تقسيم الوجبات واتباع نمطٍ صحي: نصائح تُخفَف من حدة ارتجاع المريء في رمضان
شهر رمضان المبارك هو شهر الصيام لدى عموم المسلمين حول العالم؛ وكل عام، يقوم الصائمون بفريضة الصيام التي تُعدَ فرصةً للتأمل والصلاة والعبادة والارتقاء بالنفس والقيام بأعمال الخير، كما أن لها العديد من الفوائد الصحية على الحالة الجسدية والنفسية.
ومعروفٌ أن الصيام لساعاتٍ محددة كل يوم، من آذان الفجر وحتى موعد غروب الشمس، يوفر فوائد عظيمة على الصحة منها:
- تنظيم الكوليسترول الضار، من خلال فقدان الوزن وانخفاض مستوى الدهون في الجسم.
- كبح الشهية على تناول الطعام.
- إراحة الجهاز الهضمي.
- التخلص من السموم المتراكمة في الجسم خلال الشهر الفضيل.
- تعزيز الصحة النفسية وتحسين المزاج
وهذا ما يجعل الجميع ينتظر شهر رمضان الكريم بترقب، للاستفادة من مزاياه الصحية العديدة. لكن الصيام لساعاتٍطويلة، قد يُشكَل تحديًا لبعض الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في الجهاز الهضمي، منها وعلى رأسها ارتجاع المريء. إذ يشعر الصائمون الذين يعانون من هذه المشكلة، بعدم راحةٍ وقدرةٍ على إتمام أيام الصيام؛ وقد يزيد هذا الشعور لديهم حتى بعد الإفطار.
لذا كان من الضروري لنا التحدث مع الدكتورة فاطمة فتحي النصار؛ أخصائية أمراض الجهاز الهضمي والكبد في المستشفى السعودي الألماني بدبي، للحديث أكثر عن أسباب وأعراض ارتجاع المريء. والأهم بالنسبة للصائمين، معرفة كيفية علاج هذه المشكلة أو التخفيف من حدة أعراضها خلال شهر رمضان، كي يُتاح لهم إتمام هذه الفريضة بيُسر وصحة.
أسباب وأعراض ارتجاع المريء
بحسب الدكتورة النصار، يحدث داء الارتداد المعدي المريئي المعروف باسم ارتجاع المريء (أحد أمراض المعدة) عندما يتدفق حمض المعدة إلى الخلف عبر الأنبوب الذي يربط الفم بالمعدة. ومع مرور الوقت، يؤدي هذا الارتداد الحمضي إلى تشكّل بطانةٍ في المعدة وتهيّج المريء. وقد يُسبَب هذا الأمر في بعض الأحيان، القرحة الهضمية والشعور بالألم والحرقان.
وتشير الدكتورة النصار إلى أنه بإمكان مرضى الارتداد المعدي المريئي والقرحة الهضمية الصيام خلال شهر رمضان المبارك، طالما أنهم يراقبون الأعراض التي تصيبهم. وعلى عكس ما هو شائع، ينصح الأطباء والمختثون في المجال الصحي بالصيام للمرضى الذين يعانون من الارتداد المعدي المريئي والقرحة الهضمية، لأنه يساعد على تخفيف الأعراض المرتبطة باضطراب إنتاج الحمض.
بالنسبة للأعراض، يعاني الكثير من مرضى ارتجاع المريء من الحموضة، والتي تحدث جراء ارتداد عصارة المعدة الحمضية الى المريء. وينجم عن ذلك الإحساس بالحرقة والألم في منطقة المريء بالصدر. ومن الأعراض الأخرى لمشكلة ارتجاع المريء:
- حرقة شديدة في المعدة.
- مرارة الفم.
- الرغبة في الغثيان.
- رائحة الفم الكريهة.صعوبة في التنفس.
- التقيؤ.
ووفقًا لأخصائية أمراض الجهاز الهضمي في المستشفى السعودي الألماني، غالبًا ما تكون هذه الأعراض مرتبطةً بنوعية وجبات الأكل؛ خاصةً إذا ما كانت تحتوي على مكوناتٍ تزيد من احتمالية حدوث ارتجاع المريء مثل الأكلات الدهنية، البهارات الحارة، الحمضيات، والصلصات. إضافةً إلى عادة التدخين السيئةوتناول المشروبات الغازية أو التي تحتوي على الكافيين. وتزيد نسبة حدوث الارتجاع الليلي عند تناول الطعام والتوجه مباشرةً الى النوم؛ وفي هذه الحالة قد يعاني المريض إضافةً الى الأعراض السابقة المذكورة، من تغيَرٍفي نبرة الصوت نتيجة التهاب الأحبال الصوتية، وسعالٍ مستمر شبيهٍ بالربو .
عوامل خطر ارتجاع المريء
يمكن لبعض العوامل الأخرى أن تزيد من الشعور بحرقة المعدة وارتجاع المريء منها:
- زيادة الوزن والسُمنة.
- تناول وجبةٍ كبيرة من الطعام، ثم الانحناء كوضعية الركوع في الصلاة.
