تفاديًا لتداعياتها السلبية على الصحة ككل.. إليكِ ما يجب معرفته عن متلازمة الجوع الليلي
هل تجدين نفسكِ، في خضم التوتر أو الضجر في إحدى الليالي، تهرعين بدون تفكير نحو الثلاجة وفتحها لتناول أول ما تصل إليه يدكِ؟ هل تعانين من تكرار هذا الأمر بين الحين والآخر، حتى دون الشعور بالجوع الحقيقي؟
لا تخافي عزيزتي؛ فهذا ما يُطلق عليه المختصون تسمية "متلازمة الجوع الليلي" التي يعاني منها شريحةٌ كبيرة من الناس حول العالم، وليس أنتِ فقط.
بحسب تفسيرات موقع "ويب طب"، فإن متلازمة الجوع الليلي هي اضطرابٌ يدفع بالبعض حتى للاستيقاظ من النوم لتناول الطعام. ليس ذلك فحسب، بل هذه المتلازمة قد تدفع بالمصابين بها لتناول كمياتٍ كبيرة من الطعام دون وعي وحتى بعد الإنتهاء من تناول وجبة العشاء، وتؤدي ببعضهم إلى تأخير وجبتهم الأولى من اليوم (المقصود بها وجبة الفطور) لعدة ساعات.
ما زالت أسباب متلازمة الجوع الليلي غير مؤكدة نهائيًا حتى الساعة، ويعكف الباحثون على دراستها بتمحيص؛ لكن ما نعرفه حتى الآن عن هذه المتلازمة، أن لها دوافع نفسية في المقام الأول. ويمكن أن تتسبب، في حال تكرارها، بمشاكل صحية ونفسية.
إن كنتِ مثلنا، تسعين لمعرفة المزيد عن هذه المتلازمة؛ أسبابها وأعراضها وطرق علاجها، ما عليك سوى متابعة القراءة هنا، فقد جمعنا لكِ الكثير من المعلومات القيَمة حول هذا الموضوع.
أسباب متلازمة الجوع الليلي
كما ذكرنا سابقًا، فقد أفضت أبحاث الخبراء إلى أن متلازمة الجوع الليلي هي اضطرابٌ يدفع بالبعض للأكل بإسراف وبكميات كبيرة، حتى بعد تناول وجبة العشاء. وغالبًا ما يستيقظ البعض من النوم لممارسة هذا الفعل الذي قد يُسبَب زيادة الوزن واضطرابات الجهاز الهضمي، فضلًا عن الإضرار بصحة النوم والشعور بالذنب.
وتشير التقديرات إلى أن حوالي 2% من سكان ألمانيا، يعانون من هذا الاضطراب، الذي تمَ توصيفه قبل 50 عامًا. لكن الجدل ما زال قائمًا حتى اليوم، حول ما إذا يجب اعتبار متلازمة الجوع الليلي عادةً سيئة فقط أم مرضًا، ولم يصدر حتى الآن أي تعريفٍ علمي بهذا الصدد.
يشير أطباء المخ والأعصاب الأمريكيين، إلى أن بعض الأفراد الذين يعانون من متلازمة الجوع الليلي، قد يكونون تعرضوا في صغرهم لمشاكل عاطفية أو سوء معاملة ممن حولهم أو حتى للإهمال الجسدي؛ ما يدفعهم لتعويض هذا الضرر من خلال الإقبال على الأكل دون توقف.
ويضم المختصون متلازمة الجوع الليلي إلى مجموعة اضطرابات النهم والشره ونوبات الشعور بالجوع؛ وهي اضطرابات جوع تحدث بصورةٍ متكررة ويقع خلالها الإنسان في نوبات جوع شديدة.
وبالعودة لأسباب هذهالمتلازمة، والتي لم يتم تأكيدها بشكلٍ قاطع حتى الآن؛ فإن البعض يفترض أن متلازمة الجوع الليلي أو جوع منتصف الليل قد يكون مردها إلى:
- حدوث خلل هرموني في الجسم يؤثر على أنماط الأكل.
- السهر لوقتٍ طويل ما يزيد الشعور بالجوع والإقبال على الأكل في وقتٍ متأخر من الليل. وهو ما يُفسر تزايد هذه المتلازمة عند طلاب المدارس والجامعات الذين يدرسون لأوقات متأخرة.
- قد تكون هذه المتلازمة استجابةً للنظام الغذائي المتبع؛ فعندما يُقلَل الناس من تناول الطعام خلال النهار، فإن هذا يضع الجسم في حالةٍ من الحرمان، وتصبح الرغبة في تناول الطعام في وقت لاحق من اليوم بمثابة استجابةٍ طبيعية لهذا الحرمان. ومع الوقت، تستمر هذه العادة وتُلازم المرء.
