الوعي أفضل السُبل للوقاية: كيف تحمين نفسكِ من سرطان الغدة الدرقية

الوعي أفضل السُبل للوقاية: كيف تحمين نفسكِ من سرطان الغدة الدرقية

جمانة الصباغ

لا شك في أن التوعية والوقاية هما أبرز ركائز الحفاظ على الصحة وحماية أنفسنا ومن نحب من مخاطر العديد من الأمراض والمشاكل الصحية. وعلى الرغم من أن كثيرًا من الأمراض قد يكون سببها وراثيًا في المقام الأول، إلا أنه وحتى مع وجود هذا العامل؛ فإن الوعي حولها والتنبه الشديد لأعراضها في بداياتها وأهمية الفحص الدوري للكشف المبكر عنها، يُسهم بشكلٍ كبير في تخفيف حدة هذه الأمراض وسهولة التعاطي معها والخضوع للعلاجات المناسبة، وصولًا إلى التعافي منها. كون التشخيص المبكر يُساعد في كثيرٍ من الأمراض، خاصةً السرطانية منها، في إمكانية الشفاء.

ويُعتبر سرطان الغدة الدرقية أحد أنواع السرطان الشائعة، والتي تحتاج إلى توعيةٍ مستمرة لزيادة الوعي حوله. ويُعدَ هذا السرطان نادرًا مقارنةً بأنواع السرطانات الأُخرى، ولكنه يمكن أن يكون خطيرًا إذا لم يتم اكتشافه وعلاجه في المراحل المبكرة. لذا، فإن التوعية بسرطان الغدة الدرقية تلعب دورًا مهمًا في الكشف المبكر والعلاج الناجح.

هذ ما يؤكده الدكتور سدير الراوي؛ استشاري الجراحة العامة وجراحة الأورام وجراحة الرأس والرقبة من Cancer Care Specialities  في مستشفى الريم أبوظبي، مضيفًا أن الغدة الدرقية لها دورٌ أساسي في إنتاج الهرمونات التي تُنظَم وتؤثر على عملية الأيض في الجسم، وهي العملية التي يتم فيها تحويل الطعام والشراب الى طاقة. ومع ذلك، قد يحدث تحوَلٌ خلَوي غير طبيعي في الخلايا التي تُشكَل الغدة الدرقية، ما يؤدي إلى نموٍ غير طبيعي وتكاثر الخلايا السرطانية. وعلى الرغم من أن أسباب سرطان الغدة الدرقية ليست معروفةً بشكلٍ كامل، إلا أنه تمَ تحديد بعض العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة به.

وأشار الدكتور الراوي إلى أنه ومن خلال زيادة الوعي بسرطان الغدة الدرقية، يمكن للأفراد أن يتخذوا إجراءاتٍ وقائية للوقاية من المرض، ويكونوا على درايةٍ بأهمية الكشف المبكر والبدء في العلاج في مراحل مبكرة. كما يمكن للتوعية بسرطان الغدة الدرقية أن تُقدَم الدعم والمعلومات للأشخاص المصابين وعائلاتهم، وتُشجعهم على طلب المساعدة الطبية المناسبة والاستفادة من الموارد المتاحة.

تهدف هذه المقالة ومن خلال المعلومات التي أفادنا بها مشكورًا الدكتور سدير الراوي؛ إلى تسليط الضوء على أهمية التوعية بسرطان الغدة الدرقية وتزويد قارئات "هي" بالمعلومات الأساسية حول هذا المرض. وستناقش أسباب الإصابة بسرطان الغدة الدرقية وعوامل الخطر المحتملة، بالإضافة إلى العلامات والأعراض التي يجب أن يكون الأشخاص على درايةٍ بها. كما سنستعرض لأنواع العلاج المُتاحة وأهمية الكشف المبكر والفحوصات الروتينية، للكشف عن المرض.

