التعايش معه ممكن: كل ما تحتاجين معرفته عن التصلب المتعدد

التعايش معه ممكن: كل ما تحتاجين معرفته عن التصلب المتعدد

جمانة الصباغ

تتنوع الأعراض الأولية التي قد يشعر بها الشخص، والتي تشير للتصلب المتعدد، فقد تكون شعورًا بالوخز في ذراعه أو ساقه أو إحساسًا بالدوار، أو قد يلحظ مشاكل في الرؤية أو الحركة.

هكذا يمكن أن تبدأ الرحلة مع التصلب المتعددMS،الذي تزايد الحديث عنه في الآونة الأخيرة.

طبيًا؛ يُعرَف التصلب المتعدد (MS) بأنه حالةٌ مزمنة لا يمكن التنبؤ بها؛ تُصيب الجهاز العصبي المركزي، وتتسبب في تعطيل تدفق المعلومات بين الدماغ والحبل الشوكي. ولازال سبب التصلب المتعدد غير معروف، كما أنه حالةٌ فردية تختلف أعراضها من شخص لآخر. ورغم أنه لايوجد علاجٌ تام ونهائي للتصلب المتعدد؛ ولكن التشخيص المبكر ومعالجة الأعراض يساهمان بشكل كبير في تحسين الصحة والعافية على المدى الطويل، ويقللان الانتكاسات التي قد تحدث لبعض المشخصين بالتصلب المتعدد. ويؤكد الأطباء أن العلاج في أي مرحلةٍ من مراحل الحالة له فوائد جمة. كما أن الأبحاث مستمرة حول العلاجات التي يمكن أن تُحسِن من حياة المتعايشين مع التصلب المتعدد والمحيطين بهم.

التصلب المتعدد هو حالة مزمنة تصيب الجهاز العصبي المركزي
التصلب المتعدد هو حالة مزمنة تصيب الجهاز العصبي المركزي

يُحتفل سنويًا باليوم العالمي للتصلب المتعدد في 30 مايو؛ لكن اتجاهًا جديدًا ظهر خلال السنوات الماضية، لتخصيص شهر مايو بأكمله للتوعية به، وتوجيه الناس نحو خيارات التشخيص والعلاج المناسبة له. وبناءًا عليه، نقدم في تقريرنا اليوم لمحةً عامة عن التصلب المتعدد، استقيناها من معلوماتٍ حصلنا عليها من الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد في الإمارات. وقد تأسست الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد عام 2022 تحت مظلة وزارة تنمية المجتمع، وهي منظمة غير حكومية مقرها دولة الإمارات العربية المتحدة، وتهدف إلى تمكين المتعايشين مع التصلب المتعدد من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي من خلال مبادرات التوعية وبرامج الدعم ودفعالجهود العالمية لإيجاد علاج للتصلب المتعدد.

يدير الجمعية مجلس أمناء يضم لجنةً استشاريةً وخبراء استراتيجيين على المستوى الوطني والدولي، إضافةً إلى لجنة طبية استشارية؛ وذلك بدعمٍ من مجموعة من المتطوعين وسفراء التصلب المتعدد، الأمر الذي يدعم تقديم الرعاية الصحية اللازمة للمتعايشين مع التصلّب المتعدّد، وفق أعلى معايير الجودة العالمية، واستنادًا إلى الإرشادات الطبية المعتمدة

وانطلاقًا من رؤيةٍ تطمح للوصول إلى عالمٍ خالٍ من التصلب المتعدد؛ تعمل الجمعية بشكلٍ وثيق مع عددٍ من المؤسسات الطبية الوطنية الرائدة والشركاء الدوليين، وذلك لبناء شبكةٍ موثوقةٍ من مُقدمي الرعاية الصحية ومنظمات الدعم ذات الصلة. كما تهدف الجمعية إلى رفع مستوى الوعي حول التصلب المتعدد، وتطوير نظامٍ متكامل وشامل في دولة الإمارات يوظف مختلف الإمكانيات والموارد المتاحة لتقديم الدعم للمتعايشين معه.

ينقسم تقريرنا إلى 6 أقسام، إضافةً إلى قسمٍ أخير مُخصَص لدحض الخرافات المتعلقة بالتصلب المتعدد؛ وهو ما يقوم به شهر التوعية بالتصلب المتعدد، من خلال طرح الحقائق العلمية حوله وتنبيه الناس لأية خرافات أو معلومات خاطئة أو مغلوطة عنه.

