بمناسبة اليوم العالمي لمتلازمة القولون العصبي: خياراتٌ صحية تساعدكِ على إدارة المرض
بعض الأمراض أو المشاكل الصحية التي نواجهها في حياتنا كل يوم، إما لا تحتاج لمعالجة أو لا يمكن علاجها بشكلٍ نهائي؛ بل تستلزم إدارةٍ واعية ومتابعة حثيثة ومستمرة مع الطبيب المختص، للتخفيف من أعراضها ومنع تفاقمها مع الوقت.
من هذه الأمراض متلازمة القولون العصبي IBS التي خُصص يوم 19 أبريل من كل عام، للتوعية من تداعياتها على الصحة وكيفية إدارتها كي لا تؤثر سلبًا على نوعية وجودة الحياة.
وقد أشار أخصائي في كليفلاند كلينك، نظام الرعاية الصحية العالمي، وقبيل انطلاق فعاليات اليوم العالمي للتوعية بمتلازمة القولون العصبي، إلى وجودخياراتٍمتعددة له علاقة بأسلوب الحياة،ويمكنها أن تُقلل إلى حدٍ كبير من مخاطر إصابة الأفراد بمتلازمة القولون العصبي.كما يمكن لهذه العادات الصحية أن تُشكل جزءًا من التوجه الشامل لإدارة الحالات الحالية لمتلازمة القولون العصبي.
ماذا نعرف عن متلازمة القولون العصبي؟
تُعتبر هذه المتلازمة مرضًا شائعًا يُصيب الجهاز الهضميويتسبب للمرضى بعدم الراحة وآلامٍفي البطن واضطراباتٍ في حركة الأمعاء. وتشير تقديرات المؤسسة الدولية لاضطرابات الجهاز الهضمي إلى أن نحو 5-10% من سكان العالم يعانون من متلازمة القولون العصبي، وأن النساء هنَ عرضة للإصابة بالمرض أكثر من الرجال؛ كما أن أغلب المصابين به هم دون سن الـ50 عامًا، وأنه يتم تشخيص العديد من المرضى بالإصابة بعد مرور أعوامٍ طويلة من ظهور الأعراض.
وقال الدكتور أنتوني ليمبو، مدير الأبحاث في معهد أمراض الجهاز الهضمي في كليفلاند كلينك: "لا تزال أسباب متلازمة القولون العصبي غير معروفة، لكن الباحثين حددوا مجموعةً من عوامل الخطر للإصابة بالمرض؛ والتي تشمل التغير في بكتيريا الأمعاء، التهابات الجهاز الهضمي الشديدة،عدم تحمل الأطعمة، الضغوط والتوتر في مرحلة الطفولة، ومشاكل التنسيق بين العقل والأمعاء. وأظهر بحث أُجري مؤخرًا أن القيام ببعض التعديلات في أسلوب الحياة يمكنه التقليل من مخاطر إصابة الأفراد بمتلازمة القولون العصبي بشكل كبير."
وأشار الدكتور ليمبو إلى دراسة شارك فيها وتم نشرها في وقت سابق من العام الجاري في مجلة "غات" (Gut) البريطانية لأمراض الجهاز الهضمي، والتي تمَ خلالها متابعة نحو 64,268 راشدًا في المملكة المتحدة تتراوح أعمارهم ما بين 37 و73 عامًا (متوسط العمر هو 55 عامًا) لفترة 12.6 عامًا، وكانوا جميعًا ممن لم يتم تشخيصهم سابقًا بمتلازمة القولون العصبي.
ما هي العادات التي تُقلل من خطر متلازمة القولون العصبي؟
وأضاف: "سلطت دراسة مجلة Gutالضوء على خمس عاداتٍ متعلقة بأسلوب الحياةيمكنها أن تُقلل وبصورةٍ ملموسة من مخاطر إصابة الأفراد بمتلازمة القولون العصبي، وبيّنت أنه يمكن توظيف التعديلات على أسلوب الحياةكاستراتيجيةٍ وقائية أساسية. وتُعتبر هذه العادات مفيدةً للصحة بشكل عام، ولقد نجح الأفراد الذين قاموا بتطبيق ثلاث من أصل خمس عادات في أسلوب حياتهم، في خفض مخاطر إصابتهم بمتلازمة القولون العصبي بنسبة 42%."
وتشمل عناصر أسلوب الحياة الخمسة ما يلي:
- الحصول على قدرٍ كافٍ من النوم (من سبع إلى تسع ساعات يومياً).
- ممارسة الأنشطة البدنية بانتظام.
- اتباع نظامٍ غذائي صحي ومتوازن.
- عدم التدخين.
- تجنب استهلاك الكحول.