أعراض ومضاعفات متلازمة الجوع الليلي
لا ضير في تناول الطعام متأخرًا بين الفينة والأخرى؛ لكن تحوَل هذا الاضطراب إلى ما يُشبه العادة، يمكن أن يصبح سيئًا ومضرًا بصحتكِ الجسدية والنفسية. خاصةً أن العديد من مصابي متلازمة الجوع الليلي يشعرون بالضيق والانزعاج منها، لكنهم لا يقدرون على إيقافها.
وبما أن الشخص المصاب بهذه المتلازمة غالبًا ما يستيقظ مرتين على الأقل في الأسبوع لتناول الطعام ليلًا، فإنه قد يعاني من ثلاثة من الأعراض التي نذكرها أدناه:
- فقدان الشهية، وعدم الشعور بالجوع صباحًا.
- الرغبة الملحة لتناول الطعام في فترة ما بين وجبة العشاء والنوم.
- الأرق لمدة أربع أو خمس ليالي في الأسبوع.
- الاعتقاد بأن الأكل ضروريٌ للتمكن من النوم أو استكماله.
- شعورٌ بالاكتئاب الذي يزداد سوءًا خلال ساعات المساء.
- مشاكل في النوم، بما في ذلك صعوبة النوم أو الاستمرار فيه.
- زيادة خطر الإصابة بالسُمنة والاكتئاب.
تشخيص وعلاج متلازمة الجوع الليلي
ليست متلازمة الجوع الليلي المشكلة الصحية والنفسية الوحيدة في هذا العالم، وهناك بالطبع علاجاتٌ وطرقٌ معينة للحدَ من تداعياتها والتخلص منها على المدى الطويل.
ويشير موقع "ويب طب" إلى أن الطبيب المختص يقوم عادةً بطرح مجموعةٍ من الأسئلة للمصابين بهذه المتلازمة، تتمحور بشكلٍ رئيسي حول عادات الأكل والنوم والحالة النفسية، بغية تشخيص العلاج الأنسب. كما قد يقوم بإجراء اختبار نوم يُعرف بتخطيط النوم (Polysomnography) يساعد في قياس الموجات الدماغية، ومستوى الأكسجين في الدم فضلًا عن معدل نبضات القلب والتنفس.
ويتم تأكيد التشخيص بمتلازمة الجوع الليلي عند تناول المريض لوجبةٍ دسمة في الليل لمدة 3 أشهر على الأقل، مع استبعاد إمكانية أن تكون أنماط الأكل والنوم ناجمةً عن تعاطي المخدرات، أو اضطرابٍ طبي، أو تناول دواءٍ معين، أو مشكلةٍ نفسية أخرى.
وفيما يخص العلاج، فإن المصابين بمتلازمة الجوع الليلي يخضعون غالبًا لعلاجاتٍ تساعد في التغلب على أنماط الأكل غير المعتاد، مع التركيز على الناحية النفسية لجهة تقليل شعورهم بالخجل إزاء الإصابة بهذا الاضطراب.
وبما أن الضغط النفسي هو المُحرَك الرئيسي لهذه المتلازمة، فإن الطبيب المختص يقوم بتقديم خياراتٍ متعددة للتخلص من هذا الضغط وتداعياته. وتشمل تلك الخيارات الآتي:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT).
- العلاج بالكلام.
- العلاج السلوكي الجدلي، وهو طريقةٌ لتغيير السلوكيات غير المفيدة.
- العلاج الشخصي الذي يسعى لإيجاد طريقةٍ للتعامل مع الحالات المزاجية.
كذلك يمكن أن ينصح الطبيب بتناول مضادات الاكتئاب، أو مكملات الميلاتونين، أو المواد التي تُعزَز الميلاتونين لتحسين الحالة الصحية والنفسيةوجودة الحياة. ولا ننسى أن التقليل من الضغط النفسي، يتيح لمرضى متلازمة الجوع الليلي التخلص من هذه العادة السيئة؛ فلا تترددي عزيزتي في الذهاب للبحر للاسترخاء، أو الاجتماع مع الصديقات على العشاء أو حضور فيلمٍ سينمائي معًا، أو القيام بأية هواية تحبين بين الحين والآخر، لتعزيز راحتكِ النفسية التي سوف تنقلب إيجابًا نحو حمايتك من هذا الاضطراب.
في الختام؛ فإن متلازمة الجوع الليلي، مثلها مثل العديد من الاضطرابات النفسية الشائعة، قد تُسبَب الضرر النفسي والجسي والمجتمعي. لكنها مشكلةٌ قابلةٌ للحل، بشرط أن يتحلى الواحد منا بالشجاعة والتصميم على علاجها، بغية التخلص منها للأبد. الكرة في ملعبكِ اليوم، وأنتِ الوحيدة القادرة على مواجهة هذه المشكلة، في حال كنتِ تعانين منها، وطلب المساعدة الطبية والنفسية، كي تنعمي برفاه الحياة الذي تطمحين إليه.