خبير يقدم أفضل النصائح للحفاظ على صحة الأمعاء.. وتجنب الأمراض الالتهابية
سمعنا ورددنا طويلًا مقولة: العقل السليم في الجسم السليم؛ دون أن يتحدد لنا بالضبط ما هو "العقل" المقصود في هذا القول، وهل ينحصر فقط في الدماغ أو المخ أم أن له علاقةٌ بأعضاءٍ أخرى في الجسم؟
هل تعرفين ما هو الجزء الموجود في جسمكِ، والذي يحتوي على خلايا عصبية أكثر من الحبل الشوكي، ويعمل بطريقةٍ مستقلة عن الجهاز العصبي المركزي؟ قد لا تكون "الأمعاء" هي أول الإجابات التي تتبادر إلى ذهنكِ، لكنها بالفعل كذلك؛ إذ تحتوي الأمعاء في جسم الإنسان على ملايين الخلايا العصبية، لهذا السبب يُطلق عليها تسمية "الدماغ الثاني" بعد الدماغ الأول الموجود في الرأس.
الحقيقة أن جهازنا الهضمي يقوم بالعديد من الوظائف التي تتعدى حدود الطعام الذي نأكله، كما يمكن أن تؤثر أعداد الميكروبات التي تعيش فيه على صحتنا بالعموم. ويبحث العلماء فيما إذا كان تحسين صحة القناة الهضمية، يُسهم في تحسين الجهاز المناعي لدينا ومعالجة الاضطرابات التي تؤثر على الصحة النفسية.
لهذا نجد أن الكثير من الأطباء وخبراء التغذية وغيرهم من ذوي الإختصاص، ومعهم مؤسساتٌ طبية وحكومية، تُولي صحة الأمعاء أهميةً قصوى وتُشدَد على وجوب العناية بها؛ لتحصين الجسم من الأمراض خاصة الالتهابية، التي قد تبدأ مسيرتها في أجسامنا من خلال الأمعاء. إذ تساعد الأمعاء الصحية على الحدّ من خطر الإصابة بالأمراض الالتهابية مثل داء الأمعاء الالتهابي، وهو حالةٌ مرضية مُزمنة تُسبَب التهابًا في الجهاز الهضمي.
ويقدّم الدكتور فيكتور شديد، الحائز على دكتوراه في الطب وأخصائي أمراض الجهاز الهضمي وخبير أمراض الأمعاء الالتهابية في مستشفى "مايو كلينك" في روتشستر، بعض النصائح الفعالة التي يمكن للأفراد اتباعها للحفاظ على صحة أمعائهم والوقاية من الأمراض الالتهابية. لذا ننصحكِ عزيزتي بمتابعة القراءة هنا، كون هذه المقالة تهدف في المقام الأول، إلى توعيتكِ وتوعية الجميع على أهمية إيلاء صحة أمعائنا العناية القصوى، لتنعكس إيجابًا على صحتنا ورفاه حياتنا.
نصائح للحفاظ على صحة الأمعاء
من الضروري التذكير، بأن النصائح التالية هي نوعٌ سابق معهود ومعروف لتحسين وتعزيز الصحة بشكلٍ عام. وهي النصائح التي يُوصى بها للحفاظ على صحة الجسم والعقل، المساعدة على إنقاص الوزن، تعزيز الصحة النفسية وغيرها من الأمور المرتبطة بالصحة؛ ويزيد عليها اليوم ارتباطها بصحة الأمعاء.
ويُوصيكِ الدكتور فيكتور شديد باتباع نهجٍ قائم على 4 خطوات أساسية للحفاظ على صحة الأمعاء تتمثل في الآتي:
- التغذية: حاولي اتّباع نظامٍ غذائي متوازن على غرار النظام المُتّبع في منطقة البحر الأبيض المتوسط، والذي يتضمّن تناول الكثير من الخضار والفواكه والحبوب الكاملة والفاصوليا والمكسّرات والبذور وزيت الزيتون. كما يُوصي الدكتور فيكتور بتناول 30 – 40 جرامًا من الألياف يومياً، مُعتبرًا أنّ هذا النوع من الأنظمة الغذائية يحتوي على الكثير من مضادّات الأكسدة والقليل من الأطعمة التي تُسبَب الالتهابات.
- ممارسة الرياضة / اتّباع نمط حياةٍ صحي: اجعلي ممارسة الرياضة جزءًا أساسيًا من روتين حياتكِ اليومي، علماً أنّ أنواع التمارين تختلف من شخصٍ إلى آخر.
