خطرٌ خفي يُهدد حياة الشباب: تزايد الإصابات بداء السكري النوع الثاني غير المُشخَص
كلما جاء الحديث عن مرض السكري، تذكرتُ والدتي التي قضت بسبب هذا الداء؛ إنه لأمرٌ محزن وشاق أن ترى من تحب يعانون من تبعات هذا المرض الخطيرة، من بتر للأطراف كما حصل مع أمي إلى الفشل الكلوي وانتهاءً بضعف عضلة القلب وتسليم الروح.
أكثر من 20 عامًا قضتها الوالدة في معاناةٍ مع المرض الذي يحمل هويةً وراثية في المقام الأول، وإن بات في الآونة الأخيرة ينتج بشكلٍ أكبر عن نمط الحياة غير الصحي، من زيادةٍ في الوزن وتناولٍ للأطعمة الجاهزة والدسمة وقلة الحركة والخمول وغيرها من العوامل الحياتية الخاطئة والسيئة التي يقع فريستها الجميع دون استثناء، حتى الصغار والمراهقين.
ويشهد زمننا الحالي للأسف، تزايدًا في إصابات الأفراد الأصغر سنًا بأمراضٍ مزمنة مثل السكري وغيره؛ بعدما كانت في الماضي حكرًا على كبار السن أو أصحاب تاريخٍ مرضي لتلك الأمراض. ويبدو أن خطرًا خفيًا بات يهدد حياة الشباب والأصغر سنًا حاليًا، حتى النحفاء منهم والذين يبدون بحالةٍ صحية جيدة. هذا الخطر يتمثل في داء السكري النوع الثاني غير المُشخَص، والذي يُطلعنا الدكتور إحسان المرزوقي، المؤسس لشركة "جلوكير" Glucare.Health التي تخدم أصحاب متلازمة التمثيل الغذائي كمرضى السكري والسمنة، أكثر على تفاصيله.
دكتور إحسان، هل أخبرتنا المزيد عن "الأزمة الصحية الجديدة" المتعلقة بالنوع الثاني من مرض السكري والتهديد الذي تُشكَله على صحة الأفراد.
تُشكَل الأزمة الصحية الجديدة المتعلقة بالنوع الثاني من مرض السكري تهديدًا كبيرًا على صحة الأفراد، نظرًا في المقام الأول إلى فشل نماذج الرعاية الحالية في معالجة تعقيداته بشكلٍ كافٍ. ويرتبط النوع الثاني من مرض السكري، على عكس النوع الأول، في كثيرٍ من الأحيان بعوامل نمط الحياة، مثل العادات الغذائية السيئة وقلة النشاط البدني والسُمنة. إن نماذج الرعاية الحالية التقليدية والمنقطعة لا تُعالج هذه المشاكل، بل تُركَز بشكلٍ أساسي على الوصفات الطبية؛وهو ما يؤدي فقط إلى تفاقم مرض السكري مع مرور الوقت، وزيادة النفقات؛ وهذا هو السبب في تصنيف ما يقرب من 80% من مُصابي السكري في الإمارات العربية المتحدة على أنهم يعانون من سوء السيطرة على مرض السكري.
على الرغم من التقدم في العلوم الطبية، إلا أن إدارة النوع الثاني من مرض السكري والوقاية منه يظل تحديًا كبيرًا، مما يؤدي إلى مضاعفاتٍ صحية خطيرة وتقليل جودة الحياة للأفراد المتأثرين.
لماذا نشهد زيادةً في عدد المرضى الشباب ذوي السكري من النوع الثاني غير المُشخَص؟
يمكن أن تُرجعالزيادةفي عدد المرضى الشباب ذوي السكري من النوع الثاني غير المُشخَص إلى عدة عوامل:لقد أصبحت تغييرات نمط الحياة أكثر انتشارًا بين الشباب، بما في ذلك العادات الغذائية غير الصحية، وقلة النشاط البدني. علاوةً على ذلك، يُسهم نقص الفحوصات الطبية الدورية وحملات التوعية المستهدفة للفئات العمرية الأصغر سنًا في تأخير التشخيص وبدء العلاج، مما يزيد من تفاقم المشكلة. كما أنه لا توجد آليةٌ واضحة للدفع لمُقدَمي الخدمات الصحية تُعزَز النهج الوقائي للفحوصات، ما يؤدي إلى وصول المرضى إلى مُقدَمي الرعاية الصحية فقط عندما تظهر عليهمالأعراض.
ما هي نسبة الشباب المتأثرين بهذه الأزمة؟
الحقيقة أن النسبة مُقلقة ومستمرةٌ في الارتفاع. وبينما قد تختلف الإحصائيات الدقيقة اعتمادًا على الموقع الجغرافي والعوامل السكانية، تشير الدراسات إلى اتجاهٍ مقلق لزيادة انتشار النوع الثاني من مرض السكري بين الشباب على مستوى العالم. نرى الآن مزيدًا من الشباب ممن يعانون من النوع الثاني من مرض السكري، وهذا يُبرز الحاجة الملحة إلى التدخلات المستهدفة وتحسين استراتيجيات الرعاية الصحية لمعالجة هذه المشكلة الصحية العامة المتزايدة.
من هم الأشخاص الأكثر عرضةً للإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري؟
يشمل الأفراد الأكثر عرضة ًللإصابة بداء السكري من النوع الثاني، أولئك الذين لديهم تاريخٌ عائلي بالمرض، والأفراد الذين يعانون من السُمنة أو زيادة الوزن، والذين يعيشون حياةً غير نشطة، والأفراد الذين يتَبعون عاداتٍ غذائية غير صحية. بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر بعض الجماعات العرقية، مثل تلك القادمة من مناطق الشرق الأوسط أو جنوب آسيا، عُرضةً لمخاطر أعلى مقارنةً بغيرها.
