بتأكيد علمي: الزيوت النباتية أفضل من الزبدة.. لهذه الأسباب
منذ عقود وسنوات طويلة، يحتدم الجدل الذي لا ينتهي بين الأفضل للصحة: الزيت أم الزبدة. وفيما يؤكد البعض بأن الزبدة العضوية لا تتسبب بأية أضرار بالصحة، يناقش البعض الآخر هذه المقولة، مشيرين إلى أن الزبدة لا تخلو من الدهون المشبعة التي يمكن أن تُلحق الضرر بالعديد من أعضاء الجسم، خاصةً القلب. مضيفين أن الزيوت، وخصوصًا النباتية، هي أفضل للطهو وإعداد الطعام كونها تحتوي على دهون أحادية غير مشبعة.
وتبرز للواجهة من جديد، جدلية استخدام زيت الزيتون على سبيل المثال في القلي عند تحضير الطعام؛ ويشير المجادلون في هذه الناحية إلى أكسدة هذا الزيت على حرارةٍ عالية، ما قد يجعله خطرًا على الصحة.
وبين هذا وذاك، يعمل الباحثون على دراسة طبيعة ونتائج تناول الزبدة أو الزيوت النباتية على الصحة، من خلال العديد من الدراسات والأبحاث دون نتيجةٍ نهائية. لكن يبدو أننا بتنا قاب قوسين وأدنى من معرفة الأفضل بينهما، بعد تأكيدٍ علمي جاء من السويد وبعد مراجعة العديد من الدراسات، مفاده أن الزيوت النباتية تُعدَ أفضل من الزبدة في الأكل.
قد لا تعجب هذه النتائج مُحبَي الزبدة كثيرًا، لكن قبل إطلاق الأحكام؛ فلنتعرف سويًا على تفاصيل هذا التأكيد في السطور التالية..
الزيوت النباتية أفضل من الزبدة.. لهذه الأسباب
هذا ما نجح فريقٌ دولي من الباحثين في إثباته، مشيرين إلى أن زيت الزيتون والدهون النباتية الأخرى،هي أكثر صحيةً من الزبدة وذلك بالاستناد إلى أدلةٍ علمية بشكلٍ شامل. وبعدما جمع الباحثون لخلاصة العديد من دراسات التدخل الغذائي وأبحاث سابقة، أظهرت جميعها كيفيةتأثير مصادر الدهون البناتيةعلى تحسين نمط الحياة والحد من الإصابة بأمراض خطيرة، وفقًا لما نشره موقع New Atlas نقلًا عن دورية Nature Medicine.
وفي تعليقه على هذه النتائج، قال كليمنس ويتينبيشر، قائد البحث في جامعة تشالمرز للتكنولوجيا والباحث الرئيسي في الدراسة: "تؤكد نتائج البحث بشكل أكثر يقينًا الفوائد الصحية لنظامٍ غذائي غني بالدهون النباتية غير المُشبعة، مثل النظام الغذائي المتوسطي؛ ويمكن أن يساعد في تقديم المشورة الغذائية المُستهدفة لأولئك الذين قد يستفيدون أكثر من تغيير عاداتهم الغذائية."
هذه النتائج تُعيد إلى المقدمة، الحديث عن مزايا النظام الغذائي المتوسطي وأهميته في تعزيز الصحة بصورةٍ عامة. لكن هذا النظام يُعدَ جزءً واحدًا فقط من الدراسة؛ إذ ربط الباحثون من جامعة تشالمرز للتكنولوجيا السويدية والمعهد الألماني للتغذية البشرية والعديد من الكليات الأخرى بشكلٍ مباشر،تأثير تناول الزيوت النباتية عالية الجودة والزبدة بشكلٍ مباشر على مستويات الدهون في الدم، وبالتالي تغيَر خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري من النوع الثاني، بغض النظر عن خيارات نمط الحياة الأخرى بحسب ما جاء على موقع "العربية.نت".
وفي محاولة لإزالة القيود التي مُنيت بها الدراسات الفردية السابقة وأدت لإضعاف الصلة بين الدهون الجيدة والصحة الجيدة، ومن خلال استخدام "تحليل الدهون" لتحديد ملفات الدهون في الدم المأخوذة من تجربةٍ عشوائية خاضعة للرقابة للتدخل الغذائي؛ نجح الباحثون في تقليص النتائج إلى درجة متعددة الدهون MLS، والتي يمكن تطبيقها على مجموعةٍ من الدراسات.
ومن خلال هذه التجربة، توصل فريق الباحثين الدولي إلى أن الزيوت النباتية عالية الجودة (مثل زيت الزيتون البكر) كان لها تأثيرٌ كبير على درجة متعددة الدهون MLS لدى المشاركين، مع تسجيل درجاتٍ عالية في جميع المجالات. فيما لوحظت درجاتٌ منخفضةأشارت إلى مستويات دهونٍ إشكالية في الدم، لدىالمجموعات التي تناولت منتجات الألبان الحيوانية مثل الزبدة، بدلاً من الزيوت النباتية.
معلومٌ أن المبادئ التوجيهية، مثل تلك الصادرة عن منظمة الصحة العالمية WHO وجمعية القلب الأميركية، هي كناية عن توصيات "معتدلة" لاستبدال الأحماض الدهنية المشبعة SFA بالأحماض الدهنية غير المُشبعة النباتية UFA، بسبب قيود الدراسة ونتائجها، والعوامل المربكة.