القسم الأول: حقائق عن التصلب المتعدد

في المتوسط ؛ يتمَ تشخيص التصلب المتعدد لدى الشباب في عمر 26 عامًا تقريبًا في دولة الإمارات، وتُصاب النساء بالتصلب المتعدد بمعدل الضعف مقارنةً بالرجال حول العالم. ففي دولة الإمارات مثلًا؛ تُمثَل النساء 67% من الأشخاص الذين يتم تشخيصهم بالتصلب المتعدد، في مقابل 33% من الرجال.

القسم الثاني: أنواع التصلب المتعدد وأعراضه

تشير المتلازمة المعزولة سريريًا إلى النوبة الأولى من الأعراض التي تُشابه أعراض التصلب المتعدد، وتدل على احتمال الإصابة بهمستقبلًا، أي أنها تكون مقدمةً وليست تشخيصًا نهائيًا.

قد يظهر التصلب المتعدد على شكل أنماطٍ انتكاسية أو تقدمية، هي كالتالي:

  1. التصلب المتعدد الناكس: يتضمن فتراتٍ من تفاقم الأعراض، يتبعها تعافي جزئي أو كامل؛ وهو من أكثر أنواع التصلب المتعدد شيوعًا.
  2. التصلب المتعدد المرتقي الثانوي: ويتصف هذا النوع بتدهورٍ تدريجي للأعراض مع مرور الوقت، إضافةلحدوث انتكاساتٍ أقل أو عدم وجود أي انتكاسات على الإطلاق.
  3. التصلب المتعدد التقدمي الأولي:يشهدهذا النوع تقدمًا ثابتًا للأعراض منذ البداية، بعكس الأنواع التي تحدث فيها الهجمات المفاجئة التي تليها فترات الشفاء.
الحفاظ على وزن صحي وممارسة الرياضة يساعدان في الوقاية من التصلب المتعدد والتعايش معه
الحفاظ على وزن صحي وممارسة الرياضة يساعدان في الوقاية من التصلب المتعدد والتعايش معه

ويمكن أن تشمل أعراض التصلب المتعدد مشكلاتٍ في الحركة والتنسيق واضطراباتٍ بصرية وحالات إرهاق.وتؤدي المشكلات في الحركة والتنسيق لدى بعضالمتعايشين مع التصلب المتعدد لصعوبةٍ في المشي، و مخاطر السقوط، والتعب، وتشنجات العضلات.

كما يواجه بعض المتعايشين مع التصلب المتعدد مشكلاتٍ بصرية واضطراباتٍ مرتبطة بالمثانة.

القسم الثالث: الحياة اليومية للمتعايشين بالتصلب

يمكن أن تؤثر التحديات التي يواجهها المتعايشون مع التصلب المتعدد، كالألم ومشكلات الحركة، على المهام اليومية مثل المشي والوظائف والأعمال المنزلية. ويُعد كلٌ من الصداع وآلام الأطراف وتشنجات العضلات من أعراض التصلب المتعددالشائعة التي تتطلب استراتيجياتٍ فعالة لإدارة الألم. على سبيل المثال؛ يتطلب الإرهاق، الذي يعاني منهبعض المتعايشين مع التصلب المتعدد، الحفاظ على الطاقة وأخذ أقساط من الراحة.

ولمواجهة مشكلاتكضعف العضلات والتوازن واضطرابات المشي؛ يتعينعلى المتعايشين اللجوءلوسائل مُساعدة على التكيف والعلاج الطبيعي. كما يمكن أن تؤثر الأعراض المرتبطة بالتصلب المتعدد على الأداء الوظيفي، مما يتطلب المرونة والدعم في مكان العمل.

وقد يؤدي التصلب المتعدد إلى الاكتئاب والقلق، لذا منالضرورة التركيز على دعم الصحة النفسية للمتعايش معه.

القسم الرابع: الأسباب

في حين أن احتمالالإصابة بالتصلب المتعدد يكون أعلى لدى من أصيب أحد أفراد عائلتهبه، إلا أنه لا يُصنف كمرض وراثي، ويوجد احتمال بنسبة 2% أن تظهر الأعراض عند طفل تم تشخيص أحد والديه  بالتصلب المتعدد.وأظهرت الأبحاث الجينية ارتباط التصلب المتعدد بجينات معينة تتحكم في أجزاء محددة من جهاز المناعة. وبالتالي فإن العلم بوجود محفزات وراثية محتملة لدى المشخصين، يساعد في تحسين فهم الحالة، وتحديد نوعية البرامج العلاجية المرتبطة بها.