- ارتداء الملابس الضيقة حول الخصر أو مشدات البطن.
- النوم بعد وجبة السحور بوقت قصير.
- الاستخدام الخاطئ لأدوية الحموضة لمن يعاني مسبقًا من الارتجاع المريئي.
كيفية علاج وتخفيف مشكلة ارتجاع المريء
تشير الدكتورة النصار إلى أن مرض ارتجاع المريء يتم تشخيصه إكلينيكيًا من خلال الأعراض أولًا؛ ثم يتم إجراء منظارٍ للمعدة لتحديد العوامل المساعدة في المشكلة مثل
ارتخاء عضلة المريء، فتاق الحجاب الحاجز، التهاب جدار المعدة بالبكتيريا الحلزونية، الإلتهابات المُزمنة ومرض حساسية الغلوتين.
وخلال شهر رمضان، تزداد أعراض ارتجاع المريء بسبب نوعية الأكل التي يتناولها معظم الصائمون، وإقبالهم على تناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات كالحلوى وغيرها. كما أن أوقات الأكل تبدأ في المساء وقد تستمر حتى وقتٍ متخر من الليل، وهو هو ما يزيد من فرصة حدوث الحموضة و ارتجاع المريء.
لذا ولتفادي هذه المشكلة وتقليل المعاناة على الصائمين، وحتى تكون تجربة الصيام مقبولةً و لطيفة لمرضى ارتجاع المريء، تنصحكم الدكتورة النصار بالآتي:
- التدرج في عملية الإفطار، بحيث تبدأين بتناول السوائل الدافئة على شكل شوربة على أن تكون قليلة الدسم وخالية من البهارات الحارة. وتناولي العلاج الخافض للحموضة مع الشوربة.
- تناول كميةٍ بسيطة من المُقبلات الصحية على شكل سلطات أو مخبوزات، ومن ثم التوقف عن الأكل لمدةٍ لا تقل عن نصف ساعة.بهذه الطريقة، يتم تهيئة الجهاز الهضمي لبدء عملية الهضم بسلاسة، وكي يأخذ العلاج فرصةً للمساعدة في السيطرة على الحموضة والتقليل من حدتها .
- عند البدء بوجبة الإفطار الرئيسية، يجب مراعاة تجنَب الممنوعات من الأطعمة التي تزيد من الحموضة .
بدوره أورد موقع المستشفى السعودي الألماني جملةً من النصائح لمرضى ارتجاع المريء والقرحة الهضمية التي يجب مراعاتها عند الصيام في رمضان:
- تجنّب مشروبات الكافيين أو تناولها بعد ساعتين من الإفطار على الأقل، كونها تضرَهؤلاء المرضى، وقد تؤدي إلى تفاقم عسر الهضم.
- تقسّيم وجبة الإفطار إلى وجباتٍ أصغر كما نصحتنا الدكتورة النصار أيضًا، لتجنّب الغثيان والتقيؤ وعسر الهضم.
- تجنّب النوم بعد السحور أو الإفطارٍ مباشرةً، لأن ذلك يؤدي إلى زيادة الأعراض. ويُفضَل الانتظار لمدة ساعتين على الأقل بعد الوجبات قبل الخلود للنوم.
- تناول الفواكه والخضار الطازجة وخاصة الغنية بالألياف، وتجنّب الفواكه والخضار الحمضية.
- التقليل من تناول الأطعمة المُعالجة والغنية بالدهون والتوابل والأطعمة المحلّاة.
- الإقلاع عن التدخينكونه يؤدي إلى تفاقم ارتداد الحمض وتكرار القرحة الهضمية وإبطاء التئام القرحة الموجودة.
من جهتها، تشير الدكتورة النصار إلى أن هناك أنواعًا مختلفة من العلاجات التي يمكن استخدامها أثناء الصيام والتي تُحسَن من أعراض ارتجاع المريء بشكلٍ كبيرٍ جدًا، واختيار هذه العلاجات يرجع للطبيب المعالج، فلا تُبادري لأخذ أيٍ من علاجات ارتجاع المريء دون مراجعة طبيبكِ المختص.
تساهم أدوية الحموضة في التخلص والتخفيف من حدة الارتجاع المريئي، تضيف الدكتورة النصار، ويُفضل تناولها عند الحاجة في حالة الارتجاع البسيط وغير المتكرر؛ وتؤخذ قبل الأكل بساعةٍ إلى نصف ساعة على الأقل، مرة أو مرتين يوميًّا وفقًا لاستشارة الطبيب.
وفي الختام، ولتقليل ساعات الصيام؛ تنصحكِ الدكتورة النصاربتناول وجبة سحورٍ خفيفة وعدم النوم مباشرةً بعدها. وبما أن شهر رمضان هو فرصةٌ ذهبية للتخلص من مشكلاتٍ صحية عدة أو التخفيف من حدتها، فإن اتباع نظامٍ غذائي صحي واتباع النصائح الواردة في المقالة أعلاه، لا بدَ أن تساعدكِ على الصيام بآمانٍ وراحة حتى وإن كنتِ تعانين من مشكلة ارتجاع المريء.