وعليه أشار الباحثون إلى أنه "وعلى الرغم من البيانات المستمدة من أكثر من 56000 مشارك في التجربة وحوالي 3.7 مليون مشارك في الدراسة الرصدية، فإن ثمة تباينٍ كبير في مستويات تناول الدهون الكلية والأحماض الدهنية المُشبعة، والمُغذيات ومصادر الغذاء التي تحل محل الأحماض الدهنية المُشبعة الغذائية ومدة الدراسات الأساسية والبيانات المحدودة من التجارب على نقاط النهاية الصعبة".موضحين في الوقت ذاته أن "يقين الأدلة على توصيات منظمة الصحة العالمية يتراوح من منخفض للغاية إلى متوسط، مما يجعل الإرشادات المتعلقة بجودة الدهون الغذائية محل جدال مستمر."
تحديد مستويات الدهون الصحية وعلاقتها بالصحة
بدوره؛ أوضح فابيان إيشلمان، الباحث الأول في الدراسة من المعهد الألماني للتغذية البشرية في بوتسدام-ريهبروك، أنه تم خلال التجربة "القيام بتلخيص التأثيرات على الدهون في الدم باستخدام درجةٍ متعددة الدهون".وشرح الأمربالتالي: "إن ارتفاع مستويات درجة متعددة الدهون MLS يشير إلى مستوى صحي للدهون في الدم، ويمكن أن يساعد تناول كمياتٍ كبيرة من الدهون النباتية غير المُشبعة واستهلاك كمياتٍ قليلة من الدهون الحيوانية المُشبعة في تحقيق مستويات MLS إيجابية ".
وأضاف ويتنبشر إن "النظام الغذائي معقدٌ للغاية، لدرجة أنه من الصعب غالبًا استخلاص أدلةٍ قاطعة من دراسة واحدة.إن نهج الدراسة الجديدة المتمثل في استخدام علم الدهون للجمع بين دراسات التدخل والأنظمة الغذائية الخاضعة للرقابة الشديدة ودراسات الأقران المستقبلية، مع تتبَع الصحة على المدى الطويل، يمكن أن يتغلب على القيود الحالية في أبحاث التغذية" كذلك فإن استخدام درجة متعددة الدهون MLS كمؤشرٍ رئيسي للمرض، ساهم بصورةٍ كبيرة في إثبات التأثير الشديد الذي لمسه الباحثون عند استبدال الدهون المُشبعةعلى نتائج الأفراد الذين شملتهم الدراسة، مقارنةً بالتعديلات الغذائية الأخرى.
الزبدة والسمن.. تأثيراتٌ سلبية على الصحة
على المقلب الآخر، يمكن لتناول الزبدة والسمن بكميات كبيرة وأوقاتٍ طويلة، أن يؤثر سلبًا على مستويات الدهون في الدم. إذ يحتوي السمن على حوالي 80% من الدهون، منها 65% من الأحماض الدهنية غير المُشبعة، و28٪ من الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة MUFA وبعض الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة PFA.
في حين أن الزيوت النباتية تحتوي نسبةٍ أقل من الدهون المشبعة، والتي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية؛ وبالتالي فإن تناولها قد يُخفَض هذا الخطر بنسبة 32%، فضلًا عن خفض خطر الإصابة بمرض السكري النوع الثاني بنسبة 26%. الأمر الذي يُسلَط الضوء على أهمية ومدى الدور الكبير الذي تلعبه الزيوت النباتية عالية الجودة، في التخفيف من مخاطر المرض.
وخلال الدراسة، خلص الباحثون إلى أن "درجات ليبيدوميكس (تحليل الدهون)، التي تعكس انخفاض تناول الأحماض الدهنية المُشبعة وارتفاع تناول الأحماض الدهنية غير المُشبعة النباتية، ارتبطت باستمرار بانخفاض معدل الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية في دراسات الأقران المستقبلية".موضحين أن "ارتباط درجات ليبيدوميكس بالنظام الغذائي وخطر الإصابة بالأمراض أقوى من العلامات البديلة الراسخة، مما يؤدي إلى فوائد قلبية أيضية أكبر تقديرية لتحسين جودة الدهون الغذائية."
خلاصة القول؛ أن التركيز على إدخال الزيوت النباتية ضمن نظامكِ الغذائي اليومي، يمكن ليس فقط أن يحميكِ من أمراض القلب والسكري، وإنما أيضًا قد يُعزَز من نسبة الدهون الجيدة في الدم. لذا لا تتواني عزيزتي عن استبدال الزبدة والسمن بواحد من الزيوت النباتية التي تحوي نسبة جيدة من الدهون الصحية، وعلى رأسها زيت الزيتون وزيت دوار الشمس وزيت السمسم وغيرها.
شريطة أن تراعي الاعتدال في استهلاك هذه الزيوت أيضًا في الأكل، والحرص على تناول وجباتٍ صحية مدروسة وممارسة الرياضة بانتظام لتقوية عضلة القلب ودرء خطر داء السكري، والتنعم بحياة مرفهة وخالية من الأمراض.