لا داعي للخوف من انقطاع الطمث.. ما دامت لديكِ خطةٌ خاصة به
يتحضر التلامذة لامتحاناتهم بالدرس والمثابرة على حفظ كافة المعلومات المتعلقة بذلك الامتحان بغية النجاح؛ يقوم الموظفون بالتحضير لاجتماع الغد المهم، من خلال وضع عرضٍ تقديمي محكم يضم كافة المعلومات الخاصة بذلك الاجتماع.. وغيره الكثير من الأمثلة التي لا يتسع المكان لذكرها جميعًا، والتي تتمثل في خطة عمل خاصة بكل حدث يمرَ في حياتنا.
فكيف إذا كان الحدث متعلقًا مباشرةً بصحتكِ عزيزتي، وتحديدًا لمرحلة ما قبل انقطاع الطمث؟لا شك في أن هذه المرحلة، تُمثَل رعبًا حقيقيًا للكثير من النساء؛ خاصةً في ظل الخرافات الشائعة بخصوصها، وحالة "التخويف" اللاطبيعية التي تمارسها بعض النساء على الآخريات، بناءً على معاناتهنَ الشخصية من هذه المرحلة والتي قد لا تنطبق على الجميع.
تقل المعاناة والتوجس من انقطاع الطمث، في حال كان لدينا معرفةٌ شاملة بحيثيات هذه المرحلة، والتحضَر لها بشكلٍ جيد. والتحضَر هنا يعني وضع خطة خاصة بكل سيدة، تساعدها على فهم مرحلة انقطاع الطمث والتدرب على خوض كافة جوانبها بثقة وعدم خوف. وهل هناك أفضل من مساعدتنا على وضع هذه الخطة، سوى سيدة مرتَ بذات التجربة ولم تكن لديها الأدوات الضرورية لهذه المرحلة؟
آن ماري ماكوين؛ صحفية رقمية ومقدمة برامج صوتية ومؤسسة شركة Hotflashinc، وهي منصةٌ عالمية تقدم معلومات وسياقًا قائمًا على الأدلة وخبراء للنساء اللاتي يمررنَ بمرحلة ما قبل انقطاع الطمث ومنتصف العمر، تحدثت إلينا وبحب عن خطة العمل الخاصة بالنساء تحضيرًا لسن اليأس أو سن الأمل كما تحب الكثيرات تسميته.
انقطاع الطمث.. يبدأ بسنواتٍ قبل وقته الفعلي
تقول آن ماري: "على الرغم من أنني كنتُ صحفيةً في مجال الصحة والعافية لعقودٍ من الزمان، إلا أنني كنت أرى أن انقطاع الطمث أمرٌ يحدث عندما أتقدمُ في السن.ومثل العديد من النساء الحاليات اللاتي يمررنَ بمرحلة ما قبل انقطاع الطمث، بما في ذلك جيل الألفية الأكبر سنًا وجيل إكس، لم أكن أعرف حتى عن ذلك."
وتضيف: "لقد عشتُ حياة عالية الضغط مع الكثير من العادات غير الصحية. وعندما ضربني انقطاع الطمث في أوائل الأربعينيات من عمري، كان الأمر صعبًا للغاية. أصبتُ بالكوابيس والخوف من الطيران ونوبات الهلع ومشاكل النوم والقلق. وفي وقتٍ لاحق، عانيتُ من مجموعةٍ أعراضٍ غريبة، من الروائح الغريبة إلى آلام الصدر والصداع، وكل شيء بينهما."
لم يكن الأمر ليكون على هذا النحو لو كان لدى آن ماري المعرفة أو الخطة المناسبة لمواجهة كل ذلك. وتقول: "أعلمُ الآن أن متوسط سن انقطاع الطمث حوالي 51 عامًا، لكن سن اليأس هو كل السنوات التي تسبقه؛ وأن هرمون البروجسترون يتراجع في المراحل المبكرة، ما يؤثر على استجابتنا للتوتر –ويؤثر بدوره على النوم والمزاج. وفي وقتٍ لاحق، يبدأ هرمون الاستروجين في التقلب مع بدء انخفاضه؛ وهذا يمكن أن يخلق مجموعةً أخرى من المشاكل، بما في ذلك الغضب وآلام الجسم - حتى الهبات الساخنة."
