هذا الأمر تحدّيًا لي، كما تطلّب شفائي الكامل على الصعيد الجسدي والنفسي بعض الوقت. إنّ هذه المسيرة أمرٌ شخصيّ للغاية، فهي تتمحور حول شعوركِ حيال نفسكِ وحيال المرحلة التي تمرّين بها، وبالطبع حول حالتكِ النفسيّة.

بالنسبة لي؛متى ما انتهت مرحلة استئصال الثدي، كان كل ما تبقّى من الرحلة سهلًا نوعًا ما.  

ما هو أول شيء خطر ببالكِ عند علمكِ بالإصابة بسرطان الثدي؟

لا شكّ أنّ لحظة تلقّي الخبر كانت الأصعب والأرعب في حياتي. فبصفتي أمّ، كان يجب عليّ أن أكون حريصةً في ردّة فعلي، وفي التعامل مع المرحلة القادمة من دون أن أخلّف أثرًا على من أحبّهم، وهم كانوا خائفين بدورهم.  

ما هي أصعب مرحلة مررتِ فيها خلال مرحلة العلاج والشفاء؟ وكيف كان دعم العائلة والأصدقاء في هذه المرحلة؟

لا شكّ في أنّ المرحلة الأصعب كانت استئصال الثديّين وجراحة الترميم. وكان لكلّ من أفراد عائلتي وأصدقائي دورٌ في دعمي؛ غير أنّني لا أنسى أبدًا دعم أختي الكبيرة، التي مكثت برفقتي 4 أيّام في المستشفى من دون نوم. 

هل تخافين من عودة المرض؟ وما هي الإجراءات التي تتخذينها لحماية نفسكِ من عودته؟

كلّما شعرتُ بأنّ ثمّة أمرًا غير طبيعي في جسمي، أفكّر بالسرطان؛ لكنّ إيماني أقوى من أي وقتِ مضى وأثق بأنّه لن يعود. 

ما الذي تغيَر فيكِ بعد المرور بمحنة سرطان الثدي؟

أنا امرأةٌ حالمة بطبيعتي، والآن أحلمُ أكثر وأخطّط دائمًا للمستقبل. غالبًا ما أتطلّع إلى أمرٍ ما في السنوات القادمة؛ أحبُ نفسي أكثر وأعتني بنفسي أكثر، كما وأحرص على أن أكون سعيدةً لأتمكّن من نشر الشعور بالسعادة والفرح والأمان في محيطي. 

جوزيت عواد ناجية من سرطان الثدي تروي لنا قصتها الملهمة-رئيسية واولى
جوزيت عواد ناجية من سرطان الثدي تروي لنا قصتها الملهمة

ما هي النصيحة التي تعطينها لسيدةاكتشفت حديثًا أنها مُصابة بسرطان الثدي؟

إنّني امرأةٌ مؤمنة؛ وبالنسبة لي، كان إيماني أكبر عامل دعم. نصيحتي لها، هي أن تحيط نفسها بأفراد إيجابيّين وتفكّر بإيجابيّة. يجب أيضًا أن تحافظ على قوّتها، وتؤمنّ بأنّهاتستحقّ الحياة. كما وإنّ قراءة قصص شفاء سيدات آخريات، هو عاملٌ مساعد أيضًا على تخطّي المرحلة.   

هل برأيكِ، التثقيف الصحي في عمر مبكر؛ يساعد في تجنيب النساء الكثير من الأمراض والمشاكل الصحية؟

الفحص المبكر أمرٌفي غاية الأهميّة،ويُنصَح بالقيام به على عمر 40 عامًا؛ لكن من تجربتي الشخصيّة، أنصح بإجرائه ابتداءً من عمر 35. لأن الاكتشاف المبكر للسرطان سيجعل الرحلة أسهل بكثير. وليكن معلومًا أن سرطان الثدي يمكن التغلّب عليه واكتشافه المبكر سيخلّصكِ من هذا المرض.

ما النصيحة التي تُسدينها لقارئات "هي" حول الفحص المنتظم والكشف المبكر لسرطان الثدي؟

أنصحهنّ بأن يُجريْن الفحوصات على الدوام، ويراقبْن صحّتهنّ عن كثب؛ من دون تجاهل أيّ علامات أو أعراض. لأن السرطان كما أسلفت، مرضٌ يمكن شفاؤه ويمكننا التغلّب عليه.

ختام القول، ومع اختتام شهر التوعية بالكشف المبكر عن سرطان الثدي؛ لا يسعنا سوى التوجه مجددًا إليكِ عزيزتي القارئة، بالنصائح الآتية: أحبَي نفسكِ، واهتمي بها أكثر. لا تتهاوني في مسألة الفحص الدوري للثديين وعنق الرحم، وغيرها من الأمور الصحية التي يمكن أن تُلمَ بكِ. وكما قالت جوزيت في مقابلتها، سرطان الثدي مرضٌ يمكن الشفاء منه في حال كشفه مبكرًا؛ لذا لا تتأخري في القيام بفحص الماموغرام أو الفحص الذاتي، وغيرها من الفحوصات التي توصي بها طبيبتك الخاصة. لأن حياتكِ نعمةٌ من الله، تستحق كل عنايتكِ وحبكِ واهتمامكِ. وعسى أن تكوني دومًا بصحة وعافية وسعادة!