ما هي الأسباب التي قد تجعل الأفراد النحيفين الذين يبدون بصحة جيدة، عُرضة بشكلٍ خاص لهذا المرض؟
قد تحدث الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري لهؤلاء الأشخاصنتيجةعوامل عدة، منها الميول الوراثية، العادات الغذائية السيئة (مثل تناول كمياتٍ كبيرة من السكريات والكربوهيدرات المكررة)، وأساليب الحياة الغير نشطة. وعلى الرغم من عدم ظهور علامات السُمنة بشكلٍ ظاهر عليهم، إلا أن العوامل الداخلية مثل تراكم الدهون ومقاومة الأنسولين يمكن أن تزيد من تعرَضهم للإصابة بالمرض.
بالإضافة إلى أن العديد من مُقدَمي الرعاية الصحية لا يقومون بإجراء فحوصاتٍ أكثر شمولًا لمثل هؤلاء الأفراد النحفاء، معتبرين أنهم"أقل عرضةٍللخطر"؛ وهذا غالبًا ما يؤدي إلى إصابة مثل أولئك الأفراد بالسكري مع مرور الوقت.
ما هي الأسباب الرئيسية للإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري؟
كما ذكرنا أعلاه؛فإن الميول الوراثية، وعوامل نمط الحياة مثل العادات الغذائية السيئة، ونقص النشاط البدني، والسُمنة ، ومقاومة الأنسولين، واضطرابات الأيض، كلها أسباب تقف وراء تزايد الإصابة بالسكري النوع الثاني. وفيما تلعب العوامل الوراثية دورًا بارزًا، فإن نمط الحياة يؤثر بشكلٍ كبير على تطور وتقدَم المرض.
وفيما يتعلق بأنظمة الرعاية الصحية، لا يزال ينقصنا برامج فحص شاملة تُمكّن مُقدَمي الرعاية الصحية من اكتشاف ليس فقط النوع الثاني من مرض السكري؛ وإنما أيضًا اضطرابات الأيض بشكل منتظم.
كيف يمكن لمرضى السكري من النوع الثاني تجنب التأثيرات الخطيرة لمرضهم؟
بالإمكان تحقيق ذلك من خلال مزيجٍ من التعديلات على نمط الحياة والإدارة الطبية. ويشمل ذلك اعتماد نظامٍ غذائي صحي غني بالفواكه والخضروات والبروتينات الخالية من الدهون والحبوب الكاملة، ممارسة الرياضة بانتظام، مراقبة مستويات السكر في الدم، تناول الأدوية الموصوفة بالجرعات المحددة، وإجراء الفحوصات الطبية الدورية.
كما نُشجع المرضى على سؤال مُقدَمي الرعاية الصحية عن نتائجهم في إدارة مرض السكري في مرافقهم، حيث أن إدارة السكري لا تقتصر فقط على تقديم النصائح والأدوية.
هل تساعد الفحوصات الدورية في الوقاية من خطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري؟
هي بالفعل ضروريةٌ للغاية للوقاية من خطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري؛حيث يمكن أن تساعد تلك الفحوصات في اكتشاف العلامات التحذيرية المبكرة، مما يُمكّن مُقدَمي الرعاية الصحية من التدخل بسرعة بالتدابير المناسبة، ومنها التعديلات في نمط الحياة، إدارة الأدوية، والإحالة إلى الرعاية المتخصصة عند الحاجة.
ما هي أفضل الطرق لحماية أنفسنا من هذا المرض؟
أفضل طرق الحماية من النوع الثاني لمرض السكري تشمل الحفاظ على وزنٍ صحي من خلال التغذية المتوازنة وممارسة الرياضة بانتظام، مراقبة مستويات السكر في الدم، تجنَب التدخين، إدارة مستويات الضغط النفسي، إيلاء الأولوية للفحوصات الطبية الدورية والفحوصات الصحية، والبحث عن مُقدَمي رعايةٍ صحية يساعدون بفعالية في اكتشاف وإدارة المرض.
كيف يمكن أن تساعد التوعية في المدارس والجامعات ومكان العمل، في تثقيف الناس حول النوع الثاني من مرض السكري؟
تلعب حملات التوعية في هذه الأماكن، دورًا حيويًا في تثقيف الناس حول مرض السكري النوع الثاني وعوامل الخطر المرتبطة به. ويمكن أن تشمل هذه المبادرات الندوات التثقيفية، وورش العمل، والمواد الإعلامية، والوصول إلى موارد مثل دلائل الأكل الصحي وبرامج التمارين الرياضية. ومن خلال زيادة الوعي وتعزيز نمط الحياة الصحي، يمكننا تمكين الأفراد من اتخاذ خطواتٍ استباقية للوقاية من النوع الثاني من مرض السكري وتحسين نتائج الصحة العامة.
ونحن فيGluCare.Health نعملأيضًا مع تلك المؤسسات لإجراء جلساتٍ تثقيفية وفحوصاتٍطبية داخل الحرم الجامعي.
في الختام، لا يسعنا سوى ضم صوتنا لصوت الدكتور إحسان وغيره من المختصين في مجال الرعاية الطبية؛ لتشجيع وحثَ جميع قارئاتنا على خوض نمطٍ صحي من جميع النواحي، لحماية أنفسهنَ وأحبتهنَ من أية مشاكل صحية خطيرة مثل تلك الناجمة عن خطر الإصابة بداء السكري. وتحديدًا للسيدات اللاتي لديهنَ تاريخٌ عائلي لهذا المرض الوراثي.