ما أسباب متلازمة السيروتونين؟ اكتشفي الحقائق وراء هذه الحالة

جراء تناول بعض الأدوية: هكذا تُصابين بمتلازمة السيروتونين.. وإليكِ طرق الوقاية منها

جمانة الصباغ

لسنوات خلت، كانت بضع متلازمات هي الأكثر تداولًا بين الناس؛ أولها متلازمة داون التي تصيب المواليد الجدد. لكن وفي العقود الأخيرة، بدأت تتكشف لدينا متلازماتٌ جديدة لم نكن نسمع عنها من قبل، حتى لم نكن نتخيل وجودها أصلًا. وبعض هذه المتلازمات ساهم المشاهير في تعريف الناس عليها، جراء إصابتهم بها؛ مثل متلازمة الشخص المتيبس التي تعاني منها المغنية الكندية سيلين ديون.

وهو ما يفتح الباب أمام المهتمين بالصحة، للبحث عميقًا في العديد من الأعراض والعلامات غير المألوفة التي يُصابون بها، والتي قد تكون مؤشرًا لمتلازمةٍ ما. لكن من الضروري التأكد من أن بعض المتلازمات، قد تنتج جراء اتباع نمطٍ معين من الغذاء أو تناول بعض الأدوية كما هو الحال مع متلازمة السيروتونين.

نعم، ما قرأتهِ صحيح.. هناك متلازمةٌ للسيروتونين، الذي يُعرف بهرمون السعادة؛ وهو أحد أهم النواقل العصبية الكيميائية التي تستخدمها خلايا الدماغ للتواصل فيما بينها، كما أنه مهمٌ لصحة ووظائف أعضاء أخرى من الجسم، بما فيها الأمعاء. تُعتبر نسبة السيروتونين في الجسم بالعموم طبيعية، وتسعى العلاجات والأدوية للحفاظ عليها، إذا كانت بين 101 - 283 نانوغرام/مل؛ لكن من الضروري التنبه إلى أن وحدة قياس نسبة هرمون السيروتونين في الجسم يمكن أن تختلف اعتمادًا على تحليل هرمون السيروتونين المستخدم.

كم من المهم الانتباه إلى مستويات السيروتونين في الدم، كون ارتفاع هرمون السيروتونين قد يتسبب بما يُعرف بمتلازمة السيروتونين؛ كذلك فإن انخفاض مستويات السيروتونين في الجسم يمكنيؤثر سلبًا على مختلف أعضاء وأجهزة الجسم.

في مقالة اليوم، نتعرف سويًا عزيزتي على متلازمة السيروتونين، أسبابها وأعراضها وكيفية علاجها والوقاية منها؛ كونها قد تحمل بعض المضاعفات الصحية الخطيرة التي لا ترغبين بحدوثها..

ما أسباب متلازمة السيروتونين؟

الحمى والصداع وارتفاع ضغط الدم من أبرز أعراض متلازمة السيروتونين
الحمى والصداع وارتفاع ضغط الدم من أبرز أعراض متلازمة السيروتونين

إذا شعرتِ ببعض الأعراض الخفيفة مثل الإرتعاش والإسهال، أو تطوَرت الأعراض لديكِ لتصيب العضلات بالتصلب فضلًا عن الحمى والصرع؛ فهذه كلها قد تكون مؤشراتٌ على الإصابة بمتلازمة السيروتونين، جراء تراكمه المفرط في الجسم. والمعروف أن السيروتونين الذي تنتجه الخلايا العصبية في الدماغ والحبل النخاعي، يعمد إلى ضبط درجة حرارة الجسم والسلوك والإنتباه، إضافةً إلى تنظيم عملية الهضم والتنفس وتدفق الدم.

لكن الإصابة ببعضٍ من الأعراض المذكورة أعلاه، قد يكون مؤشرًا على وجود كميةٍ كبيرة من السيروتونين في الجسم، تفيض عن حاجته، وتحدث عند الجمع بين عدة أدوية خصوصًا أدوية الاكتئاب. ووفقًا لموقع "مايو كلينك"، قد تحدث متلازمة السيروتونين عند الجمع بين دواءٍ مضاد للاكتئاب ودواءٍ لمعالجة الشقيقة (الصداع النصفي)؛ كما قد يُصاب الناس بهذه المتلازمةجراء الجمع بين دواءٍ مضاد للاكتئاب والعقاقير أفيونية المفعول المُسكنة للألم، أو حتى الإفراط في تناول المكملات الغذائية دون وصفةٍ أو مشورة طبية.

