فوائده عديدة لكن حذاري من آثاره الجانبية: ما هي أنواع الجينسنغ المتوفرة في الأسواق
يبدو أن العودة للبدائل الطبيعية وطب الأعشاب، ما زالت تستقطب الكثير من المشجعين والراغبين في خوض غمار هذا العالم واستكشاف مكنوناته التي كانت لقرونٍ ماضية، سائدةً في العديد من الدول.
فطب الاعشاب هو أحد فروع الطب البديل الذي يعتمد على استخدام أعشابٍ موجودة في الطبيعة، وتأثيراتها الطبية في علاج الأمراض؛ وتُستخدم الأعشاب من مختلف أرجاء العالم القديم. يعود تاريخ هذا الطب إلى مصر القديمة وبلاد الرافدين، التي استخدمت الأعشاب المحلية المتوفرة، فيما ترجع أول معرفةٍ لأوروبا بطب الأعشاب لليونان القديمة؛ حيث وضع ديسقوريدس أول تصنيفٍ لأعشاب المنطقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويُعدَ كلًا من الأدريسي وابن البيطار، أشهر الأطباء العرب القدماء الذين صنَفوا الأعشاب وألفوا الكتب في الحديث عن آثارها الطبية وفوائدها على الصحة وعلاج الأمراض. وقد اعتمد الأطباء العرب كثيرًا على الأعشاب ، بحيث لا يخلو مؤلف طبي عربي من ذكر الأعشاب المفيدة.
الجينسنغ هو واحدٌ من الأدوية العشبية التي ذاع صيتها في القرن الماضي والحالي؛ وغالبًا ما تُنسب إلى مشروبات الطاقة وتعزيز الصحة الجنسية، لكن الجينسنغ بأنواع المختلفة التي نتعرف عليها سويًا في مقالة اليوم، يحمل العديد من الفوائد الصحية. إلا أنه لا يخلو من بعض الآثار الجانبية أيضًا، وهو ما سوف نُضيء عليه أيضًا في موضوعنا اليوم من خلال عدة مصادر مختصة على الإنترنت.
إنما بدايةً.. دعينا نتعرف سويًا على الجينسنغ..
الجنسينج (Ginseng) هو نباتٌ يتألف من جذرٍ فاتح اللون وساقٍ طويلٍ نسبيًا، وأوراق خضراء بيضاوية الشكل؛ وهناك 11 نوع من نبات الجينسنغ تنتمي جميعها إلى جنس البانكس (Panax ) وعائلة الأرالية (Araliaceae).
عُرف الجينسنغ على مدار التاريخ، كدواءٍ عشبي؛ ومعروفٌ عنه أنه يُعزَز الطاقة في الجسم، ويحارب التعب والإجهاد، فضلًا عن تعزيز اليقظة وتحسين الصحة الجنسية. ويتم استخدامه عادةً كمُنشَط لدعم رفاهية الجسم عندما تضعف أجهزته، كما يتم إدراجه كجزءٍ من العلاج الشامل للعديد من الأمراض.
يأتي الجينسنغ ضمن المواد المُكيَفة، وهي موادٌ تدعم الاستجابة الصحية للضغط وتساهم في المحافظة على مستويات طبيعية للكورتيزول (هرمون التوتر)، تأمين قدرٍ أكبر من الطاقة، تحسين الوظائف الإدراكية والنوم بشكل أفضل في ظل الظروف العصبية. وبشكلٍ عام، يمكن القول أن الجينسنغ تُغذّي الجسم كله بعمق.
أنواع الجينسنغ
ينبغي دومًا التأكيد على ضرورة التحدث مع طبيبكِ الخاص أو مقدم الرعاية الخاص بكِ، لسؤالهم عن إمكانية دمج الجينسنغ ضمن نظامكِ الغذائي اليومي.
وبالنسبة لأنواع الجينسنغ، فهي متعددة وتأتي على الشكل الآتي:
-
الجينسنغ الأمريكي (باناكس كوينكوفوليوس)
تتم زراعته بصورةٍ خاصة في شرق أمريكا الشمالية، وأكثر استخدامات الجينسنغ الأمريكي هي للتخفيف من الإجهاد الناجم عن التعب والإرهاق. كما يلجأ البعض لاستخدام الجينسنغ الأمريكي لعلاج جفاف الفم والعينين والجلد، وتعزيز عملية الهضم. مع الإشارة إلى أن الجينسنغ الأمريكي ذو جودة تبريدٍ عالية، ما يجعله مناسبًا للأفراد الذين يشعرون بالحر الشديد.
