إحمي نفسكِ من اكتئاب الصيف.. باتباع هذه النصائح الفعالة
نسمع كثيرًا عن الإكتئاب الموسمي، والذي يتعلق بصورةٍ خاصة بتبدَل وتغيَر المواسم؛ وهو كثير الحدوث بنسبةٍ كبيرة مع بداية فصل الشتاء وغياب أشعة الشمس والطقس البارد، لكن ماذا عن اكتئاب الصيف؟ هل يعاني البعض من الاكتئاب في الصيف؟
ما هي الأسباب التي قد تؤدي بنا إلى الشعور بالاكتئاب في الصيف؟ كيف أعرفُ إن كنتُ مصابةً باكتئاب الصيف أم لا، وكيف أتخلصُ من هذا الشعور؟
نجيب في مقالة اليوم على كافة هذه التساؤلات؛ إنما بدايةً، دعينا نُلقي الضوء أكثر على الاكتئاب، ماهيته، أسبابه ومخاطره على الصحة. كي يتضح لنا أكثر، أهمية محاربة الاكتئاب بكافة أنواعه ومواسمه، بغية الحفاظ على صحة نفسية سليمة ومستدامة.
ما هو الاكتئاب؟
يشير موقع "مايو كلينك" الطبي المختص إلى تعريف الاكتئاب على الشكل التالي:
الاكتئاب هو اضطرابٌ مزاجي، يُسبَب شعورًا دائمًا بالحزن وفقدان الاهتمام. ويُسمى أيضًا اضطرابٌ اكتئابي رئيسي أو اكتئابٌ سريري، وهو يؤثر على شعوركِ وتفكيركِ وسلوككِ، ويمكن أن يؤدي إلى مجموعةٍ متنوعة من المشاكل العاطفية والجسدية. قد تواجهكِ صعوبةً في القيام بالأنشطة اليومية العادية بسبب الاكتئاب، وأحيانًا قد تشعرين كما لو أن الحياة لا تستحق العيش.
يُعتبر الاكتئاب أكثر من مجرد نوبةٍ من الحالة المزاجية السيئة، فهو ليس نقطة ضعف ولا يمكنكِ "الخروج" منه ببساطة. قد يتطلب الاكتئاب العلاج على المدى الطويل، ولكن يجب ألا تُثبط عزيمتكِ في هذا الخصوص؛ إذ يتحسَّن معظم الأشخاص المصابين بالاكتئاب بالأدوية أو العلاج النفسي أو كلاهما.
من الجدير ذكره أن الجميع عرضةٌ للاكتئاب، كبارًا وصغارًا؛ نساءٍ ورجالًا؛ أصحاء بدنيًا أو مرضى يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة. كل إنسان قد يكون عرضةٌ للإصابة للاكتئاب، خاصةً في حال وجود مشكلةٍ في الهرمونات مثل الاكتئاب الذي تشهده النساء في مراحل متعددة من حياتهنَ: البلوغ؛ الحمل والولادة؛ انقطاع الطمث والشيخوخة. كما يمكن للصدمات والمشاكل النفسية المختلفة، والشديدة في كثيرٍ من الحالات، أن تؤثر على عمل الجهاز العصبي في الجسم وتعطيله، ما يتسبب بالإصابة بالاكتئاب الخفيف أو الحاد.
ويبقى أن نشير إلى أن علاج الاكتئاب يخضع لمعايير طبية وصحية معينة ومحددة، وحده الطبيب المختص (الطبيب النفسي) قادرٌ على وصفه بالجرعات المناسبة لكل حالة. لذا لا يُنصح أحدٌ بتناول مضادات الاكتئاب بنفسه، أو بأخذه من أحد، غير الشخص المختص؛ كي لا ينقلب السحر على الساحر، وتتحولين من مشكلة كآبة قابلة للعلاج، إلى مشكلةٍ أكبر يستعصي حلها ويمكن أن تؤثر بالسلب على صحتكِ الجسدية والنفسية.
