أبرز المعتقدات الخاطئة حول جراحة السُمنة وحقيقتها
لطالما كانت السُمنة مشكلةً على مر العصور والأزمان، وقد تمَ الاعتراف بها خلال العشرين سنة الماضية على أنها وباءٌ عالمي. في المقابل، فإن علاج السُمنة يُعدَ من الأمور الصعبة، كونه يتطلب اتباع حميةٍ غذائية معينة وممارسة التمارين الرياضية؛ لكن جراحات السُمنة المختلفة أدت إلى زيادة النجاح في علاج السُمنة المرضية وإنقاذ حياة الكثير من المصابين بها من أمراض خطيرة مُهدَدة للحياة. وإذا ما نظرنا إلى تاريخ جراحات السُمنة منذ بداياته، سنجد أن هناك تطورًا كبيرًا للعديد من التقنيات الجراحية خلال 50 سنة الماضية، كما ساعد ظهور الجراحة بالمنظار إلى زيادة سلامة وفعالية جراحة السُمنة.
وتُعتبر جراحة السمنة أحد الخيارات العلاجية المتاحة لعلاج السمنة في قطاع الرعاية الصحية اليوم. وعلى الرغم من أن هذه الجراحة تنطوي على درجةٍ عالية من الفاعلية، لاتزال هنالك العديد من المعتقدات الخاطئة التي تحيط بها وتُتسبب بعزوف بعض المرضى عن الخضوع لها، على الرغم من أنها قد تكون ضروريةً لحالتهم الصحية.
حول هذا الموضوع، تحدثنا إلى الدكتور محمد الحداد، استشاري جراحة السمنة والجراحة العامة - رئيس قسم علاج وجراحة السمنةفي مستشفى هيلث بونيت؛ والذي أوضح بعض المعتقدات الخاطئة المنتشرة عن هذه الجراحة، وقدمت صحيحًا لها.
أبرز المعتقدات الخاطئة حول جراحة السُمنة وحقيقتها
-
المعتقد الخاطئ 1:جراحة السُمنة تجميلية
الحقيقة: تحظى جراحة السُمنة باعتماد خبراء الرعاية الصحية باعتبارها خيارًا علاجيًا للبدانة. وعلى الرغم من أن أحد فوائدها هو الظهور بقوامٍ رشيق، إلا أن الهدف الرئيسي منها يكون في تحسين الصحة والتخلص من المضاعفات التي تُسبَبها السمنة مثل مرض السكري، ارتفاع الكولسترول، ارتفاع ضغط الدم، وانقطاع التنفس أثناء النوم. وبالتالي فإن إحالة المريض المصاب بالسُمنة للخيار الجراحي لا يكون بهدف تحسين مظهره لحسب، وإنما الغرض الأساسي من ذلك هو تجنيبه للأمراض التي تُسبَبها السُمنة والتي قد تصل لحدٍ يُهدَد حياته.
-
المعتقد الخاطئ 2: جراحة السُمنة خطيرة
الحقيقة: تنطوي جميع العمليات الجراحية دون استثناء على درجةٍ ما من الخطر المرتبط بالتخدير بحد ذاته، وهو أمرٌ يتعين على الجميع معرفته. إلا أنأي جراحة بالعموم، وجراحة السُمنة بشكل خاص، تكون آمنةً للغاية عند إجرائها من قبل فريقٍ جراحي متمرس، وطبيبٍ ماهر، وضمن منشأةٍ جراحية مؤهلة ومعتمدة. وبالعموم، وقبل أي عملية جراحية، يقوم الأطباء بإجراء تقييمٍ دقيق للمريض وإخضاعه لمجموعةٍ واسعة من الفحوصات والتحاليل التشخيصية، لاكتشاف أي سببٍ قد يمنعه من الخضوع للجراحة.
-
المعتقد الخاطئ 3: جراحة السُمنة لمرضى السُمنة المفرطة فقط
الحقيقة: لا تقتصر جراحة السُمنة على المرضى المصابين بالسُمنة المفرطة والأوزان العالية جداً فقط، إذ قد يُوصي الأطباء أي مريض بالخضوع للجراحة بناءً على حالته الصحية؛بعد تقييم فائدة الجراحة بدقةٍ متناهية وخصوصًا في حال وجود أمراضٍ لها علاقة بالسُمنة كمرض السكري من النوع الثاني،وارتفاع الكولسترول، وارتفاع ضغط الدم وانقطاع التنفس أثناء النوم.
-
المعتقد الخاطئ 4: الجراحة طريقةٌ يسيرة لخسارة الوزن الزائد
الحقيقة: على الرغم من فاعلية جراحة السُمنة في خسارة الوزن، إلا أنها ليست بخيارٍ يسير كما قد يخيّل للبعض؛ إذ تتطلب التزامًا دقيقًا وطويلًا بأنماط حياةٍ معينة، ومتابعةً دورية مع الطبيب وأخصائي التغذية لضمان استدامة خسارة الوزن.
-
المعتقد الخاطئ 5: لا يمكن كسب الوزن مجددًا بعد الخضوع للجراحة
الحقيقة: تحدث خسارة الوزن بعد جراحة السُمنة تدريجيًا عند الالتزام بإرشادات الطبيب. لكن إهمال أنماط الحياة البدنية والغذائية المُوصى بها بعد الجراحة، والعودة للإسراف في تناول الطعام والابتعاد عن ممارسة الرياضة، سيقود المريض لكسب الوزن مجددًا وإهدار ما بذله من جهد.