كشفت دراسةٌ أُجريت في العام 2019، أن إضافة الجينسنغ الأمريكية للعلاج التقليدي لمرض السكري النوع الثاني، أثبتت فعاليةً ودرجةً جيدة من الأمان لجهة ضبط مستوى السكر في الدم للأشخاص المصابين بهذا الداء. لكن نُجدَد الدعوة هنا، لجميع مرضى السكري، حول وجوب التحدث مع الطبيب المختص قبل البدء باستخدام الجينسنغ لهذا الغرض.
كذلك وجد باحثون أن استخدام الجينسنغ عند الفئران في أحد التجارب، أفضى إلى تحسنِ كبير في التهاب القولون لديها والوقاية منه لدى البعض الآخر. ما يعني أن الجينسنغ يعمل كمضادٍ للالتهابات ومضادٍ للأكسدة للجهاز الهضمي؛ إلا أنه لا بد من إجراء المزيد من البحث لتبيان ما إذا كانت النتيجة ذاتها موجودةً لدى البشر.
-
الجينسنغ الآسيوي (باناكس الجينسنغ)
معروف أيضًا بإسم الجينسنغ الأحمر أو الأبيض أو الصيني أو الكوري، ويُستخدم Panax ginseng بشكلٍ عام لمحاربةالإرهاق الذي يؤدي إلى خللٍ في هرمون الكورتيزول وعدم استقرار نسبة السكر بالدم. يتميز الجينسنغ الآسيوي بزيادة الاحترار، ما يعني أنه قد لا يكون مناسبًا استخدامه في الطقس الحار أو لدى الأشخاص الذين تميل درجة حرارة أجسامهم إلى الارتفاع.
هناك العديد من الأبحاث التي أُجريت على Panax Ginseng أفضت لنتائج متفاوتة حول استخدام لإدارة مستويات السكر في الدم. وتشير تلك الأبحاث إلى أن بانكس جينسنغ قد يساعد في ضبط مستويات السكر بالدم خصوصًا لمرضى السكري أو المصابين بمشاكل تتعلق باضطراب نسبة السكر في الدم؛ لكن من الضروري التشاور مع الطبيب المختص قبل إدخال هذه العشبة في النظام اليومي.
أبحاثٌ أخرى أشارت إلى إمكانية الاستفادة من الجينسنغ لتقوية جهاز المناعة، تحسين القدرات الإدراكية، زيادة القدرة على التحمل البدني، مكافحة الشيخوخة، الحفاظ على مستويات الكوليسترول الصحية، علاج اضطراباتٍ مختلفة في القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، الاكتئاب، القلق، وأعراض انقطاع الطمث.
-
الجينسنغ السيبيري (Acanthopanax senticosus)
تمت إعادة تصنيف هذا النبات مؤخرًا منEleutherococcussenticosusوالمعروف باسم إليوثيرو، ولم يُطلق عليه تقليديًا إسم الجينسنغ. وقد تمَ تطبيق هذا الإسم في الآونة الأخيرة لأغراض التسويق؛ ومع ذلك، فإن إليوثيرو يُعدَ جزءً من نفس عائلة النبات. يُستخدم الإليوثيرو بصورةٍ عامةللتخلص من الإجهاد طويل الأمد، التعافي من الجراحة أو المرض، وتحسين الأداء الرياضي؛ وهو مفيدٌ لزيادة القدرة على التحمل بما في ذلك الأداء الرياضي واليقظة الشبيهة بالكافيين، لذلك قد يكون مفيدًا للأشخاص الذين لا يتحملون القهوة جيدًا ولكنهم يرغبون في الحصول على دفعةٍ تنشيطية للجسم عوضًا عن الكافيين.
في دراسةٍ أُجريت على رياضيين شباب، تبيَن أن استخدم الإليوثيرو لمدة 8 أسابيع، أسهم في تحسين وظائف القلب والأوعية الدموية والأداء البدني والتمثيل الغذائي بشكلٍ كبير. كما وجدت دراسةٌ أخرى أُجريت على الفئران، أن عملية تعافي الجسم بعد المجهود البدني يتم تقصيرها بمُكمَلات الإليوثيرو. وأظهرت الدراسات في المختبر، أن الإليوثيرو يمكن أن يحول دون تكاثر فيروسات الحمض النووي الريبي؛ كما قد يكون مفيدًا في تقصير مدة الأمراض الحادة، مثل نزلات البرد والإنفلونزا. وهناك أبحاثٌ جارية للنظر في إمكانية استخدام الإليوثيرو لعلاج القرحة والتهاب المفاصل وأمراض المناعة الذاتية، وكمضادٍ عام للالتهابات.