ما هو اكتئاب الصيف؟
بعد أن أجبنا وبطريقةٍ موجزة للاكتئاب، لا بدَ من العودة لسبر أغوار موضوعنا اليوم: اكتئاب الصيف.
ووفقًا لموقع "ويب طب" المعني بالشؤون الصحية؛ فاكتئاب الصيفهو اضطرابٌ عاطفي موسمي، يتمثل في حدوث تغيَراتٍ كبيرة بالمزاج والسلوك خلال أشهر الربيع والصيف، وهو أقل شيوعًا من اكتئاب الشتاء.
ويضيف الموقع المختص أن لا سبب واضح حتى الآن تمَ تحديده للإصابة بهذا النوع من الاضطرب؛ لكن يُرجَح أن يكون لتغير مستويات هرموني السيروتونين والميلاتونين في الدماغ دورٌ في ذلك.إذ يعمل هرمون السيروتونين على تنظيم الحالة المزاجية، فيما يقوم هرمون الميلاتونين بتنظيم الساعة البيولوجية للإنسان.
يمكن لبعض الأمور المُقلقة والأفكار والمشاعر السلبية في الصيف، أن تؤثر على الحالة النفسية للمرء وتُصيبه بالاكتئاب؛ إذ يقلق العديد من الأفراد حيال أمورٍ مرتبطة بالصيف منها:
- المخاوف المالية: غالبًا ما تزيد النفقات المالية خلال فصل الصيف بسبب العطلات والسفر وغيرها من الالتزامات المالية؛ما يُقلَل بعض الأشخاص من قدرتهم على تغطية هذه المصاريف ويجعلهم يصابون بالاكتئاب.
- عيوب الجسد: هي المشكلة الرئيسية التي يعاني منها معظمنا، نساءً ورجالًا (وإن كانت الحصة الأكبر للإناث)؛ كون زيادة الوزن قد لا تظهر خلال الشتاء بسبب ارتداء الملابس السميكة والإقبال على الأكل خلال الطقس البارد. وما أن يأتي الصيف ويضطر الناس للتخفيف من اللبس وارتداء ملابس السباحة أو فساتين السهرة وغيرها، فإنهم قد يشعرون بالخجل والكآبة بسبب عيوب أجسامهم. لهذا نجد الكثيرين منهم، يتجنبون المناسبات الاجتماعية أو الذهاب للمسابح.
- ارتفاع درجات الحرارة: يرتبط الصيف الجميل، للأسف، بحرارةٍ ورطوبةٍ عاليتين؛ وهو ما يكرهه كثيرون، خاصةً الأشخاص الذين يعانون من الصداع أو التعب السريع. لذا نجدهم يُحجمون عن الخروج من البيت في الصيف والبقاء في الداخل لفترةٍ أطول، ما قد يُحفَز خطر الإصابة بالاكتئاب.
ليس ذلك فحسب؛ بل ثمة عوامل خطر قد تقف وراء اكتئاب الصيف لدى النساء والأشخاص الأصغر عمرًا ومن يعاني من اضطرابات نفسية أخرى، مثلالاكتئاب الشديد؛الاضطراب ثنائي القطب؛ القلق النفسي ونوبات الهلع؛ الفِصام؛ اضطرابات الطعام؛ اضطراب فرط الحركة ونقص الإنتباه.
ما هي أعراض اكتئاب الصيف؟
شدة الإنفعال والسلوك العنيف في بعض الأحيان، قد يكونان مؤشرًا على الإصابة باكتئاب الصيف.
كما تمتاز هذه الحالة النفسية الموسمية بظهور الأعراض الآتية:
- ضعف الشهية وفقدان الوزن.
- القلق النفسي والأرق.
- عدم الرغبة في القيام بالأنشطة المعتادة كالأكل والخروج وغيرها.
- الشعور بانعدام القيمة واليأس.
- انخفاض مستوى الطاقة في الجسم.
- صعوبة التركيز والخمول.
