لتعزيز جودة النوم: أهم الخطوات الفعالة للاستمتاع بنومٍ أفضل ليلًا
باتت الحياة أكثر ازدحامًا من أي وقت مضى، كما تنامت المتطلبات اليومية على نحوٍ واضح، ما أدى بالتالي إلى تراجع اهتمام الناس بالنوم ونوعيته وجودته. لكن هل تعلمين عزيزتي حجم الآثار السلبية والخطيرة لقلة النوم على صحتكِ ورفاهكِ؟
تُعد قلة النوم من الأخطار الصامتة التي تؤذي صحة الملايين من الناس حول العالم، إذ أظهرت الأبحاث نتائج مُقلقة في هذا الإطار، تتمثل فيما يلي:
- تراجع الوظائف الإدراكية: يمكن أن تؤدي قلة النوم إلى إضعاف الوظائف الإدراكية لدى الإنسان؛ إذ أن الأفراد الذين ينامون لمدةٍ تقل عن 7 ساعات خلال الليل، يعانون من مشاكل في قلة التركيز والذاكرة، بالإضافة إلى تراجع قدراتهم على حل المشاكل التي قد يواجهونها خلال اليوم.
- ضعف جهاز المناعة: قد تساهم قلة النوم ليلًا في إضعاف جهاز المناعة أيضًا، ما يجعلنا أكثر عرضةً للإصابة بالأمراض والالتهابات، لا سيما أمراض الجهاز التنفسي.
- زيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة: تُعد قلة النوم المستمرة من أسباب تنامي خطر الإصابة بالأمراض المُزمنة مثل القلب والسكري، ما يؤكد أهمية النوم وآثاره الإيجابية على الصحة.
رؤى جديدة في مجال النوم والصحة
تشير الأبحاث إلى وجود فجوةٍ كبيرة على مستوى الوعي فيما يتعلق باحتياجات النوم، إذ يُهمل الكثير من الناس أهمية النوم ودوره الحيوي في تحسين صحة الإنسان. ومن الممكن أن تؤدي قلة الوعي بهذا الموضوع إلى انتشار الحرمان المُزمن من النوم لدى الأفراد، ما يؤثر سلبًا على جوانب مختلفة من حياتهم اليومية. ويتمثل التحدي الأكبر في التأثير على الأداء الوظيفي للإنسان، إذ تُظهر البيانات أن الأفراد الذين لا ينالون قسطًا وافرًا من النوم كانوا أقل إنتاجيةٍ بنسبة 30% في العمل، مقارنةً بأولئك الذين ينامون بشكلٍ كاف. ويسلط هذا الواقع الضوء على الارتباط الوثيق بين جودة النوم وارتفاع جودة الأعمال، بحسب ما أفادنا به الخبراء في شركة "زززيكويل ناتورا" وهي شركة منتجة لمكمل غذائي يساعد على تعزيز جودة النوم.
ويضيف الخبراء أنه غالبًا ما تؤدي متطلبات العمل والالتزامات الاجتماعية، إلى تقليص عدد ساعات النوم خلال الأسبوع، بينما توفر عطلة نهاية الأسبوع فرصةً مناسبة لأخذ قسطٍ وافر من الراحة التي يحتاجها الجسد. ويوفر التباين في جودة النوم ومدته بين هذه الفترات، فهمٌ أعمق لتأثير نمط الحياة على النوم؛ ويقدم أدلةً على التدخلات المحتملة لتحقيق التوازن على مستوى احتياجات النوم في إطار الانشغالات اليومية للبشر.
كما أدت التطورات في مجال أبحاث النوم إلى ظهور أدواتٍ متخصصة لتقييم صحة النوم، ما يتيح فهمًا أعمق لأنماط النوم وجودته. وتُعد هذه التطورات ضروريةً لتحديد عادات النوم السيئة وصياغة استراتيجياتٍ مناسبة لتحسين ممارسات النوم، والمساهمة في تحسين الصحة العامة للأفراد. على صعيدٍ آخر، يساهم الضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الإلكترونية في زيادة الاضطراب على مستوى دورات النوم الطبيعية. ويتنامى التركيز في الوقت الحالي على تشجيع الناس للحد من الوقت الذي يمضونه على الشاشات في الفترة المسائية، للتخفيف من آثاره السلبية وتعزيز عادات النوم الصحية.
في موضوعنا اليوم، نلقي الضوء على العوامل والآثار السلبية للحرمان من النوم، والممارسات الطبيعية التي يمكن أن تُعزز من جودة النوم لدى الجميع، كي ينعموا بنومٍ صحي ينعكس إيجابًا على صحتهم بالعموم.