وفي تعليقه على كيفية تطبيق هذه العادات في نمط الحياة بصورةٍ عملية، أوضح الدكتور ليمبو بأنه يمكن للأفراد تحسين جودة النوم من خلال اتباع مبادئ صحة النوم؛ مثل تقليل الوقت الذي يقضونه على الشاشات قبل النوم، وضع برنامجٍ ليلي، وتجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين في المساء والتي تزيد من إدرار البول والأرق. أما فيما يخص النظام الغذائي، فإن اتباع برنامجٍ غذائي صحي مثل حمية البحر الأبيض المتوسط،هو أمرٌعلى قدرٍ كبيرٍ من الأهمية؛ إذ تتضمن هذه الحمية كميةً كبيرة من الألياف وتُركز على الأطعمة غير المُعالجة. أما بخصوص التمارين الرياضية، فإن ممارسة 30 دقيقة من التمارين الرياضية متوسطة إلى مرتفعة الشدة، ثلاث إلى خمس مرات أسبوعيًا،هي مفيدةٌ في هذا السياق؛ ولكن يجب القيام بذلك بحسب مستوى صحة الفرد وبعد الحصول على موافقة الطبيب.
وفيما يخص التدخين والكحول، فكلنا يعلم أن إلغاؤهما تمامًا من أسلوب الحياة، ينعكس إيجابًا على نواحي عديدة من الجسم، منها الوقاية من متلازمة القولون العصبي.
كيف نُدير متلازمة القولون العصبي؟
بيّن الدكتور ليمبو أنه يمكن للمصابين بمتلازمة القولون العصبي إجراء التغييرات المذكورة نفسها في أسلوب الحياة؛ حيث أثبتت هذه التغييرات فعاليتها في إدارة حالة المرض أيضًا، وتمَ إدراج التوصيات المتعلقة بها في العديد من الإرشادات الدولية بصفتها الخط العلاجي الأول.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأفراد التعاون مع فرق الرعاية الصحية الخاصة بهم من أجل تحديد المُحفزات الفردية لنوبات متلازمة القولون العصبي ومعالجتها؛والتي تشمل العديد من العناصر بدءًا من التوتر ووصولًا إلى تناول دواءٍ أو طعامٍ معين. وفي حال كان الطعام هو المُحفز، فإنه يمكن للبرامج الغذائية التي تنص على تجنب تناول بعض الأطعمة والتي يتم الالتزام بها بالتشاور مع الطبيب، المساعدة في تخفيف الانزعاج، وتحديد الأطعمة التي تُسبب نوبات متلازمة القولون العصبي. وتشمل الأطعمة التي عادةً ما يتم إسقاطها من الأنظمة الغذائية، كلًا من الغلوتين ومنتجات الألبان والسكر والأطعمة المُعبأة والمُعالجة. وكنا قد تحدثنا في مقالةٍ سابقة عن أفضل الأطعمة لمرضى القولون العصبي، والأطعمة الواجب تجنبها من قبل هؤلاء المرضى، لتحسين حياتهم ووضعهم الصحي.
وأشار الدكتور ليمبو إلى أن التغييرات في أسلوب الحياة وتجنب المُحفزات التي تتسبب بالنوبات، قد لا تكون خطواتٍكافية لوحدها في حالة العديد من المرضى، وقال في هذا السياق: "تركز مستشفيات عدة ومنها مستشفى كليفلاند كلينك، على الرعاية الشاملة متعددة التخصصات، كما توجد هناك عدة خياراتٍ دوائية لمعالجة بعض أعراض متلازمة القولون العصبي والحالات الأساسية المرتبطة بها؛ كما أن الأساليب العلاجية السلوكية قد تكون مفيدة كذلك."
واختتم قائلًأ: "يُوفر اليوم العالمي للتوعية بمتلازمة القولون العصبي فرصةً مثالية لتشجيع الأفراد على تجنب المعاناة الصامتة من أعراض أمراض الجهاز الهضمي؛ إذ ليس جيدًاأن يقوم الأفراد بتشخيص وعلاج أنفسهم بصورةٍ ذاتية، لأن أعراض متلازمة القولون العصبي غالبًا ما تكون مشتركةٍ مع أعراض أمراض جهاز هضمي أخرى بعضها خطير. ويمكن لتشخيص وعلاج متلازمة القولون العصبي تحسين جودة حياة الفرد بشكلٍ كبير؛ وفي حالة عدم تشخيص الأفراد بأي مرض خطير آخر، فإنه يمكن تسريع علاج متلازمة القولون العصبي وبالتالي تحسين النتائج المحققة للمرضى".
ختام القول، أن الوقاية تلعب الدور الأساسي والمفصلي في تعزيز صحتنا وحياتنا؛ فما بالكِ بحمايتنا من أمراض ومشاكل صحية عدة مثل متلازمة القولون العصبي؟ لذا احرصي عزيزتي على تحصين نفسكِ من الأمراض والمتاعب الصحية، من خلال الالتزام بعادات الحياة الصحية التي ينصح بها الأطباء من أكل ورياضة ونوم هانئ وتجنب عادتي التدخين والكحوليات؛ كي تنعمي برفاهية حياة وجودة لا مثيل لها.