كيف يتم تشخيص وعلاج اكتئاب الصيف؟
كما ذكرنا آنفًا؛ يقوم الطبيب المختص فقط بتشخيص حالة اكتئاب الصيف وعلاجها حسب المقتضى.
وبما أن أعراض اكتئاب الصيف قد تتداخل مع العديد من الاضطرابات النفسية الأخرى، فإن الشخص الذي يعانيه قد يخضعفي الأغلب لعدة تقييمات نفسية. كما يتم إجراء فحوصاتٍ مخبرية معينة، مثل تعداد الدم الكامل، وفحص الغدة الدرقية لاستبعاد وجود أسباب جسدية.
فيما يخص العلاج، فإنه يتم بطريقةٍ أو أكثر من الطرق الآتية:
- العلاج بالأدوية: حيث يتم وصف مضادات الاكتئاب المتنوعة (من قبل الطبيب) بشكلٍ شائع لعلاج اكتئاب الصيف أو الاضطرابات الموسمية عمومًا. كما يُستخدم أحيانًا دواء البوبروبيون (Bupropion) للوقاية من عودة نوبات الاكتئاب لدى الأشخاص الذين لديهم تايخ مرضي للإصابة باكتئاب الصيف.
من الضروري العلم أن مضادات الاكتئاب قد تحتاج عدة أسابيع حتى تصل إلى مفعولها بشكلٍ تام؛ كما قد يوصي الطبيب بتناولها كل عام قبل بدء الأعراض والاستمرار عليها حتى تختفي معظم الأعراض.
- العلاج النفسي: المعروف أيضًا بالعلاج السلوكي المعرفي، ويُساعد المريض المصاب باكتئاب الصيف على تحديد السلوكيات والأفكار السلبية والتعامل معها بشكلٍ صحيح.
- ممارسة تقنيات اتصال العقل بالجسد: هي تقنيات تساعد كذلك في السيطرة على التوتر، مثل تمارين الاسترخاء واليوغا، والتأمل، والعلاج بالموسيقى.
كيف أحمي نفسي من اكتئاب الصيف؟
المسألة الأهم في مجابهة أي مشكلةٍ صحية أو نفسية، تكمن في الوقاية؛ وذلك باتباع إجراءاتٍ حياتية ونفسية لتجنب اكتئاب الصيف وغيره من الاضطرابات الموسمية.
لذا إحمي نفسكِ وأحبتكِ من اكتئاب الصيف أو عودة نوباته في مواسم قادمة، أو حتى التخفيف منها، باتباع هذه النصائح:
- الخروج من المنزل كل يوم وتجنَب العزلة عن الآخرين.
- تناول طعامٍ صحيّ ومتوازن، يشتمل على المعادن والفيتامينات التي تمدكِ بالطاقة، وتُساعدك على التركيز أفضل.
- ممارسة التمارين الرياضية للوقاية من الاكتئاب،لمدة 30 دقيقة كل مرة، وتكرارها 3 مرات على الأقل أسبوعيًا.
- البقاء على تواصلٍ دائم مع الأصدقاء والأقارب، وممارسة الأنشطة الاجتماعية بصورةٍ منتظمة.
- طلب المساعدة الطبية مبكرًا، إذ قد يكون من الجيد البدء بالعلاج الوقائي قبل بدء موسم الصيف.
في الختام؛ فإن الجميع مُعرَضٌ للإصابة باكتئاب الصيف، لكن منعه والتخفيف من حدته ممكن باتباع نصائح فعالة تتمثل في نقاطٍ أساسية. منها الغذاء الصحي، والرياضة، وممارسة الانشطة الاجتماعية، وتجنب العزلة قدر الإمكان.
ولا تتواني عزيزتي عن طلب المساعدة الطبية فورًا، في حال بدأتِ بالشعور بأيٍ من أعراض اكتئاب الصيف، كي يتسنى لكِ الاستمتاع بهذا الفصل الجميل لأبعد حد.