من الأدوية والمكملات الغذائية المرتبطة باحتمال الإصابة بمتلازمة السيروتونين، نذكر مُثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRI)، وهي مضادات للاكتئاب؛ مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات؛الأدوية المضادة للشقيقة (الصداع النصفي)؛ الأدوية المسكنة للألم، مثل العقاقير أفيونية المفعول المسكنة للألم؛ المكملات العشبية، ومنها نبتة سانت جون (عشبة العرن)، والجينسينج، وجوزة الطيب؛ أدوية السعال والزكام المتاحة دون وصفةٍ طبية؛الأدوية المضادة للغثيان؛ وبعض المضادات الحيوية ومضادات فيروسات النسخ العكسي المُستخدمة في معالجة فيروس نقص المناعة البشري.

ويضيف الموقع المختص إلى أن البعض قد يكونون أكثر عرضةً للتأثر بالأدوية والمُكملات الغذائية المُسبَبةلمتلازمة السيروتونين مقارنةً الآخرين؛ إلا أن هذه المشكلة قد تصيب أي إنسان. ويزداد خطر متلازمة السيروتونين في الحالات التالية:

  1. إذا كنتِ قد بدأتِ مؤخرًا بتناول دواءٍ يرفع مستويات السيروتونين في الجسم، أو قُمتِ بزيادة جرعته.
  2. إذا كنتِ تتعاطين أكثر من دواءٍ واحد معروف أنه يتسبّب في زيادة مستويات السيروتونين، كما الأدوية المذكورة أعلاه.
  3. إذا كنتِ تتناولين المُكملات العشبية المعروفة بوقوفها وراء زيادة مستويات السيروتونين في الجسم.

ما أعراض متلازمة السيروتونين؟

يمكن للأعراض الآتية، الظهور بعد عدة ساعات من تناول دواءٍ جديد أو الإفراط في تناول أحد الأدوية التي تداومين على أخذها:

تشاوري دومًا مع طبيبكِ حول الأدوية المسببة لمتلازمة السيروتونين وكيفية الوقاية منها
تشاوري دومًا مع طبيبكِ حول الأدوية المسببة لمتلازمة السيروتونين وكيفية الوقاية منها

 

  • الهياج أو التململ.
  • الأَرق والارتباك.
  • تزايدضربات القلب وارتفاع ضغط الدم.
  • اتساع حدقتي العين بشكلٍ غير مألوف.
  • فقدان التناسق العضلي أو نفض العضلات وارتعاشها.
  • التعرق الشديد والإرتجاف والقشعريرة.
  • الإسهال والصداع.

وفي حال عدم تدارك هذه الأعراض والتعاطي معها كما ينبغي، يمكن لمتلازمة السيروتونين أن تُشكَل خطرًا على الصحة. ويمكنكِ تبيان هذا الخطر في حال ظهرت لديكِ أيٌ من الأعراض التالية: الحمى الشديدة؛ الرعاش؛ نوبات الصرع؛ عدم انتظام ضربات القلب وفقدان الوعي.

من الضروري في مثل هذه الحالات، التواصل فورًا مع الطبيب، خاصةً في حال تناولكِ لدواءٍ جديد وصفه الطبيب المعالج، أو عند الشك بزيادة جرعة الأدوية التي تتناولينها باستمرار. وفي حال تضاعفت تلك الأعراض وباتت تتخذ منحى حادًا وخطيرًا، من الأفضل طلب المساعدة الطبية الفورية من خلال الإتصال بالطوارئ.

لماذا؟ لأن عدم علاج تفاقم أعراض متلازمة السيروتونين، يمكن أن يؤدي إلى فقدان الوعي والوفاة في الحالات القصوى. لكن لا داعي للخوف عزيزتي من الأعراض العادية، إذ يمكن علاجها وبمجرد عود السيروتونين لمعدلاته الطبيعية، لا تعود لتُشكَل خطرًا على حياتكِ.