عوامل وراء الحرمان من النوم.. والآثار السلبية لهذا الحرمان
يخبرنا طارق عبدالعزيز، المدير العام لشركة "بي آند جي هيلث" في هذه المقابلة، عن العوامل التي تقف وراء قلة النوم؛ وما هي الآثار السلبية لهذه المشكلة.
هل يمكنكَ إطلاعنا على الآثار السلبية للحرمان من النوم على الأفراد والمجتمع؟
الحرمان من النوم له عواقب وخيمة على الأفراد والمجتمع، إذ أظهرت الدراسات البحثية أن الحرمان من النوم يمكن أن يؤدي إلى خفض الإنتاجية وإضعاف القدرات الإدراكية وزيادة خطر الحوادث، بالإضافة إلى الآثار السلبية الإجمالية على الصحة العامة والرفاهية. كما يؤثر الحرمان من النوم على الواقع الاجتماعي بشكلٍ إجمالي، وذلك بحسب الدراسات ذات الصلة بالنوم والتي نشرتها كل من "بي آند جي هيلث" و"Ipsos". وتُعد عملية تعزيز النوم من الأمور بالغة الأهمية، نظرًا لدورها الحيوي في تحسين صحة الفرد وتحفيز إنتاجيته.
ما هي العوامل التي يمكنها التأثير سلبًا على نوعية النوم؟
تختلف المشاكل ذات الصلة بالنوم على نطاقٍ واسع، إذ يرتبط كل منها بأعراضٍ وأسبابٍ متنوعة. وتؤثر الاضطرابات الناجمة عن العمل بنظام الورديات، والرحلات الجوية الطويلة، والتوقيت غير المنتظم للنوم على 30 - 36% من الناس، ما يتسبب بالأرق والتعب في المقام الأول. بينما يُعتبر الذعر الليلي والمشي أثناء النوم من المشاكل الأقل شيوعًا، حيث تؤثر على 1.5 – 3%، وغالبًا ما تنطوي هذه العوامل على حركاتٍ لا إرادية وهلوسات.
ويؤثر النعاس المفرط على 15 – 18% من البشر، ويتسبب بالنعاس والتعب والتحسس من العوامل الخارجية المختلفة. فيما يُعتبر الشخير وتوقف التنفس أثناء النوم من المشاكل الشائعة، إذ تؤثر على حوالي 5 – 30% من الأمراض، وتنطوي أعراضها على الشخير واللهاث. وأخيرًا، تؤدي بعض المشاكل الصحية مثل تشنجات الساق ومتلازمة تململ الساقين (التي تنتشر لدى 4 – 6% من الأفراد) إلى التسبب باضطرابات النوم، ما يُسبَب الإرهاق والصداع.
يمكن أن تتأثر نوعية النوم بعوامل متعددة ذات صلة بنمط الحياة؛ مثل الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية قبل النوم، جداول النوم غير المنتظمة، والعوامل البيئية مثل الضوضاء أو التلوث الضوئي. وقد تمَ الإبلاغ عن زيادةٍ بنسبة 10% في عدد الأشخاص الذين يستخدمون هواتفهم المحمولة في السرير مقارنةً بالعام السابق. وأشار 78% من المجيبين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، إلى أن هذه العادة تؤدي إلى تقصير فترات النوم والتأخر في النوم مقارنةً بالوقت المثالي للنوم.
من ناحيةٍ أخرى، قد تؤثر عوامل عدة، مثل مستويات التوتر العالية وبعض الحالات الطبية والآثار الجانبية للأدوية على جودة النوم. وكشف استطلاعٌ أجرته شركة "Toluna" مع أكثر من 400 مستهلك في المملكة العربية السعودية خلال شهر سبتمبر 2020، إلى أن حوالي 2 من كل 3 سعوديين (~٧٠%) يعانون من الأرق، بما في ذلك صعوبة النوم والاستيقاظ ليلًا والشعور بالتعب صباحًا. إلا أن 50% منهم لم يتخذوا إجراءاتٍ تُمكَنهم من الاستمتاع بجودةٍ أعلى من النوم. وبحسب المجيبين السعوديين، يساعد النوم الجيد خلال الليل على تعزيز النشاط الصباحي وتحسين المزاج، إلى جانب الشعور بالانتعاش والتعافي. إلا أن معظم السعوديين لا ينامون قبل انتصاف الليل بمتوسط 5 إلى 6 ساعات من النوم خلال أيام الأسبوع.