الدكتور سدير الراوي استشاري الجراحة العامة وجراحة الأورام وجراحة الرأس والرقبة في مستشفى فقيه الجامعي
الدكتور سدير الراوي استشاري الجراحة العامة وجراحة الأورام وجراحة الرأس والرقبة في Cancer Care Specialities

فإن كنتِ عزيزتي تطمحين لتحسين صحتكِ وتعزيز جودة حياتكِ ورفاهيتها، والأمر ذاته ينطبق على من تحبين؛ ننصحكِ بمتابعة القراءة..

أسباب سرطان الغدة الدرقية

يُعدَد لنا الدكتور الراوي مجمل الأسباب التي تقف وراء الإصابة بسرطان الغدة الدرقية، وهي على الشكل التالي:

  1. الوراثة

قد تكون هناك عوامل وراثية تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الغدة الدرقية. إذا كان هناك تاريخٌ عائلي للمرض، فقد تكون لديكِ مخاطر أعلى للإصابة به. كما أن بعض الأمراض الوراثية مثل متلازمة نيومان-بيكس وورمورد تراجر ومتلازمة كارني، يمكن أن تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الغدة الدرقية.

  1. التعرض للإشعاع

قد يزيد التعرض للإشعاع العالي من احتمالية الإصابة بسرطان الغدة الدرقية. وقد يكون التعرض للإشعاع العلاجي للرأس والعنق في الطفولة، أو التعرض للإشعاع الناتج عن الحوادث النووية أو الكوارث البيئية، عوامل محتملة للإصابة بهذا النوع من السرطان.

  1. الجنس والعمر

يبدو أن سرطان الغدة الدرقية يصيب النساء بنسبةٍ أعلى من الرجال، للأسف. كما يزداد خطر الإصابة به مع التقدم في العمر، حيث يكون الخطر الأعلى لدى الأشخاص الذين تجاوزوا سن الأربعين.

  1. التعرض للمواد الكيميائية

بعض المواد الكيميائية السامة قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية. على سبيل المثال، بعض المبيدات الحشرية والمواد الكيميائية المُستخدمة في الصناعات الكيميائية، قد تكون مرتبطةً بزيادة احتمالية الإصابة بهذا النوع من السرطان.

  1. التهاب الغدة الدرقية المُزمن

إصابة الغدة الدرقية بالتهابٍ مُزمن قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية. وهذا الالتهاب يمكن أن يحدث نتيجة أمراضٍ مثل التهاب الغدة الدرقية الهاشيموتو.

  1. نقص اليود

اليود هو عنصرٌ ضروري لإنتاج الهرمونات الدرقية. فإذا كان هناك نقصٌ في تناول اليود من الغذاء أو المياه المعدنية، فقد يزداد احتمال الإصابة بتشوهاتٍ في الغدة الدرقية، وبالتالي زيادة خطر الإصابة بسرطانها.

من المهم أن نفهم أن هذه العوامل المذكورة تُعتبر عوامل مُحتملة وليست ضروريةً للإصابة بسرطان الغدة الدرقية، يؤكد الدكتور الراوي. مشيرًا إلى أنه قد يكون هناك أشخاص يعانون من أحد هذه العوامل ولا يصابون بالمرض، بينما يُصاب آخرون بالمرض دون وجود أي عوامل معروفة. لذلك، يجب الاهتمام بالكشف المبكر واتباع نمط حياةٍ صحي للوقاية من سرطان الغدة الدرقية بشكلٍ عام.