تُظهر الأدلة أن الطريقة التي نعيش بها حياتنا قبل سن اليأس، يمكن أن يكون لها تأثيرٌ على كيفية تجربتنا لها. فلماذا لا تبدأي في إجراء بعض التغييرات الآن؟ لن يجعلكِ هذا أكثر صحةً وسعادة فحسب، بل سيقطع بكِ شوطًا طويلًا نحو تجربةٍ أكثر سلاسة.
إليك ما كنتُ سأفعله، تؤكد آن ماري، للاستعداد لمرحلة ما قبل انقطاع الطمث، إذا كنتُسأمرُ بكل هذا من جديد.
خطةٌ خاصة بمرحلة ما قبل انقطاع الطمث
-
افتحي حقائبكِ
إذا كان بإمكاني القيام بكل شيء مرةً أخرى، فسأتعاملُ مع الألم والصدمة من طفولتي في وقتٍ أبكر بكثير بدلًا من تجاهلها ودفنها. سأقوم بمعالجة الطفل في داخلي، والسعي للشفاء الجسدي، والاستشارة - أي شيء يتطلبه الأمر لمعالجة ما كان يزعجني. أظهرت الدراسات أن التجارب السلبية في الطفولة يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الأعراض في سن اليأس؛وكلما كنتِ بصحةٍ عقلية أفضل ومجهزة للتعامل مع التحول، وكلما زاد تصالحكِ مع الأشياء التي حدثتِ لك في السابق، كلما كان وضعكِ أفضل في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث.
-
تفكيك آليات التأقلم
تصل العديد من النساء إلى سن اليأس، بعد سنواتٍ من الإفراط أو نقص التغذية المزمن، وممارسة التمارين الرياضية القاسية، والإفراط في العمل- أي نوعٍ من السلوكيات التي استخدمنها لتجنب الألم. كل هذا يمكن أن يكون صعبًا حقًا على جسمك. في سن اليأس، تمَ تصميم الغدد الكظرية لتولَي بعض إنتاج هرمون الاستروجين؛ ولكن إذا استنفدتِ الغدد الكظرية، فلن تكون قادرةً على القيام بهذه المهمة.
-
توازن الهرمونات
تعاني العديد من النساء من متلازمة تكيس المبايض، أو بطانة الرحم أو غيرها من الحالات المرتبطة بالهرمونات. وقد لا تتمتع العديد من النساء بدورةٍ شهرية منتظمة، أو لديهنَ فترات انقطاع التبويض؛ هذه حالةٌ من اختلال التوازن الهرموني التي تجعلكِ غير قادرة على الإباضة كما يجب، وهي ليست الطريقة المثلى لدخول مرحلة تكون فيها هرموناتكِ غير متوازنة بحكم التعريف. لذا من المنطقي التعامل مع هذا الأمر في وقتٍ مبكر، مع ممارسة رعاية صحية – والذي نأمل أن تكون متخصصةً في الطب الوظيفي أو العلاج الطبيعي – لحل هذه المشكلة.
-
سيطري على صحتكِ الأيضية
لقد أصيب العديد من الأشخاص بمقاومة الأنسولين أو ما قبل السكري – ولا يعرفون ذلك – بحلول الوقت الذي يصلون فيه إلى سن اليأس. أحبُ أن أقارن هذه المرحلة بالشاطئ بعد انحسار المد؛ تمامًا كما ستنكشف نقاط ضعفنا العاطفية بسبب الركود الكبير لهرموناتنا التناسلية، فإن نقاط ضعفنا الجسدية ستنكشف أيضًا. يمكن أن يُصاب الناس بخللٍ في التمثيل الغذائي قبل فترة طويلة من إدراكهم لذلك - وهذه هي عوامل الخطر الأساسية إذا صح التعبير – لجميع الأمراض تقريبًا.