- الصحة النفسية: من المهم جدًا الحفاظ على صحتكِ النفسية بجانب الصحة الجسدية، إذ أنّ صحة الأمعاء تؤثر بطريقةٍ أو بأخرى على صحة الدماغ. ويُذكر على سبيل المثال الأفراد الذين يكونون قد تعرّضوا لصدمةٍ في طفولتهم، أو أولئك الذين يعانون من ضغوطاتٍ أخرى في حياتهم، والذين قد تظهر لديهم أعراضٌ أو حالاتٌ في الجهاز الهضمي، بما في ذلك متلازمة القولون العصبي، عسر الهضم الوظيفي، ضعف قاع الحوض أو الإمساك.
- شرب الماء: حاولي أن تشربي ما يقرب الليترين من المياه يوميًا؛ إذ أنّ شرب الماء يساعد على تجنّب الإمساك ويضمن حصول أعضاء الجسم على التغذية الكافية. وتزداد أهمية شرب المياه في المناطق الحارّة، حيث يمكن أن يتسبّب الجفاف بمشاكل صحية جمة.
ويقول الدكتور فيكتور: "إن أخذ كلّ هذه العوامل بعين الاعتبار ضروريٌ للحفاظ على صحة الأمعاء". ولا بد من التنويه إلى أن الحفاظ على صحة الأمعاء يُعدَ أمرًا مهمًا جدًا، وبالتحديد لدى الأفراد الذين يعانون من أمراض الأمعاء الالتهابية. وهناك نوعان رئيسيان من هذه الأمراض، هما مرض كرون والتهاب القولون التقرّحي.
جديرٌ بالذكر أن داء الأمعاء الالتهابي هو مرضٌ عالمي يُصاب به ما يقارب 6 – 8 ملايين شخص حول العالم. ويتزايد انتشار مرض كرون والتهاب القولون التقرّحي اليوم في الدول الأفريقية ودول منطقة الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ. لذلك، يقول الدكتور فيكتور: "يتعين علينا رفع الوعي بهذه الأمراض وتشجيع الأفراد على استشارة الطبيب فور ظهور الأعراض لديهم، للحصول على التشخيص الفوري وتلقَي الرعاية اللازمة."
أعراض وعلاجات داء الأمعاء الالتهابي
بالرغم من عدم وجود علاجٍ نهائي لداء الأمعاء الالتهابي لغاية اليوم، إلا أن هناك مجموعةً متنوّعة من العلاجات لمساعدة المرضى على التخفيف من حدّة هذا المرض. وتشمل هذه العلاجات أدوية مضادّة للالتهابات ومُثبطات الجهاز المناعي والمنتجات البيولوجية والمضادّات الحيوية والعمليات الجراحية.
ويُعدّ الإسهال ونزيف المستقيم من الأعراض الأكثر شيوعًا لداء الأمعاء الالتهابي، والتي قد تجعل المرضى يشعرون بالخجل والتردّد أحيانًا في طلب المساعدة. ويشير الدكتور فيكتور إلى الدور المحوري الذي يلعبه أفراد العائلة لمساعدة أحبائهم على التعايش مع داء الأمعاء الالتهابي. ويختم قائلًا: "كلّ ما يتعيّن علينا فعله هو إظهار الدعم الكامل لهؤلاء المرضى وتقبّل واقع أنّهم قد لا يكونون على طبيعتهم في جميع الأوقات. فقد يشعرون أحيانًا بالإحباط أو الألم، أو قد لا يرغبون بتناول الوجبات التي تُعدّونها لهم. أنصحكم ألا تشعروا بالانزعاج من مثل هذه التصرّفات، وأن تشعروا المرضى بأنّكم على استعدادٍ دائم لدعمهم.
خلاصة القول، أن بيت الداء هو المعدة؛ وهي كذلك بيت الدواء، في حال اتبَعنا تعليمات ونصائح الأطباء ومنهم الدكتور فيكتور شديد في العناية بصحة أمعائنا وتعزيزها. إذ أن "العقل الثاني" ألا وهو الأمعاء، يحتاج لرعاية صحية وغذائية مستديمة لحمايته من الأمراض الالتهابية التي قد تعصف به. وبمجرد تعزيز صحة الأمعاء، فإن صحتنا الجسدية والنفسية بالعموم سوف تشهد تحسنًا مماثلًا ينعكس بالإيجاب على جودة الحياة التي نطمح إليها جميعًأ.