القسم الخامس: انتشار التصلب المتعدد

على الصعيد العالمي،يؤثرالتصلب المتعدد على 0.13 إلى 0.6 طفلومراهقلكل 100.000 سنويًا، وعالميًا؛ فإن متوسط عمر تشخيص الأفراد بالتصلب المتعدد لأول مرة 32 عامًا.

يتسبب التصلب المتعدد بأعراضٍ مثل التعب والاكتئاب
يتسبب التصلب المتعدد بأعراضٍ مثل التعب والاكتئاب

وفيما يخص منطقة الشرق الأوسط وتحديدًا دولة الإمارات، فالأرقام هي:

• يتزايد انتشار التصلب المتعدد في منطقة الشرق الأوسط.

• يتم تشخيصالتصلب المتعدد غالبًا عند الشباب، حيث يبلغ متوسط عمر تشخيصه في الإمارات حوالي 26 عامًا.

• تم تشخيص حوالي 7 من كل 100.000 مراهق تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عامًا بالتصلب المتعدد.

• قد يتم تقدير معدل انتشار التصلب المتعددبين المقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة بنسبٍ أقل من الواقع بسبب العوائق التي تحول دون الوصول إلى التشخيص.

القسم السادس: الأثر المباشر للتصلب المتعدد

قد يؤثر التصلب المتعدد على المشاركة المجتمعية للمتعايش معه، وعلى عمله، كما قد يؤثر على علاقاته، لكنه ليس حكمًا نافذًا، فالكثير من المتعايشين مع التصلب المتعدد يديرون جيدًا أعراضهم،ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي.

وتعمل الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد في الإماراتبهدف تمكين المتعايشين مع التصلب المتعدد من ممارسة حياتهم بشكلٍ طبيعي من خلال زيادة الوعي به وتقديم برامج الدعم المختلفة،ودفع الجهود العالمية المتقدمة لإيجاد علاج للتصلب المتعدد. كما تسعى الجمعية لرفع مستوى الوعي حول التصلب المتعدد، وتطوير نظام دعمٍ شامل لمجتمع التصلب المتعدد في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتوفير الموارد للمتعايشين معه.

فضح الخرافات: ما تحتاجين حقًا إلى معرفته حول التصلب المتعدد

وبعد أن استعرضنا بشكل أعمق المعلومات المتعلقة بالتصلب المتعدد، لا يمكننا إغفال الحديث عن الخرافاتوالمعلومات الخاطئة الشائعة حوله.

فإليكِ بعض هذه الخرافات، والحقائق العلمية ورائها:

  1. التصلب المتعدد معدي: الحقيقة هي أنه ليس معديًا؛ وهذا يعني أنه لا يمكنكِ التقاط العدوى من شخصٍ آخر عن طريق الاتصال أو التفاعل.
  2. لا يمكن للمتعايشين مع التصلب المتعدد ممارسة الرياضة: الحقيقة هي أنه بإمكانهم ممارسة الرياضة،ولكن مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة،ولا يوجد سببٌ يمنع المتعايش مع التصلب المتعدد من ممارسة الرياضة. على سبيل المثال، في بعض الحالات، يمكن أن يساعد التمدد في تقليل تشنجات العضلات وتحسين الحالة المزاجية.

في الختام، لا يسعنا سوى القول إن التصلب المتعدد، وعلى الرغم من تحدياته؛ إلا أنه لم يعد عقبةً أمام الكثيرين ممن وجدوا الدعم والقدرة على التمتع بالحياة وتوعية المحيطين بهم، وسوف يكون لنا في مراتلاحقة، محطاتٌ جميلة مع بعض المتعايشات مع التصلب المتعدد، للحديث إلينا عن تجاربهنَ معه، ونصائحهنَ لعموم السيدات من قارئات "هي" حول تقبَل الذات في حال التشخيص بالتصلب المتعدد.

لذا تابعينا في قسم صحة على موقع "هي" لمزيدٍ من القصص المُلهمة خلال هذا الشهر...