-
الأشواغاندا (ويتانيا سومنيفيرا)
المعروف أيضًا بإسم الجينسنغ الهندي، له العديد من الاستخدامات المُشابهة كموادٍ مُحسَنة، على الرغم من عدم ارتباطه بالجينسنغ الحقيقي؛ فهو جزءٌ من عائلة Solanaceae، أو الباذنجان.
تُستخدام الاشواغاندا تقليديًا لتغذية الجسم كله، خاصةً في أوقات الإجهاد المُزمن أو عملية الشفاء. وعلى عكس الجينسنغ الحقيقي، فالاشواغاندا ليس مُحفَزًا؛ لكنه قد يساعد الناس على النوم بشكل أفضل، ويمكن تناوله في وقت متأخر من الليل. ويتم استخدامه في أغلب الأحيان كمادةٍ مُكيَفة أو في أمراض المناعة الذاتية.
في مراجعة التجارب السريرية العشوائية حول الاشواغاندا، لم تتوصل مراجعةٌ منهجية واحدة في العاج 2013 أي دليلٍ قاطع على استخدام الجينسنغ لعلاج أعراض انقطاع الطمث. ومع ذلك، فقد تمَ تضمين الدراسات التي تستخدم أي جينسنغ في تلك المراجعة، ما أفضى إلى تناقضاتٍ في الجرعات المحتملة، والمستحضرات، وأجزاء النبات، والنباتات المحددة. فيما خلصت مراجعةٌ منهجية أخرى للتجارب العشوائية ذات الشواهد التي تمَ إجراؤها في عام 2022، إلى أن الدراسات المشمولة والتي تضمنت كذلك الأمر استخدام أي نوع من الجينسنغ، أظهرت تحسنًا في الهبات الساخنة، وأعراض انقطاع الطمث، وتحسن نوعية الحياة بصورةٍ عامة عند النساء بعد انقطاع الطمث. وسوف يؤدي الاهتمام المتزايد بالأدوية النباتية، إلى تحسين جودة الدراسات والمعلومات في المستقبل.
الآثار الجانبية للجينسنغ
عندما نتحدث عن مختلف أنواع الأعشاب والنباتات، فإن لكل شيءٍ جانبه المظلم للأسف؛ ومنها الجينسنغ، الذي يمكن أن يتسبب ببعض الآثار الجانبية لمستخدميه خاصةً في حال عدم التشاور مع الطبيب المختص، أو في حال الإفراط في هذا الاستخدام.
وتشير المواقع المختصة إلى أن أكثر الآثار الجانبية للجينسنغ تتمثل في التالي:
- صعوبة النوم.
- الشعور بالحماس الشديد والشقلق.
- التأثير سلبًا على ضغط الدم ومعدل ضربات القلب.
- التأثير السلبي على الحيض أو الطمث.
- التسبب بالصداع واضطرابات الجهاز الهضمي.
كما أن الجينسنغ قد يتفاعل مع العديد من الأدوية، وبشكلٍ خاص الستانين ومُخفَفات الدم وضغط الدم وأدوية السكر في الدم. لذا من الضروري إطلاع طبيبكِ على كافة المُكمَلات المحتوية على الجينسنغ والتي تتناولينها بين الفينة والأخرى.
خلاصة القول، أن الجينسنغ بأنواعه المتعددة والمختلفة، قد تكون له بعض الفوائد على الجسم والوقاية من بعض الأمراض وحتى علاجها. وهو نوعٌ مهم وقوي من النباتات، يمكن بالاستخدام الحذر والمراقب من قبل المختصين، أن يعود عليكِ بالمنفعة.
لكن ينبغي عليكِ الحذر من آثاره الجانبية، خصوصًا في حال كانت لديكِ مشكلةٌ صحية تستوجب تناول بعض الأدوية؛ نظرًا لتفاعل الجينسنغ السريع مع العديد من أدوية الضغط والضغط والسكر.