ويُشدد الدكتور الحداد على أنه وبالعموم، فإن جراحة السُمنة هيخيارٌ شخصي للمريض بالتشاور مع الطبيب، الذي يتخذ القرار بناءً على دراسة حالة المريض، وبعد التقييم الشامل من قبل فريقٍ متخصص في علاج مرض السُمنة.
أنواع جراحات السُمنة
بعد التدقيق في المعتقدات الخاطئة المتعلقة بجراحة السُمنة وتصحيحها من قبل أحد الخبراء، لا بد من التعرف ولو بشكلٍ سريع، على أبرز أنواع جراحات السُمنة؛ وهو ما جمعناه من معلومات نشرها موقع "ويب طب" حول هذا الموضوع.
مصطلح فرط السُمنة يعتمد على قياس كتلة الجسم (Body Mass Index - BMI)، الذي يتم بواسطة قِسمة وزن الإنسان بالكيلوغرامات على طوله بالأمتار المربعة. وفي حال كان مؤشر كتلة الجسم يزيد عن 30، فإن هذا الفرد يُعدَ مصابًا بالسُمنة المفرطة؛ أما في حال زاد المؤشر عن 40، فإن الشخص يُصنَف بأنه يعاني من فرط السُمنة المرضية الحادة والتي قد تترافق مع بعض الأمراض مثل أمراض القلب، والمفاصل، والرئتين. وفي هذه الحالة، تُعدَ جراحة السُمنة أفضل خيارٍ لهؤلاء الأشخاص.
وكما تحدث الدكتور الحداد، فإن جراحات السُمنة ليست بهدف إنقاص الوزن للحصول على جسمٍ رشيق فحسب، بل هي ضرورةٌ ملحة لتقليل مخاطر المشاكل الصحية المحتملة والتي يمكن أن يُصاب بها الشخص الذي يعاني من فرط السُمنة المرضية الحادة. كما يلجأ الأطباء إلى جراحة السُمنة بعد استنفاد كافة الوسائل الطبيعية للتخسيس، مثل اتباع نظامٍ غذائي صحي وممارسة الرياضة.
وبالعودة إلى أنواع جراحات السُمنة، فهناك العديد منها والتي يتم تحديد النوع المناسب لكل مريض حسب حالته الصحية. وفيما يلي نظرة سريعة على أبرز أنواع جراحات السُمنة الشائعة:
-
المجازة المعدية (Gastric bypass)
يتم إجراء هذه الجراحة في ثلاث خطوات؛ حيث يقوم الجرَاح بتدبيس المعدة مكونًا كيسًا أو جيبًا صغيرًا في القسم العلوي، ما يجعلالمعدة تصغر كثيرًا، وهو ما يدفع المرء لأكل كمياتٍ أقل والشعور بالشبع أسرع.
ثم يُقسَم الجراح الأمعاء الدقيقة إلى جزأين ويربط الجزء السفلي مباشرةً بجيب المعدة الصغير، وبالتالي سيتجاوز الطعام معظم المعدة والجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة؛ وبهذا يمتص الجسم سعراتٍ حرارية أقل.
في الختام، يُعيد الجرَاح توصيل الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة إلى مكانٍ جديد أبعد في الجزء السفلي من الأمعاء الدقيقة، ما يسمح للعصارات الهضمية في المعدة بالتدفق إلى الجزء السفلي من الأمعاء الدقيقة، بحيث يمكن هضم الطعام بصورةٍ تامة.
-
تكميم المعدة (Gastric sleeve)
وفيها يتم استئصال 80% من المعدة، ما يترك جيبًا طويلًا يشبه الأنبوب أو الموزة. وتساعد هذه الجراحة في تقليل كمية الطعام التي يمكن أن تتسع لهاالمعدة، ما يزيد من الشعور بالشبع. مع الإشارةإلى أنه لا يمكن التراجع عن هذا النوع من الجراحة، لأن جزءًا من المعدة يُستأصل نهائيًا. كما قد يؤثر إزالة جزءٍ من المعدة على الهرمونات أو البكتيريا في الجهاز الهضمي التي تؤثر على الشهية والتمثيل الغذائي.
-
تحويل مسار البنكرياس والقنوات الصفراوية وتحويل مجرى الاثني عشر (BPD/DS)
تتكوَّن هذه الجراحة من خطوتين، أولهما إجراء عملية مماثلة لتكميم المعدة؛ حيث يعمد الجرَاح إلى توصيل الجزء الطرفي من الأمعاء بالمعي الاثني عشر بالقرب من المعدة، وبالتالي تحويل مسار البنكرياس والقنوات الصفراوية وتحويل مجرى الاثني عشر.
تعمل هذه العملية على التقليل من مقدار الطعام الذي يمكن للمرء تناوله، وكذلك الحد من امتصاص العناصر الغذائية. وتنطوي على مخاطر عديدة، مثل سوء التغذية، ونقص الفيتامينات، على الرغم من فعاليتها الكبيرة.
خلاصة القول، أن عمليات جراحة السُمنة هي إجراءٌ يلجأ إليه مقدمو الرعاية الصحية للأشخاص الذين يعانون من السُمنة المرضية المفرطة والتي قد تنعكس سلبًا على صحتهم وتُهدد حياتهم. وبالرغم من المعتقدات الخاطئة العديدة التي تحيط بهذه العمليات، إلا أن الحاجة إليها تزيد عن نسبة التشكيك، ووحده الطبيب المختص هو الأجدر استشارته لمعرفة الحاجة إلى هذه العمليات من عدمها.