نجاح رحلة خسارة الوزن .. مرتبطٌ بتعزيز الصحة النفسية
نسمع دومًا المقولة الشهيرة التي تقول: "رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة"؛ ويبدو الأمر سهلًا في البداية، فما هي إلا خطوة وبعدها خطوة، لنصل إلى هدفنا. أليس كذلك؟
لكن ليس كل ما نسمعه يمكن تطبيقه على أرض الواقع؛ ليس لأن تلك المقولة وغيرها غير صحيحة على الإطلاق، بل لأننا نستسلم بسرعة ولا نثابر على الاستمرار والصمود في تلك الرحلة الطويلة. إنها ألف ميل، يعني المئات والآلاف من الخطوات التي ينبغي القيام بها بصورة منتظمة ووتيرة مستمرة، دون تعب أو هوادة. وإلا لن ننجح في بلوغ نهاية السباق..
هكذا هو الأمر في رحلة خسارة الوزن : نتحمس كثيرًا في البداية، نبدأ بالتأفف والضجر بعد فترة؛ ثم ينتهي بنا الحال في تخريب وإفساد كل إنجاز حققناه بالعودة إلى نمط الحياة السابق قبل النجاح في إنقاص الوزن. لماذا؟ لأن الجانب النفسي لدينا، لم يكن مُحضَرًا كفاية، أو مُدربًا بشكل جيد، للانتظام في هذه الرحلة التي دونها مشقاتٌ وصعابٌ كثيرة.
لذا ينبغي علينا، وقبل التخطيط لإنقاص الوزن بأي شكل وضمن أي حمية أو رجيم نختاره بأنفسنا، أو نسعى لتطبيقه مع مختصين في التغذية والطب البشري؛ أن نتحضر نفسيًا. ولهذا تقدم لنا ليما فزع؛ رئيسة قسم التغذية في عيادات "أي آي جي" وأخصائية تغذية علاجية بدوام جزئي في مستشفى دبي لندن، بعضًا من نصائحها المهمة لتعزيز الصحة النفسية لإنجاح مسيرة إنقاص الوزن.
دور الصحة النفسية في رحلة خسارة الوزن
وفقًا لاخصائية التغذية العلاجية، ترتبط خسارة الوزن الزائد ارتباطًا وثيقًا بالصحة النفسية؛ وتشير العديد من الدراسات إلى فوائد خسارة الوزن على الصحة والسلامة النفسية. على سبيل المثال، تشتمل النتائج الإيجابية لخسارة 10% من الوزن الزائد، على تحسين الصحة الجسدية وتقليل خطر الإصابة بالعديد من الأمراض، مثل السكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم والسرطان؛ بالإضافة إلى رفع مستويات الخصوبة وتحقيق مستوىً جيد من الصحة العامة والعافية، فضلًا عن تعزيز النظرة الإيجابية للحياة والشعور بالحيوية والنشاط.
ولا تقتصر رحلة خسارة الوزن على الالتزام بالتمارين الرياضية والنظام الغذائي الصحي، وإنما تتعلق أيضًا بالتحلي بالتفكير الإيجابي والعزيمة الضرورية لتحقيق النجاح والقدرة على مواجهة التحديات العاطفية.
لا شك أن رحلة خسارة الوزن محفوفةٌ بالعديد من العقبات، ومن الطبيعي أن تتخللها لحظاتٌ من اليأس والاستسلام، ولذا يجب تفادي لوم الذات وتجنب مُحفزات الأكل العاطفي والحفاظ على الطاقة الإيجابية خلال هذه الرحلة.
وعليه تنصحكِ ليما فزع بالتالي...
النقد الذاتي السلبي يعرقل رحلة خسارة الوزن
تؤثر الأفكار بشكل مباشر على السلوكيات والأفعال اليومية، ومن السهل الاستسلام لمشاعر الذنب ولوم الذات عند عدم تحقيق النتائج المنشودة، وهي أفكارٌ تتعلق بلوم النفس على اكتساب وزنٍ زائد أو الافتقار للعزيمة الكافية لخسارة الوزن، وغيرها من الأفكار التي تُزعزع الثقة بالنفس وتُحطم المعنويات. وتؤثر هذه الأنماط السلبية من التفكير على الصحة العاطفية والجسدية، وتنعكس سلبًا على محاولات خسارة الوزن والتمتع بصحة جيدة؛ وقد تؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب وتزيد من احتمالية اتباع أنماط طعام غير صحية وغيرها من المشاكل.