يساعد الكشف المبكر عن سرطان الغدة الدرقية في علاجه والتعافي منه
يساعد الكشف المبكر عن سرطان الغدة الدرقية في علاجه والتعافي منه

طرق الوقاية من سرطان الغدة الدرقية

عندما يتعلق الأمر بسرطان الغدة الدرقية، فإن الوقاية تلعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على صحة هذا الجزء الحيوي من الجسم. وفيما يلي مجموعةً من الطرق المهمة للوقاية من هذا النوع من السرطان كما أفادنا بها استشاري جراحة الأورام في مستشفى فقيه الجامعي:

  • التشخيص المبكر

يُعتبر التشخيص المبكر أحد أهم العوامل في الوقاية من سرطان الغدة الدرقية. ويُنصح بإجراء فحصٍ دوري للغدة الدرقية بواسطة الطبيب المختص، وذلك للكشف عن أي تغيَراتٍغير طبيعية في الحجم أو الشكل أو الوظيفة. كما يمكن أن يتضمن الفحص الدوري، فحصًا باليد للغدة الدرقية وفحصًا بالموجات فوق الصوتية )الألتراساوند) لتقييم الأورام الدرقية المحتملة.

  • الفحوصات المخبرية

يمكن أن تساعد هذه الفحوصات في تحديد وظيفة الغدة الدرقية وكشف أي تغييرات غير طبيعيةٍ فيها. ويشمل ذلك فحص مستويات هرمونات الغدة الدرقية في الدم وفحص الهرمون المُنبه للغدة الدرقية (TSH) وفحص الحمض النووي للغدة الدرقية (DNA testing)في حالة وجود تاريخٍ عائلي للمرض.

  • التغذية الصحية

ينبغي الاهتمام بتناول غذاءٍ متوازن يحتوي على مجموعةٍ متنوعة من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة؛ويُنصح في المقابل، بتجنَب الأطعمة المُصنعة والمُعلبة والمُشبعة بالدهون الضارة. بالإضافة إلى ذلك، يجب ضبط استهلاك الملح والسكر والدهون المُشبعة، وزيادة تناول الأطعمة الغنية باليود، مثل الأسماك والأعشاب البحرية، وذلك للمساهمة في تعزيز صحة الغدة الدرقية.

  • الكشف الوراثي

في حالة وجود تاريخٍ عائلي لسرطان الغدة الدرقية، يمكن النظر في إجراء الاختبارات الوراثية لتحديد وجود أي تغييراتٍ جينية مرتبطة بهذا النوع من السرطان. وقد يساعد ذلك في التشخيص المبكر واتخاذ تدابير وقائيةٍ إضافية إذا لزم الأمر.

العلامات الأولى لسرطان الغدة الدرقية (الأعراض)

من المهم دومًا عزيزتي، التنبه لأية علاماتٍ أو أعراضٍ غير مألوفة، يمكن أن تُنبأ بالإصابة بسرطان الغدة الدرقية. ويساعد كشفها في وقتٍ مبكر، في إمكانية الشفاء والتعافي، لذا يقدم لكِ الدكتور الراوي أبرز هذه العلامات:

  1. تضخَم الغدة الدرقية

واحدةٌ من العلامات المُبكرة لسرطان الغدة الدرقية هي زيادة حجم الغدة الدرقية. ويمكن للشخص أن يلاحظ وجود تورمٍ أو كتلةٍ في الرقبة تحت عظمة الغضروف الدرقي، كما قد يشعر بضغطٍ أو اختناقٍ خفيف في المنطقة.

  1. ظهور عقدةٍ أو كتلةٍ في الرقبة

قد يشعر الشخص بوجود عقدةٍ أو كتلةٍ صلبة في منطقة الغدة الدرقية أو في أي مكانٍ آخر في الرقبة. وقد تكون هذه العقدة غير مؤلمة ولا تؤثر على وظيفة الغدة الدرقية؛ ومع ذلك، فإن وجودها يستدعي فحصًا طبيًا فوريًا لتحديد سببها.

  1. تغيَراتٌ في الصوت والبلع

يمكن أن يلاحظ المرء تغيرًا في صوته، مثل صوتٍ مبحوح أو صوتٍ مختلف عن العادة. كما قد يعاني من صعوبةٍ في البلع أو الشعور برغبةٍ مستمرة في التبول أو البلع.