كيف يتمَ تقييم جودة النوم بدقة، بالنظر إلى ما تقدم؟
يتم تحديد مدى جودة النوم عبر اعتماد عدة عوامل رئيسية، بما في ذلك كفاءة النوم؛ حيث يشير معدل 85% أو أعلى إلى مستوى جيد من الراحة. بينما تتمثل الجوانب الحاسمة الأخرى في الحد الأدنى من اضطرابات النوم وفترة كمون النوم في غضون 30 دقيقة، ما يعني سهولة الخلود إلى النوم. ويُعد الحصول على قسطٍ كاف من النوم أمرٌ بالغ الأهمية، حيث يحتاج البالغون عمومًا إلى النوم لمدةٍ تتراوح بين 7 إلى 9 ساعات ليلًا، للحصول على النوم الصحي والرفاهية المُثلى. ويُعد انخفاض "مستوى اليقظة بعد بداية النوم"، والمعروف باسم "WASO"، بذات القدر من الأهمية لضمان جودة النوم واستعادته. وتُعتبر هذه السمات المتكاملة من العناصر الضرورية لضمان نمط نومٍ صحي.
لتقييم جودة النوم، يستخدم الباحثون وأخصائيو الرعاية الصحية طرقًا مختلفة، من بينها مؤشر بيتسبرغ لجودة النوم (PSQI) الذي طوَره Buysse et al عام 1989؛ وهو استبيانٌ يُقيس جوانب متعددة من جودة النوم، بما في ذلك مدة النوم واضطرابات النوم والرضا العام عن النوم. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام مقاييس موضوعية مثل تخطيط النوم والاختبار التشخيصي في البحوث والاختبارات السريرية، لتوفير معلوماتٍ مُفصلة عن أنماط واضطرابات النوم.
هل يمكن لأنماط واضطرابات النوم، أن تختلف من منطقةٍ جغرافية إلى أخرى؟
نعم، من الملاحظ أن أنماط واضطرابات النوم تختلف من إقليمٍ إلى آخر، وتُساهم مجموعةٌ من العوامل الثقافية وأنماط الحياة على جودة النوم في مناطق مختلفة من العالم. ففي منطقة آسيا والمحيط الهادئ، أفاد 84% من المُستطلعين أنهم يستخدمون هواتفهم في السرير. وبحسب الاستطلاع يعاني 78% من المُجيبين من فترات نومٍ أقصر، كما يواجهون صعوبةً في النوم.
حوالي 2 من كل 3 سعوديين (~٧٠%) يعانون من الأرق، بما في ذلك صعوبة النوم والاستيقاظ ليلًا والشعور بالتعب في الصباح. بالإضافة إلى ذلك، تُساهم مجموعةٌ من العوامل الأخرى، بما فيها الكثافة السكانية والتحضَر والظروف الاجتماعية والاقتصادية، على جودة النوم. ومن الأهمية بمكان دراسة هذه الاختلافات بحسب الأقاليم الجغرافية ومعالجتها لتطوير الممارسات الهادفة لتحسين صحة النوم.
ما هي الفئات الأكثر تعرَضًا لمشاكل النوم؟
تُعتبر بعض الفئات أكثر عرضةً للمشاكل الناجمة عن النوم. وغالبًا ما يواجه كبار السن مجموعةً من التحديات ذات الصلة بالنوم، بسبب تغيَر أنماط النوم مع التقدم في السن. ويعاني عمال المناوبة، خاصةً العاملين خلال النوبات الليلية، من انخفاض إفراز الميلاتونين؛ ما قد يؤثر على إيقاع الساعة البيولوجية، بالإضافة إلى التأثير على صحة النوم. وكثيرًا ما يواجه الطلاب مشاكل في النوم بسبب الإجهاد والضغوط التعليمية والقلق وجداول النوم غير المنتظمة. كما يواجه الأفراد الذين يعانون من اضطراباتٍ نفسية، مثل الاكتئاب، مشاكل في إفراز الميلاتونين، ما يؤدي إلى تفاقم مشاكل النوم وتدهور حالتهم الصحية.
وتعاني الإناث من الأرق بمعدلاتٍ أعلى من الذكور، بسبب العوامل الهرمونية والضغوطات الاجتماعية والثقافية. وأخيرًا، يعاني الأشخاص في البيئات السامة من إجهادٍ مزمن يؤثر بشكلٍ كبير على نوعية النوم، ما يمنعهم بالتالي من الحصول على قسطٍ وافر من النوم. وتساهم الظروف الفريدة لكل فئة، في زيادة التعرض لمجموعةٍ من المشاكل المتعلقة بالنوم.