تتساوى أهمية تحقيق الهدف النهائي من خسارة الوزن مع أهمية الإنجازات الصغيرة خلال الرحلة، مثل الشعور بمزيدٍ من الحيوية والنشاط والقدرة على الاستمتاع بنوم هانئ وارتداء ملابس بمقاساتٍ أصغر والإحساس بالراحة والثقة وخوض العديد من التجارب للمرة الأولى. وتُمثَل هذه الإنجازات الصغيرة دليلًا ملموسًا على النمو والتطور، وتحقيق تغييراتٍ إيجابية في نمط الحياة، كما تلعب دورًا في تحسين الصحة النفسية.
وتؤثر العديد من العوامل البيولوجية والثقافية والنفسية على الوزن ونمط الحياة بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، لذا من الضروري اتباع عاداتٍ غذائية صحية والاستمتاع بممارسة التمارين الرياضية وتدريب الذهن على التفكير بشكل بنّاء وإيجابي. ويجب الحرص على عدم انتقاد الوزن، وإنما الأفعال والممارسات غير الصحية؛ مع عدم نسيان أن قيمة الإنسان لا تُحدَدها الأرقام التي يُظهرها الميزان.
التعامل مع مُحفَزات الأكل العاطفي
يُعدَ الأكل العاطفي من أبرز التحديات التي نواجهها خلال رحلة خسارة الوزن، ويجب معرفة السبب الحقيقي خلف الرغبة في تناول كمياتٍ زائدة من الطعام؛ سواء كان التوتر أو الشعور بالوحدة أو الملل، حيث يساعد تحديد المشكلة على التعامل معها وإيجاد حلولٍ صحية أكثر .
من الضروري مراقبة حالاتنا المزاجية وعاداتنا الغذائية وكميات استهلاكنا من الطعام وفهم كيفية تفاعل هذه العوامل مع بعضها البعض، ما يُتيح لنا تعلَم طرقٍ بديلة للتعامل مع عواطفنا بعيدًا عن تناول الطعام.
التركيز على التمتع بالعافية وخسارة الوزن المستدامة
تتطلب خسارة الوزن تغيير كلٍ من العادات الصحية وطريقة التفكير بشكل جذري، بما يشمل تغيير ذهنيات المرضى وطرق تعاملهم مع الطعام والرياضة. ويقدم برنامج ألوريون التوجيهات والإرشادات اللازمة لتحويل تركيز المرضى من الأنظمة الغذائية القاسية نحو خسارة الوزن المستدامة والسعي إلى بناء:
- صحةٍ جسدية ونفسية أفضل، فضلًا عن صقل شخصيةٍ قوية قبل العمل على بناء مظهر جميل.
- التعامل مع الطعام كوقود للجسم عوضًا عن اعتباره مصدرًا للسعادة أو التعاسة.
- ممارسة التمارين الرياضية بهدف تحقيق الصفاء الذهني والحصول على صحةٍ جسدية أفضل وليس بهدف خسارة الوزن فحسب.
قد يصعب تغيير طريقة رؤيتنا للأمور بعد سنوات طويلة، إلا أن ذلك قابلٌ للتحقيق بالسعي والاجتهاد، تؤكد ليما فزع. ونحن بدورنا، ندعوكِ عزيزتي لعدم الاستسلام، والمضي قُدمًا في تحقيق التوازن بين صحتكِ الجسدية والنفسية.
وتذكري أن الصحة الجيدة هي مفتاح الراحة والسعادة، لذا لا تقعي فريسة الأوهام والخوف والقلق من زيادة الوزن والسعي الدائم لاتباع الحميات التي قد تضر بصحتكِ جسديًا ونفسيًأ. وتذكري أيضًا أن تقدير الذات وحب النفس والثقة، أمورٌ لا تأتي من جسم رشيق فقط؛ وإنما من نفسيةٍ مرتاحة، وعقلٍ متفتح، وشخصيةٍ ناجحة في كافة المجالات.