  1. ضيق التنفس

قد يشعر المصاب بالسرطان بضيق التنفس غير المُبرر أو صعوبةٍ في التنفس، وذلك نتيجة لزيادة حجم الغدة الدرقية وضغطها على القصبة الهوائية أو الأعصاب المحيطة.

اتباع نظامٍ غذائي غني بالخضروات والفواكه يحمي من سرطان الغدة الدرقية
اتباع نظامٍ غذائي غني بالخضروات والفواكه يحمي من سرطان الغدة الدرقية
  1. اضطرابات الهضم

قد يعاني الشخص المصاب بسرطان الغدة الدرقية من مشاكل في الهضم، مثل الغثيان والقيء وتغيَرات في حجم الشهية. ويمكن أن تكون هذه الأعراض نتيجةً لتأثير الورم على الجهاز الهضمي.

  1. الإصابة المتكررة بالعدوى

يمكن أن تكون الغدة الدرقية المصابة بسرطان تعاني من نقصٍ في وظيفة الجهاز المناعي، ما يزيد من احتمالية الإصابة المتكررة بالعدوى الحادة أو المُزمنة.

أحدث العلاجات في علاج سرطان الغدة الدرقية

وصلنا إلى أبرز وأهم فقرةٍ في هذه المقالة، بعد التوعية طبعًا؛ والمتمثلة في استعراض كافة العلاجات وأحدثها لمرض سرطان الغدة الدرقية. وذلك كي تكوني عزيزتي على بيَنةٍ من أن العلاج موجود لهذا النوع من السرطان، وهو متوفرٌ في دولة الإمارات في معظم مستشفيات الدولة ومنها مستشفى فقيه الجامعي حيث يداوم الدكتور سدير الراوي الذي أطلعنا على أحدث علاجات سرطان الغدة الدرقية فيما يلي:

  • جراحة الغدة الدرقية

يُعتبر استئصال الغدة الدرقية جراحيًا، العلاج الأساسي لمعظم حالات سرطان الغدة الدرقية. ويتم فيه إزالة الغدة الدرقية المصابة بالسرطان بالكامل أو جزءٍ منها، وقد يشمل الإجراء أيضًا إزالة العُقد اللمفاوية المصابة. وتُستخدم تقنيات الجراحة الحديثة مثل الجراحة بواسطة المنظار والجراحة بالروبوت، لتحسين الدقة وتقليل التداخلات.

  • العلاج الإشعاعي

يُستخدم العلاج الإشعاعي للقضاء على الخلايا السرطانية المتبقية بعد الجراحة أو في حالة عدم إمكانية الجراحة. حيث يتم توجيه أشعةٍ عالية الطاقة نحو المنطقة المُصابة لتدمير الخلايا السرطانية؛ كما قد يتم أيضًا استخدام العلاج الإشعاعي كعلاجٍ مساعد لتقليل حجم الأورام قبل الجراحة.

  • العلاج باليود المُشع

في حالة سرطان الغدة الدرقية التي تستجيب لليود، يمكن استخدام العلاج باليود المُشع (Radioactive IodineThereaby)؛ وفيهيتم إعطاء جرعةٍ عن طريق الفم أو الوريد من اليود المشع، وهذا اليود يتراكم في الخلايا السرطانية في الغدة الدرقية ويساعد في تدميرها.

في الختام، وبعد أن استعرضنا وإياكِ لكافة أسباب وأعراض سرطان الغدة الدرقية، وطرق الوقاية وأحدث العلاجات التي تُسهم في علاج هذا المرض في حال الكشف المبكر عنه؛ ندعوكِ عزيزتي لاتخاذ كافة الإجراءات الوقائية سواء الحياتية أو الغذائية، لضمان سلامتكِ وسلامة من تحبين من هذا المرض. وكوني على ثقة بأن الأطباء المختصين والمدربين على تقديم أفضل رعايةٍ صحيةٍ لكِ في حال اكتشاف المرض، موجودون في الدولة ويمكنكِ دومًا الاعتماد عليهم.