ذكرتَ الميلاتونين مرتين في الإجابة السابقة؛ ما هو دوره في تعزيز جودة النوم؟
الميلاتونين هرمون يُنتجه الجسم ويلعب دورًا حيويًا في تنظيم دورات النوم والاستيقاظ. ويتم إفرازه تزامنًا مع حلول الظلام، إذ يقوم بإرسال إشاراتٍ للجسم للإعلان عن دخول وقت النوم. بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم مُكملات الميلاتونين لمساعدة الأفراد الذين يعانون من صعوباتٍ في النوم، مثل الأرق. ويمكن أن تكون المُكملات الطبيعية والتي لا تُسبب التعود مثل "زززيكويل ناتورا"، مفيدةً في هذا المجال؛ نظرًا لأن إنتاج الميلاتونين قد ينخفض مع التقدم في العمر أو بسبب التعرض لعوامل خارجية مثل استخدام الأجهزة الإلكترونية في وقتٍ متأخر من الليل أو العمل ضمن ساعاتٍ غير منتظمة.
يمكن أن تساعد المُكملات في استعادة إيقاع النوم الطبيعي وتحسين جودة النوم. على سبيل المثال، يحتوي "زززيكويل ناتورا" على مستوى مُثبت سريريًا من الميلاتونين، والذي يساعد على النوم بشكلٍ طبيعي دون الشعور بالنعاس في اليوم التالي. وبالإضافة إلى الميلاتونين، يحتوي المنتج على مكوناتٍ مُختارة بعناية مثل البابونج واللافندر وحشيشة الهر المعروفة بقدرتها على تعزيز النوم الطبيعي والمريح، وفيتامين ب6 الذي يساعد في الحدَ من تعب وإرهاق الجسم.
والجدير بالذكر، أن فعالية مُكملات الميلاتونين قد تتغير من مستخدمٍ لآخر، وقد لا تكون مناسبةً أو فعالةً للجميع.
ما هي الاستراتيجيات الأخرى لتحسين جودة النوم؟
هناك بعض الاستراتيجيات التي يمكن للأفراد اتباعها لتحسين جودة النوم؛ مثل الحفاظ على جدول نومٍ منتظم، إنشاء روتين استرخاء قبل النوم، وتوفير بيئةٍ مناسبة للنوم، الأمر الذي يؤثر بشكلٍ كبير على جودة النوم. كما يُوصى بتقليل استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم، حيث أن التعرض للضوء الأزرق المنبعث من تلك الأجهزة يمكن أن يتداخل مع إنتاج الميلاتونين ويؤثر على جودة النوم.
كذلك يمكن أن تساهم إدارة التوتر، من خلال تقنيات الاسترخاء وممارسة التمارين الرياضية والحصول على المساعدة المهنية عند الحاجة، في تحسين صحة النوم. ولا بد من الإشارة إلى أن الاهتمام بجودة النوم، أمرٌ ضروري لتحسين الصحة العامة.
خطواتٌ فعالة لنومٍ أفضل
يُعدَ تبنَي عادات نومٍ صحية خطوةٌ مهمة لتحسين نوعية النوم؛ ويتضمن ذلك الخطوات الآتية:
- تحديد جدولٍ ثابت للنوم.
- الحد من استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم.
- توفير بيئةٍ هادئة ومريحة ومناسبة للنوم.
- يُعد النظام الغذائي المتوازن وشرب الماء بشكل كافٍ وممارسة التمارين الرياضية بانتظام ومقاومة الاجهاد والتوتر، من العوامل المساهمة في تحسين جودة النوم.
على صعيد آخر، من الممكن أن تُوفر الخلطات العشبية التي تحتوي على مكوناتٍ طبيعية مثل جذر حشيشة الهر والبابونج، نتائج إيجابية لناحية الحد من الأرق وتعزيز جودة النوم دون التعرض لخطر التعود الذي قد تسببه بعض المُكملات. ومن الممكن أن يساعد استخدام هذه الخلطات العشبية في تحسين جودة النوم عمومًا، بطريقةٍ طبيعية ولطيفة.
في الختام؛ يُعد الحرمان من النوم قضيةً حيوية لها آثارٌ بعيدة المدى على الصحة والإنتاجية ونوعية الحياة. ويمكننا عبر إعطاء الأولوية للنوم وتثقيف أنفسنا والاستفادة من مزايا مساعدات النوم الطبيعية، اتخاذ خطواتٍ هادفة لعيش حياةٍ أكثر صحة وحيوية. لأننا نستحق جميعًا الاستمتاع بجودةٍ عالية من النوم ليلًا، وبالتالي ينبغي علينا التركيز عليها كأولويةٍ أساسية في نظام حياتنا اليومي.