ما طرق علاج متلازمة السيروتونين؟

يعتمد علاج متلازمة السيروتونين على حدة الأعراض، بحسب ما جاء على موقع "مايو كلينك"؛ ففي حال كانت الأعراض خفيفة، فإن زيارة الطبيب والتوقف عن تناول الأدوية التي تتسبب بالمشكلة يتيحان لكِ التعافي من هذه المتلازمة بسرعة.

لكن الأعراض التي قد تٌقلق الطبيب عند فحصك، قد تتطلب نقلكِ إلى المستشفى بناءً لتوصية من طبيبكِ؛ للتأكد من تحسَن الأعراض وعدم تشكيلها أي خطرٍ على حياتكِ. أما متلازمة السيروتونين الحادة، فقد تتطلب علاجً مُكثَفًا في المستشفى ولمدةٍ يُحددها الطبيب المعالج.

وبناءً على الأعراض التي تشعرين بها، قد تتلقى علاجاتٍ عدة؛ منها مُرخيات العضلات، العلاجات الحاصرة لإنتاج السيروتونين، أدوية تعمل على ضبط سرعة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم، أدوية لرفع ضغط الدم في حال انخفاضه بشكلٍ كبير، وأنبوب تنفسي وماكينة ودواء لشد العضلات في حال الإصابة بالحمى الشديدة.

الخبر الجيد هنا، هو أن الحالات البسيطة من متلازمة السيروتونين يمكن أن تُشفى في غضون 24 – 72 ساعة من موعد التوقف عن تناول الأدوية التي تزيد السيروتونين. وقد تحتاجينلتناول بعض الأدوية، لمنع تأثيرات السيروتونين الموجود في جسمكِ بالفعل. أما أعراض متلازمة السيروتونين الناجمة عن تناول بعض مضادات الاكتئاب، فقد تستغرق عدة أسابيع قبل اختفائها نهائيًا؛ كونها تبقى في الجسم لمدةٍ أطول من باقي الأدوية المُسببة لهذه المتلازمة.

ما سُبل الوقاية من متلازمة السيروتونين؟

تناول أدوية معينة أو تداخل أدوية ببعضها قد يُسبَب متلازمة السيروتونين
تناول أدوية معينة أو تداخل أدوية ببعضها قد يُسبَب متلازمة السيروتونين

العديد من المتلازمات الأخرى، لا يمكن تجنَبها للأسف؛ لكن متلازمة السيروتونين من الأنواع التي يمكنكِ بالتأكيد الوقاية منها ومن مضاعفاتها، عبر طرقٍ متعددة. أولها إطلاع الطبيب أو الصيدلي على الأدوية التي تتناولينها مسبقًا، قبل حصولكِ على دواء يرفع السيروتونين في الجسم.

كما من الضروري التواصل مع الطبيب في حال الشعور بأيٍ من أعراض متلازمة السيروتونين المذكورة آنفًا، خاصةً في حال استمرارها أو اشتدادها. ولا تنسي التشاور مع طبيبكِ بخصوص المخاطر المحتملة لتناول الأدوية، ولا تتوقفي عن تناولها من تلقاء ذاتكِ بل اتبَعي وصفة الطبيب بالجرعات والمدة المحددة. وفي حال قررتِ وطبيبكِ أن فوائد الجمع بين أدويةٍ معيَّنة، تؤثر في مستوى السيروتونين بما يفوق المخاطر، كوني حذرةً لاحتمال إصابتكِ بمتلازمة السيروتونين.

في الختام؛ فإن الحاجة لتناول بعض الأدوية لعلاج مشكلاتٍ صحية معينة تؤثر سلبًا على حياتنا ورفاهنا، قد يحمل بعض المخاطر ومنها خطر الإصابة بمتلازمة السيروتونين. لكن الطبيب المعالج سيصف لكِ الأدوية حسب حالتكِ الصحية واحتياجاتكِ الخاصة، إنما عليكِ دومًا التحادث معه في حال ظهرت لديكِ أعراضٌ غير مألوفة استمرت لبعض الوقت. عندها سيضطر الطبيب لوقف تلك الأدوية أو تقليل جرعاتها، للحفاظ على حياتكِ.