لذا من الجيد أن نسيطر عليها؛وسيساعدنا ذلك أيضًا على تجنب زيادة الوزن في سن اليأس.
-
واجهي خوفكِ من سن اليأس (والشيخوخة)
غالبًا ما أقولُ إن المرحلة الأولى من سن اليأس هي الإنكار. لا أحد يريد أن يمر بها، لذلك يبحثنَ عن كل سببٍ ممكن ليكون شيئًا آخر. أعتقدُ أن هذا له علاقةٌ بالطريقة التي تنظر بها الكثيرات منا إلى انقطاع الطمث: باعتباره النهاية. من البديهي أنكِ لست مضطرةًللشعور بالإثارة حيال ذلك، ولكن عندما تتمكنين من تقبَل هذه المرحلة، ابدئي في الكشف عن معتقداتكِ حول هذا التحول.
تحدثي إلى والدتكِ وخالاتكِ وجداتكِ حول هذا الأمر. استعلمي من أين تستمدين قيمتكِ، كامرأة. هل تصدقين الروايات المجتمعية والثقافية حول النساء المُسنات؟ كيف يمكنكِ البدء في تغيير ذلك والعثور على بعض النماذج الإيجابية؟ يجب على كل امرأة أن تجد طريقها الخاص؛ ولكن كأنثى مرت بهذه التجربة: بدلًا من أن تكون رحلةً مرهقة، فإن هذا النوع من الرحلات - هذه الصحوة - مثيرٌ ومُحرر. إنها الحرية!
-
تخيَلي مستقبلكِ
كما كتبت طبيبة أمراض النساء والتوليد الأمريكية الدكتورة كريستيان نورثروب في كتابها الأكثر مبيعًا "حكمة انقطاع الطمث"؛ أثناء التحول الهرموني في سن اليأس، يتم "إعادة توصيل" أدمغتنا وأجسادنا وأنظمتنا العصبية حرفيًا. وخلال هذه الفترة، يتعين علينا التخلي عن الأوهام حول الكيفية التي نتصور بها حياتنا، وحشد الشجاعة لابتكار الحياة التي نريدها.
وتضيف الدكتورة نورثروب في كتابها: "في منتصف العمر، تصبح الطاقة النفسية متاحةً لنا أكثر من أي وقتٍ مضى منذ المراهقة. وإذا سعينا جاهدين للعمل في شراكةٍ نشطة مع هذه الطاقة العضوية، ومتى ما ساعدتنافي الكشف عن المعتقدات اللاواعية والمدمرة للذات حول أنفسنا وجراحنا غير الملتئمة التي منعتنا من أن نصبح ما يمكن أن نصبح عليه؛ فسوف نجد أننا نستطيع الوصول إلى كل ما نحتاج إليه لإعادة اختراع أنفسنا كنساءٍ أكثر صحة ومرونة، وعلى استعداد للانتقال بسعادةٍ إلى النصف الثاني من حياتنا."
خلاصة القول؛ أن النصف الأول من حياتنا، كثيرًا ما يمرَ ويعبر بسرعة دون إدراكٍ وتخطيطٍ سليم من قبلنا. قد يكون مستحيلًا على الكثيرات من النساء العودة بالزمن إلى الوراء والتحضير لمرحلة ما قبل انقطاع الطمث بصورةٍ جيدة، لكن هناك العديد من النساء الآخريات اللاتي ما زلنَ في مقتبل العمر، وهنَ بحاجةٍ لتثقيف أنفسهنَ وتدريبها على الاستعداد الجسدي والنفسي لكافة متغيرات مرحلة سن الأمل.
فلا تتواني عزيزتي عن استشارة الطبيبة المختصة، لوضع خطةٍ حياتية وغذائية صحية لكِ تُعينكِ على ولوج مرحلة انقطاع الطمث بسنوات قبلها؛ كي تنعمي بالصحة والرفاه، ولا تكون هذه المرحلة نهاية الحياة، وإنما بدايتها..